الوقت- أحدث قرار الحكومة الارمينية رفع تعرفة الكهرباء بنسبة 16 بالمئة منذ التاسع عشر من شهر يونيو الماضي اضطرابات في هذا البلد الذي يعيش فيه 3.2 مليون نسمة خاصة بعد ان استخدمت الشرطة الارمينية العنف ضد المحتجين، وقد اعلنت شركة الكهرباء الارمينية المملوكة من قبل روسيا ان سبب رفع تعرفة الكهرباء هو هبوط قيمة العملة الوطنية الارمينية "درام".
ويأتي غضب المواطنين الأرمن وسط فشل المشاريع والخطط الحكومية لاحتواء ومكافحة الفقر في هذا البلد، وقد اعلن القيمون على الاحتجاجات انها ستستمر وانها حق قانوني يأتي ضمن اطار الدستور والقوانين الدولية محذرين من تسييسها ومطالبين بخفض تعرفة الكهرباء ومعاقبة ضباط الشرطة الذين استخدموا العنف ضد المسيرات السلمية وضد المراسلين الصحفيين ووقف استخدام العنف ضد التجمعات السلمية في ايروان.
وقد اعلن المحتجون انهم لايثقون بعمليات المحاسبة والتفتيش الجارية في شركة الكهرباء الوطنية مطالبين بالشفافية في هذه العملية، وفيما يبدو ان سبب هذه الاحتجاجات هو سوء الادارة وتفشي اخذ الرشاوى اقدم المسؤولون الأرمن على اجراء تحقيق قضائي بشأن العنف الذي استخدمته الشرطة ضد المتظاهرين بالقرب من القصر الجمهوري في ايروان والذين كانوا يرفعون شعار "لا للسرقة" ويقطعون الطرقات.
وكان الرئيس الأرميني سيرج سركيسيان قد علق تطبيق زيادة تعرفة الكهرباء في 27 من يونيو الماضي لحين مراجعة القرار، لكنه فشل في وضع حد للاحتجاجات التي شارك فيها آلاف المواطنين، وقال في اجتماع مع مسؤولين كبار إن الزيادة ستطبق لكن الحكومة ستحمل عن الشعب "الأعباء" الإضافية لحين الانتهاء من مراجعة القرار بواسطة جهة مستقلة، وقال سركيسيان ان من بين المحتجين هناك من يريد ايجاد اضطرابات وزعزعة الاستقرار وتحريض المواطنين على العنف مضيفا أن المسؤولين الحكوميين مستعدين لحل المسألة عبر الحوار لكن القيمين على الاحتجاجات اعتبروا هذه التصريحات غير كافية وطالبوا بالغاء قرار زيادة تعرفة الكهرباء.
وتعاني الميزانية السنوية لارمينيا اوضاعاً صعبة وقد شهدت هذه الميزانية زيادة قدرها 3 مليارات درام فقط بالمقارنة مع العام الماضي لكن التكاليف قد ازدادت في هذه الميزانية بمقدار 36 مليار درام عن الايرادات.
من جهتها اعلنت امريكا والاتحاد الاوروبي ومنظمة الامن والتعاون في اوروبا عن قلقها من الاحداث الجارية في ارمينيا كما ان روسيا باتت تراقب بدقة هذه الاحداث في ارمينيا التي تعتبر حليفة لموسكو لأن ارمينيا اظهرت بانها ضعيفة جدا امام الاحداث الدراماتيكية حتى مقارنة مع اوكرانيا، وقد قال رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف "ان ارمينيا مرت بمرحلة صعبة ونحن نراقب التطورات في ارمينيا لانها دولة جارة وحليفة لنا وهي دولة قريبة ونحن نهتم بالاوضاع الجارية في الدول الصديقة لنا".
ويعتبر الاقتصاد الارميني مرتبطا بشدة بالاقتصاد الروسي وتذهب 23 من الصادرات الارمينية الى روسيا وقد تأثرت ارمينيا بقوة بالازمة الاقتصادية في روسيا بسبب العقوبات الاوروبية ضد موسكو والتي وضعت على خلفية الأزمة الاوكرانية بالاضافة الى هبوط اسعار النفط ولذلك هبطت قيمة العملة الوطنية في ارمينيا بشكل كبير وفي الحقيقة يمكن القول بأن ارمينيا هي تحت سيطرة روسيا التي تعاني بنفسها من أزمة اقتصادية.
وعلى الرغم مما ذكرناه فإن المحللين يعتقدون بأن الاحتجاجات والاضطرابات التي تشهدها ارمينيا لاتعتبر تهديدا جديا لحكام ايروان كما لايمكن لهذه الاضطرابات ان تهدد المصالح الروسية وقد اتخذ المسؤولون الأرمن سياسة التهدئة في مواجهة هذه الاضطرابات لمنع تكرار التجربة الاوكرانية كما ان المحتجين لم يرفعوا حتى الان شعارات سياسية ولم يطلبوا تغيير السياسة الخارجية للبلاد لكن ما من شك بأن هذه الاضطرابات ستترك تأثيرها على صعيد التغييرات الداخلية ودعم حركة المجتمع المدني في ارمينيا.