الوقت- بدأ مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار(Future Investment Initiative) الذي يستمر ثلاثة أيام، ويعرف باسم مؤتمر دافوس الصحراء، أعماله في السعودية الثلاثاء 7 نوفمبر.
تم إطلاق مبادرة مستقبل الاستثمار(FII) في سبتمبر 2017 من قبل صندوق الاستثمار العام، الصندوق الاحتياطي الرئيس للسعودية، في إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي في رؤية السعودية 2030، وتهدف الخطة إلى تحويل السعودية إلى مركز استثماري رئيس في المنطقة في المستقبل القريب.
عقد المؤتمر الأول لمبادرة مستقبل الاستثمار من 24 أكتوبر إلى 26 أكتوبر 2017، في الرياض، برعاية الملك سلمان.
واستضاف المؤتمر 3800 مشارك من 90 دولة، بما في ذلك كبار المستثمرين وكبار المسؤولين التنفيذيين والمسؤولين الحكوميين والاقتصاديين، وشملت الموضوعات التي تم تناولها الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة وتغير المناخ.
في حديثه في المؤتمر، قال ولي العهد محمد بن سلمان إن السعودية ستعود إلى الإسلام الأكثر اعتدالاً.
وفي المؤتمر، أعلن صندوق الاستثمار العام عن هدفه بزيادة الأصول الخاضعة لإدارته إلى 400 مليار دولار بحلول عام 2020.
من بين المشاريع المعلنة في المؤتمر، كان مشروع "نيوم"(NEOM) الطموح الذي يغطي منطقةً اقتصاديةً تبلغ مساحتها 26000 كيلومتر مربع في شمال غرب السعودية، وتمتد إلى الأردن ومصر، ويكلف بناؤها 500 مليار دولار.
وقد تم الإعلان عن المشروع بهدف جذب الاستثمارات في قطاعات مثل الطاقة المتجددة والتكنولوجيا الحيوية والروبوتات والصناعات التحويلية المتقدمة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن "مشروع جيجا" (بما في ذلك "Qiddiya" منتجع سياحي بمليارات الدولارات على ساحل البحر الأحمر مع 50 جزيرة فاخرة)، كان مشروعاً استثمارياً آخر مخطط له لجذب الاستثمار، تم إطلاقه في عام 2017.
هذا المؤتمر الذي يحمل اسم "دافوس الصحراء" ينعقد بمبادرة من ولي عهد السعودي محمد بن سلمان، الذي يهدف إلى تقليل اعتماد اقتصاد السعودية على عائدات النفط، تماشياً مع رؤية السعودية 2030، وتنويع اقتصاد هذا البلد.
الأجواء المختلفة لـ دافوس الصحراء 2019
يعقد مؤتمر دافوس الصحراء هذا العام في أجواء مختلفة تماماً عن اجتماع مماثل عقد العام الماضي، بحيث في العام الماضي، ونتيجةً للقتل المروّع للصحافي السعودي المنتقد "جمال خاشقجي" في القنصلية السعودية على الأراضي التركية، انسحب العديد من المدعوين من الحضور في الاجتماع وقاطعوه، بحيث واجه المؤتمر الفشل تماماً.
لكن الأجواء في اجتماع هذا العام قد تغيّرت بشكل ملحوظ، وعلى الرغم من أن قضية اغتيال خاشقجي قد ظلت دون حل، لكن يقول المنظمون إن ستة آلاف ضيف من 30 دولة قد شاركوا في المؤتمر، بما في ذلك المسؤولون الأمريكيون ورؤساء البنوك العالمية الكبرى وصناديق الاستثمار المهمة.
من الشخصيات السياسية البارزة المشاركة، يمكن الإشارة إلى رئيس الوزراء الهندي "ناريندرا مودي" والرئيس البرازيلي "بولسونارو" باعتبارهما قادة الأسواق الناشئة الكبرى، إلى جانب الملك "عبد الله الثاني" ملك الأردن، رئيسي نيجيريا وكينيا، رئيس الوزراء البريطاني السابق "ديفيد كاميرون"، ووفد أمريكا بما في ذلك وزير الخزانة "ستيفن منوشين"، وزير الطاقة "ريك بيري" و"جاريد كوشنر" مستشار ترامب.
ويحضر المؤتمر أيضاً العديد من المصرفيين والمديرين التنفيذيين من جميع أنحاء العالم، ويغطي مجموعةً من المواضيع التي تشمل مستقبل الاقتصاد العالمي والاستثمار، إلى أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، وكذلك الرياضة والترفيه والفضاء.
ومن أشهر وأهم هؤلاء الأشخاص يمكننا أن نذكر "راي داليو" رئيس مجلس الإدارة ورئيس الاستثمار في شركة "بريدج ووتر أسوشيتس" للاستثمار، "ستيفن شوارزمان" رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة "بلاكستون"، شركة اقتصادية كبيرة صاحبة أسهم في "بلاكستون وورلد"، والمديرين التنفيذيين لـ "سيتي جروب"(عملاق البنوك الأمريكية)، و"كريدي سويس"(شركة الاستثمار والخدمات المالية المتعددة الجنسيات)، الملياردير الياباني "ماسايوشي سون" رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة "سوفت بنك" اليابانية القابضة، كما تشارك أيضاً صناديق الأسهم المستقلة من الكويت والإمارات وسنغافورة وروسيا.
ومع ذلك، فإن الاجتماع يشهد عدداً من الغائبين أيضاً، والذي يمكن أن نذكر منهم وسائل الإعلام الرئيسة في أمريكا (فوكس بزنس، سي إن بي سي، بلومبرغ، نيويورك تايمز)، جوجل والأمازون، "جيمي دامون" الرئيس التنفيذي لشركة "جي بي مورغان" و"ديفيد سالامون" الرئيس التنفيذي لبنك "جولدمان ساكس" متعدد الجنسيات.
أهداف ابن سلمان الطموحة
تشمل أهداف ابن سلمان من عقد هذا المؤتمر مجموعةً من القضايا السياسية والاقتصادية.
في الجانب الاقتصادي، كما قيل، هدف ابن سلمان هو تمويل المشاريع الاقتصادية الطموحة التي تنهي الاقتصاد السعودي النفطي، لكن السعوديين وحدهم غير قادرين على تمويلها بالاعتماد على عائدات النفط، لذا حاولت الرياض جذب الاستثمارات الأجنبية اللازمة، وخاصةً منذ تعامل ابن سلمان العنيف مع الأمراء السعوديين الأثرياء في فندق كارلتون ريتز.
في هذا الصدد، أحد أهم السبل التي سيناقشها ابن سلمان، والتي ستكون واحدة من أهم نقاط المؤتمر، هي طرح 5٪ من حصة أرامكو باعتبارها الشركة الأكثر ربحيةً في العالم في أسواق رأس المال، والتي يقول السعوديون إن قيمتها تبلغ ما بين 1.5 إلى 2 تريليون دولار.
لكن الكثيرين يقدّرون هذا الرقم أكثر من قيمته الحقيقية بكثير، وحالياً يعمل ابن سلمان بجد للتفاوض مع البنوك والمؤسسات الاقتصادية العالمية حول الطرح الأولي لهذا العملاق النفطي الذي طال انتظاره. ولتحقيق هذا الهدف، قام ابن سلمان مؤخراً بإقالة وزير النفط ومدير شركة أرامكو وعيَّن أخاه على رأس وزارة النفط.
على الجانب السياسي، يتمثل هدف ابن سلمان المهم في استعادة صورته المشوهة لدى السياسيين والرأي العام العالمي، وخاصةً في الغرب، لتقليل التحديات والعقبات التي يواجهها للوصول إلى كرسي العرش.
وتحقيقاً لهذه الغاية، وفّر ابن سلمان في الأشهر الأخيرة الظروف للموسيقيين الغربيين لحضور الفعاليات الترفيهية في السعودية، من خلال إزالة القوانين المتعلقة بإصدار التأشيرة السياحية وشرط ارتداء الحجاب للسائحات.
من ناحية أخرى، قال مؤخراً في مقابلة تلفزيونية إنه يتحمّل مسؤوليته عن اغتيال خاشقجي، وحاول أن يظهر نفسه بأنه شخص مسؤول ولم يصدر الأوامر بالقتل.
الحقيقة هي أنه لم يتم تحقيق العدالة لقتلة خاشقجي والآمرين بالقتل حتى الآن، ولم يتم تسمية أي من فرق الاغتيال الـ 11 في جلسات المحكمة الشكلية وغير العلنية، ولا يعرف حتى مكان ومصير زعيم فرقة الاغتيال "سعود القحطاني".
من ناحية أخرى، تؤكد نتائج التحقيق الذي أجرته وكالة الاستخبارات المركزية والمقررة الخاصة للأمم المتحدة أنه تم إصدار الأمر بقتل خاشقجي من قبل ابن سلمان.
سيكون هذا المؤتمر مقدمةً لعقد قمة مجموعة العشرين في السعودية، ليتأكد ابن سلمان من انعقاده، لأن حضور ولي العهد السعودي في قمة مجموعة العشرين في الأرجنتين بعد شهرين من اغتيال خاشقجي، واجه تجاهل قادة الدول الأخرى.
