الوقت- بعد أن حذرت سفارات عدة دول عربية وأوروبية رعاياها في لبنان إثر الاشتباكات المسلحة التي وقعت الأسبوع الماضي في مخيم "عين الحلوة" للاجئين الفلسطينيين الواقع جنوب صيدا، بدأت تحركات من الأطراف اللبنانية والفلسطينية المعنية بالتهدئة، حتى لا يستمر الوضع المتأزم ولمنع تكرار مثل هذه التوترات.
سفر مسؤول كبير في حركة فتح إلى لبنان
وفي هذا السياق، أعلنت مصادر فلسطينية لموقع "النشرة" أن "عزام الأحمد" عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، دخل إلى مخيم عين الحلوة لمتابعة الأوضاع، ولإخماد التوترات السياسية والأمنية فيه بعد الاشتباكات الأخيرة بين قوى حركة فتح وجماعات متطرفة، وتحولت إلى لبنان.
وذكرت هذه المصادر أن عزام الأحمد سيجري عدة لقاءات مع قيادات حركة فتح وممثلي مجموعات منظمة التحرير في مقر سفارة فلسطين، لمراجعة التطورات العسكرية في مخيم عين الحلوة في محافظة القدس، والتمهيد لإعلان وقف إطلاق النار في هذا المخيم، كما كان تشكيل لجنة تحقيق لتوضيح أسباب الصراع في مخيم عين الحلوة واغتيال "أبو أشرف العروشي" العضو البارز في حركة فتح وأربعة من رفاقه في 30 تموز / يوليو أحد الأهداف المدرجة على أجندة رحلة عزام الأحمد إلى لبنان.
وأضافت المصادر المذكورة: إن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أمر عزام الأحمد بالاجتماع مع عدد من المسؤولين اللبنانيين والمسؤولين الأمنيين وتنسيق تحركاتهم بشأن كيفية التعامل مع تداعيات النزاعات بعد نهاية وقف إطلاق النار، حيث إن الطرفين اللبناني والفلسطيني ينتظران تفعيل لجنة التحقيق لتوضيح ما إذا كان بإمكان هذه اللجنة المساعدة في كشف الحقيقة وتسليم مرتكبي جريمة عين الحلوة إلى القضاء اللبناني.
هل هناك احتمال للصراع مرة أخرى في عين الحلوة؟
وأبلغت مصادر مطلعة أن زيارة مسؤول كبير في حركة فتح إلى لبنان تزامنت مع تحذيرات عدة سفارات عربية في بيروت لمواطنيها بعدم السفر إلى لبنان ومغادرة البلاد بسرعة وعدم الاقتراب من المناطق التي شهدت صراعات مسلحة.
وقال مصدر فلسطيني بهذا الصدد، إن ما نشهده الآن هو وقف إطلاق النار في مخيم عين الحلوة وليس انتهاء الصراع، طبعا المعلومات في هذا المجال متناقضة ولا يمكن الحديث على وجه اليقين عن تكرار التوتر أو عدم تكراره في هذا المعسكر.
مشروع مريب يستهدف قضية اللاجئين الفلسطينيين
وذكرت مصادر مطلعة أنه يجب التنبه إلى أن هذه الصراعات اتخذت أبعادا سياسية وأمنية خطيرة، لأنها تزامنت مع سلسلة أحداث دفعت بعض الأوساط الفلسطينية للتواصل فيما بينها ووصلت إلى هذا الاستنتاج، وهو أن هناك مشروعًا مريبًا يقود إلى تدمير المخيم وتدمير قضية اللاجئين الفلسطينيين وفقدان حقهم في العودة إلى أرضهم، حيث تلقى منفذو المواجهات الأخيرة أوامر من جهات تسعى لإثارة توتر أمني بين القوى الفلسطينية بعد فترة هدوء واستقرار في المخيمات.
وفي هذا السياق، قالت مصادر فلسطينية، إن الاشتباكات في عين الحلوة وقعت بعد شهر من مبادرة الأطراف الفلسطينية للحفاظ على أمن واستقرار المخيمات وحماية حق العودة للفلسطينيين، والتي كانت أيضا بالتزامن مع اجتماع قادة الفصائل الفلسطينية في القاهرة.
من جهة أخرى، أوضحت الأوساط الفلسطينية أن من غير المرجح أن الخلاف في عين الحلوة قد يمتد إلى مخيمات فلسطينية أخرى. لأن هذا القدر من التنوع في الميول والطوائف في مخيم عين الحلوة لا يوجد في مخيمات أخرى، وخاصة أن الجماعات المتطرفة تتركز بشكل أساسي في هذا المخيم.
لكن على صعيد لبنان، تندرج صراعات عين الحلوة بالتزامن مع الأزمة السياسية المعقدة لهذا البلد، وإضافة إلى ذلك، انتهت أيضًا فترة ولاية رياض سلامة في مصرف لبنان المركزي الأسبوع الماضي، وعلى الرغم من نقل مهامه إلى نائبه الأول وسيم المنصوري، إلا أنه لا تزال هناك خلافات كثيرة حول آلية إدارة هذا البنك، وخصوصاً أن رياض سلامة ترك مصرف لبنان بسجل أسود، وفي هذا الوضع، يشعر اللبنانيون بالقلق من تفاقم الأزمة الاقتصادية والمالية نتيجة ارتفاع سعر الدولار المحتمل، كما حذر البعض من بدء الاحتجاجات في الشوارع نتيجة ازدياد خطورة الوضع المعيشي.
وقالت أوساط لبنانية مطلعة لـ "النشرة" إن الأحداث الأخيرة والاشتباكات الدموية في عين الحلوة هي جزء من جهد لفصل لبنان عن القضية الفلسطينية، لأن اللبنانيين دعموا دائما قضية فلسطين وأمتها.
النقطة الخطيرة في صراع عين الحلوة كانت محاولة منفذي هذه التوترات جرّ الجيش اللبناني إلى المواجهة، لكن تجربة وحيلة العميد سهيل حرب رئيس فرع مخابرات الجيش في جنوب لبنان، أحبطت هذه المؤامرة وأكدت أن الجيش اللبناني لن يكون له أي تدخل عسكري في مخيم عين الحلوة.
مصادر أمنية لبنانية: الوضع تحت السيطرة
من جهة أخرى، أفادت مصادر أمنية لبنانية في حديث مع صحيفة الديار، بأن التحذيرات التي وجهتها بعض السفارات لمواطنيها من مغادرة لبنان لا تعكس الواقع الأمني لهذا البلد، وأن معلومات الأجهزة الأمنية تدل على أن الوضع الأمني تحت السيطرة ولا شيء يهدد استقرار لبنان.
وأوضحت هذه المصادر أن هناك احتمالاً أن يكون لتحذير السفارات، وخاصة أن عدة دول أصدرت مثل هذه التحذيرات في نفس الوقت، جانبًا سياسيًا أكثر من الجانب الأمني.
بعد 3 أيام من تنفيذ وقف إطلاق النار، لم يكن هناك صراع جديد في مخيم عين الحلوة، كما تظهر المعلومات أنه تم اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لمنع انتشار النزاعات.
أعلن "وليد جنبلاط" الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي، بعد لقائه "نبيه بري"، رئيس مجلس النواب اللبناني، ردا على تحذير السفارات العربية لرعاياه من الوضع الأمني في لبنان، بالقول: "لم أفهم أنا والسيد نبيه بري لماذا أطلقت السفارات تحذيرًا، هناك جهود من الجانبين الفلسطيني واللبناني فيما يتعلق بمخيم عين الحلوة يمكن أن تؤتي ثمارها".
وفي حديث مع شبكة الميادين، مساء أمس، أعلن نبيه باري عدم وقوع حادث أمني خاص في لبنان من شأنه أن يدفع السفارات إلى مطالبة رعاياها بالحذر في البلاد ومغادرة لبنان.
وقال نبيه بري، معربا عن استغرابه من تصرف السفارات هذا: "لو كان التحذير فقط حول المناطق القريبة من عين الحلوة لكان مفهوما، لكن دعوة مواطني هذه الدول لمغادرة لبنان فورا أمر غير مفهوم، لأنه حتى في عين الحلوة "الوضع هدأ منذ 3 أيام، فما سبب مثل هذه التصريحات المقلقة الآن".
كما أكد نجيب ميقاتي، رئيس وزراء الحكومة اللبنانية لتصريف الأمور، أن المعطيات الأمنية التي بحوزته تظهر أنه لا توجد قضايا مقلقة في لبنان.
في الأيام القليلة الماضية، وعقب الاشتباكات الدامية في مخيم عين الحلوة، حذر عدد من السفارات، منها الكويت والسعودية وقطر وألمانيا وإنجلترا وغيرها، رعاياها من الاقتراب من موقع الصراع وطالبتهم بمغادرة لبنان.
شهد مخيم "عين الحلوة" للاجئين الفلسطينيين الواقع في منطقة صيدا جنوب لبنان، منذ بداية الأسبوع الماضي وحتى الخميس، بعد اغتيال أبو أشرف العروشي القيادي البارز في حركة فتح، الأحد، تصاعد التوتر ، واشتباكات دامية ومسلحة بين مجموعات متطرفة وأعضاء في حركة فتح، ما خلف عددا من القتلى والجرحى.
وكانت مصادر لبنانية قد أعلنت عن آخر أوضاع مخيم "عين الحلوة" في جنوب البلاد: أنه بعد اشتباكات عنيفة بين عناصر حركة فتح وجماعات متطرفة، يسود الهدوء في هذا المخيم لليوم الرابع على التوالي.
