الوقت- رغم مرور أكثر من شهر على معركة حماس مع قوات الكيان الصهيوني واعتداءات "إسرائيل" الوحشية على النساء والأطفال في غزة، إلا أن هذه الحرب كان لها تداعيات واسعة في مختلف دول العالم، وخاصة في الشبكات الاجتماعية، ويقترب الصراع بين حماس وقوات احتلال القدس من منتصف شهره الثاني، ورغم الجهود العديدة التي يبذلها الكيان الصهيوني لتصوير حماس كإرهابية وقمعها إعلاميا، فإن الشعب الفلسطيني لا يزال البطل في هذه المعركة غير المتكافئة، وتدور المواجهات بين الفلسطينيين ونظام احتلال القدس في قطاع غزة في أوقات مختلفة، لكن هذه المرة، وفي عملية "عاصفة الأقصى"، شنت قوات حماس هجمات خطيرة وعنيفة ضد الكيان الصهيوني، وفي أيام بداية الحرب وبعد الخسائر الفادحة التي لحقت بـ "إسرائيل" في هذه الحرب، حاول هذا الكيان إظهار صورة مضطهدة للمستوطنين الصهاينة في وسائل الإعلام، ولكن مع مرور الوقت وبدء هجمات هذا الكيان على سكان غزة وقصف المستشفيات والمستوطنات والمدارس و..، وقتل العديد من أهل غزة العزل، وخاصة عدد كبير من النساء والأطفال الفلسطينيين، شوهت هذه الصورة في غزة أذهان العالم.
"إسرائيل" تخسر الرأي العام العالميّ للأبد
في حين يحظى الكيان الصهيوني في هذه الحرب بدعم العديد من الحكومات وجزء كبير من وسائل الإعلام المختلفة وحتى دعم عمالقة التكنولوجيا في العالم في إزالة المحتوى المناهض ل"إسرائيل" والرقابة عليه وتقييده، كما أن لبعضهم حق "إسرائيل" في ذلك، لقد دعموا الرد على هجمات حماس، لكن هذا الكيان لم يتمكن من جلب الرأي العام لدول العالم معه.
ووفقاً لدراسة أجراها مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، فإن 95% من المسيرات التي عقدت بشأن الحرب الأخيرة كانت مؤيدة لفلسطين و5% فقط كانت مؤيدة للنظام الصهيوني، إن صور جرائم الكيان الصهيوني في قصف المناطق السكنية في غزة وقتل الناس، وخاصة عدد كبير من الأطفال، كانت مفجعة إلى حد أنها عطلت لعبة "إسرائيل" المتمثلة في تصوير المستوطنين الصهاينة على أنهم مضطهدين، وأظهرت الصور ومقاطع الفيديو التي شاركها المستخدمون الفلسطينيون من غزة على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي الوجه الصافي ل"إسرائيل" ووحدت جزءًا كبيرًا من شعوب العالم لدعم شعب غزة.
ومن بين صحفيي وسائل الإعلام المختلفة الذين تواجدوا في قطاع غزة وفلسطين المحتلة ونقلوا أخبار الحرب إلى وسائل إعلامهم، كان صحفيو قناة الجزيرة نشطين وفعالين في عكس جرائم الكيان الصهيوني للشعب، من العالم، وكان "وائل الدحدوح" أحد صحفيي شبكة الجزيرة الذي فقد زوجته وابنته وابنه في هجمات الكيان الصهيوني على قطاع غزة، لكنه قال في مقابلة مع قناة الأناضول التركية: "من الواضح أن نية إسرائيل هي استهداف المدنيين وذبح العائلات، هذا جزء من المآسي التي تحدث للعائلات الفلسطينية كل يوم، بالتأكيد كان هذا ثمنًا مؤلمًا ومفجعًا، لكن الأهم من ذلك أن هذه الأحداث المريرة لا يمكنها إسكات صوتي"، وأضاف "سنواصل القيام بواجبنا تجاه الشعب الفلسطيني وحمل رسالته الإنسانية إلى العالم".
وحسب لجنة حماية الصحفيين -وهي منظمة تدافع عن حرية الصحافة ومقرها نيويورك- فقد قُتل أكثر من 30 صحفيا وإعلاميا في الاشتباكات التي وقعت يوم 9 نوفمبر/تشرين الثاني، ويذكر هذا التقرير أن 9 صحفيين آخرين مفقودون أو معتقلون، ويواجه الصحفيون الأجانب الذين يغطون الحرب في غزة تحديًا كبيرًا في الحصول على المعلومات، حسب المنظمات التي تراقب حرية الصحافة، بالإضافة إلى الصحفيين من مختلف وسائل الإعلام الذين غطوا الحرب في غزة بما يتماشى مع سياساتهم الإعلامية، كان هناك أيضًا صحفيون مستقلون أو صحفيون مواطنون عرضوا أخبار هجمات القوات الإسرائيلية وقصفها مباشرة ودون رقابة على الصفحات الافتراضية.
كذلك، معتز هو مصور فوتوغرافي ومنتج محتوى في شبكات التواصل الاجتماعي من غزة، متواجد في الميدان منذ بداية الصراع بين حماس والكيان الصهيوني ويروي أخبار الحرب على صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى مدار سنوات عمله، عرض هذا الصحفي المستقل مراراً وتكراراً معاناة الشعب الفلسطيني والأضرار التي لحقت به خلال هجمات القوات الإسرائيلية على غزة في فترات مختلفة، ومع بدء المواجهات في 15 أكتوبر/تشرين الأول وقصف الكيان الصهيوني لمدينة غزة، نشر معتز صوراً وفيديوهات لهذه التفجيرات وما نتج عنها من ضحايا على شكل منشورات وقصص على إنستغرام، ومنشورات على شبكة التواصل الاجتماعي اكس (تويتر سابقاً)، فيسبوك، لينكدإن، وغيرها، وأظهر الجرائم التي يرتكبها هذا الكيان أمام شعوب العالم.
أيضا، مقطع فيديو نشره بعد أسبوع من بدء الحرب وهو يظهر بنفسه في سيارة الإسعاف وهو يحمل جثة طفل رضيع استشهد في قصف الكيان الصهيوني، لاقى العديد من المشاهدات وعدد المتابعين على صفحاته الافتراضية لقد زاد بشكل ملحوظ، وبعد ذلك، خصصت كل المنشورات والقصص على صفحاته في إنستغرام وفيسبوك وتويتر لنشر صور مؤلمة لأهل غزة بعد هجمات الكيان الصهيوني على هذه المدينة وإظهار الوضع الحياتي المعقد للأهالي بعد هذه الهجمات، بعض هذه الصور مروعة للغاية لدرجة أن Instagram وصفها بأنها "محتوى حساس".
منشورات ومشاركات صادمة للكيان
من بين آخر 100 مشاركة على صفحة معتز على إنستغرام، حصل المنشور الذي يحتوي على فيديو لطفل فلسطيني صغير نجا من القصف ويرتجف من الخوف، على أكبر عدد من التعليقات، وبعد ذلك، أثار منشور له وهو يلتقط صوراً على أنقاض مبنى يرفرف فوقه العلم الفلسطيني، اهتمام العديد من المستخدمين، حصل هذا المنشور على أكبر عدد من الإعجابات بين مستخدمي Instagram ومتابعي صفحة Motat.
ويواصل الكيان الصهيوني هجماته المستمرة على مناطق مختلفة من مدينة غزة منذ شهر، واستشهد في هذه الهجمات 15 فرداً من عائلة معتز، وبلستيا، مراسلة من غزة تبلغ من العمر 22 عامًا، تكتب عن حياتها اليومية على صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، منذ بداية الصراعات، يقوم العقاد بإنتاج المحتوى وسرد الأخبار المتعلقة بالحرب وهامشها على صفحاته الافتراضية على إنستغرام والتيك توك وغيرها.
وبإلقاء نظرة سريعة على صفحة العقاد على الانستغرام، يمكنك رؤية الفرق الكبير في منشوراته، حتى قبل أسبوع من بداية الحرب، كانت منشوراته تدور حول قضايا حياته اليومية، ولكن مع بداية الحرب تغير محتوى صفحته للإعلام عما يحدث في غزة، وقد شارك الأخبار المتعلقة بالحرب في 91 مشاركة نشرها على صفحته على موقع إنستغرام منذ بداية الحرب في غزة ولمدة شهر.
جاد الله مصور فلسطيني لدى وكالة الأناضول التركية للأنباء، وهو منذ بداية الحرب الأخيرة على غزة، جعل صوت شعب غزة المظلوم معروفًا لشعوب العالم من خلال تسجيل صور متنوعة لجرائم القوات الصهيونية، ومشاركتها على صفحته على Instagram، وقام هذا المراسل المصور الفلسطيني بمشاركة العديد من الصور لنضالات الشعب الفلسطيني وخاصة أهل غزة في فترات مختلفة على صفحته على موقع إنستغرام، ومع بدء الصراع بين حماس و"إسرائيل" بدأت صفحته بتغطية الأخبار بشكل كامل، وروايات الحرب في غزة.
مقالته الأولى عن هذه الحرب كانت مؤخرا وصورة لنساء فلسطينيات يبكون أفراد عائلاتهن الذين قتلوا في هجمات الكيان الصهيوني، وكتب في وصف هذه الصورة: "أقارب الفلسطينيين الذين قُتلوا برصاص القوات الإسرائيلية خلال الاشتباكات الجوية يبكون بعد نقلهم إلى مشرحة مستشفى الشفاء بمدينة غزة"، وفي منشوراته الـ 126 التي نشرها على صفحته على موقع إنستغرام خلال الحرب، صور جوانب مختلفة من جرائم نظام الاحتلال"،
وكان جاد الله أحد المصابين في هجمات الكيان الصهيوني، وقد تعرض منزله للقصف في 11 أكتوبر/تشرين الأول خلال الغارات الجوية الإسرائيلية، وبعد هذه الحادثة، كتب على صفحته على موقع إنستغرام: "أقوم بتوثيق آلام شعبي منذ سنوات لأن منازلهم قصفت ودمرت وجعلتهم بلا مأوى، لكن في النهاية يجب أن أروي قصة مأساتي الخاصة"، الحزن لأنني أيضًا فلسطيني"، قصفت الطائرات الإسرائيلية منزلي ودمرته، كما دمرت ذكرياتي وآمالي ومعاناتي، لكن حقيقة أن الله أنقذني وعائلتي من الانفجار تكفيني، والحمد لله كلنا بخير".
لكن بعد ثلاثة أيام، وفي أعقاب الغارات الجوية للنظام الصهيوني وقصف منازل غزة، استشهد شقيقه، وشارك جمهوره هذا الخبر بنشر صورة لنفسه وهو يقبل يد جثة أخيه المدفونة تحت الأنقاض، ، وفي 22 أكتوبر، نشر جاد الله مقطع فيديو لوالدته في سرير المستشفى وكتب: "هذه أمي"، "لقد كان الفرد الوحيد في عائلتي الذي نجا من الهجوم الإسرائيلي على منزلي".
رغم الجهود التي يبذلها إعلام الكيان الصهيوني ووسائل الإعلام التابعة له في العالم لإظهار حقيقة الحرب في غزة رأساً على عقب، إلا أن المستخدمين الفلسطينيين في غزة من خلال تصوير جرائم "إسرائيل" على صفحاتهم الافتراضية والمستخدمين الفلسطينيين خارج هذا القطاع من خلال التنوير عن فلسطين وكل ما تناقلته الشعوب العزل على مدى 75 عاماً، بدؤوا موجة جديدة وكبيرة بين مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي في جميع أنحاء العالم، وقد رافقت هذه الموجة المستخدمين غير الفلسطينيين على مختلف منصات التواصل الاجتماعي.
جاكسون هينكل، المحلل السياسي والناشط الإعلامي الأمريكي، تحدث عدة مرات عبر صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي ضد سياسات الولايات المتحدة تجاه دول المنطقة، خلال حرب غزة، دعم الشعب الفلسطيني بشكل كامل على موقع X (تويتر سابقًا)، الصور والفيديوهات التي التقطها هذا المستخدم لأهل غزة، إلى جانب الشروحات المتنوعة حول حقيقة الأكاذيب التي أطلقها الكيان الصهيوني عن حماس في هذه الحرب، جذبت انتباه العديد من المستخدمين من جميع أنحاء العالم،
من ناحية أخرى، أناستاسيا ماريا لوبيز طبيبة دنماركية مشهورة من كوبنهاغن، وهي خريجة جامعة كوبنهاجن، ومعروفة بنشاطها الطبي على وسائل التواصل الاجتماعي بالإضافة إلى آرائها في المجالات الطبية المختلفة، لوبيز، المعروفة دائمًا في وسائل الإعلام بأنها شخص مناهض للصهيونية، بدأت الأنشطة المناهضة للصهيونية بشكل أكثر جدية على شبكة X الاجتماعية منذ بداية الحرب الأخيرة في غزة، لقد سلطت الضوء على تاريخ تشكيل الكيان الصهيوني المزيف وجلبت معها العديد من الجماهير.
واستمرت الأنشطة المكثفة للمستخدمين حول موضوع الحرب في غزة على منصات مختلفة وبطرق مختلفة، وتم إطلاق العديد من التحديات في هذا الفضاء الافتراضي دعما للشعب الفلسطيني، أحد أهم التحديات وأكثرها زيارةً بدأ في شبكة تيك توك الاجتماعية، وفي هذا التحدي، أظهر مستخدمو TikTok من مختلف دول العالم إخلاصهم ودعمهم للإنسان الفلسطيني المظلوم بصورة العلم الفلسطيني وأغنية "سلام يامهدي"،
نهاية القول، على الرغم من القيود الموجودة في بعض هذه وسائل التواصل الاجتماعي والقواعد الصارمة التي يتم تطبيقها على إنتاج المحتوى، إلا أن المحتوى المنتج على هذه المنصات تمكن إلى حد كبير من إطلاق موجة ضخمة بين دول العالم داعمة فلسطين، وما المظاهرات الواسعة في مختلف البلدان إلا دليل على مدى تأثير وسائل الإعلام هذه على الرأي العام لشعوب العالم، ورغم أن وسائل الإعلام المختلفة قامت خلال الحرب الأخيرة في غزة بتغطية كاملة لما يحدث في هذه المنطقة، إلا أنه يبدو أن وسائل الإعلام باعتبارها المصدر الوحيد للوصول إلى الأخبار والمعلومات حول الأحداث المختلفة، خاصة في مثل هذه الأزمات، قد فقدت فاعليتها، لقد فقدت إلى حد كبير ولا يمكن أن تحظى بثقة الجمهور ورفقته.
وتعتبر شبكات التواصل الاجتماعي وسائل إعلام ناشئة وقوية ومؤثرة، وعلى الرغم من أنها يمكن أن يكون لها في بعض الأحيان تأثير سلبي على الرأي العام من خلال الأخبار الكاذبة والمعلومات الكاذبة، إلا أنها يمكن أن تكون أيضًا في بعض الحالات مصادر مهمة ومباشرة للأخبار في الأزمات مثل الأزمات في حرب غزة ولذلك، فإن الوصول إلى هذه الشبكات له أهمية خاصة في اللحظات الحرجة والمهمة مثل الحرب على غزة.
