الوقت - قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الجمعة، إنه لم يعد مواطني بلاده بشيء “سوى الصبر والعمل”، محذرا من أنه إذا لم يجد الناس في أفريقيا الأمل في الحياة فسوف يتحركون تجاه أوروبا.
جاء ذلك، لدى مشاركته في الجلسة الختامية لقمة ميثاق التمويل العالمي الجديد في العاصمة الفرنسية، باريس.
وقال السيسي، في مقطع فيديو بثته رئاسة الجمهورية المصرية على حسابها بموقع “يوتيوب”، ظهر خلاله متحدثا العامية المصرية: “الحقيقة أن مداخلتي هتبقى مختلفة شوية وأرجو إن أنتم تسمحوا لي إني أتكلم بالطريقة دي”.
وتابع الرئيس المصري: “أنا هأقول لكم على تجربتي في مصر وباختصار شديد، كان دايما في دولنا النامية يبقى فيه وعود كثيرة جدا من جانب القادة للشعوب، يقوله في الانتخابات إني أنا هأعمل لك وهأعملك.. وهيعمل له كل حاجة حلوة”.
وتابع السيسي إنه عندما تولى رئاسة الاتحاد الإفريقي لمدة عامين ذهب مع القادة الأفارقة إلى اليابان والصين والهند وروسيا وإنجلترا من أجل التعاون الاقتصادي بين القارة بظروفها الصعبة وبين الدول المتقدمة والصناعية الكبيرة، ودائما كان هناك استعداد كبير للتعاون.
وقال السيسي مبيناً أهمية تضافر الجهود بين مستويات متعددة محلية ودولية: "مثلاً في قمة المناخ العام الماضي أطلقنا منصة اسمها "نوفي".. وحصلنا على تمويل لـ10 جيجا يمكننا في 2030 أن يكون لدينا 42% من خليط الطاقة.. اذا العمل مش بس نلقي اللوم على الدول المتقدمة واحنا كدول أخرى ميبقاش عندنا أفكار.. نحاول نقترب بها ونحل بها الأزمات".
وأضاف الرئيس المصري: "نفس الكلام لما جينا نخش برنامج أكبر مشروع القطار الكهربائي في إطار التنمية المستدامة ومجابهة المناخ من خلال استخدام نظم نقل حديثة بعيدة عن تلوث المناخ وكان في دعم قدم لينا، وحصل تمويل لنا لمخاطر الائتمان بقرض ضخم.. وعايز أقول في هذه النقطة الشراكة والتعاون هما عمل مشترك بين الكل الدول المتقدمة والدولة النامية التي تسعى للنمو والتقدم".
فمن وجهة الرؤية لدى السيسي قد برز عاملان رئيسان كان لهما أثر مباشر في معظم التحولات الاقتصادية والتجارية لاحقاً وهما انتشار فيروس كورونا، والحرب الروسية الأوكرانية، إذ كانت مواجهة مفاعيل هذين العاملين اختباراً لفاعلية العمل المشترك بين شعوب الأرض. وقال: "إن التحدي والخطر الذي يعاني منه العالم واضح لنا كلنا، لما كان في مخاطر للكوفيد العالم تحرك لمجابهته.. ولما حصلت الحرب الروسية الأوكرانية العالم تحرك.. والإجراءات تمت بفاعلية وحسم.. إذا الإرادة متوفرة".
ويبدو السيسي متصالحاً مع حالة ندرة محدودية الإمكانيات، وصعوبة الظروف المرافقة، فذكر بأنه ما وعد المصريين بشيء.. سوى العمل والصبر.. إذ قال خلال كلمته: "في مصر ودولنا كان القادة يقدمون وعوداً كثيرة في الانتخابات دون تحقيق جزء كبير منها، وتابع: "انا لما جيت مقلتش كده خالص.. وقلت معنديش حاجة أوعد بها.. إلا العمل والصبر.. ولم أطلق مشروعا إلا عند افتتاحه.. مش عايزين نقول وعود ولا يتم تنفيذ منها إلا حاجات بسيطة جدا".
وخاطب الرئيس المصري القادة المشاركين في القمة متحدثاً عن أولوية مساعدة الدول الأخرى.. وأن هذا الأمر تفرضه الأخلاق العامة من جهة، والضرورات السياسية من جهة ثانية، قائلا: "الريادة مسؤولية لما تكون دول متقدمة وغنية وعندها التكنولوجيا والمعرفة بيبقى عليها مسؤولية تجاه الآخرين الذين لا يمتلكون هذا التكنولوجيات، وهذه مسؤولية أخلاقية وقد تكون سياسية".
وأشار السيسي إلى السبيل المتاح لخدمة القارة الإفريقية والمساهمة في تغيير ظروفها بأن تدفع كل دولة جزءاً من المبلغ الذي تم تخصيصه في قمة المناخ وهو ١٠٠ مليار دولار لتدخل بشركاتها وتنجز مشروعات لخدمة البنية الأساسية القارية بالنسبة المخصصة لها، مضيفاً: "البنية الأساسية القارية في إفريقيا ستحول وجه القارة حال الاستفادة منها".
أما حقوق الإنسان، فهي إحدى النقاط الرئيسة الفاعلة والمؤثرة في الوضع عموماً، فالظروف الإنسانية الملائمة ستدفع الناس للبحث عنها وبالتالي اختفاؤها في مكان سيمضي بالناس بالاتجاه المتوافرة فيه، فقد رأى السيسي أن الجميع يتكلم كثيراً عن حقوق الإنسان ويدعم هذه الحقوق قائلاً: "احنا بنتكلم كتير على حقوق الإنسان.. وأنا معاكم.. لكن أنا عايز أقول خلال العشر سنوات اللي فاتوا اللي تم رصده وغرق في الهجرة غير الشرعية من إفريقيا إلى أوروبا يقترب من 2700 إنسان كل سنة"، مضيفاً: "أكثر من 27 ألف إنسان غرقوا طوال هذه المدة.. وإذا لم يجد الناس في إفريقيا الأمل وفرصة للحياة هيتحركوا في اتجاه اللي عندهم الأمل والفرصة في أوروبا"، مؤكدا أن مصر لديها 9 ملايين ضيف من القادمين من الدول الأخرى.
ويرى محللون مصريون أن كلمات السيسي ليست تهديدا لأوروبا، لكنها تذكير بأهمية وجود سياقات وتعاون دولي من الدول المتقدمة للتنمية في أفريقيا، بالشكل الذي يمكن شعوبها من إنجاز تنمية تلبي حاجات شعوبها، وأن هذا ليس نوعا من المساعدة، لكنه حق لأفريقيا.
ولا تتوقف مصر عن طرح وجهات نظرها تجاه أهمية أن تكون هناك مواقف من الدول الكبرى لدعم الدول الأفريقية والتنمية بها باعتبار هذا يمثل جزءا من السلم والأمن الدوليين لأن أي اضطرابات أو اختلالات تعانى منها أفريقيا، تنعكس بالسلب على حياة البشر في القارة وتمثل عوامل طاردة، ودافعة للهجرة غير الشرعية، فضلا عما يسببه عدم الاستقرار من خطر يمكن أن يتسع.
