الوقت- إنتقد الدكتور أمين محمد حطيط الخبير الإستراتيجي في الشؤون الأمنية والقضايا العسكرية واستاذ الجامعة اللبنانية، الفشل السعودي الذريع في إدارة شؤون الحج في العام الحالي والأعوام الماضية، مما اودی هذا الفشل بازهاق أرواح الآلاف من المسلمين.
وفي حديث خاص مع موقع الوقت الإخباري التحليلي، طالب حطيط الشعوب العربية والإسلامية باخذ زمام المبادرة من يد النظام السعودي بعد حادث منی المأساوي، لإدارة شؤون الحج بشكل جماعي، متسائلا من الذي فوّض النظام السعودي أن يدير شؤون الحج والديار المقدسة، نيابة عن جميع الأمة الإسلامية؟
كما طالب استاذ الجامعة اللبنانية، بأن تشترك جميع الدول الإسلامية في إدارة شؤون جميع القضایا الإسلامية الاخری في مكة المكرمة والمدينة المنورة من خلال تشكيل هيئة إسلامية عامة، من قبل جميع هذه الدول.
وفيما يلي نقدّم لکم الحوار الذي اجراه مراسل موقع الوقت مع الدكتور أمين محمد حطيط، بشكل كامل:
الوقت: كيف تفسرون الكارثة التي حلّت بحجاج بيت الله الحرام في منی؟
حطيط: من يتابع ما جری في منی يستطيع أن يصل الی النتائج لتالیة:
اولاً: في العرف القانوني هناك مسؤولية قانونية تقع علی عاتق الجهة المنظمة لمناسك الحج وهذه الجهة هي السعودية، والتي تعتبر أنها قصرت واخطأت في وضع النظام المناسب والملائم لحركة الحجاج في منی، خاصة أنها تعرف أن هذه الحركة ستكون كثيفة وأن هنالك إحتمالاً لوقوع مثل هذه الكارثة، فكان من المفترض أن تتخذ السعودية الإجراءات اللازمة لتفادي وقوع ما جرى من أحداث أليمة.
ثانياً: أن المملكة العربية السعودية يبدو أنها استخفت بالسلامة العامة بالنسبة الی الحجاج خاصة أنه كما تناقلت الاخبار أن سبب وقوع هذه الفاجعة يعود الی إغلاق بعض الطرق من أجل مرور بعض المسؤولين، من دون أن تتخذ الإجراءات الوقائية لتفادي ردة الفعل ولهذا فان السعودية مسؤولة تجاه ما حدث بسبب تهاونها مع شأن بهذه الخطورة.
ثالثاً: ينبغي أن نتوقف عند الاحداث التي جرت ما بعد وقوع الكارثة، فانه كان ينبغي علی السعودية أن تحضّر الطواقم الطبية لمعالجة الحادث فور وقوعه، لكن كان القصور واضحاً، حيث لم تتخذ الكوادر الطبية الإجراءات اللازمة إلاّ بعد حوالي ثلاث ساعات من وقوع الكارثة وهذا ما تسبب في إرتفاع عدد الضحايا.
کما أن وجود عدد كبير من المفقودين حتی الآن بعد ثلاثة ايام من الحادثة يشكل بحد ذاته فضيحة غير مسبوقة في التاريخ، والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو، اين تبخّر هؤلاء المفقودون من الناس في مكان لا تتجاوز مساحته، ربع كيلومتر مربع؟ هل أن الأرض انشقت وبلعتهم، أو هل أنهم تبخّروا في السماء، وهذا ايضا حدث بسبب التقصير السعودي. لذا فان الحادثة في مسبباتها وفي وقوعها ثم في التعامل مع نتائجها، كلها تشير الی التقصير السعودي وعدم كفاءتها في إدارة أحد أهم شؤون المسلمين المقدسة.
الوقت: ما هو تحليلك لفكرة إدارة شؤون الحج من قبل جمیع الدول الإسلامية او من قبل منظمة التعاون الإسلامي؟
حطيط: اولاً هنالك إغتصاب لمراسم الحج من قبل بني سعود واعتقد انه ينبغي أن يتم وضع حدٍ لهذا الإغتصاب. وهنا يجب أن نسأل من الذي اعطی الحق لبني سعود أن يسمحوا لهذا المسلم أن يذهب الی الحج ويمنعوا مسلماً آخر من الذهاب الی هذه الشعيرة المقدسة؟، الیوم هناك دولتان وهما الیمن وسوريا تمنعان من الذهاب الی الحج من قبل السعودية، فهل ان الله سبحانه وتعالی اختار بني سعود ليمثلوه علی الأرض لإدارة بيته وضيوفه وزواره، هذا أمر مرفوض. إن شأن الحجيج الذي فضح الیوم التقصير السعودي يوجب علينا أن نتجه الی انتاج او ايجاد ما نسميه الإدارة الإسلامية العامة، لإدارة الشؤون الإسلامية في مكة والمدينة. وهذه الإدارة العامة يمكن أن تتبلور في اكثر من صيغة، لا يجب أن تكون السعودية هي المسؤولة الحصرية علی هذا الموضوع، بل يجب أن تكون هي أحد العناصر في منظومة إسلامية عامة. اضافة الی ذلك فان السعودية تقوم بقرارات منفردة ومن جانب واحد وذلك من خلال تعديل جغرافية الأماكن المقدسة وتعديل حركة السكان وتعديل الآثار الإسلامية وكأنها هي صاحبة الولاية والوصاية علی شؤون المسلمين وهذا أمر مرفوض. علی سبيل المثال، الذي يذهب الی مكة الآن، يجد أن برج عبدالعزيز وقصور الملوك هي أعلی وأكثر بروزا من الكعبة المشرفة! ثم أين الآثار الإسلامية الأساسية التي كانت في مكة من بيت النبي (ص) الی بيت علی (ع) الی شعاب مكة، كل ذلك أصبح مطموسا بما يسمی النهضة العمرانية في مكة، وهذا كله إلغاء للتاريخ الإسلامي وبالتالي فالسعودية تتصرف بالإسلام وبالتاريخ والآثار الإسلامية، كـما لو أنها صاحبة القرار في الشأن الإسلامي، في حال أن السعودية والوهابيين لا يشكلون واحد بالالف من المسلمين، فكيف يتصرفون بشؤون المسلمين جميعاً؟
الوقت: باعتقادكم ما هو الحل لوقف التصرفات الفردية من قبل السعودية في مناسك الحج، وإنهاء معاناة الحجیج؟
حطيط: نحن نعتقد أن الحل لهذه المعضلة يجب أن يكون حلاً إسلامياً جامعاً وهذا لايكون إلاّ عبر ما يلي:
اولا: إنشاء هيئة إسلامية جامعة لإدارة شؤون الحرمين الشريفين؛
ثانيا: اشراك الدول الإسلامية كل وفقا لقدراتها وعدد سكانها في دفع نفقات هذه الهيئة؛
ثالثا: إنشاء قوة عسكرية أمنية إسلامية مشتركة لإدارة الحركة في الحرمين الشريفين؛
رابعا: جعل زيارة مكة والمدينة حق لكل مسلم ليس بحاجة الی تأشيرة دخول وهذا أمر رباني وإلهي وليس لبني سعود شأن فيه.
الوقت: ما هي كلمتك الأخيرة؟
حطيط:
بعد مأساة منی، بات من الواجب علی المسلمين أن يقرروا، هل يريدون إنهاء إغتصاب
الأماكن المقدسة من قبل آل سعود، أم سيسمحون باستمرار ذلك. ثم أن الله سبحانه
وتعالی فدی الإنسان في مناسك الحج بالكبش بدل الإنسان، لكن الآن في السعودية فان
القصة تأتي بشكل معكوس، ففي يوم العيد تم التضحية بالبشر، وهذا خلافٌ للإسلام وهذه
التضحية بالبشر ما كانت لتقع لو لم يكن هنالك قصور فظيع من قبل المملكة العربية
السعودية، التي لا تملك الكفاءة كما يبدو اولا، ثم أنها رغم عجزها فانها تشغل
نفسها بالحرب علی المسلمين في الیمن وفي العراق وفي سوريا، وتنفق مليارات
الدولارات هنا وهناك وتترك شأن السلامة العامة الإسلامية، لتقع المأساة التي
شهدناها في منی.
