الوقت- في الساعات الأولى من اغتيال إسماعيل هنية، الزعيم السياسي لحركة حماس في طهران من قبل الكيان الصهيوني، نوقشت كثيرًا مسألة رد فعل إيران على هذا العمل الإرهابي وكان هناك تأكيد بأن إيران لن تتقاعس عن الرد على العمليات الإرهابية للاحتلال الصهيوني، كما أعلنت السلطات العليا في طهران أن الرد على الكيان الصهيوني سوف يكون على مستوى إراقة الدماء، وهذا الموقف جعل الكثيرين يعتبرون رد إيران على "إسرائيل" حاسما في تقييماتهم، وعلى الجبهة المقابلة، أعلن الصهاينة أيضًا ردهم على الهجوم الإيراني، وزعموا أنهم سيردون على أي هجوم عسكري من جانب إيران.
وفي الوقت نفسه، فإن الهجوم المباشر المحتمل من الأراضي الإيرانية والرد اللاحق للصهاينة ليس أول مواجهة عسكرية مباشرة بين طهران وتل أبيب، وفي أبريل من هذا العام، رافق قصف المبنى الدبلوماسي الإيراني في دمشق بسوريا، رد إيران الصاروخي على الأراضي المحتلة، واستهدفت إيران بعض القواعد العسكرية المهمة للصهاينة، بما في ذلك قاعدة نافاتيم العسكرية، بصاروخ اسمه "فاد صادق"، ولقد تم تصميم الجزء العسكري من الهجوم الإيراني السابق ضد "إسرائيل" على ثلاثة أجزاء، أولا، إطلاق طائرات انتحارية دون طيار، ثم صواريخ كروز، وأخيرا الصواريخ الباليستية، وبعد هذا الهجوم، أعلنت وكالة "بي بي سي" الاخبارية، أن التحقيق أكد الأضرار الناجمة عن الهجوم الإيراني على قاعدة نافاتيم الإسرائيلية.
في الوقت الحالي، وبالنظر إلى العمل الإرهابي الذي قام به الصهاينة في إيران، فإن الرد على هذا العمل الإرهابي أمر مرجح للغاية، وبعد الهجوم الإيراني، فإن الرد العسكري للصهاينة ليس بعيدًا عن المتوقع، وفي هذه الأثناء يبدو أن السؤال الأساسي هو: كيف سيكون الرد المحتمل للصهاينة على الهجوم العسكري الإيراني؟ للإجابة على هذا السؤال يمكن أخذ 3 افتراضات بعين الاعتبار:
رد عسكري؟
على الأرجح، سيكون رد "إسرائيل" على الهجوم العسكري الإيراني ردا عسكريا، والتحالف العسكري الذي تشكل في المنطقة بعد التهديد الإيراني ل"إسرائيل" يؤكد الرد العسكري، وأبعد من ذلك، قال يوآف جالانت، وزير الحرب الإسرائيلي، يوم الاثنين الماضي، أثناء زيارته لمركز القيادة تحت الأرض لسلاح الجو الإسرائيلي في تل أبيب: إن الجيش يجب أن يستعد "للانتقال السريع إلى الهجوم"، وهذا يعني أن الصهاينة يبحثون عن رد عسكري بعد هجوم إيراني محتمل، وقبل يوم واحد، ادعى يوآف غالانت في حديث مع الصحفيين أن تل أبيب أكملت الاستعدادات اللازمة للرد على أي سيناريو من إيران.
رفيق أمريكا المؤكد
وينبغي أيضًا أن نأخذ في الاعتبار أن الصهاينة سيكون لديهم قوات أمريكية إلى جانبهم ضد الهجوم الإيراني، وقبل يومين عقد جالانت (وزير الحرب الصهيوني) و"الجنرال خرزي هاليفي" رئيس الأركان المشتركة للقوات الصهيونية اجتماعًا تقييميًا مع "الجنرال مايكل كوريلا" رئيس القيادة المركزية الأمريكية في المنطقة، وذكرت قناة الجزيرة، يوم أمس، أن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن أجرى محادثة مع وزير الحرب الإسرائيلي يوآف جالانت حول "التهديدات من إيران وحزب الله اللبناني وجماعات أخرى تدعمها طهران".
وبعيداً عن هذه المحادثات، أرسلت أمريكا كمية كبيرة من الأسلحة إلى غرب آسيا في الأيام القليلة الماضية، وكتبت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، يوم الجمعة الماضي، بالتوقيت المحلي، إن الجيش الأمريكي ينقل معدات وينقل قدرات دفاعية إضافية إلى الشرق الأوسط للدفاع عن "إسرائيل" ضد هجوم محتمل من قبل الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ونقلت بلومبرج يوم الأربعاء الماضي عن مسؤول دفاعي أمريكي تأكيده أن الولايات المتحدة تستعد لنشر سرب من 16 إلى 24 طائرة مقاتلة من طراز F-22 إلى المنطقة هذا الأسبوع، وقيل إن الانتشار العسكري الأمريكي الجديد في المنطقة يهدف إلى حماية "إسرائيل" من التهديدات مثل الصواريخ والطائرات دون طيار، لذلك، لا يمكن أن يكون هناك شك في دعم أمريكا ل"إسرائيل" في أي هجوم محتمل من قبل إيران.
موقف "إسرائيل" من الرد العسكري على إيران
في غضون ذلك، تجدر الإشارة إلى ماذا سيكون رد "إسرائيل" على إيران؟
*الدعم الأمريكي دفاعي وليس هجوميا، على الرغم من الدعم الأمريكي في الدفاع عن "إسرائيل" ضد الهجوم الإيراني، لا يبدو أن الأمريكيين على استعداد للانضمام إلى "إسرائيل" في الرد العسكري على إيران، والحقيقة أن حدود التعاون الأمريكي مع "إسرائيل" تقتصر على الدفاع عن "إسرائيل"، ولكن في الوضع الحالي ليس من المتوقع على الإطلاق أن تتعاون أمريكا مع الرد العسكري الإسرائيلي ضد إيران.
وقال "جوناثان وينر"، نائب مستشار مجلس الأمن القومي الأمريكي، في مقابلة مع شبكة سي بي إس نيوز: إن الهدف العام من نشر قوات جديدة في الشرق الأوسط هو تخفيف التوتر في المنطقة، وكذلك ردع وصد هذه الهجمات، ومنع الصراعات الإقليمية، ويعني هذا البيان أن الولايات المتحدة لا تسعى إلى توسيع الحرب في المنطقة والانضمام إلى "إسرائيل" في الرد العسكري على إيران، حيث إن الانتخابات الرئاسية المقبلة في الولايات المتحدة والصراع المتزامن لهذا البلد في أوكرانيا والحرب في غزة جعلت الأمريكيين غير راغبين في الدخول في حرب وصراع جديد في المنطقة.
*انسحاب الدول العربية، من جهة أخرى، تخشى الدول العربية في المنطقة أيضاً من الدخول في حرب ضد إيران، وباعتباره أقرب جيران عربيين ل"إسرائيل"، فقد قال الأردن إنه لن يسمح باستخدام مجاله الجوي من قبل أي من أطراف النزاع، أي إيران و"إسرائيل"، وقد زار وزير خارجية هذا البلد طهران قبل بضعة أيام بهدف تقليل التوتر، وهناك دولة عربية أخرى في المنطقة هي المملكة العربية السعودية، لكن تعاون المملكة العربية السعودية مع "إسرائيل" في الرد العسكري ضد إيران يكاد يكون غير مرجح، ويسعى السعوديون حاليًا إلى إقامة علاقات وثيقة مع طهران ولا يسعون إلى تعطيل السلام مع إيران.
وحتى الشهر الماضي، نفت السعودية استخدام مجالها الجوي لمهاجمة المقاتلات الصهيونية ضد اليمن، الإمارات العربية المتحدة هي دولة عربية أخرى تتمتع بأكبر قدر من التبادلات الاقتصادية والقرب الجغرافي في الخليج الفارسي مع إيران، ودبي وغيرها من المدن الإماراتية تشعر بقلق بالغ من اندلاع حرب على بعد أميال قليلة من شواطئها الشمالية، وتعرف أن الانضمام إلى حرب "إسرائيل" ضد إيران يعني أن الحرب ستمتد إلى شوارع الشارقة ودبي وأبو ظبي، ولذلك، يبدو من المستحيل أن تنضم الإمارات إلى "إسرائيل" في الحرب ضد إيران، لأن وجود الإمارات نفسها سيكون في خطر، كما تعتبر دولتا العراق وسوريا شريكتين سياسيتين لإيران، واتجاههما في مرافقة إيران واضح، ولذلك فإن تعاون الدول العربية مع "إسرائيل" في أي عمل عسكري ضد إيران بعيد عن الواقع.
ووفق مجموعة الشروط المذكورة يمكن اعتبار أن الصهاينة يواجهون عدة عقبات أمام الرد العسكري على إيران، ومن بينها عدم تحقيق تحالف إقليمي كبير يمنع تل أبيب من الدخول في أي صراع عسكري واسع النطاق مع إيران.
