الوقت- بعد الحديث عن التواجد المباشر لقنوات داعش في الوسائل الاعلامية المرئية والمسموعة, ولأسباب ذكرناها فيما سبق, يستوقفنا الميدان الذي تتواجد فيه داعش بزخم كبير جدا. ميدان, يؤمن للجيش الالكتروني الداعشي التمويه والاستتار المحكم , بعيدا عن الاستهداف.
ففي الظل, يجتاح التنظيم الشبكات العنكبوتية, بشكل هائل جدا, حيث تتعرض لهذا الانتشار الكبير المئات من التحاليل الاعلامية والتقارير الاستخباراتية, وتعقد العديد من الجلسات الأمنية على مستوى وزراء دول ورؤساء شركات الانترنت, للعمل على وضع خطط لمواجهة هذا الخطر المتعاظم.
فالتنظيم, يطلق على أعضائه الفاعلين على الشبكة العنكبوتية اسم الجيش الالكتروني, الذي يشن حروبا توازي الحروب العسكرية في الميدان الحقيقي المباشر والصاخب.
فوفق التقارير المتابعة لحركة الجيش الالكتروني, فإن اعضاء الجيش يتمتعون بمهارات الاستفادة من القرصنة الالكترونية وتمويه اماكن الاتصال والانتقال بين السرفرات وتبديل الحسابات والمواقع بشكل يصعب من امكانية التعقب الدقيق لهم.
داعش, التنظيم الذي يهتم كثيرا وبشكل لافت بالاستقطاب والتجنيد والانتشار تحت ستار الدعوة والتبليغ, لم يترك وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية الا وتواجد فيه, لينشر فكره وعقائده, حيث يغرق التنظيم ضمن سياسته المواقع وشبكات التواصل الاجتماعي بالصور والشعارات والعمليات والبطولات, وبالافكار الدينية التي يتبنى نشرها, وفق أهداف واضحة تطال الشريحة المقربة لاستقطابها وتجنيدها, والمعادية لبث الرعب في قلوبها وترويع الذين يناهضون فكر داعش, عبر افلام قطع الرؤوس والاعدامات والتهديدات والبطولات التي تخرج التنظيم بصورة اسطورية لا تقهر.
داعش على الشبكة العنكبوتية : (فيسبوك, تويتر , يوتيوب, مواقع الكترونية ...)
الاف الشباب الناشط على الفايسبوك وتويتر والشبكة العنكبوتية بالعموم, يشكلون فريقا اعلاميا هائلا للتنظيم يغطي أخبار واحداث داعش وينشر فكره, ويغذي العقول بشعاراته الحماسية وكلام الحق الذي يراد به الباطل.
الانترنت المجال الواسع الحيوي, أصبح اليوم فرصة مهمة ثمينة تستفيد منها داعش للتواصل والاستقطاب والتجنيد والجمع المعلوماتي وتحصيل التبرعات, حيث تنتشر المئات من المواقع التي تغطي اخبار التنظيم وتنشر ثقافته. هذه المواقع تصنف وفق ثلاث تصنيفات: التابع للتنظيم رسميا, المتعاطف والموالي, التابع للتنظيم ضمن ستار غير معلن.
تعليقات الصحف والاعلام العالمي حول "الجيش الالكتروني":
في مطلع تشرين الثاني/نوفمبر قال روبرت هانيغان الرئيس الجديد للقيادة العامة للاتصالات البريطانية التي تتولى مراقبة المعلومات عبر شبكة الانترنت، ان الانترنت اصبحت بالنسبة لتنظيم الدولة الاسلامية “مركز مراقبة وقيادة” وطالب بدعم اكبر من القطاع الخاص وخاصة كبرى شركات التكنولوجيا الاميركية التي تهيمن على الشبكة العالمية للسيطرة على هذا التوسع لداعش على الانترنت”.
واضاف في مقالة نشرتها صحيفة فايننشال تايمز ان تنظيم الدولة الاسلامية هو “اول مجموعة ارهابية نشأ اعضاؤها في ظل وجود الانترنت. فهم يستغلون قوة الشبكة العنكبوتية لخلق تهديد جهادي على المستوى العالمي. وذلك يطرح تحديا هائلا امام الحكومات واجهزة استخباراتها لا يمكن مواجهته الا بفضل ابداء شركات التكنولوجيا قدرا اكبر من التعاون”.
في تقرير بعنوان “الدولة الاسلامية” اوضح ريتشارد باريت الرئيس السابق لشعبة مكافحة الارهاب في الاستخبارات البريطانية، والذي يعمل اليوم خبيرا في مجموعة البحوث سوفان غروب بعد ان عمل في الامم المتحدة، “ان تنظيم الدولة الاسلامية عرف كيف يستفيد الى الحد الاقصى من الطبيعة غير المركزية لشبكات التواصل الاجتماعي (تويتر بشكل خاص) التي تسمح لاي من مؤيديها خلق وزارة اعلام خاصة به وإدارتها، من خلال بث الدعاية الرسمية عبر صياغة وبث رسائلهم الخاصة بهم”.
واضاف “ان الاستراتيجية الاعلامية لتنظيم الدولة الاسلامية يشرف عليها ابو عمر الشامي، وهو سوري ولد في السعودية ويشرف على جيش من المحررين والمدونين والباحثين الذين يراقبون الانترنت بشكل مستمر وبخاصة مواقع التواصل الاجتماعي”، موضحا ان تنظيم الدولة الاسلامية اوكل مهمة الدعاية الى هذا الوسيط الخارجي.
هذا وقد أشارت صحيفة لوموند الفرنسية، استنادا إلى وثائق خاصة بالتنظيم قامت بالاطلاع عليها، إلى قيامه بتزويد عناصره بالأدوات والنصائح التقنية، ويشدد التنظيم في تعليماته على ضرورة حجب عناوين بروتوكول الإنترنت IP الخاصة بعناصره، واستخدام شبكات VPN وتشفير نشاطهم ورسائلهم عبر الإنترنت، من خلال اللجوء إلى برامج إلكترونية يشتهر النشطاء السياسيون وتجار السلاح والمخدرات عبر العالم باستخدامها، التي تتيح لهم في معظم الأحيان إمكانية استخدام شبكة الإنترنت دون التعرض للتعقب.
يبدو جليًّا أن تنظيم داعش يتميز عن سائر التنظيمات الجهادية الأخرى بامتلاكه أداة إعلامية قوية، خاصةً في الفضاء الإلكتروني، وفّرت له مجالا حيويًّا واسعًا للدعاية والتجنيد، وجلب المزيد من مصادر التمويل.
ولكن مع تطور الأحداث، بدا أن القدرات التكنولوجية لتنظيم داعش لم تكن مجرد أدوات مساعدة وداعمة لحروبها وعملياتها العسكرية على الأرض فقط، وإنما قدرات تم تسخيرها من أجل تشكيل خطٍّ جهادي جديد موازٍ لنظيره العسكري، يُسمى "الجهاد الإلكتروني". فعلى النقيض من التنظيمات الجهادية الأخرى، وكجزء من العقيدة التي انتهجتها؛ تميزت داعش بالاستغلال الاستراتيجي المتطور للشبكات الاجتماعية على نطاق غير مسبوق؛ حيث يبدو أن داعش تمتلك خبرة تكنولوجية كبيرة تزيد عن تنظيم القاعدة والحركات الجهادية الأخرى.
وسط هذا الضجيج الضخم عن داعش وامتداداتها, ووفق التقارير الاستخباراتية المتعددة التي تتبع تطور داعش على الشبكة العنكبوتية, والتي تشير الى وحش ضخم مفترس يجتاح المجتمعات العالمية.
أسئلة تطرح فمن يجيب عنها: هل أن هذا التنظيم الباهر بامكاناته وقدراته بات يفوق كل اجهزة الاستخبارات العالمية التي تسكت عن دعم التنظيم من قبل امراء بلاد النفط ؟؟
وفي ظل تواجد مواقع التواصل الاجتماعي التي تتبع لشركات خاصة في اغلبها والتي تستفيد منها داعش لنشر فكرها وأعمالها, لماذا تنتشر الفيديوهات والاناشيد والصورة التابعة لداعش وجرائمها, بهذه السهولة والكثافة , من دون اعتراضها ؟؟ هل أن احترام الحريات والخصوصيات والسرية التي تدعي الشركات أنها من بروتوكولات عملها, أصبحت الى حد احترام حرية نشر فيديو عن حركة تقطع رؤوس الكفار البشر , و تدعو علنا لأفكار تهدد أمن العالم بأسره ؟؟ وإن كان نعم, فمن وراء هذه الشركات وما هي أهدافها بالفعل ؟؟
ومن جهة اخرى ايضا, لماذا تشتهر المواقع التي تتبنى فكر داعش وتروج له, دون موانع حقيقية من الذين يتحكمون بالسيرفرات والروابط العنكبوتية حول العالم ؟؟ ولماذا ينجح المعادون لايران من حجب قناة العالم عن البث في مرحلة سابقة, ولا ينجحون في اقفال قنوات ومواقع مشخصة لداعش؟؟
فداعش على الشبكة العنكبوتية, تنتشر اخبارها ونشرياتها وأفكارها وبطولاتها أكثر من أي خبر أو حدث... كيف هذا وأين؟؟ في مقال خاص في الجزء الرابع يعرض لكم أين جيش داعش الالكتروني على الشبكة العنكبوتية؟؟
