الوقت- أوكرانيا أصبحت قضية تُدرّس في العلاقات الدولية كأحد مشاهد الصراع السياسي الدولي بين قطبي النفود السياسي في العالم.
فصراع الدببة ليس على الجغرافيا والقضية ليست أوكرانيا بحد ذاتها وإنما الهدف نقل ساحة المعركة إلى الحدود الروسية للضغط على الدب الأبيض لكي يشعر بوصول فتيل الأزمة الى فناء منزله ويقدم التنازلات في الملفات الساخنة في المنطقة والضغط على حلفائه وخاصة ايران وروسيا. وهذا ما لم يحصل ولن يحصل. فلعبة الشطرنج بين الولايات المتحدة وروسيا لم تنتهي وأكرانيا أحد فصولها والجولات بينهما لا تعد ولا تحصى.
نعم فالضحية إذاً هي أوكرانيا والذي اضطُر الولايات المتحدة الى فتح هذة الجبهة وإغراق أوروبا طوعاً أيضاً في هذا المستنقع هي التحولات الميدانية التي شهدتها المعارك في سوريا والعراق.
فما هي الأهمية التي تمتاز بها أوكرانيا والتي جعلتها ضحية الصراع بين الولايات المتحدة وروسيا؟
بالنسبة الى روسيا فإنّ أوكرانيا من أكثر البلدان أهمية لها فهي كدرعٍ واقٍ لها من جهة أوروبا وإذا فقدت هذا الدرع يصبح الغرب على حدودها مباشرة ويضع أوروبا بالفعل على بوابتها حيث تقع أوكرانيا على بعد 300 كيلومتر فقط من موسكو. هذا عدا عن أهميتها الاقتصادية حيث تمر منها أنابيب الغاز الروسية إلى الغرب، والقطاعات الصناعية والزراعية والطاقة تتقاطع وتتكامل معها.ومن ناحية أخرى فإن أغلبية السكان في شرق أوكرانيا تعتنق المذهب الأرثوذكسي وتتكلم الروسية، إضافة الى وجود قاعدة أسطول البحر الأسود العسكرية الروسية فيها.
وأما بالنسبة الى أوروبا فإن أوكرانيا تعد بمثابة الجدار الفاصل بين روسيا وأوروبا الشرقية ويعبر إلى أراضيها حوالي 80% من الغاز الطبيعي الروسي الذي يشكل ربع الاستهلاك الأوروبي، ولذلك فهي تحوز على أهمية بالغة بالنسبة لأوروبا. وبعد أن أصبحت بولندا عضواً في الاتحاد الأوروبي عام 2006 ثم انضمت رومانيا وبلغاريا للاتحاد عام 2007، أصبحت أوكرانيا جارة لدول الاتحاد الأوروبي، وذات أهمية كبرى بالنسبة للاتحاد الأوروبي، فهي من جانب تُعتبر جسراً بين أوروبا وروسيا، ومن الجانب الآخر تعتبر منطقة عازلة فيما بينهما.
وأما مصالح امريكا فتقتضي ضرب مصالح روسيا والضغط عليها لجعل التوازن قائماً لتقاسم النفوذ في المنطقة بعد أن سقطت الأحادية القطبية وخسرت أمريكا لقب "اللاعب الوحيد" على الساحة الساسية العالمية. فأمريكا تسعى لمحاصرة منطقة النفوذ الروسي، وكذلك فإن موانئ أوكرانيا مهمة للحلف الأطلسي وبوارجه عند دخولها البحر الأسود. كما أن النفوذ الأمريكي في أوكرانيا يعني نزيفًا مستمرًّا لخاصرة روسيا ووسيلة ضغط عليها لعدم عرقلة مشاريع أمريكا في المنطقة وبخاصة الشرق الأوسط.
ففي النتيجة إن اهتمام أمريكا بأن تكون أوكرانيا عضوا في الحلف، واهتمام أوروبا بأن تكون أوكرانيا عضوا في الاتحاد الأوروبي يدل على أهمية هذه القضية وحساسيتها.
وتتدحرج يوماً بعد يوم الأحداث في أوكرانيا وتزداد وتيرة المواقف السياسية تجاه الأزمة ويأتي في السياق الموقف الذي أدلى به رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون حيث حذر من أن روسيا يمكن أن تشكل خطرًا كبيرًا على بقية أوروبا بسبب تصرفاتها في أوكرانيا مشيرا الى ان بريطانيا لا ترغب في حرب باردة جديدة مع روسيا.
وقال كاميرون بحسب تقرير أوردته صحيفة "ديلي تليغراف" البريطانية على موقعها الإلكتروني" إن العالم لا ينبغي أن ينسى عواقب غض الطرف عندما تتنمر دول كبرى في أوروبا على دول أخرى صغيرة" مذكراً بظروف اندلاع الحرب العالمية الثانية وأضاف انه على استعداد لدعم تشديد العقوبات ضد موسكو اذا استمرت في تقويض استقرار اوكرانيا.
وقال إن "العقوبات الاقتصادية على روسيا ليست مجرد حق أخلاقي، بل انها تصب أيضا" في المصلحة الوطنية والاقتصادية لبريطانيا لأن روسيا استهانت بكتاب القواعد ويجب أن تواجه عقوبات". وفي سياق حديثه أشار أنه لا يعتقد أن هناك حلا عسكريا، فهو ليس الأداة الوحيدة المتاحة امامنا.فالعقوبات الاقتصادية على روسيا لها تأثير وحذر قائلًا: "لكن سأكون واضحا أيضا"، ففي حال استمرار روسيا على نهجها الحالي، فإننا سوف نكثف الضغوط وستختلف علاقة روسيا مع بقية دول العالم بشكل جذري في المستقبل".
وقالت الصحيفة أن الرئيس السوفييتي السابق ميخائيل جورباتشوف كان قد حذر في وقت سابق من ان التوترات بين الغرب والشرق بشأن الازمة في اوكرانيا تهدد بدفع العالم الى حرب باردة جديدة.
وتعتبر هذه الأزمة من أسوأ الأزمات تشهدها العلاقات بين الشرق والغرب كما يعتبرها غالبية المراقبين الغربيين أنها أكبر أزمة تنشب بين روسيا والدول الغربية منذ نهاية الحرب الباردة.
ومع ذلك وعلى رغم انتقادات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اللاذعة للغرب فلا روسيا ولا أوروبا لهما مصلحة في استمرار مواجهة طويلة الأمد تلحق بالفعل الضرر باقتصاد الجانبين وتؤدي إلى زعزعة الاستقرار في شرق أوروبا.
وفي هذا السياق من المهم التذكير بوجهة نظر هنري كيسينجر حول الأزمة في أوكراني.في مقالٍ كتبه في جريدة "واشنطن بوست" حيث أشار أن المناقشات العامة حول أوكرانيا تفيض بروحية المواجهة، ولكن هل نعلم إلى أين نحن متوجهون؟ لقد شهدت في حياتي أربع حروب، بدأ كل منها بحماسة كبيرة وبدعم اجتماعي، ولكن في أي منها لم نكن نعلم كيف ننهي الأمر، وفي الحساب الأخير انسحبنا من ثلاث منها من طرف واحد. إن المحك في السياسة هو كيف ستنتهي الحروب وليس كيف تبدأ. وسأل: كأنها محك اختبار للقوى: هل ستنضم أوكرانيا إلى الشرق أم إلى الغرب؟ وأضاف فإن أوكرانيا لا يمكن أبداً أن تكون بلداً أجنبياً بالنسبة لروسيا. فإن التاريخ الروسي قد بدأ بما يسمى "كييف روس" وهي أول دولة روسية وقد نشأت في كييف. كما أن الأرثوذوكسية الروسية انطلقت من هناك وأن بعض أهم المعارك لأجل حرية روسيا إنما حصلت على الأرض الأوكرانية بدءاً من معركة بولتافا عام 1709، وأسطول البحر الأسود الروسي الذي يؤكد حضور نفوذ موسكو في البحر الأبيض المتوسط، يتمركز في سيباستوبول في شبه جزيرة القرم، بموجب اتفاقات تأجير طويلة الأجل بين البلدين.
فيمكن القول أنّ أوكرانيا تضاف إلى قائمة الدول ضحايا الثورات الملونة، وما وراء هذه الثورات من مخططات أمريكية لا تكون نتائجها في النهاية الا الهيمنة وإضعاف الدول من أجل الحفاظ على المصالح الخاصة للولايات المتحدة. وقد شهد العالم كله صور التدمير والتخريب وأعمال الفوضى واحتلال المباني الحكومية. كما سجل أعداداً كبيرة من القتلى والجرحى، خاصة من قوات حفظ النظام أثناء الاشتباكات بين المتظاهرين والشرطة، وانتشرت حالات خطف واعتقال ونهب وسرقات وتخريب للممتلكات والمنشآت. فلعبة شد الحبل بين موسكو وواشنطن في أوكرانيا هو فتيل أرادت إشعاله أمريكا بين الغرب والشرق والأيام ستثبت أن السحر سينقلب على الساحر.
فصراع الدببة ليس على الجغرافيا والقضية ليست أوكرانيا بحد ذاتها وإنما الهدف نقل ساحة المعركة إلى الحدود الروسية للضغط على الدب الأبيض لكي يشعر بوصول فتيل الأزمة الى فناء منزله ويقدم التنازلات في الملفات الساخنة في المنطقة والضغط على حلفائه وخاصة ايران وروسيا. وهذا ما لم يحصل ولن يحصل. فلعبة الشطرنج بين الولايات المتحدة وروسيا لم تنتهي وأكرانيا أحد فصولها والجولات بينهما لا تعد ولا تحصى.
نعم فالضحية إذاً هي أوكرانيا والذي اضطُر الولايات المتحدة الى فتح هذة الجبهة وإغراق أوروبا طوعاً أيضاً في هذا المستنقع هي التحولات الميدانية التي شهدتها المعارك في سوريا والعراق.
فما هي الأهمية التي تمتاز بها أوكرانيا والتي جعلتها ضحية الصراع بين الولايات المتحدة وروسيا؟
بالنسبة الى روسيا فإنّ أوكرانيا من أكثر البلدان أهمية لها فهي كدرعٍ واقٍ لها من جهة أوروبا وإذا فقدت هذا الدرع يصبح الغرب على حدودها مباشرة ويضع أوروبا بالفعل على بوابتها حيث تقع أوكرانيا على بعد 300 كيلومتر فقط من موسكو. هذا عدا عن أهميتها الاقتصادية حيث تمر منها أنابيب الغاز الروسية إلى الغرب، والقطاعات الصناعية والزراعية والطاقة تتقاطع وتتكامل معها.ومن ناحية أخرى فإن أغلبية السكان في شرق أوكرانيا تعتنق المذهب الأرثوذكسي وتتكلم الروسية، إضافة الى وجود قاعدة أسطول البحر الأسود العسكرية الروسية فيها.
وأما بالنسبة الى أوروبا فإن أوكرانيا تعد بمثابة الجدار الفاصل بين روسيا وأوروبا الشرقية ويعبر إلى أراضيها حوالي 80% من الغاز الطبيعي الروسي الذي يشكل ربع الاستهلاك الأوروبي، ولذلك فهي تحوز على أهمية بالغة بالنسبة لأوروبا. وبعد أن أصبحت بولندا عضواً في الاتحاد الأوروبي عام 2006 ثم انضمت رومانيا وبلغاريا للاتحاد عام 2007، أصبحت أوكرانيا جارة لدول الاتحاد الأوروبي، وذات أهمية كبرى بالنسبة للاتحاد الأوروبي، فهي من جانب تُعتبر جسراً بين أوروبا وروسيا، ومن الجانب الآخر تعتبر منطقة عازلة فيما بينهما.
وأما مصالح امريكا فتقتضي ضرب مصالح روسيا والضغط عليها لجعل التوازن قائماً لتقاسم النفوذ في المنطقة بعد أن سقطت الأحادية القطبية وخسرت أمريكا لقب "اللاعب الوحيد" على الساحة الساسية العالمية. فأمريكا تسعى لمحاصرة منطقة النفوذ الروسي، وكذلك فإن موانئ أوكرانيا مهمة للحلف الأطلسي وبوارجه عند دخولها البحر الأسود. كما أن النفوذ الأمريكي في أوكرانيا يعني نزيفًا مستمرًّا لخاصرة روسيا ووسيلة ضغط عليها لعدم عرقلة مشاريع أمريكا في المنطقة وبخاصة الشرق الأوسط.
ففي النتيجة إن اهتمام أمريكا بأن تكون أوكرانيا عضوا في الحلف، واهتمام أوروبا بأن تكون أوكرانيا عضوا في الاتحاد الأوروبي يدل على أهمية هذه القضية وحساسيتها.
وتتدحرج يوماً بعد يوم الأحداث في أوكرانيا وتزداد وتيرة المواقف السياسية تجاه الأزمة ويأتي في السياق الموقف الذي أدلى به رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون حيث حذر من أن روسيا يمكن أن تشكل خطرًا كبيرًا على بقية أوروبا بسبب تصرفاتها في أوكرانيا مشيرا الى ان بريطانيا لا ترغب في حرب باردة جديدة مع روسيا.
وقال كاميرون بحسب تقرير أوردته صحيفة "ديلي تليغراف" البريطانية على موقعها الإلكتروني" إن العالم لا ينبغي أن ينسى عواقب غض الطرف عندما تتنمر دول كبرى في أوروبا على دول أخرى صغيرة" مذكراً بظروف اندلاع الحرب العالمية الثانية وأضاف انه على استعداد لدعم تشديد العقوبات ضد موسكو اذا استمرت في تقويض استقرار اوكرانيا.
وقال إن "العقوبات الاقتصادية على روسيا ليست مجرد حق أخلاقي، بل انها تصب أيضا" في المصلحة الوطنية والاقتصادية لبريطانيا لأن روسيا استهانت بكتاب القواعد ويجب أن تواجه عقوبات". وفي سياق حديثه أشار أنه لا يعتقد أن هناك حلا عسكريا، فهو ليس الأداة الوحيدة المتاحة امامنا.فالعقوبات الاقتصادية على روسيا لها تأثير وحذر قائلًا: "لكن سأكون واضحا أيضا"، ففي حال استمرار روسيا على نهجها الحالي، فإننا سوف نكثف الضغوط وستختلف علاقة روسيا مع بقية دول العالم بشكل جذري في المستقبل".
وقالت الصحيفة أن الرئيس السوفييتي السابق ميخائيل جورباتشوف كان قد حذر في وقت سابق من ان التوترات بين الغرب والشرق بشأن الازمة في اوكرانيا تهدد بدفع العالم الى حرب باردة جديدة.
وتعتبر هذه الأزمة من أسوأ الأزمات تشهدها العلاقات بين الشرق والغرب كما يعتبرها غالبية المراقبين الغربيين أنها أكبر أزمة تنشب بين روسيا والدول الغربية منذ نهاية الحرب الباردة.
ومع ذلك وعلى رغم انتقادات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اللاذعة للغرب فلا روسيا ولا أوروبا لهما مصلحة في استمرار مواجهة طويلة الأمد تلحق بالفعل الضرر باقتصاد الجانبين وتؤدي إلى زعزعة الاستقرار في شرق أوروبا.
وفي هذا السياق من المهم التذكير بوجهة نظر هنري كيسينجر حول الأزمة في أوكراني.في مقالٍ كتبه في جريدة "واشنطن بوست" حيث أشار أن المناقشات العامة حول أوكرانيا تفيض بروحية المواجهة، ولكن هل نعلم إلى أين نحن متوجهون؟ لقد شهدت في حياتي أربع حروب، بدأ كل منها بحماسة كبيرة وبدعم اجتماعي، ولكن في أي منها لم نكن نعلم كيف ننهي الأمر، وفي الحساب الأخير انسحبنا من ثلاث منها من طرف واحد. إن المحك في السياسة هو كيف ستنتهي الحروب وليس كيف تبدأ. وسأل: كأنها محك اختبار للقوى: هل ستنضم أوكرانيا إلى الشرق أم إلى الغرب؟ وأضاف فإن أوكرانيا لا يمكن أبداً أن تكون بلداً أجنبياً بالنسبة لروسيا. فإن التاريخ الروسي قد بدأ بما يسمى "كييف روس" وهي أول دولة روسية وقد نشأت في كييف. كما أن الأرثوذوكسية الروسية انطلقت من هناك وأن بعض أهم المعارك لأجل حرية روسيا إنما حصلت على الأرض الأوكرانية بدءاً من معركة بولتافا عام 1709، وأسطول البحر الأسود الروسي الذي يؤكد حضور نفوذ موسكو في البحر الأبيض المتوسط، يتمركز في سيباستوبول في شبه جزيرة القرم، بموجب اتفاقات تأجير طويلة الأجل بين البلدين.
فيمكن القول أنّ أوكرانيا تضاف إلى قائمة الدول ضحايا الثورات الملونة، وما وراء هذه الثورات من مخططات أمريكية لا تكون نتائجها في النهاية الا الهيمنة وإضعاف الدول من أجل الحفاظ على المصالح الخاصة للولايات المتحدة. وقد شهد العالم كله صور التدمير والتخريب وأعمال الفوضى واحتلال المباني الحكومية. كما سجل أعداداً كبيرة من القتلى والجرحى، خاصة من قوات حفظ النظام أثناء الاشتباكات بين المتظاهرين والشرطة، وانتشرت حالات خطف واعتقال ونهب وسرقات وتخريب للممتلكات والمنشآت. فلعبة شد الحبل بين موسكو وواشنطن في أوكرانيا هو فتيل أرادت إشعاله أمريكا بين الغرب والشرق والأيام ستثبت أن السحر سينقلب على الساحر.
