الوقت - في أوائل ديسمبر 2021، رشَّح الرئيس الأمريكي جو بايدن ألينا رومانوفسكي إلى مجلس الشيوخ، لتصبح السفيرة الأمريكية في العراق. في التقرير التالي، سنناقش لعبة الشطرنج الإيرانية الأمريكية حول العراق، ونتعرف علی رومانوفسكي.
لعبة الشطرنج الإيرانية الأمريكية علی طاولة العراق
يشبه العديد من المراقبين السياسيين السياسة بمنافسة الشطرنج. فإذا كان هذا التشبيه صحيحًا، فإن إدارة بايدن تتطلع بالتأكيد للفوز بالسباق ضد إيران على طاولة الشطرنج العراقية وما بعدها.
على الرغم من أن بايدن رشَّح رومانوفسكي سفيرةً لدى العراق منذ عدة أشهر، ولکن بعد نحو عشرة أيام من تعيين سفير إيران الجديد في بغداد، يبدو أن الأمريكيين كثفوا جهودهم لإرسال سفيرتهم الجديدة إلى العراق.
بالطبع، لم ينشر موقع السفارة الأمريكية في العراق على الإنترنت حتى الآن نبأ تعيين رومانوفسكي، لكن تحركات إدارة بايدن تشير إلى أن واشنطن قد تكون لديها خطط جديدة لمحور المقاومة.
بالتزامن مع رومانوفسكي، حضر "ستيفن فاجن" جلسة استماع لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ للدفاع عن نفسه كسفير جديد لإدارة بايدن في اليمن؛ وقد ركزت الجلسة على قرار إدارة بايدن شطب جماعة أنصار الله اليمنية من قائمة وزارة الخارجية للجماعات الإرهابية.
ما يجعل تعيين فاجن أكثر أهميةً، هو خلفيته كقنصل عام في القنصلية الأمريكية في أربيل بالعراق. وكان فيجن أيضًا المدير السابق لمكتب الشؤون الإيرانية في "مكتب شؤون الشرق الأدنى" بوزارة الخارجية الأمريكية؛ مكتبٌ لعب دورًا رئيسيًا في التشبيك والسعي للإطاحة بإيران.
يبقى أن نرى ما هي المهمة التي أوکلت إلی فاجن في اليمن بأمر من بايدن، وهو الذي أرسله الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى القنصلية الأمريكية في أربيل.
من هي ألينا رومانوفسكي؟ من وكالة المخابرات المركزية إلى الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية
ولدت ألينا ال. رومانوفسكي في 16 سبتمبر 1955 في عائلة مهاجرة في إلينوي. كان والدها من بولندا وأمها من كندا، وكلاهما هاجر إلى الولايات المتحدة في العقد الثالث من حياتهما.
حصلت رومانوفسكي على درجتي البكالوريوس والماجستير في العلاقات الدولية من جامعة شيكاغو، ولكن لديها أيضًا فترة دراسة في جامعة تل أبيب في الکيان الإسرائيلي.
إضافة إلى اللغتين الإنجليزية والفرنسية، تتحدث رومانوفسكي العربية والعبرية أيضًا. ازدهر اهتمام رومانوفسكي بالسياسة في وقت قريب جدًا، على الأقل منذ دراستها في جامعة شيكاغو، عندما ذهبت وكالة المخابرات المركزية إلى جامعة شيكاغو للتجنيد، وتمكنت رومانوفسكي من لفت نظرهم في مقابلات مع عملاء وكالة المخابرات المركزية.
بدأت رومانوفسكي العمل لدى الحكومة الأمريكية من هناك، وأمضت 10 سنوات كمحللة استخباراتية لوكالة المخابرات المركزية في الشرق الأوسط وجنوب آسيا.
تركت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية للعمل في وزارة الدفاع، وتقلدت مناصب عليا في الشرق الأوسط وجنوب آسيا بين عامي 1990 و 2003. وهناك تم تعيينها مديرةً لمكتب الشرق الأدنى وجنوب آسيا، ومسؤولةً عن الشؤون الإسرائيلية.
قامت رومانوفسكي، وهي عضوة محترفة في الخدمة التنفيذية العليا، بتأسيس وتولى إدارة مركز الدراسات الاستراتيجية في الشرق الأدنى وجنوب آسيا في جامعة الدفاع الوطني(التابعة لوزارة الدفاع). كما شغلت منصب نائب مساعد وزير الدفاع للشرق الأدنى وجنوب آسيا.
كانت الوجهة التالية لرومانوفسكي، في عام 2003، وزارة الخارجية الأمريكية. ولدى وصولها، أسست "مكتب مبادرة الشراكة الشرق أوسطية" في الوزارة، وأصبحت مديرها الأول. ثم شغلت منصب نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون التعليم والثقافة، ونائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى.
كانت إحدى نقاط التحول في مسيرة رومانوفسكي المهنية، هي انضمامه إلى الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية(USAID)؛ منظمةٌ تعدّ من أقوى أذرع القوة الناعمة والنفوذ الدولي لواشنطن بهدف التدخل السياسي والإطاحة بالدول المختلفة.
وبين عامي 2011 و 2015، كانت نائب مساعد مدير مكتب الشرق الأوسط في المنظمة. عملت رومانوفسكي أيضًا كمساعد مؤقت لمدير الوكالة لبعض الوقت، حيث أدارت مكتب الشرق الأوسط للمنظمة في واشنطن مع 50 موظفًا وسبعة وفود ومكتبين في الشرق الأوسط.
من مارس 2015 إلى نوفمبر 2016، شغلت منصب منسق المساعدات الأمريكية لأوروبا وأوراسيا، في مكتب وزارة الخارجية للشؤون الأوروبية والأوراسية. وبالتعاون مع "مكتب جنوب ووسط آسيا" و"مكتب مدير المساعدة الخارجية"، أشرفت على جميع المساعدات الفيدرالية الأمريكية إلى 30 دولة في المنطقتين، بما في ذلك آسيا الوسطى.
کذلك، شغلت رومانوفسكي منصب نائب وزير الخارجية لمكافحة الإرهاب من نوفمبر 2016 إلى ديسمبر 2017، وظلت في هذا المنصب حتى عام 2020.
ومن خلال دورها كمنسق أول لمكافحة الإرهاب، أشرفت على تنسيق وتعزيز الجهود الدولية لوزارة الخارجية وحكومة الولايات المتحدة، لتعزيز أهداف سياسات مكافحة الإرهاب وتطوير وتنفيذ برامج لمكافحة التطرف العنيف.
تتمتع رومانوفسكي بأكثر من 40 عامًا من الخبرة المهنية في حكومة الولايات المتحدة، وحصلت على العديد من الجوائز خلال هذه الفترة، مثل "الرتبة الرئاسية المتميزة"(أعلى جائزة سنوية يمنحها الرئيس لأعضاء الخدمة العليا في السلطة التنفيذية)، "جائزتين رئاسيتين تقديريتين"(الجائزة الثانية في قائمة الجوائز السنوية التي يمنحها الرئيس لأعضاء الخدمة العليا للسلطة التنفيذية)، "جائزة وزارة الخارجية المتميزة"، "جائزتي وزارة الدفاع للخدمة المدنية المتميزة"، و"جائزة الأداء الاستثنائي لوكالة المخابرات المركزية."
تُعتبر رومانوفسكي حاليًا إحدی كبار خبراء حكومة الولايات المتحدة في شؤون الشرق الأوسط، وعضوة في مركز أبحاث "المجلس الأمريكي للعلاقات الخارجية".
من السفارة الأمريكية في الكويت والمواجهة مع إيران إلى السفارة الأمريكية في العراق
تم تكليف أول مهمة خارجية لرومانوفسكي كسفيرة للولايات المتحدة من قبل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب. حيث رشَّحها ترامب لمجلس الشيوخ كسفيرة للولايات المتحدة في الكويت في 25 يوليو 2019.
في 31 أكتوبر 2019، مثلت رومانوفسكي أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي للدفاع عن ترشيحها، وقالت ما يلي بشأن محاربة إيران:
"كانت الشراكة العسكرية والدبلوماسية الأمريكية مع الكويت حيويةً في زيادة الضغط على إيران وكبح أنشطتها في جميع أنحاء المنطقة(الشرق الأوسط). لقد غذت إيران، من خلال قواتها التي تعمل بالوكالة، العنف ضد حلفاء الولايات المتحدة ومصالحها في جميع أنحاء الشرق الأوسط وخارجه. إن هجمات 14 سبتمبر(التي شنتها أنصار الله على منشآت أرامكو النفطية) ضد البنية التحتية النفطية الرئيسية في السعودية، هي علامة على تصعيد خطير في سلوك إيران. هجمات إيران على الناقلات الدولية في الخليج(الفارسي)، تهدد حرية الملاحة في أحد الممرات المائية الأكثر حيويةً في العالم. کما تحاول إيران زعزعة استقرار المنطقة بأكملها من خلال دعم الحوثيين(أنصار الله) في اليمن، ونظام بشار الأسد في سوريا وحزب الله في لبنان. ويجب أن نعمل مع الشركاء الرئيسيين، مثل الكويت، لمواجهة هذا التهديد".
وأكدت رومانوفسكي في جزء آخر من دفاعها: "لقد أثبتت الكويت، إلی جانب الولايات المتحدة، قيادتها المستمرة بالدعوة إلى الوحدة بين أعضاء مجلس التعاون وتنحية الخلافات بين الأعضاء التي تصب في مصلحة النظام الإيراني فقط ... ويجب أن نواصل العمل معاً لمواجهة التهديدات الحقيقية التي تواجه المنطقة من النظام الايراني والجماعات الارهابية".
أعلنت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، في 20 نوفمبر 2019، عن رأيها الإيجابي بشأن رومانوفسكي أمام المجلس، وبعد نحو شهر، أكد مجلس الشيوخ الأمريكي ترشيح رومانوفسكي من خلال ما يسمى "التصويت بالإجماع".
أدت السفيرة الأمريكية الجديدة اليمين في 6 يناير 2020، وقدمت أوراق اعتمادها إلى أمير الكويت في 11 فبراير 2020، وبدأت العمل في السفارة الأمريكية نيابةً عن إدارة ترامب.
بعد وصولها إلى السلطة، احتفظت إدارة بايدن برومانوفسكي في السفارة الأمريكية في الكويت، لكنها تستعد الآن لإرسالها إلى العراق.
وفي 3 مارس 2022، راجعت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ أوراق اعتماد رومانوفسكي. وبعد عشرين يومًا، أبلغت اللجنة مجلس الشيوخ برأيها الإيجابي بشأن رومانوفسكي، وفي اليوم التالي وافق مجلس الشيوخ بالإجماع على ترشيح رومانوفسكي.
كما ذكرنا سابقًا، لم يرد أي نبأ حتى الآن حول ما إذا كانت رومانوفسكي ستؤدي اليمين أو ستُرسل إلى بغداد لتقديم أوراق اعتمادها وبدء العمل، لكن بعض المصادر الإخبارية التحليلية توقعت مسبقاً بأن يكون أمام السفيرة الأمريكية الجديدة في بغداد مهمة معقدة تنتظرها في العراق.
