الوقت- يبيّن المؤلف أنّ اختياره وقع على رؤية بلاشير، لأنها امتدت لتشمل إعادة رسم ملامح الأطر التاريخية والسياسية والفكرية التي تحرّك فيها المتنبي.
في كتابه "المتنبي في مرآة الاستشراق" (الآن ناشرون وموزعون)، يتناول الباحث الأردني، حمزة أمين، دراسة المستشرق الفرنسي ريجي بلاشير عن المتنبي، التي استعرضت شخصية هذا الشاعر العربي الشهير وشعريته، ورصدت الظروف الاجتماعية والسياسية والفكرية والعقدية في زمنه.
ويبيّن المؤلف أنّ اختياره وقع على رؤية بلاشير، لأنها امتدت لتشمل إعادة رسم ملامح الأطر التاريخية والسياسية والفكرية التي تحرّك فيها المتنبي، ثم إعادة ترتيب تاريخه الشعري على نحو دقيق، من دون إغفال أهم السمات الفنية في شعره.
وتمثّل رؤية بلاشير وفق المؤلف، نظرة الغرب لظاهرة نقدية أدبية عربية. فلم يتميّز جهده بوصفه باحثاً فحسب، بل بوصفه مستشرقاً يطبّق على الأدب العربي الأدوات نفسها التي يطبّقها على الأدب الأجنبي، ما قد يؤدي إلى بعض الخلط في النتائج والأحكام.
ويلفت غسان عبد الخالق في تقديمه للكتاب، إلى أن حمزة أمين "اشتبك مع مسألتين على جانب كبير من الالتباس والتعقيد، وهما: المتنبي من جهة، والاستشراق من جهة ثانية"، وأنه "لم يدخر وسعاً لتسليط الضوء على كثير من غوامض هذا الالتباس"، فالمتنبي بحسبه "كان وما زال وسيظل قارة يحوطها كثير من الغموض، وبلاشير كان وما زال وسيظل مستشرقاً إشكالياً له ما له وعليه ما عليه".
وتناول أمين في الفصل الأول من الكتاب التاريخ الشعري للمتنبي من منظور بلاشير؛ فاشتمل الفصل على التيار العقدي والفكري الذي وجّه المتنبي، ثم الإطار الزمني/الشعري للمتنبي، واختُتِمَ الفصل بالأغراض الشعرية التي أشغلت المتنبي من منظور بلاشير، وهي: المديح، والهجاء، والوصف، والغزل، والحكم والمواعظ.
كما خصص الفصل الثاني للسمات الفنية لشعر المتنبي من منظور بلاشير، فعمل على إبراز أهم السمات التي شكّلت ديوان الشاعر والتي أطال المستشرق الفرنسي النظر فيها، وهي: الغامض والغريب، وولوع المتنبي بالتشبيه والاستعارة، والطباق بوصفه ظاهرة، وحسن التخلّص.
واختتم أمين كتابه بإبراز صورة المتنبي بوصفه ظاهرة نقدية في القرن الرابع عند المستشرقين بوجه عام، وعند المستشرق بلاشير بوجه خاص، ويخلُص إلى جملة من النتائج والتوصيات، من أبرزها أنّ المتنبي لم يتجلَ في مخيال الاستشراق بصورة واحدة، بل عاش فيه صوراً متعدّدة بحسب رؤية كلّ مستشرق وحقله؛ فمنهم من وضعَ أهمية المتنبي في التأريخ، ومنهم من أرجأ أهميته إلى علم الجغرافيا، ومنهم من صنّفه ضمن الشعراء العباقرة.