الوقت- بعد اثني عشر يومًا من قبول وقف إطلاق النار وانتهاء الصراع في قطاع غزة، لا يزال الوضع لم يعد إلى ما كان عليه قبل الحرب، ووسط مطالب الجانبين من عملية وقف إطلاق النار، وصل رئيس المخابرات المصرية عباس كامل إلی قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة منذ يوم الاثنين الماضي في زيارة بالغة الأهمية.
وتأتي هذه الزيارة في وقت كانت فيه مصر وجهة زيارات دبلوماسية للدول الغربية ومسؤولي الکيان الصهيوني في الأيام الأخيرة.
وفي هذا الصدد، وصل وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكين، في 25 يونيو، إلى القاهرة وعلى أجندته مناقشة التطورات الفلسطينية مع الحكومة المصرية. من ناحية أخرى، ولأول مرة منذ عام 2008، زار وزير خارجية الکيان الإسرائيلي مصر منذ يوم أمس. وفي ظل هذه الظروف، يبدو أن بلينكن يحمل وجهات نظر الغرب والصهيونية للمقاومة.
وبالتالي، من منظور عام لأهداف هذه الزيارة، يمكن القول إن مصر تريد تحويل اتفاق وقف إطلاق النار الهش إلى وقف إطلاق نار طويل الأمد، وكذلك تمهيد الطريق لإعادة إعمار غزة.
وقف إطلاق النار الهش والخلاف على شروط الاتفاق
في الأيام الأخيرة، أدت بعض الإجراءات التي قام بها الكيان الصهيوني إلى وضع وقف إطلاق النار في حالة هشة عمليًا؛ إجراءاتٌ مثل قمع الاحتجاجات الشعبية في الضفة الغربية وجعل إيصال المساعدات الإنسانية لإعادة بناء الدمار الذي خلفته الحرب الأخيرة مرهونًا بإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين لدی حماس.
إلتقى عباس كامل بنيامين نتنياهو في بداية زيارته لغزة. ووفقًا لبيان صادر عن مكتبه، دعا نتنياهو رئيس المخابرات المصرية إلى إطلاق سراح "الجنود والمدنيين الذين تحتجزهم حماس في غزة في أسرع وقت ممكن".
يشار إلی أن حماس قد أسرت جنديين صهيونيين قبل وأثناء حرب 2014، وزُعم أيضًا أن مستوطنين آخرين محتجزان لدی فصائل المقاومة.
من ناحية أخرى، قال خليل الحية عضو المكتب السياسي لحماس بعد لقائه عباس كامل: "ليس سراً أنه تم إحراز تقدم في موضوع تبادل الأسرى قبل الحرب الأخيرة، لكن لا يبدو أن الکيان الصهيوني مستعد للتوصل إلى اتفاق جديد".
بدورها هددت فصائل المقاومة بإبقاء أصابعها على الزناد إذا لم يتم الوفاء بشروط وقف إطلاق النار. من ناحية أخرى، تصر حماس على أنه لا هدوء دون رفع الحصار.
والموضوع المهم الآخر في جدول أعمال محادثات عباس كامل مع الطرفين الصهيوني والفلسطيني، هو مسألة كيفية دفع عملية إعادة الإعمار.
وتظهر الأرقام الرسمية أن الحرب الأخيرة قد دمرت 1800 وحدة سكنية، منها أبراج متعددة الطوابق ومدارس وأراضٍ زراعية ومصانع ومستودعات وطرق وما إلى ذلك. في غضون ذلك، تعيش غزة حالةً اقتصاديةً غير مواتية تحت الحصار، وهي في حاجة ماسة إلى المساعدات الخارجية.
التحدي الرئيسي في هذا الصدد هو معارضة الصهاينة والغربيين والسلطة الفلسطينية لتقديم المساعدات إلی حماس مباشرةً. حيث تخشى هذه الأطراف الثلاثة صعود نجم نهج المقاومة أمام التسوية باعتباره واحدة من نتائج الحرب، ومن ثم نجاح حماس في إعادة البناء.
تعتقد السلطة الفلسطينية والکيان الصهيوني أن أي صفقة مع حماس تثبت نجاح استراتيجية حماس العسكرية؛ وهكذا فإن شعبية فتح وتعاونها الأمني والاقتصادي مع الصهاينة يصبحان موضع التساؤل من قبل الرأي العام الفلسطيني.
وساطة القاهرة في الخلاف الداخلي الفلسطيني؛ القاهرة تبحث عن استعادة دورها
كانت الدبلوماسية المصرية أكثر ديناميكيةً من أي جانب إقليمي آخر منذ تصاعد التوترات بين الکيان الصهيوني وغزة، وأدت إلى تشكيل محادثات وقف إطلاق نار غير مباشرة بين حماس وتل أبيب.
تسعى مصر إلى أخذ زمام المبادرة في التطورات في فلسطين، التي عادت مرةً أخرى إلى صدارة تطورات العالم العربي والإسلامي، وتحاول العديد من الجهات الأجنبية، مثل تركيا(خصم مصر)، لعب دور فيها.
لکن من ناحية أخرى، لا ينبغي التغاضي عن أن دور مصر البناء هو جزئيًا نتاج التطورات طويلة المدى التي حدثت في حماس.
فعلى مدى السنوات القليلة الماضية، سعت هذه الحركة، بقيادة يحيى السنوار، إلى النأي بنفسها عن جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وتقديم نفسها كشريك يمكنه معالجة مخاوف مصر الأمنية في شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة.
وإضافة إلى تسهيل المفاوضات، لعبت مصر أيضًا دورًا فعالاً في إدارة النزاع الداخلي الفلسطيني بين السلطة الفلسطينية وحماس على مدى العامين الماضيين.
کما سعت القاهرة إلى تهدئة مخاوف السلطة الفلسطينية بشأن التهميش، من خلال دفع محادثات المصالحة الفلسطينية إلى الأمام وسط محادثات وقف إطلاق النار.
وفي هذا الصدد، قال رئيس حركة حماس في غزة يحيى السنوار، الاثنين الماضي، إنه في الأيام المقبلة سنشهد محادثات جادة في القاهرة لتوحيد الموقف الفلسطيني.
