الوقت - في خضم الأجواء المتوترة التي تشهدها منطقة غرب آسيا، عقب الأعمال العدوانية التي ارتكبها الكيان الصهيوني الأسبوع الماضي على أراضي لبنان وإيران، واغتيال قادة بارزين من حركتي حماس وحزب الله، ما أثار تهديدات متبادلة من جبهة المقاومة بعقاب حتمي للصهاينة، وفي حدث مثير للجدل حظي باهتمام وسائل الإعلام، قام "سيرغي شويغو" وزير الدفاع الروسي السابق والأمين الحالي لمجلس الأمن القومي على رأس وفد رفيع المستوى بزيارة إلى طهران، حيث التقى بعدد من كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين.
أثارت هذه الزيارة وأهدافها ورسائلها تكهنات مختلفة في وسائل الإعلام على المستويين الإقليمي والدولي، وقد ربط الخبراء حضور هذه الشخصية العسكرية الروسية البارزة في طهران بالتطورات الراهنة في المنطقة.
وفي هذا السياق، أجری موقع "الوقت" حواراً مع السيد جواد معصومي، الخبير في الشؤون الاستراتيجية، نظراً لأهمية هذه الزيارة.
رسالة روسيا للتعاون مع الحكومة الإيرانية الجديدة
أشار معصومي إلى تزامن هذه الزيارة مع بداية فترة رئاسية جديدة في إيران، معتبراً حضور شويغو في المقام الأول استمراراً للتعاون الاستراتيجي بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والاتحاد الروسي، وقال: "إن الهدف من هذه الزيارة هو تعزيز مستوى التفاعل، ودراسة القضايا الإقليمية والدولية والعلاقات الدفاعية والعسكرية الثنائية".
وأضاف هذا الخبير: "نظراً لأن مجلسي الأمن في كلا البلدين هما مؤسستان سياديتان تتحملان مسؤوليات متنوعة في مجالات القضايا السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والعسكرية، فإن هذه الزيارات تكتسي أهميةً بالغةً، وتؤدي إلى تعزيز وتوسيع العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية بين البلدين، ويحدث هذا التوسع في العلاقات في وقت يخرج فيه العالم من حالة القطب الواحد، ويتحول إلى عالم متعدد الأقطاب بقوى عظمى مؤثرة مثل الجمهورية الإسلامية الإيرانية والاتحاد الروسي وجمهورية الصين الشعبية. ولذلك، فإن التعاون الثلاثي بين إيران وروسيا والصين في مكافحة أحادية الولايات المتحدة، أمر ضروري ولا مفر منه".
وأردف معصومي قائلاً: "النقطة المهمة الأخرى هي أن زيارة السيد شويغو، تمت في ظروف تشكلت فيها الحكومة الإيرانية الجديدة مؤخراً، ويعتبر لقاء أمين مجلس الأمن القومي الروسي مع السيد بزشكيان أمراً بالغ الأهمية، والمحادثات التي جرت على أعلى المستويات ستكون لها بالتأكيد تأثيرات كبيرة في مختلف المجالات".
وأكد هذا الباحث الدولي على جهود البلدين لتطوير العلاقات الاستراتيجية، قائلاً: "يقوم المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني بتصميم ومتابعة جادة لمسألة دفع وتسهيل جميع أبعاد العلاقات الإيرانية الروسية، بما في ذلك الأمنية والاستخباراتية والعسكرية والدفاعية والسياسية والثقافية والاقتصادية. وبعبارة أخرى، ما يتم تصميمه اليوم على المستوى الاستراتيجي الشامل في المجلس الأعلى للأمن ،يتم متابعته بسرعة وبشكل خاص، والسبب وراء هذه المتابعة الجادة، هو تمكين البلدين من الوصول إلى نموذج التعاون الاستراتيجي بشكل أسرع، وعلى هذا الأساس، تولت المؤسستان الكبيرتان في البلدين هذه المسؤولية، وهذا يدل على أهمية تعميق العلاقات بين إيران وروسيا وفقاً للسياسات العامة للنظام وخطة التنمية السابعة".
روسيا تدعم محور المقاومة في قضايا المنطقة
وفي جزء آخر من تصريحاته حول أهداف زيارة أمين مجلس الأمن الروسي إلى إيران، أشار معصومي إلى تطوير التنسيق الإقليمي بين طهران وموسكو، قائلاً: في الظروف الحالية، حيث تتجه تطورات النظام الدولي بسرعة نحو فوضى موجهة بقيادة أمريكا والكيان الصهيوني، يكتسب التقارب الأمني والسياسي بين إيران وروسيا في مختلف الأبعاد أهميةً بالغةً.
اليوم، يدعم الاتحاد الروسي جبهة المقاومة في مجلس الأمن القومي، وهو أمر قيّم للغاية، كما تقف روسيا في اجتماعات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ضد السياسات العدائية الأمريكية تجاه جبهة المقاومة، فعلى سبيل المثال، في العملية التي نفذها الكيان الصهيوني ضد الحديدة، أدانت روسيا بشدة هذا العمل، وفي المقابل وصفت إجراءات أنصار الله اليمنية بأنها عمل دفاعي.
كما أن الدعم الخاص الذي يقدّمه الاتحاد الروسي للشعب الفلسطيني المظلوم وحركة حماس وحزب الله، هي إجراءات تتماشى تماماً مع الرؤية المشتركة لإيران وروسيا، وهذا الدور المميز والبارز للاتحاد الروسي في الوضع العالمي الحالي غير مسبوق".
واعتبر هذا الخبير أن تعميق التعاون الثلاثي بين إيران وروسيا والصين في البعد الأمني، أمر جدير بالاهتمام، وقال: "هذا التعاون الثلاثي مهم لأن أمريكا وحلفاءها، وخاصةً بريطانيا وفرنسا والكيان الصهيوني، يسعون إلى خلق أزمات خاصة ذات طابع عسكري وأمني في محيطنا، بما في ذلك أفغانستان وجنوب القوقاز وآسيا الوسطى".
وأضاف معصومي في هذا السياق: "بالنظر إلى الظروف المذكورة، فإن وجود جنرال أمني محنك على رأس مؤسسة مهمة مثل الأمن القومي، هو رسالة صريحة لتقارب الأهداف المشتركة بين إيران وروسيا في مواجهة أمريكا والكيان الصهيوني، والمحادثات المهمة التي جرت مع الرئيس الإيراني المنتخب وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي، تشير إلى تصميم نموذج مهم للغاية".
وفيما يتعلق بوجهة نظر السياسة الخارجية الروسية تجاه تطورات غزة والمنطقة، صرح هذا الخبير في الشؤون الإقليمية قائلاً: "فيما يتعلق بالجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني في غزة، اتخذت روسيا أفضل موقف ممكن، سواء في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أو في الجمعية العامة، أو في المحادثات الثنائية والمتعددة الأطراف مع مختلف الدول، فقد نظرت إلى هذه القضية وهذه الجرائم من منظور إنساني بحت، وكان كل جهدها، إلى جانب المقاومة، منصباً على تحقيق وقف لإطلاق النار، وعلى عكس مواقف الكيان الصهيوني وأمريكا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا، كان لروسيا موقف معارض تماماً في هذا الصدد".
والنقطة المهمة الأخرى هي أن ممثلي روسيا في مجلس الأمن، كانت لهم في بعض الأحيان مشادات لفظية مع ممثلي الولايات المتحدة والدول الأوروبية، وحتى عندما كان حلف الناتو يرسل مساعدات عسكرية للكيان الصهيوني، كان الممثل الروسي في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يعلن صراحةً أنكم تتصرفون لإشعال الحرب، كما دافع بشكل كامل عن حق المقاومة الفلسطينية، وأعلن رسمياً في اللقاءات أن إجراءات حركة حماس هي دفاع مشروع عن حقوقهم وأرضهم".
