الوقت- يعيش الكيان الإسرائيلي ظروفاً سياسية غير مستقرة، مع فشل الأحزاب البرلمانية على نطاق واسع في تشكيل حكومة وانتخاب رئيس للوزراء، بعد جولتين من الانتخابات.
رئيس الكيان "روفين ريفلين" طلب الشهر الماضي وبعد فشل نتنياهو في الحصول على النصاب البرلماني، من "بيني غانتس" منافس نتنياهو ورئيس حزب "أزرق أبيض" تشكيل الحكومة، والذي فشل هو الثاني حتى الآن في القيام بذلك.
في هذه الأثناء، يتم الحديث أيضاً عن بعض الخيارات مثل إجراء انتخابات لاختيار رئيس الوزراء من قبل الشعب مباشرةً، واحتمال إجراء انتخابات ثالثة، وبالطبع، لا الأحزاب الرئيسة ولا حتى الرأي العام يرغبان بهذه الخيارات.
في ظل هذه الظروف، تظهر استطلاعات الرأي بأن الرغبة في تولي غانتس لمنصب رئيس الوزراء أكثر من نتنياهو.
ووفقاً لاستطلاع أجراه "مؤشر السلام" للقناة 12 للكيان الإسرائيلي ونشر يوم السبت، صرّح 54٪ من المشاركين البالغ عددهم 600 شخص، أنهم يريدون أن ينجح غانتس في الأيام العشرة المتبقية من المهلة القانونية، كما أن 30.2٪ من المشاركين رفضوا تشكيل مجلس الوزراء من قبله، و15٪ أعلنوا الحياد.
مع زيادة فرص غانتس لدى الرأي العام، والإعلان عن أنباء حول محادثات ليبرمان زعيم "إسرائيل بيتنا" مع غانتس للتوصل إلى اتفاق، فإن مشكلات نتنياهو ستزداد للحفاظ على الأحزاب الصغيرة المتحالفة معه، بحيث إن بعض هذه الأحزاب التي وجدت الظروف مواتيةً، بدأت بزيادة مطالبها.
وفي هذا الصدد، اضطر نتنياهو خلال الأيام القليلة الماضية، ولمنع انفصال زعيم حزب البيت اليهودي "نفتالي بينيت" عن ائتلاف الليكود، إلى تكليفه بوزارة الحرب.
كان بينيت مسؤولاً عن وزارة التعليم منذ عام 2015، ولكن هناك بعض الأخبار في الآونة الأخيرة تتحدث عن مفاوضات بينيت الأولية للانضمام إلى حكومة الأقلية برئاسة غانتس زعيم "كاهل لافان" (حزب أزرق أبيض).
إجراء نتنياهو هذا في تعيين شخص بمهارات أمنية وعسكرية متدنية للغاية لمنصب وزارة الدفاع الحساسة، أدى إلى توسيع نطاق الانتقادات ضده، يرى المنتقدون أن هذه الخطوة لا تتفق مع تحذيرات نتنياهو المتكررة من التهديدات الأمنية، لا سيما من إيران وغزة وغيرها، وقد دفع هذا غانتس إلى الاستفادة من الموقف وإلحاق ضربة نهائية بنتنياهو، من خلال إطلاق شعارات شديدة اللهجة ضد الأعداء (وخاصةً المقاومة الإسلامية في غزة)، وفي هذا السياق، خلال الأيام الأخيرة، دعا إلى توجيه ضربات شديدة لقطاع غزة واستئناف اغتيال القادة الفلسطينيين.
مع ذلك، بسبب کون غانتس غير معروف، فإن السؤال هو ما إذا كان هدفه من هذه الشعارات إرضاء الأحزاب المتشددة فقط، وهل سوف يتبع سياسةً أكثر اعتدالًا مع غزة، أم لا؟
هناك العديد من المكونات المؤثرة للإجابة على هذا السؤال، المكون الأول، هو الوجود الواسع وغير المسبوق للقائمة العربية مع 15 مقعداً في تحالف مع حزب يسار الوسط بقيادة بيني غانتس، بهدف إنهاء عقد من رئاسة نتنياهو لمجلس الوزراء.
بطبيعة الحال، إن وجود القائمة العربية في الحكومة يعني قبول غانتس لآراء القائمة في حده الأدنى، وهذا لا يمكن أن يستند إلى تصاعد الضغط على الفلسطينيين.
من ناحية أخرى، إن العنصر المهم الآخر هو ما إذا كان نتنياهو وغانتس سينجحان في التحالف أم لا؟
في آخر المواقف، ليبرمان الذي يعارض إجراء الجولة الثالثة من الانتخابات، دعم ائتلاف الليكود وحزب أزرق أبيض، لمنع الأحزاب العربية من لعب دور في الحكومة الإسرائيلية.
وفي هذا الموضوع، يتم التأكيد على تناوب فترة رئاسة الوزراء بين نتنياهو وغانتس (بشكل سنوي)، والذي بالطبع له فرصة ضئيلة في النجاح.
في هذه الحالة، على الرغم من التوقعات بأن يمارس الصهاينة المزيد من الضغوط على الفلسطينيين لتنفيذ صفقة القرن، ولكن بالنظر إلى أن أي عمل عسكري ضد غزة سيكون له عواقب غير واضحة على أمن الأراضي المحتلة من جهة، ومن جهة أخرى، من خلال إبداء الدول العربية ردوداً معارضةً للهجوم، فإن ظروف صفقة القرن ستكون أكثر تزعزعاً، فلا يبدو أن الحكومة المستقبلة برئاسة غانتس مستعدة لتكرار أخطاء نتنياهو في غزة.