الوقت - طالب تحالف أمانات العمال في أحزاب معارضة مصرية، بإغلاق السفارة الإسرائيلية في القاهرة ووقف التطبيع وإلغاء اتفاقية الكويز.
وقال تحالف أمانات العمال في بيان، إن الكيان الصهيوني يعيش أزمة سياسية كبيرة نتيجة رفض قطاعات واسعة من الإسرائيليين لقرارات نتنياهو الخاصة بتعديلات في السلطة القضائية، وإن حكومة الاحتلال حاولت الالتفاف على ذلك من خلال احتلال المسجد الأقصى والعدوان على المصلين في شهر رمضان ثم اقتحام العديد من البلدات الفلسطينية واعتقال وقتل الفلسطينيين والعربدة في الأرض المحتلة ما أسفر عن استشهاد أكثر من 87 فلسطينيا منذ مطلع عام 2023.
وأضاف التحالف في بيانه: في الثاني من مايو/ أيار الجاري، تم الإعلان عن استشهاد خضر عدنان، القيادي في حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، في سجن إسرائيلي بعد إضراب عن الطعام استمر لمدة 86 يوما، وبعدها بدأت فصائل المقاومة في الرد على استشهاد خضر عدنان، ورد العدو الصهيوني بغارات للطائرات وتدمير المنازل والأراضي الزراعية والمواقع واغتيال قيادات المقاومة الفلسطينية حتى تجاوز عدد شهداء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة 31 شهيداً وإصابة 93 مواطناً منذ بداية العدوان. إضافة إلى مشاكل الكهرباء والمياه وتوفير السلع الغذائية.
وأعلن تحالف العمال عن تضامنه الكامل مع صمود الشعب الفلسطيني وحقه المشروع في المقاومة بكل أشكالها.
وطالب التحالف الحكومة المصرية، بضرورة التدخل الفوري لوقف العدوان على غزة ومدن الضفة الغربية وقصف المنازل وقتل النساء والأطفال.
وجدد التحالف مطالبته بطرد سفير الكيان الصهيوني وقطع العلاقات معه، ووقف التطبيع مع العدو الصهيوني بكل أشكاله ووقف التبادل التجاري معه ووقف اتفاقية الكويز التي تجعل المنتج الإسرائيلي جزءا من مدخلات صناعة الملابس المصرية إضافة إلى تسييل الغاز الإسرائيلي في المصانع المصرية.
ودعا التحالف الحكومة المصرية، إلى فتح معبر رفح لاستقبال الجرحى والمصابين القادمين من القطاع، وسماح الهلال الأحمر المصري باستقبال التبرعات بالدم والسلع الغذائية والأدوية والمستلزمات الطبية لأشقائنا في الأرض المحتلة، وإحياء لجان التضامن مع الشعب الفلسطيني كشكل لتنظيم حركة التضامن.
واتفاقية الكويز وقعتها مصر عام 2004، مع إسرائيل، وتقوم على أساس قيام مصر بتصدير المنتجات الخاصة بها والسلع المصرية بعد الاتفاق على تلك المنتجات إلى الولايات المتحدة الأمريكية، دون دفع المصانع والشركات لجمارك على أن تستورد مصانع مصر الموقعة على تلك الاتفاقية جزءا من الإنتاج والخامات الإسرائيلية.
يذكر أن التحالف يتشكل من أمانات العمال في أحزاب: الاشتراكي المصري، والتحالف الشعبي، والدستور، والشيوعي المصري، والعدل، والعربي الناصري، والعيش والحرية، والكرامة، والمصري الديمقراطي الاجتماعي، والوفاق القومي، ونقابة المعلمين المستقلة.
بدوره استهجن حزب المصريين الأحرار برئاسة عصام خليل، الاعتداءات السافرة و النكراء التي قام بها المحتل الإسرائيلي تجاه أبناء الشعب الفلسطيني بقطاع غزة، وأسفر عن عدد من الضحايا والمصابين.
وقال الحزب في بيان صحفي إن استمرار التصعيد الإسرائيلي والقيام بأعمال انتهاك واقتحام المدن الفلسطينية وإراقة دماء المدنيين من نساء وأطفال وغيرهم وصمة عار في جبين الإنسانية كلها، ووجب على المجتمع الدولي الرفض والتصدي لتلك الأعمال التي الغاشمة.
وأضاف حزب المصريين الأحرار، إن الجانب الإسرائيلي يضرب بكل القواعد والقوانين الدولية والأحكام والمواثيق عرض الحائط ويزيد حالة التوتر، وما يقوم به من اعتداءات يمثل تقويضاً لجهود الدولة المصرية في إنفاذ التهدئة تمهيدا لتحريك مسار عملية السلام.
ويدعو الحزب المجتمع الدولي وكل الجهات المعنية إلى الاضطلاع بدورها في التصدي والعمل الجاد جنبا إلى جنب مع الجانب المصري لوقف تلك الأعمال الغاشمة التي تطول الإنسانية وينتهك حقوق المواطنين الفلسطينيين.
تأتي هذه المواقف الشعبية بينما تطرح السلطات المصرية نفسها وسيطاً محايداً بين الفلسطينيين والإسرائيليين، عكس مواقفها منذ النكبة (1948) وحتى اتفاقية كامب ديفيد للسلام مع إسرائيل (1979)، حينما كانت مصر تعتبر القضية الفلسطينية قضية مركزية، وخط الدفاع الأول عن أمن مصر.
واستمر القطاع العريض من المصريين في التأكيد على دعم القضية الفلسطينية، واعتبار ذلك في المقام الأول دعماً للأمن القومي لمصر ومصالحها، غير أن هؤلاء لم يعودوا قادرين على التعبير عن مواقفهم تلك إلا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، من دون فاعلية حقيقية على الأرض.
حيث يقول أستاذ العلاقات الدولية في جامعة القاهرة، حسن نافعة، إن أولويات القضية الفلسطينية على الأجندة الرسمية المصرية تراجعت منذ توقيع مصر على اتفاقية كامب ديفيد، حيث راهنت على التسوية السلمية لاسترداد أراضيها المحتلة واستعادة حقوق الفلسطينيين، وهي الاستراتيجية التي ثبت فشلها، إذ لا تزال إسرائيل تماطل في منح الفلسطينيين حقوقهم في تأسيس دولة فلسطينية، عاصمتها القدس الشرقية.
ويشدّد نافعة، على أن الموقف الرسمي المصري على المستوى السياسي هو مع قيام الدولة الفلسطينية، ولكن هذا الدور تراجع على صعيد الصراع العربي - الإسرائيلي منذ زيارة أنور السادات للقدس المحتلة وتوقيع معاهدة السلام.
ويلفت أستاذ العلاقات الدولية، إلى أن هذا التراجع السياسي يتزامن كذلك مع تراجع عسكري، فمصر لا تزال مقيّدة بمعاهدة السلام، حيث لا تستطيع أن ترسل قوات إلى سيناء إلا بموافقة إسرائيل ووفق قيود على حركة هذه القوات.
أما على الصعيد الشعبي والكلامي، فيؤكد نافعة أن الرأي العام المصري لا يزال يساند القضية الفلسطينية ويدعم كفاح الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه، بل يعتبر أن هناك مسؤولية تاريخية لمصر تجاه القضية الفلسطينية باعتبارها مسألة أمن قومي.
لكنه يرى أيضاً أن هذا الدعم لا يترجم على أرض الواقع، باستثناء شبكات التواصل الاجتماعي، من إدانة إسرائيل ورفض إجرامها ووصمها بالكيان العنصري الإجرامي، فضلاً عن دعم المقاومة الفلسطينية، وهو دعم مقيّد كذلك بالموقف الرسمي المتحفظ تجاه الدعم المؤثر للشعب الفلسطيني.
وينفي نافعة تأثر الشعب المصري بخطاب التنصل من القضية الفلسطينية وتحميلها مسؤولية مشاكل مصر، وخصوصاً الاقتصادية، بالقول إنه لا يوجد خطاب رسمي يتنصل من القضية، بل هناك التزام مستمر ولو سياسياً علي الأقل بحقوق الشعب الفلسطيني، مشيراً إلى أنه حتى لو كانت هناك محاولة لتحميل القضية الفلسطينية مسؤولية مشكلات مصر، فإن هذا الخطاب يبدو غير مؤثر في الرأي العام الشعبي في مصر، الذي لا يزال مسانداً بقوة لحقوق الشعب الفلسطيني، بل يطالب بالتصدي بقوة لـ"العربدة الصهيونية" انسجاماً مع الدور القومي لمصر وباعتبار الدفاع عن الحقوق الفلسطينية الثابتة من معالم الأمن القومي المصري.
من جهته، يرى مساعد وزير الخارجية المصري السابق، والسفير السابق رخا أحمد حسن، أن الأغلبية الساحقة من الشعب المصري لا تزال تتبنى موقفاً تقليدياً من القضية الفلسطينية، باعتبارها من أهم معالم الأمن القومي المصري.
ويلفت حسن، إلى أن المصريين يُدركون أن إسرائيل تمثل الخطر الأكبر على بلدهم، فهذه القضية كانت تمثل أولوية من أولويات الأمن القومي المصري وهي لا تزال كذلك وستظل من أولوياته.
ويعتبر حسن أن من يتحدث عن تراجع الدعم الشعبي المصري للقضية الفلسطينية، عليه أن يراجع ويرصد ردود الفعل الشعبية المصرية تجاه العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة.
وينفي حسن وجود خطاب رسمي يتنصل من القضية الفلسطينية أو الرغبة في تحميلها المسؤولية عن أزمات المنطقة، بل العكس هو الصحيح، مؤكداً وجود دعم رسمي لحقوق الشعب الفلسطيني في نيل حقوقه المشروعة وإقامة دولته، مع التأكيد على أن التوجه الرسمي والشعبي يسير في إطار اعتبار إسرائيل ذراعاً مهمة للمشروع الغربي والأميركي، الراغب في الإضرار بالمنطقة وتفكيك دولها، وهو توجه رسمي لم يتغير طوال الـ75 عاماً الماضية.