الوقت- تستمر واشنطن في زيف ادعاءاتها تجاه دول المنطقة مُبررة أهمية وجودها بإمكانيتها ضمان الأمن الإقليمي والدولي. لكن ما يجري من أحداث وما تُضمره هذه الأحداث من حقائق، يفضح زيف الأدعاءات الأمريكية والتي باتت واضحة لدى شعوب المنطقة. وهو ما يمكن أن تُثبته الأحداث التاريخية والحقائق التي سجلتها. فليس الإنفجار الأخير الذي وقع في كابول منذ أيام، إلا محاولة أمريكية لإعادة السيمفونية المعهودة، حول أهمية الحضور الأمريكي. وهو ما سنُثبته بالحقائق. فكيف يفضح التاريخ زيف ادعاءات الأمن الأمريكي تجاه الدول؟ وما هي الدلالات التي يُمكن الخروج بها فيما يتعلق بإنفجار كابول؟
قبل انفجار كابول: التاريخ يفضح الذرائع الأمريكية تجاه المنطقة
بالعودة الى الحقائق التاريخية يمكن الوقوف عند التالي:
أولاً: سعت الإدارات الأمريكية المتعاقبة على خلق الأزمات في المنطقة تحت حجج عديدة، بهدف تعزيز التواجد الأمني والعسكري الخاص بها، متآمرةً مع الأنظمة التي لا تلتفت لشعوبها. وهو ما سبق أن اتبعته واشنطن بعد الحرب الباردة وذلك لمواجهة ما يُعرف بالمد الشيوعي.
ثانياً: لم تكتف واشنطن بتقديم الذرائع بل نصَّبت نفسها كمسؤولة عن حماية حقوق الإنسان ونشر الديموقراطية. وهو ما دفعها لغزو أفغانستان عام 2001 والعراق عام 2003. وقدمت بعد ذلك ذرائع عديدة كمُكافحة الإرهاب وتخليص الشعوب من جور الأنظمة!
ثالثاً: بعد ذلك قامت بنسج سياساتها مع الدول على أساس توليها مهمة محاربة الجماعات الإرهابية كالقاعدة وحركة طالبان وصولاً الى تنظيم داعش اليوم. لكن هذه المُبررات سُرعان ما فضحتها الحقائق والأدلة حول مسؤولية واشنطن وحلفائها لا سيما السعودية في تأسيس هذه الحركات وتمويلها.
رابعاً: ربطاً بما تقدم،و منذ غزو واشنطن للعراق عام 2003، سعت أمريكا إلى إثارة الأزمات وعلى كافة الأصعدة وصولاً الى تأسيس الإرهاب وتحديداً تنظيم داعش، الذي ساهم في احتلال مناطق واسعة عام 2014، كانت السبب لتأسيس أمريكا للتحالف الدولي لمحاربة الإرهاب في المنطقة.
خامساً: أخيراً وليس آخراً، أوجدت أمريكا في أفغانستان كما أوجدت بعد ذلك في العراق، الجماعات الإرهابية بدءاً من تنظيم القاعدة لمواجهة النفوذ الروسي وصولاً الى دعمها لحركة طالبان بهدف إضعاف نفوذ القادة الأفغانيين الذين كانت تربطهم علاقات سياسية جيدة مع جيرانهم الإقليميين. وذلك بهدف إبقاء الدولة الأفغانية تحت رحمة الحاجة لأمريكا. وهو ما لا يمكن حدوثه إلا من خلال التوتر واللإستقرار.
انفجار كابول اليوم: التحليل والدلالات
من خلال ما تقدم، يمكن تحليل الحدث الأفغاني كالتالي:
أولاً: حصل الإنفجار بعد عدة أيام من التبادل الناري للتصريحات بين أوروبا وأمريكا. وهو ما لا يجب إغفاله، لما له العديد من الدلالات، لا سيما في تحليل النتائج. فالإنفجار بحسب المراقبين حصل في الحي الدبلوماسي قرب السفارة الألمانية حيث وقع بعض الضحايا من أفراد الطاقم الدبلوماسي الألماني.
ثانياً: تدخل مسألة الإبتزاز السياسي، على خط العلاقة بين أوروبا وأمريكا، وهو ما يمكن أن تُشكله الورقة الأفغانية من نموذج له. حيث يطرح نفسه الناتو دوماً كطرف قادر على تعزيز حضوره في أفغانستان، من أجل ضمان الأمن. وهو ما قد يدخل بازار التجاذبات في ظل الخلافات الأوروبية الأمريكية على حساب المصلحة الأفغانية.
ثالثاً: الإنفجار الارهابي الذي وقع في العاصمة كابول ليس إلا دليلاً، على أن مكافحة الإرهاب هي شعار تُطلقه الدول الغربية، لتبرير تدخلاتها. بل إن وجودها لم يأتي ليضمن الأمن في هذه البلاد بل ليزيد التوتر والإضطراب.
رابعاً: يجب الوقوف عند قيام تنظيم داعش الإرهابي، بتبني الإنفجار. وهو التنظيم الذي تموله السعودية الحليف الأبرز للإدارة الأمريكية الجديدة في المنطقة اليوم. الأمر الذي يضع أمريكا وحلفاءها في خانة المساءلة. فيما لم يمض على الإتفاق الأمريكي السعودي الأخير سوى أيام.
إذن، لا ازالت الإدارة الأمريكية تغذي الصراعات والنزاعات في المنطقة لأهداف ومصالح سياسية وتجارية وإقتصادية. وتحت مُبررات الأمن، تقوم أمريكا باستنزاف ثروات شعوب المنطقة، وخيراتها لا سيما النفط والغاز. بناءاً لما تقدم، يمكن الجزم بأن واشنطن هي السبب الأساسي لجميع الأزمات في الشرق الأوسط والتي أدت إلى زعزعة الأمن والإستقرار. وما انفجار كابول الأخير، إلا مثالٌ قد يدل على حجم الزيف الأمريكي تجاه دول المنطقة. لتكون كابول، ضحية مبررات الأمن الأمريكي الزائفة.
