الوقت - سافر أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، إلى العراق في 10 أبريل 2021، خلال زيارة لهذا البلد تستغرق يومين.
والتقى أبو الغيط خلال زيارته للعراق في بغداد بالرئيس برهم صالح ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، ووزير الخارجية فؤاد معصوم.
كما التقى الأمين العام لجامعة الدول العربية، في الجزء الثاني من زيارته، خلال رحلته إلى أربيل، بمسؤولين سياسيين من إقليم كردستان العراق، بمن فيهم مسعود بارزاني زعيم الحزب الديمقراطي، ومسرور بارزاني رئيس وزراء إقليم كردستان.
وتأتي زيارة الأمين العام لجامعة الدول العربية إلى العراق، في وقت تتزايد فيه الاجتماعات الدبلوماسية بين بغداد والدول العربية الأخرى في الأشهر الأخيرة.
كذلك، في ظل الوضع الراهن، وخاصةً بعد الجولة الثالثة من المحادثات الاستراتيجية بين بغداد وواشنطن، أثير موضوع انسحاب القوات الأمريكية من العراق أكثر من أي وقت مضى.
وفي مثل هذه الظروف، فإن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو، ما هي أهداف أحمد أبو الغيط من زيارته للعراق ولقاء المسؤولين السياسيين في بغداد وأربيل؟ للإجابة على هذا السؤال، يمكن تقديم هدفين أو دافعين رئيسيين.
محاولة تقريب العراق من الجبهة العربية
لا شك أن الهدف الأساسي والأولي لأحمد أبو الغيط، بصفته أميناً عاماً لجامعة الدول العربية إلی العراق، هو تعزيز عملية تقريب هذا البلد من الجبهة العربية تحت تأثير السعودية والإمارات.
على مدى العقود الماضية، كان للعراق دائمًا مكانة خاصة بين العرب، كأحد مؤسسي جامعة الدول العربية وكدولة قوية بين الدول العربية. وكان هذا الاتجاه أكثر وضوحًا من أي وقت مضى خلال 35 عامًا من حكم حزب البعث، وأثناء رئاسة صدام علی وجه التحديد.
ولكن تعطل هذا الاتجاه بسبب الاحتلال الذي قادته الولايات المتحدة لهذا البلد عام 2003، وإلى حد ما يمكن أن نتحدث عن حالة الفتور في العلاقات بين بغداد وجامعة الدول العربية.
ومع ذلك، في السنوات التي تلت عام 2003، كان أحد أخطر الجهود التي بذلتها الدول العربية بقيادة السعودية هو إعادة العراق إلى جامعة الدول العربية.
وقد اتسع هذا الاتجاه بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وخاصةً بعد تعيين مصطفى الكاظمي رئيساً للوزراء في 7 أيار 2020، ونشهد لقاءات دبلوماسية بين دبلوماسيين عراقيين وسياسيين من دول عربية على مختلف المستويات.
في غضون ذلك، من الضروري الانتباه إلى أن زيارة الأمين العام لجامعة الدول العربية تأتي بعد زيارة قام بها الأمين العام لمجلس التعاون "نايف فلاح الحجرف" إلى العراق، في الأول من شباط/ فبراير 2021 أي منذ حوالي شهرين، وحتى نوقشت خلال هذه الزيارة خطة ربط شبكة الكهرباء في العراق بمجلس التعاون.
وفي ظل الاوضاع الراهنة، يمكن تحليل زيارة أحمد أبو الغيط في سياق استمرار جهود القادة العرب لتقريب العراق من الدول العربية.
وفي هذا الصدد، نرى أن الأمين العام لجامعة الدول العربية، خلال لقاءاته مع المسؤولين السياسيين العراقيين، تحدث مراراً عن ترحيب الجامعة بلعب الدور والاقتراب من بغداد.
کما أثنی أبو الغيط، خلال لقائه بمصطفى الكاظمي، علی جهوده الدبلوماسية المتمثلة في زيارات إلى الدول العربية ووصفها بـ "الأعمال الشجاعة"، مشيداً بسياسة بغداد في التوازن والأذرع المفتوحة تجاه الدول العربية.
محاولات لإحداث انقسامات داخل العراق لمواجهة النفوذ الإيراني
تماشياً مع الجهود المبذولة لتقريب العراق من جامعة الدول العربية، كان أحد أهداف الجامعة العربية والقوى العربية، بما في ذلك السعودية والإمارات، هو مواجهة النفوذ الإيراني في بغداد وأربيل.
إن احتواء نفوذ إيران في العواصم العربية، هو مصطلح تم التأکيد عليه مرارًا وتكرارًا في السنوات الأخيرة من قبل ممثلي الدول العربية في القاهرة، مقر جامعة الدول العربية.
وشهدنا خلال السنوات الماضية أن القادة العرب، وخاصة دولتي السعودية والإمارات، استخدموا كل السبل لإحداث الانقسامات والخلافات وبناء التحالفات بين التيارات السياسية العراقية من أجل إبعادها عن طهران.
الحقيقة هي أن العراق، من وجهة نظر جامعة الدول العربية، أقرب إلى محور المقاومة وإيران في الوضع الراهن منه إلى العرب. وينظرون إلى العلاقة الواسعة الحالية بين إيران والعراق على أنها تهديد خطير، سيزيد من نفوذ إيران الإقليمي.
كما اتخذ العراق مواقف مختلفة تجاه الدول العربية في السياسات الإقليمية، مثل النظرة إلى الأزمة في سوريا، والحرب في اليمن، والدخول في تطبيع العلاقات مع الکيان الصهيوني، وكذلك التفاعل مع أوروبا والولايات المتحدة.
ومن هذا المنطلق، اتبعت الدول العربية في السنوات الأخيرة سياسة دعم تنظيم داعش الإرهابي والتحريض على الاحتجاجات الشعبية ودفعها لزعزعة استقرار العراق، من أجل الاستغلال السياسي.
کما جعلت السعودية والإمارات على وجه الخصوص، استراتيجية تقسيم التيارات السياسية العراقية کأول استراتيجية لهما في السنوات الأخيرة.
وفي الوضع الراهن، يبدو أن أحمد أبو الغيط يحاول توجيه قرب العراق من الجامعة العربية في اتجاه معارضة طهران.
