الوقت- بعدما واصلت السعودیة الحرب علی الیمن الی طریق مسدود وهذه الحرب بات العالم یدرک بأن الریاض ستکون خاسرة فی هذا الحرب ولن تحقق ابدا اهدافها المعلنة، لجأت الریاض الی المناورات السیاسیة من خلال اطلاق تصریحات ومواقف للمراوغة بغیة تحقیق مکاسب سیاسیة علی الأقل من هذا العدوان. لکن الخبراء والمحللون یعتقدون بأن الریاض سوف لن تکسب شیئا من هذه الخطوة ولن تستطیع انجاز ما عجزت عنه بالغارات عبر المراوغة السیاسیة، وفی هذا السیاق أجری موقع الوقت التحلیلی الاخباری حوارا مع المحلل السیاسی السوری "ریاض الأخرس" حول آخر التطورات علی صعید الیمن والحرب السعودیة، حیث أکد هذا الخبیر والمحلل السیاسی ان علی حرکة انصارالله ان تصعّد موقفها ازاء السعودیة وتکشف اوراقاً جدیدة فی وجه السعودیة فی هذه المعرکة، بغیة اجبار الریاض علی الانصیاع لوقف العدوان، کما أکد ریاض الأخرس ان بامکان حرکة انصارالله احتلال الریاض اذا ارادت ذلک مضیفا بأن ما تقوم بها السعودیة الآن سیرتد علیها عاجلا أم آجلا. وفیما یلی ننقل الیکم نص هذا الحوار کاملا:
الوقت - ما هو تعليقكم على تصريحات وزير الخارجية السعودي عادل الجبير الذي قال ان التحالف سيناقش ايقاف العدوان على اليمن وهل يمكن ان يقوم التحالف بايقاف العدوان خلال الايام المقبلة؟
الأخرس - اعتقد ان هذا التصريح الذي ادلى به وزير الخارجية الجديد عادل الجبير هو نتيجة الضغوط التي بدأت تتعرض لها السعودية من جهات عديدة وليس فقط من قبل الرأي العام العربي والاسلامي، الذي بدأ يتحرك وان كان بشكل خجول هنا وهناك من اجل وقف الحرب المدمرة على اليمن والتي لها آثار كارثية على الخدمات وقطاع الصحة وحياة المدنيين. فاليوم لا كهرباء ولا مشافي في اليمن وهناك اعداد كبيرة من الشهداء الذين سقطوا جراء هذا العدوان، وآخر احصاء قرأته كان الف ومئتي شهيد واربعة او خمسة آلاف من المصابين وهناك دمار أطال البنى التحتية واعتقد ان هذا دفع بالكثيرين في العالمين العربي والاسلامي وفي أمریکا والدول الاوروبية وفي الكثير من المنظمات الدولية الى الضغط على السعودية من اجل ايقاف هذه الحرب او على الاقل السماح بايصال المساعدات. ان هذا الشيء الذي تقوم به السعودية لم یفعله الکیان الاسرائيلي حيث ان السعودية تفرض حصارا على الموانئ والمطارات وتقوم بتدمیرها ولا تسمح بايصال المساعدات لا عن طريق البر ولا عن طريق الجو ولا عن طريق البحر. فبعد 5 اسابيع من العدوان بدأ الرأي العام العالمي باليقظة وبممارسة الضغوط فصحيح ان الكثير من القضايا لا يتم الاعلان عنها عندما یتعلق الامر بالسعودية ولكن هناك من يضغط من اجل ايصال المساعدات على الاقل واعتقد ان الخطوة السعودية جاءت نتيجة الضغوط وليس يقظة ضمير من النظام السعودي، كما ان هناك الفشل فهذه الحرب لم تحقق الا القتل وتدمير البنى التحتية والفشل عسكريا وان كل هذا اجبرهم على اصدار مثل هذا البيان.
هناك مسألة اساسية وهي ان هذه الحرب هي خاسرة من الناحية العسكرية وان اهدافها غير منطقية فلا يمكن للحرب الجوية تحقيق اي هدف من الاهداف التي وضعت للحرب، فمليون غارة جوية لا تستطيع اعادة منصور هادي الى اليمن اذا لم تكن هناك قوات برية وحرب برية كما ان الحرب البرية مستحيلة فباكستان رفضتها ولأول مرة نرى ان باكستان تتخذ قرارا صائبا كما ان تركيا ايضا تنصلت من القصة والسعودية ايضا ليست فيها مقومات شن حرب برية، ولذلك ان المستقبل غير واضح لكن هذه الحرب يجب ان تقف وهي فاشلة وكلما استمرت زاد من فشلها.
الوقت – السؤال الثاني يتعلق بالهجمات السعودية داخل اليمن ففي هذه الايام نحن نرى هجمات عسكرية محددة في بعض المناطق اليمنية بريا وبحريا فما هي الاهداف السعودية من هذه الهجمات المحدودة؟
رياض الأخرس: ان السعودية هي اضعف بكثير من ان تستطيع ان تفتح حربا برية واعتقد ان انزال قوات في عدن سببه فشل الجماعات التي تزودها السعودية بالسلاح. فالسعودية تريد ايصال عدد من الضباط والمستشارين لتنظيم حرب العصابات الموجودة في عدن ضد انصارالله وان يرفعوا كفاءتها فقط لاغير، لأن السعودية هي اعجز من ان تتخذ قراراً بخوض حرب برية واذا اتخذوا قرارا بشن حرب برية فكونوا على ثقة بان جماعة انصارالله ستصل الى الرياض خلال ساعات قليلة. فهناك الآن 25 مليون يمني مسلح وهناك اجماع عام في اليمن حتى بين الذين كانوا لا يحبون عبدالملك الحوثي وانهم يقفون ضد العدوان السعودي، اليوم هناك شعور في اليمن بان هذه الحرب هي حرب عدوانية وتدميرية وان المقصود منها ليس انصارالله بل تدمير امكانيات اليمن.
الوقت – ما هو تقييمكم لقيادة انصارالله في هذه المعركة؟
رياض الأخرس: لا يمكن ان نلوم احدا فامكانيات جماعة انصارالله قليلة جدا ولا نعرف كيف يتواصلون بين بعضهم البعض في الداخل، ففي لبنان هناك شبكة اتصالات داخلية لحزب الله لا تتأثر بالحرب وهذا ما يساعدهم على قيادة الاوضاع بشكل جيد لكن لا ندري في اليمن هل هناك قدرة على ذلك؟ اعتقد ان قيادة عبدالملك الحوثي حتى الان هي جيدة جدا قياسا الى الامكانيات لكنني اعتقد ان اداءهم الاعلامي ضعيف، فلا بد ان يكون لهم مستشارون اعلاميون تسوق اطلالتهم الاعلامية بشكل جيد ومؤثر وفاعل، واذا امتلكت انصارالله الامكانيات فانها يمكن ان تصنع المعجزات وان يكونوا انجح من حزب الله في لبنان. لقد خاضت انصارالله حتى الآن 7 حروب وهذا ليس بالشيء القليل وانا اعتقد انهم بقليل من الدعم يستطيعون تقديم نموذج اروع مما قدمه حزب الله وما قدمته بعض الفصائل العراقية.
الوقت - كل انسان يتابع الاحداث والتطورات في اليمن يصرح بان انصارالله استطاعت تعزيز الاستقرار في اليمن وان اللاعب الرئيس الذي تمكن من الوقوف امام جميع الجماعات الارهابية مثل القاعدة وانصار الشريعة داخل اليمن هو انصارالله وهذا امر يؤيده الجميع داخل المجتمع اليمني، فماهو رأیکم حول هذا الموضوع؟
رياض الأخرس: هناك حسن التنظيم لدى انصارالله وقد يدل هذا ان هناك حاضنة شعبية لهم وهؤلاء حققوا ولاتزال نجاحات باهرة في المجتمع اليمني لأن قيادتهم تتمتع بحكمة وبحنكة ولديها عمق ديني وعمق في الرؤية وليست حركة تصور بانها مجرد ميليشيا مسلحة. عندما تكون لانصارالله مثل هذه القيادة وعندما يتمتعون بهذا العمق الديني وبهذه الحكمة والحنكة فمن الطبيعي انهم يستطيعون الدخول في كل المجتمع اليمني ويرحب بهم المجتمع باسره لأنهم غير دمويين ولا يقتلون وانهم يحترمون دماء الناس وحتى اموال الناس. ولكن بالمقابل هناك الحرب السعودية التي تسببت بان لا تكون هناك كهرباء في اليمن ولا وقود للسيارات، والسعودية تهدف الى ايجاد ضغط شعبي داخل اليمن ضد انصارالله لكن هذا لم يحصل والحمد لله، فالشارع اليمني مقتنع اليوم بان هناك ضغطاً سعودياً وان السعودية تدمر ولا تستهدف فقط انصارالله بل كل البنى التحتية والمنشآت التي هي منشآت اليمن وليست منشآت انصارالله.
الوقت – ما هي رؤيتكم حول مستقبل الاحداث في اليمن، فهل تتجه السعودية نحو الخيار السياسي ام ستستمر الغارات على المدى الطويل؟
رياض الأخرس – اعتقد ان درجة العداء الهستيري للسعودية تجاه ايران مرتفعة جدا واذا تترك السعودية لوحدها فانها ستستمر في عدائها حتى اللانهاية ولا ادري كيف افهموا انفسهم بأن مصالحهم تقتضي هذا العداء. فالعداء هذا هو لصالح الغرب، لأن العداء مع محور المقاومة هو مصلحة غربية وليست مصلحة سعودية حقيقية، إلا أن السعوديين اصبحوا ملكيين اكثر من الملك وانا اعتقد ان الحرب على اليمن قد فشلت عسكريا ولا يمكن لهذه الحرب ان تعيد عبد ربه منصور هادي الى اليمن اذا بقيت هذه الحرب مئة سنة كغارات جوية، وان هذه الغارات تستهدف منشآت مدنية وليس لها اهداف اصلا، ولذلك فان هذه الحرب غير مبررة في الاستمرار لكن الى متى يستمر بها آل سعود فهذا يعتمد على درجة الضغط التي يمكن ان يحصل على آل سعود من الدول الأخرى. ان السعودية دفعت 6 مليارات دولار من اجل استصدار القرار 2216 وان الاعلام الغربي يتحدث عن هذا الشيء وذلك لكي لا يشير القرار الى مسؤولية السعودية عن نشوب هذه الحرب. السعودية ترشي الدول وتقوم بشراء ذممها حتى نجد ان موقف روسيا بات اقرب الى السعودية منه الى انصارالله، ولذلك انا ارى ان السبيل الوحيد لوقف الحرب هو يقظة الضمير العالمي الذي يمكن ان يضغط على الاوروبيين وعلى امريكا ليضغطوا على السعودية ويقولوا لها كفى، والخيار الثاني هو ان تشهر انصارالله ورقة ما او سلاحا ما في وجه السعودية ويقومون بتوجيه رسالة صارمة لها.
الوقت – هل تتوقعون توجه السعودية نحو الخيار السياسي؟
رياض الأخرس – ان السعودية تطرح موضوع مؤتمر الحوار في الرياض لكن بعد هذه الحرب هل ستذهب مجموعة انصارالله الى الرياض؟ يمكن عقد الحوار في مسقط او في دولة محايدة لكنني استبعد ان تقبل انصارالله بالذهاب الى الرياض، هذا اولا اما ثانيا فان ما عجزت السعودية عن تحقيقه في الحرب استبعد ان تقدمه انصارالله لهم في الحوار السياسي وطالما ان انصارالله لم يرفعوا الراية البيضاء ولم يستسلموا فلا يمكنهم ان يقبلوا بطروحات السعودية السياسية في مؤتمر الحوار طائعين فهذا غيرمنطقي. واعتقد ان تبعات الحرب ستعود بالوبال على السعودية فمنطقيا لا يمنكهم ان يمرروا مشروعهم السياسي، وما عجزت السعودية عن تمريره من خلال الحرب وسابقا من خلال عبد ربه منصور هادي ومن خلال الاموال ومن خلال شراء رؤساء القبائل اليمن، لن يحققوه بمجرد عقد مثل هذا الاجتماع، وان المشكلة في العقل السعودي الذي يحكمه اشخاص غير ناضجين وليست لديهم الخبرة كمحمد بن سلمان، هؤلاء لا يقبلون بالحلول الوسطى في السياسة بل يريدون حلولا صارمة وبالشكل التعسفي دون منطق ودون سياسة ودون حنكة وحكمة وهذا لا يمكن ان يحصل.
