الوقت- بالأمس، هدد وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت، بتكثيف القصف على حزب الله في لبنان حتى لو تم التوصل إلى وقف مؤقت لإطلاق النار في الحرب ضد حركة حماس في قطاع غزة، وهو ما يجري بحثه بدعم من عدة دول إقليمية وغربية، وجاء ذلك في كلمة مصورة لغالانت خلال زيارة لمقر قيادة المنطقة الشمالية في صفد في الجليل الأعلى، بالقرب من الحدود اللبنانية، بثتها وسائل الإعلام الناطقة بالعبرية، وقال غالانت: جئت لفحص سبل تعزيز قوتنا النارية وموقف الكيان العملي ضد المقاومة اللبنانية، متحدثا أنه إذا اعتقد أي شخص أنه إذا تم التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح المختطفين في الجنوب الفلسطيني [غزة] وتوقف إطلاق النار مؤقتاً، فإن ما يحدث هناك سيخفف وطأة ما يحدث هنا، فهو مخطئ، في الوقت الذي ساندت فيه كتائب حزب الله الفلسطينيين وشكلت ضغطا كبيرا على القيادتين العسكرية والسياسية للكيان.
حزب الله يؤرق الكيان
بنبرة الضعف قال غالانت: 'سنواصل إطلاق النار وسنكثف إطلاق النار بشكل مستقل عن الجنوب حتى نحقق هدفنا، معتبرا أنّ الهدف بسيط وهو إعادة حزب الله إلى حيث يتواجد، وقد تعهد غالانت مرارًا وتكرارًا بإعادة حزب الله إلى جنوب لبنان، ما وراء نهر الليطاني، إما عن طريق الحل السياسي أو العمل العسكري، وعلى خلفية الحرب الإسرائيلية المدمرة على قطاع غزة، يتبادل حزب الله والفصائل الفلسطينية في لبنان القصف المدفعي المتقطع مع القوات الإسرائيلية يوميًا منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول، ما تسبب في وقوع إصابات في صفوف الطرفين، بالإضافة إلى سقوط ضحايا من المدنيين اللبنانيين.
ومنذ الـ 7 من أكتوبر 2023، تشن "إسرائيل" حربًا مدمرة على قطاع غزة، ما أسفر عن سقوط عشرات الآلاف من الضحايا، وفقًا للبيانات الفلسطينية وبيانات الأمم المتحدة، معظمهم من الأطفال والنساء، وقد أُجبرت "إسرائيل" على المثول أمام محكمة العدل الدولية بتهمة "الإبادة الجماعية، وبالأمس أسقط حزب الله طائرة إسرائيلية دون طيار وقوات الاحتلال تقصف بعلبك للمرة الأولى، وواصل حزب الله اللبناني وقوات الاحتلال الإسرائيلي تبادل إطلاق النار في المنطقة الحدودية بالأمس، مع اعتراف تل أبيب بإسقاط حزب الله طائرة إسرائيلية مسيرة في جنوب لبنان.
وحزب الله اللبناني أوضح بقوّة أن وحدات الدفاع الجوي التابعة للمقاومة الإسلامية" أسقطت طائرة إسرائيلية مسيرة من طراز "هرمز 450" بصاروخ أرض جو فوق منطقة عكرمة التفاح في جنوب لبنان، كما أن السلاح الصاروخي استهدف مجموعة من جنود العدو الإسرائيلي في محيط موقع حدب يالين، كما استهدف مستعمرة ستورا رداً على الاعتداءات الإسرائيلية على المنازل في جنوب لبنان، وفي غضون ذلك، قالت مصادر أمنية لبنانية إن الغارة الأولى من غارتين إسرائيليتين على بلدة بودي في البقاع بجنوب لبنان أوقعت قتيلين وثلاثة جرحى.
قوات الاحتلال الإسرائيلي من جانبها، أعلنت أنها شنت غارات جوية على منشآت "تستخدمها وحدات الدفاع الجوي التابعة لحزب الله" في سهل البقاع بجنوب لبنان، والغارات الجوية في سهل البقاع جاءت رداً على إطلاق صواريخ أرض-جو على طائرات دون طيار وإسقاطها، وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن إسقاط حزب الله لطائرة إسرائيلية دون طيار في الأراضي اللبنانية كان حادثا خطيرا جدا، وأن الجيش الإسرائيلي رد على الحادث بضرب أهداف لحزب الله في العمق اللبناني، وتداول ناشطون ووسائل إعلام لبنانية مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر طائرة إسرائيلية دون طيار وهي تحلق فوق جنوب لبنان.
وبالإضافة إلى ذلك، حزب الله استهدف قوات إسرائيلية بالقرب من موقع البغدادي وحقق "إصابة مباشرة"، كما استهدف جنوداً إسرائيليين في مستوطنتي المالكية والمنارة شمال "إسرائيل"، مع اعتراض صاروخ أرض جو أطلق من لبنان على مرجعي بن عامر، حيث إن الصاروخ كان يحاول اعتراض طائرة إسرائيلية دون طيار، وصافرات الإنذار دوت في عدة مناطق في الجليل الأعلى، منها مرجي بن عامر جنوب الناصرة والمنطقة الصناعية ألون هتافور قرب العفولة، وكذلك في عدة مناطق في الأراضي السورية المحتلة من الجولان.
خطة إجلاء جدية للكيان
واصلت المقاومة اللبنانية، أي "حزب الله" اللبناني وقوات الاحتلال الإسرائيلي تبادل إطلاق النار قرب الحدود اللبنانية، وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن خطط لإجلاء نحو 60 ألفاً من سكان بلدة الجليل، وهدد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بتكثيف قصف "حزب الله" حتى لو تم التوصل إلى وقف مؤقت لإطلاق النار مع غزة، مع إطلاق قوات "حزب الله" صواريخا باتجاه جنود العدو الإسرائيلي قرب المرجيحة بصواريخ بركان" و"أصابوهم إصابات مباشرة"، كما نفذ الحزب خمس عمليات ضد أهداف عسكرية إسرائيلية في الجليل الأعلى ومزرعة شبعا المحتلة، مع استهدف ثلاثة منازل متمركزة لجنود الاحتلال في مستوطنتي المالكية والمنارة وأكد الحزب أنه أصابها إصابات مباشرة.
الحزب المقاوم أطلق أيضا قذائف صاروخية ومدفعية على بطاريات جيش الاحتلال الإسرائيلي ومواقع جنوده جنوب مستوطنة كريات شمونة، كما استهدف الحزب ثكنة زابودين في مزرعة شبعا المحتلة بصاروخين من نوع فلق 1، وقصف تجمعاً للجنود قرب ثكنة راميم، وأغار الطيران الإسرائيلي على بلدة بليدا في جنوب لبنان، فيما قصفت المدفعية الإسرائيلية المنطقة المحيطة بعدة بلدات حدودية، ونعى حزب الله ثلاثة شهداء.
وعاد الإعلام العبري مؤخراً إلى لهجة التهديد والوعيد، مؤكداً أن حملة مماثلة ضد المقاومة اللبنانية يجب أن تتضمن تعديل التوقعات حول الأضرار التي يمكن أن تلحق بحزب الله والدولة اللبنانية نتيجة اندلاع الحرب، في حين أن الجبهة الداخلية في "قيام" قد تتلقى ضربة، وقد طورت القوات الإسرائيلية قدرات نارية جوية وبرية على حد سواء، ويجب أن يعي الجمهور أن الهجوم العسكري الإسرائيلي هذه المرة يشير إلى استخدام صواريخ وقذائف دقيقة وتكتيكات دفاعية متطورة، وأنه لا توجد قبة حديدية أو عصا سحرية في بيروت.
وفي ضوء إعلان قوات الاحتلال الإسرائيلي أن قيادة المنطقة الشمالية أجرت تدريبات مكثفة مؤخرا في إطار إجراءات زيادة الجاهزية على الحدود الشمالية، أعلن حزب الله في لبنان أنه أجرى سبع عمليات ضد مواقع إسرائيلية، وجاء تدريب لواء المظليين الاحتياط الشمالي وسلاح المهندسين الخاص ضمن خطة تدريب كتائب الاحتياط على طول الحدود الشمالية، وشمل التدريب الاستعداد لمواجهة الظروف الجوية الشتوية والقتال في مناطق سكنية مكتظة، ويدعي مسؤولون عسكريون أن الجنود الإسرائيليين تدربوا على مستويات مختلفة، بما في ذلك فرق قتالية تشمل المشاة والمهندسين.
من جهة أخرى، تحدث رئيس الوزراء نتنياهو ووزير الدفاع غالانت عدة مرات عن إمكانية شن حرب ضد حزب الله اللبناني على الحدود الشمالية، في ظل استمرار تبادل إطلاق النار والاستهداف بين الطرفين منذ تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وعلى صعيد التطورات المحلية، أعلن ناطق عسكري إسرائيلي أن مقاتلات حربية إسرائيلية قصفت مواقع لحزب الله شملت مواقع ومباني في جنوب لبنان، وعلى خلفية الحرب المدمرة في قطاع غزة، تشهد الحدود الإسرائيلية اللبنانية توتراً منذ الثامن من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، حيث تدور اشتباكات متقطعة بين القوات الإسرائيلية من جهة وحزب الله والفصائل الفلسطينية من جهة أخرى، ما أدى إلى سقوط ضحايا من مقاتلي المقاومة والإسرائيليين بالإضافة إلى المدنيين اللبنانيين.
واستناداً إلى التطورات الأخيرة، إن كلام غالانت هو تهديد ضمني بعدم تنفيذ وقف إطلاق النار المؤقت، ليبقى السؤال: "هل الجيش العالق في الحرب هكذا لديه القدرة على شن حرب واسعة النطاق ضد حزب الله؟"، حيث ازدادت حدة التوتر على الحدود اللبنانية-الإسرائيلية، ما يوضح أن المنطقة تعيش فترة حساسة ومتوترة، وتعكس هذه التوترات اشتداد حدة التصعيد المستمر بين الكيان وحزب الله، ومن المتوقع أن تستمر هذه التطورات في التأثير على الوضع الإقليمي العام، وعلى وجه الخصوص، قد يؤدي تصاعد الصراع والتوترات في الشرق الأوسط نتيجة للعنف الإسرائيلي واسع النطاق واستمرار التوترات إلى تصعيد العمليات العسكرية والاشتباكات بين القوات الإسرائيلية وحزب الله، والتي بدورها قد تتصاعد وتؤثر على الكيان بشكل أكثر خطورة.
ومع ذلك، على قيادات الإسرائيليين أن يدركوا أن حرباً جديدة ليست في مصلحة الكيان المنهك، ومنطقياً فإن أي تصعيد لن يكون أبداً في مصلحة الإسرائيليين، وإن حرب غزة في بداية نهايتها، إذا جاز التعبير، بعد فشل الكيان الإسرائيلي في تحقيق أهدافه، ومع ذلك، لا يزال الوضع يتغير بسرعة وتبقى التوقعات بشأن التطورات المستقبلية خطيرة، ومن المهم أن تبقى الأطراف الدولية ملتزمة بقطع أو كف يد الكيان الإجرامية ودعم الحل السلمي والوساطة في إطار القانون الدولي حتى لا يتفاقم الصراع، ولتحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة.
