الوقت- وسط ضغوط شديدة من الولايات المتحدة و"إسرائيل"، تم تمديد ولاية المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان، وهو التطور الذي أصبح استمرارا للكابوس الذي يعيشه نتنياهو، إن المرأة التي تشغل تفكير نتنياهو، والتي كانت الصوت الوحيد للأمم المتحدة طوال هذه الأشهر، اتخذت موقفا غريبا في كل هذه الأحداث.
"إسرائيل" تستغل ضباب الحرب لطرد أهل غزة
وذكر الموقع أن من يسعى لفضح هذه الإبادة يتعرض لهجوم عنيف من قبل مؤيدي سياسات حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحربها، ومن بينهم المحامية الدولية فرانشيسكا ألبانيزي، التي عينت في الأول من مايو/أيار 2022 مقررة خاصة للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وحذرت في وقت مبكر بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول من خطر التطهير العرقي، ثم الإبادة الجماعية، وقد اتهمت المقررة بإصدار أحكام متحيزة ضد "إسرائيل" وبمعاداة السامية ودعم حركة المقاومة الإسلامية حماس، أو حتى الانتماء إليها، وكان تجديد ولايتها في الرابع من أبريل/نيسان مناسبة جديدة لشن حملة عنيفة عليها وعلى الأمم المتحدة، ولكن الحملة باءت بالفشل، وتم تجديد ولاية ألبانيزي لمدة 3 سنوات.
وقالت ألبانيزي -حسب تقرير غوينيل لينوار للموقع- إن ما يحدث إبادة جماعية من دون شك، وأوضحت أن "إسرائيل" تستغل ضباب الحرب كفرصة سانحة لطرد الفلسطينيين وتدمير كل ما تركوه خلفهم، وأن الحكومة الإسرائيلية استغلت غضب مواطنيها بعد هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول لتبرير المواجهة الشاملة والنهائية مع الفلسطينيين.
وبينت المقررة الأممية أن "إسرائيل" بذلت كل ما في وسعها خلال 16 شهرا لإخلاء قطاع غزة من سكانه، ولكنها فشلت لأن الفلسطينيين، أظهروا أنهم لا يريدون الخروج من قطاع غزة، وقد كان ذلك بإمكانهم لو أرادوه، وبالفعل "عندما كنت أصرخ بصوت عالٍ مطالبة بإنشاء ممرات إنسانية، اتصل بي عدة أشخاص من غزة وطلبوا مني التوقف لأن الممرات الإنسانية ستستخدم لطردهم".
وأعادت ألبانيزي تأكيدها أن ما يحدث إبادة جماعية ذات أبعاد غير مسبوقة، لأن وسائل القتل غير مسبوقة، حيث تجرب "إسرائيل" أسلحة جديدة على الفلسطينيين، كالطائرات ذات المروحيات الرباعية، وهي آلات قتل يتم إطلاقها في الفضاء ولا تخضع لأوامر البشر، وأكثر ضحاياها الأطفال لأن لديهم صعوبة في الاختباء، ولقد أعلن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الآن أن فرانشيسكا ألبانيز يمكنها البقاء في منصبها حتى عام 2028، ولكن من هي فرانشيسكا ألبانيز؟
محامية مستقلة
فرانشيسكا ألبانيزي هي محامية دولية إيطالية وناشطة أكاديمية وخبيرة في القانون معروفة بعملها في مجال حقوق الإنسان، وخاصة فيما يتعلق بالأراضي الفلسطينية المحتلة، ولدت في إيطاليا عام 1977 وتعمل حالياً مقرراً خاصاً للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
الدراسة في إيطاليا وإنجلترا
حصلت فرانسيسكا ألبانيزي على شهادة في القانون من جامعة بيزا ثم أكملت درجة الماجستير في حقوق الإنسان من جامعة سويتو، لندن، وقد وفّر لها هذا التعليم أساسًا متينًا لعمله اللاحق في مجال القانون الدولي وحقوق الإنسان.
الوقوف ضد الشيطان
تم تعيينها مقررة خاصة للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة لمدة ثلاث سنوات تبدأ في عام 2022، ما يجعلها أول امرأة تتولى هذا المنصب، شغلت سابقًا منصب باحث مشارك في معهد دراسات الهجرة الدولية بجامعة جورج تاون، ومستشارًا أول في مجال الهجرة والنزوح القسري في منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (ARDD) غير الربحية.
وقد ركزت طوال حياتها المهنية على قضايا حقوق الإنسان، وخاصة في مناطق الصراع مثل فلسطين، وهي معروفة بمواقفها الصريحة ضد سياسات الكيان الصهيوني في الأراضي المحتلة، وتعد ألبانيزي من أشد المنتقدين للاحتلال الإسرائيلي، وقد ذكرت مراراً وتكراراً قضايا مثل الإبادة الجماعية والفصل العنصري والاستعمار الصهيوني في تقاريرها.
تقرير ضد الإبادة الجماعية
وفي أول تقرير لها كمقررة خاصة، دعت ألبانيز الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى وضع خطة لإنهاء ما أسماه "الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي ونظام الفصل العنصري"، واتهمت "إسرائيل" أيضًا بارتكاب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في تقاريرها اللاحقة، وخاصة بعد تصاعد الصراع في غزة، مؤكدًا أن هناك أدلة كافية تدعم هذا الادعاء، وقد قوبلت هذه المواقف برد فعل حاد من جانب "إسرائيل"، التي وصفت تقاريره بأنها تحريف للواقع، في حين دعمته العديد من الدول العربية والإسلامية، كما انتقدت تقاعس المجتمع الدولي تجاه الوضع الفلسطيني، وألقى باللوم على الولايات المتحدة بسبب دعمها غير المشروط لـ"إسرائيل".
امرأة تتعرض للتهديد باستمرار
وذكرت ألبانيزي أنها واجهت تهديدات بسبب أنشطته، لكن هذه التهديدات لم تؤدِ إلا إلى تعزيز تصميمها على مواصلة عملها، ولقد منعتها "إسرائيل" من دخول البلاد في فبراير 2024 بسبب مواقفها، ومع ذلك، فهي تواصل عملها وتدعوا البلاد إلى الالتزام بالقانون الدولي.
العدالة عاجزة أمام جرائم نتنياهو
وذكرت ألبانيزي أن الأوضاع لا يمكن أن تبقى على ما كانت عليه وأن الحصار بمثابة الخط الفاصل بين الحياة والموت، وقالت "أعتقد أن هناك فرصة لإنقاذ هذه الأرض مع الناس الذين يعيشون عليها، وذلك من خلال فتح عيون الإسرائيليين وجعلهم يرون ما فعلوه، حتى لو كانوا ينظرون في الاتجاه الآخر.
وأوضحت أنها عندما تتحدث عن التدخل، لا تطالب باستخدام القوة العسكرية، بل "أطالب بتطبيق القانون الدولي، والتوقف عن التعامل مع إسرائيل كشريك تجاري، والتوقف عن التعامل مع إسرائيل كما لو كانت دولة طبيعية، لأنها دولة فصل عنصري ترتكب اليوم الجرائم وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية".
ورأت المقررة أن العدالة عاجزة لأنها اختطفت من قبل الولايات المتحدة، علما أن القانون الدولي لا يكون قويا إلا بقدر إرادة الدول في تنفيذه، وهو لم يكن في وضع أسوأ مما هو عليه اليوم، بعد أن أصبح من الواضح أن الدول مستعدة لانتهاكه من أجل حماية النظام الغربي، ولأن الغرب متواطئ فيما يحدث.
وأضافت ألبانيزي "أما ما يقولونه عني فلم يعد يؤلمني بعد الآن، بالطبع أنا أعاني، لأن سمعتي تعرضت للخطر بشكل كامل، لكن ما يؤلمني أكثر هو أن هناك أطفالا يقتلون يوميا ويتم تجاهلهم، لدي صوت ويجب علي استخدامه".
وختمت بأن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تستمع إليها "مع أنهم لا يحبون ما أقوله، ولو لم يكن الأمر كذلك، لما كانوا غاضبين مني ومن منظمة العفو الدولية ومن جميع الشهود الآخرين، وهم يخشون أن يستمع إلي مجتمعهم المدني والشباب خاصة."
كابوس الشياطين
قبل أيام قليلة فقط، ورغم معارضة بعض الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، مدد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ولاية ألبانيزا، وسيبقى في هذا المنصب حتى عام 2028، وقد لاقى هذا القرار ترحيبا من أنصار الحقوق الفلسطينية، وانتقده أنصار "إسرائيل".
يشار إلى أنه يعمل في هذا الدور تطوعاً ودون أن يتقاضى راتباً من الأمم المتحدة، وتعتبر ألبانيز نفسها مدافعًا عن العدالة العالمية، وقد أكدت مرارًا وتكرارًا أن نور الحقيقة سيجد طريقه دائمًا، وانتقدت الصحفيين الغربيين لما أسمته السخرية المتأصلة تجاه إنسانية شعب غزة، ودعت إلى إيلاء المزيد من الاهتمام لمعاناة المدنيين، وكانت أنشطتها مؤثرة ليس فقط في الأوساط الأكاديمية، بل أيضًا بين نشطاء حقوق الإنسان وعامة الناس.
