الوقت- تنطوي سياسة البحرين داخلياً كانت أم خارجية على التبعية لنظام آل سعود، فلا يرى آل خليفة امتداداً طبيعيّاً لهم سوى في العمق السعوديّ من خلال التبعية المطلقة والاندماج في المواقف، وربما الاتحاد المستقبليّ، ولعل أخر مظاهر هذه التبعية تمثلت في تأكيد الملك البحريني حمد بن عيسى آل خليفة، خلال لقائه الملك السعودي في زيارته الأخيرة الى الرياض، ضرورة التصدي لمخططات الإخوان المسلمين في المنطقة، منتقداً موقف الدوحة الداعم للإخوان .
موقف الملك الجديد يتعارض مع الواقع البحريني من ناحية، وتصريحات مملكته من ناحية أخرى، فالانتخابات التي جرت دون مشاركة المعارضة في البحرين، أنتجت نائبين اثنين عن تيار الاخوان، لذلك فان الاعلان الجديد للملك البحريني يعني أن مجلس نوابه الذي نتج عن انتخابات"هزيلة" معروفة النتائج مسبقا،ً يضم ارهابيين ما يستدعي فصلهم مما يفتح على آل خليفة أبواباً مغلقة في الداخل البحريني حتى يومنا هذا.
من ناحية اخرى قد أعلن وزير الخارجية خالد بن أحمد آل خليفة في وقت سابق أن بلاده لا تعتبر الاخوان المسلمين جماعة إرهابية، خلافا لموقف السعودية التي أعلنت قائمة بالأحزاب والتيارات التي وصفتها بالإرهابية، ومن بينها جماعة الإخوان المسلمين. وقد أعرب خالد بن أحمد آل خليفة حينها عن تفهم بلاده موقف السعودية المتعلق باعتبار الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، ولكنه أوضح أن ذلك لا ينطبق على البحرين، لأن الإخوان المسلمين فيها لم يرتكبوا ما يضر المصلحة الوطنية، وأضاف "لذا فنحن نتفهم موقف السعودية اعتبار الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، لكن يجب النظر إلى قضية الإخوان المسلمين في كل دولة على حدة"، لذلك لا يندرج التخبط البحريني في التصريحات الرسمية الا في سياق التحول السعودي تجاه الاخوان.
ترى السعودية في وجود الأخوان خطرا عليها، كما ترى باقي دول الخليج الفارسي ذلك، وهو ما ذهبت إليه دراسة إسرائيلية حديثة، حيث أكدت أن السعودية ترى في "الإخوان المسلمين" وجماعات "الإسلام السني" بشكل عام تهديداً على نظام الحكم فيها، على اعتبار أن نجاح هذه الجماعة قد ينسف المسوغات الدينية التي يستند عليها نظام الحكم لتبرير وجوده.
وجاء في الدراسة الصادرة عن "مركز أبحاث الأمن القومي"، التابع لجامعة تل أبيب أن الموقف من جماعة الإخوان المسلمين أصبح أحد العوامل المؤثرة في علاقات الرياض الخارجية، مشيرة إلى أن الخلاف الكبير مع دولة قطر ينبع من هذه القضية على وجه الخصوص .
وأشارت الدراسة- التي نشرت في عدد 541 من مجلة "مباط عال"- إلى أن السعودية تحاول صياغة مجلس تعاون دول الخليج الفارسي من أجل تسهيل مهمة مواجهة التحديات التي تلاقيها، والمتمثلة في خطر الإسلام السني والتحدي الإيراني.
وأضافت الدراسة: "لقد اكتشفت القيادة السعودية الهرمة أنه في غضون أعوام عدة ستجد نفسها في بيئة معادية وخطيرة تهدد استقرار نظامها، وهو ما دفعها لمحاولة إقناع الدول".
اذاً، يندرج الموقف الجديد لنظام البحرين تجاه جماعة الاخوان المسلمين في سياق الحملة السعودية الشرسة على الجماعة لعزلها كلياً عن الساحة العربية بعد أن كانت الرياض الحضن الدافئ لها سابقاً، وقد تزامن موقف الملك حمد مع الدور الذي لعبته السعودية في ترميم العلاقة المصرية القطرية، وترميم العلاقات الخليجية- الخليجية، لأن نقطة الافتراق الرئيسية بين محوري مصر- السعودية والإمارات، والمحور القطري التركي، تمثلت بـ«جماعة الإخوان المسلمين».
في الخلاصة، لن ترضى السعودية عن البحرين الا ان أعلنت ولائها التام "للشقيق الأكبر"، ولكننا نرى أن البحرين أحرص من السعودية نفسها على مصالح الأخيرة، فآل خليفة ملكيين أكثر من الملك، وموقف حمد الأخير في من جماعة الاخوان المسلمين مرتهن "لعيون السعودية"، فالاسلام السياسي والمنافسة الفكرية التي تتبلور في طرح الاخوان السايسي"خط أحمر" لدولة لا تزال تعيش على وهم قيادتها للعالم العربي والاسلامي .
