الوقت - نشرت العديد من مراكز الدراسات الدولية من بينها إدارة معلومات الطاقة إحصائيات جديدة تشير إلى انخفاض سعر الغاز الطبيعي المسال (LNG) للعقود الآجلة في الأسواق الآسيوية بمقدار 15 سنتاً لتصل إلى 4.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية، مشيرة كذلك إلى أن البورصات الأخرى في العالم شهدت أيضاَ هبوطاً في أسعار الغاز بسبب زيادة وارداته عبر خط الأنابيب الأوروبي، والتي لا يتوقّع أن تعود إلى وضعها السابق في المدى المنظور.
وتجدر الإشارة إلى أن جميع المحللين وشركات الطاقة الدولية يؤكدون حصول زيادة في حجم إحتياطي الغاز في أمريكا بشكل لم يسبق له مثيل طيلة السنوات الـ 17 الماضية، ما تسبب بأنخفاض أسعار الغاز في مختلف الأسواق العالمية. ويتوقّع المراقبون أن تُخفِّض واشنطن إنتاجها من الغاز في المستقبل القريب، ومن المحتمل أن يتسبب ذلك برفع مستوى الأسعار من جديد.
وضمن إشارته إلى تراجع أسعار الغاز في الأسواق العالمية بشكل حاد منذ مطلع العام الجاري، والتي وصلت إلى حدود 4 دولارات و 20 سنتاً في بورصات شرق آسيا وجنوب غرب أوروبا و" NBP " البريطانية، توقع الخبير الدولي في شؤون الطاقة أحمد الجزائري أن يتدنى السعر إلى أقل من 4 دولارات حتى نهاية هذا العام نتجة زيادة العرض مقابل الطلب، معرباً عن اعتقاده بأن ذلك سيؤدي إلى تلكؤ وربّما وقف الاستثمارات في المشاريع الحديثة لإنتاج الغاز في مختلف بلدان العالم بما فيها استراليا وبعض البلدان الأفريقية.
وأضاف الجزائري أن زيادة العرض فوق مستوى الحاجة الفعلية للمستهلكين ونمو احتياطي الغاز في العديد من الدول لاسيّما أمريكا ساهم الى حد كبير بتراجع الأسعار في الأسواق العالمية، مشيراً في هذا الخصوص إلى الإحتياطي الأمريكي الذي زاد بحدود 71 مليار قدم مكعب ليصل إلى 2536 مليار قدم مكعب تقريباً في 26 شباط/فبراير الماضي.
وتابع هذا الخبير الاقتصادي: بالإضافة إلى ذلك ارتفع احتياطي معظم البلدان الرئيسية المستهلكة للغاز الى أكثر من 30% عن المعدل العام للسنوات الخمس الأخيرة، وتسببت هذه الزيادة أيضاً بتراجع قيمة الغاز في الأسواق الدولية.
وفي جانب آخر من تصريحاته أوضح "الجزائري" أنه وفي ظل التنافس الشديد بين الدول المنتجة للغاز وزيادة العرض مقابل الطلب حول العالم بادرت الكثير من الدول المستهلكة إلى التحالف فيما بينها، وتشكلت على إثر ذلك ثلاث شركات آسيوية كبرى هي (کوغاز) الكوريّة الجنوبيّة، و(سينوك) الصينية. و(JERA) اليابانية، مشيراً إلى أن هذه الشركات وقّعت مؤخراً مذكرة تفاهم لتنسيق مواقفها في مجال إستهلاك الغاز.
وبيّن الجزائري أن حاجة الشركات المذكورة تشكل ما يقارب 30 % من إجمالي الطلب العالمي على الغاز، معتبراً توقيع مذكرة التفاهم بين هذه الشركات بأنه مهّد السبيل لخفض مستوى الطلب من ناحية، وأسهم بتحقيق مكاسب أكبر لصالح المستهلكين على حساب المصدِّرين من ناحية أخرى، في وقت لا زالت الدول الرئيسية المنتجة للغاز غير متفقة على كيفية مواجهة هذا الواقع، في حين قرر بعضها زيادة إنتاجه وعرضه بأسعار مخفّضة في الأسواق.
وأشار هذا الخبير الدولي أيضاً إلى أن قطر والنرويج وروسيا - الدول الأكثر إنتاجاً وتصديراً للغاز في العالم - أبدت في الآونة الأخيرة مرونةً أكثر من ذي قبل، عندما قررت رفع سقف إنتاجها، الأمر الذي عاد عليها بالنفع، وسيؤدي حتماً إلى جذب المزيد من العملاء بعد اختلال التوازن بين العرض والطلب في الأسواق العالمية.
وأشار "الجزائري" كذلك إلى أن حجم الغاز المصدر من روسيا والنرويج وقطر لم ينخفض خلال السنة المنصرمة رغم هبوط الأسعار، ودخول إستراليا وأمريكا على خط التنافس مع الدول المذكورة، مشيراً في هذا المضمار الى العقود التي أبرمتها مؤخراً شركة "راس الغاز " القطرية لتصدير الغاز السائل بأسعار مخفّضة مع شركة "بترونت الهندية" و"شركة النفط الحكومية الباكستانية" ولمدة 15 عاماً.
ونوّه الخبير الدولي في شؤون الطاقة إلى أن إيران التي تملك إحتياطي هائل من الغاز الطبيعي يصل إلى 34 تريليون متر مكعب، وقدرة على إنتاجه بكلفة منخفضة، يمكنها أن تكون منافساً قوياً لروسيا وقطر والنرويج في الأسواق العالمية. مشيراً الى سياسة طهران الحالية في هذا الإطار التي تركز على تصدير الغاز إلى دول الشرق الأوسط خصوصاً العراق وبعض بلدان مجلس التعاون لاسيّما سلطنة عمان والإمارات، معرباً في الختام عن إعتقاده بأن أمريكا لا يمكن أن تكون منافساً قوياً لإيران في هذا المجال في أسواق المنطقة.