الوقت- منذ بدأ العدوان الهمجي على غزة حاصر الكيان الصهيوني السفاح وبشكل كامل القطاع لحرمان الفلسطينيين من الغذاء والوقود والماء ودعا مسؤولون إسرائيليون، مثل وزير الدفاع يوآف غالانت، إلى ذلك علناً فكان الأطفال هم الضحايا الرئيسيون لسياسة الحصار والتجويع الوحشية، فيلاحقهم الجوع ونقص التغذية، ومن ينجو من القصف الإسرائيلي والمعارك تنتظره مشاكل صحية مزمنة.
ورغم التحذيرات المتكررة التي أطلقتها منظمات أممية من تأثير القيود التي تفرضها قوات الاحتلال الإسرائيلي على دخول المساعدات الإنسانية، وما قد يتسبب به الأمر من مجاعة بين الفلسطينيين في غزة، إلا أن كيان الاحتلال الإسرائيلي يضرب بهذه التحذيرات عرض الحائط غير مكترث لقوانين دولية أو تحذيرات أممية بالإضافة للتدمير المنهجي للمنظومة الصحية في القطاع وإخراج 34 مستشفى عن الخدمة بشكل كامل.
مخاطر المجاعة على الأطفال
سوء التغذية، والإسهال المستمر، وحتى التهاب الكبد، كانت من النتائج المرة للإجراءات العدوانية للجيش الإسرائيلي في غزة، والتي جلبت الموت للأطفال الأبرياء بشكل خاص، كما أثرت على النساء والرجال الكبار أيضًا.
بالإضافة لذلك فإن سوء التغذية سيحرم الأطفال من تطوير أدمغتهم وأجسادهم بشكل كامل، ونتيجة لذلك سيكون العديد منهم أقصر وأضعف جسديا، ويزداد عدد الوفيات في أوساط الأطفال حديثي الولادة في قطاع غزة إذ يولد الرضع بأوزان أقل من الحد الطبيعي، حسب منظمة الصحة العالمية.
ولا يعاني الأطفال الفلسطينيون فقط من عدم حصولهم على طعام صحي ومتنوع، بل يعاني آباؤهم أيضاً من ذلك ولا يستطيعون أن يغفروا لأنفسهم عدم توفير الاحتياجات الأساسية لأطفالهم، فبعد أشهر من سوء التغذية وسوء التغذية في غزة، أصبح التدهور الجسدي وفقدان الوزن لدى الفلسطينيين واضحا تماما على أجساد الكبار والصغار ويصل فقدان الوزن عند بعضهم إلى 15 كيلوغراما .
فقد أثرت الأمراض الناتجة عن تناول كميات أقل أو استهلاك بقايا الأطعمة الفاسدة على جميع سكان غزة تقريبًا، كما أن أمراض الجهاز الهضمي بأنواعها، وخاصة أمراض القلب وجفاف الأمعاء وتناول الأطعمة قليلة السعرات الحرارية أو حتى الفاسدة، قد حولت حياة الفلسطينيين إلى ما يشبه الموت البطيء.
التدمير الكامل للمنظومة الدوائية
نادرا ما يتم إعطاء المرضى الفلسطينيين الأدوية التي يحتاجونها، كما أن الصيدليات في غزة، مثل المستشفيات في هذه المنطقة، تعرضت للقصف مرات عديدة وهي فارغة من الأدوية الضرورية، وفي الواقع، فإن نظام المساعدات الطبية لسكان غزة شبه مدمر، ولا يوجد أي أثر لروتين منتظم وفعال في هذا المجال، الأمر الذي يمنع بطبيعة الحال العلاج السريع والفعال للأطفال المصابين والمرضى من خلال سوء التغذية ومن ثم عدم إيصال الدواء لهم.
معوقات إيصال المساعدات
تتجلى أهم معوقات إيصال المساعدات للقطاع المحاصر في استهداف كيان الاحتلال الصهيوني عمال الإغاثة ما دفع منظمات إنسانية لإعلان أنها ستعلق عملياتها بسبب استهدافهم المباشر، والأكثر مرارة من ذلك كله هو الحالات التي أطلق فيها جنود كيان الاحتلال الغاصب النار على طوابير انتظار الطعام في رفح وغزة، ففقد المدنيون أرواحهم في طريق الحصول على الطعام، وفي الأوقات التي سمح فيها بدخول عدة شاحنات إلى هذه المدن، لم يكن الطعام يوزع بالتساوي والعدل بين المحتاجين، وكانت بعض الأسر الكبيرة تعطى القليل من الطعام وبعض الأسر الصغيرة تعطى المزيد من الطعام.
بايدن حجر عثرة أمام وقف المجاعة
في الواقع كانت ومازالت الولايات المتحدة الأمريكية بإدارة بايدن حجر العثرة أمام سياسة تجويع القطاع وأطفاله وذلك من خلال ردها على تداعيات الحرب الدائرة في غزة لأكثر من 8 أشهر، والذي بدا ضعيفا لا بل مؤيدا لهذه السياسة الوحشية، إذ ما فتئ بايدن يعبر عن الانزعاج من الخسائر الإنسانية هناك، غير أنه لم يأخذ خطوات حازمة للحد منها.
وللمفارقة كان حاسما -على غير العادة- في حالة واحدة، عندما زعمت حكومة الكيان الغاصب تورط بعض موظفي وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في الإرهاب، فما لبث أن أوقف تمويلها، ثم أقدم الكونغرس على تجميدها، فيما إن الحقائق التي استُند إليها في الاتهامات الموجهة للأونروا ثبت أنها كانت "مضلِّلة"، لأن الهدف منها كان محاسبة الوكالة الدولية، فما كان من الولايات المتحدة إلا المساعدة في مضاعفة شقاء الجياع وبؤسهم على ما يبدو.
الشعب المضياف جائع!
لطالما عُرف أهل غزة بأنهم شعب طيب مضياف وكلما قدم ضيف إلى منزلهم، فرشوا لهه ما لذ وطاب من الأصناف الغذائية، وكانوا يأكلون مع أطفالهم ويتحدثون عن ذكرياتهم السعيدة، ولكن الإجرام الصهيوني غير حياتهم وحولها إلى كابوس أسود يفتقر إلى أبسط احتياجاتهم الغذائية الأساسية بمباركة أمريكية وغربية من خلال الموافقة على سياسة التجويع التي تمارسها قوات الاحتلال الوحشي بحق هذا الشعب المضياف.
ختام القول
إن أمر المجاعة في غزة، بيد “جماعة” خارجة عن القانون، ولا تعرف معنى الإنسانية، وهي “جماعة” أقل ما يقال عنها إنها مجرمة نازية بامتياز، ترتكب إجرامها على مسمع ومرأى مسؤولي العالم وقياداته بشقيه الغربي والعربي دون إحداث أي حراك أو فعل يوقف هذا الإجرام المنحط. وبعد كل هذا القتل والتجويع والنزوح والتدمير، لا تزال عواصم الغرب العظمى صامتة، وعواصم العرب متخمة !!
