الوقت- حرب التسلح، معرکة واقعیة فتحت ابوابها بین اطراف لم تتوقف الحرب بینهم في یوم من الایام، و لا سبیل لتوقفها الا بنتیجة "الغالب والمغلوب". فمنذ ظهور ما یسمی بالکیان الإسرائيلي، سعی الصهاینة للسیطرة علی الشرق الاوسط بترسیم الحدود الاسرائیلیة من النيل الی الفرات. وبدات معها حرب التسلح، بین الحرکات المقاومة و الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة و حزب الله اللبناني من جهة و الکیان الاسرائیلي و امیرکا من جهة اخری. وتفاقمت ظروف هذه الحرب في الاونة الاخیرة، فبدات الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة تهدد بصفعة للکیان الصهیوني، تستخدم خلالها صواریخ بالیستیة بعیدة المدی قادرة علی تدمیر الکیان الاسرائیلي بعشر دقائق، و اکدت علی تزوید حزب الله بهذه القدرة التدمیریة الهائلة. و بالمقابل سعی ایضا الکیان الاسرائیلي للوقوف بوجه هذه القدرة بمنظومات اعتراض صاروخیة تخفف من حدة التوتر الداخلي و الخوف علی الکیان. فماذا کانت نتیجة ذلک علی اطراف النزاع؟
من الجانب الایرانی، قامت الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة بتطویر العدید من الصواریخ البالیستیة و تجربتها في الاعوام الاخیرة، وکان من ابرزها منظومة "شهاب" باجیالها المختلفة، التي تراوح مداها بین 300 و 10000 کیلومتر، مهددة بذلک عمق الکیان الغاصب بصواریخ قدرتها التدمیریة العالية جدا. وقد شكلت الصواریخ الایرانیة من فئة شهاب 3 الذي یزید مداه عن 1300 كیلومتر وما تلاها، توازنا استراتیجیا جنب المنطقة كوارث حروب مدمرة مع الصهاینة. و لم تخف الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة نجاح تجاربها الصاروخیة کافة بصور و افلام وثقت التجارب زارعة في القلب الصهیوني رعبا جدیدا یسمی الصواریخ البالیستیة .
ومن الجانب المقاوم، لم یکن الوضع الاسرائیلي اکثر امانا، فبعدما اعلن نائب الامین العام لحزب الله ﺳﻤﺎﺣﺔ اﻟﺸﯿﺦ ﻧﻌﯿﻢ ﻗﺎﺳم ان "ﺻﻮارﻳﺦ ﺣﺰب اﷲ اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﻣﻦ الجمهوریة الاسلامیة الاﻳﺮانیة ﻟﻌﺒﺖ دورا مهما ﻓﻲ ﻣﻌﺎدﻟﺔ اﻻﻧﺘﺼﺎر ﻓﻲ ﻋﺪوان ﺗﻤﻮز ﻋﺎم ۲۰۰۶، ﻷﻧﮫ وﺻﻠﺖ إﻟﻰ ﻋﻤﻖ اﻟﻜﯿﺎن "اﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﻲ". اکد ان "ﻣﺎ ﺣﺼﻞ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ ۲۰۰۶، ﻣﺎ ھﻮ إﻻﱠ نموذجا مصغرا، لما سیحصل في الداخل الاسرائیلي في حال نشوب حرب جدیدة بین الطرفین ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺘﻄﻮر اﻟﺬي ﺣﺼﻞ ﻓﻲ إﻣﻜﺎﻧﺎت ﺣﺰب اﷲ نتیجة لدﻋﻢ الجمهورية اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ اﻻﻳﺮاﻧﯿﺔ، واﺳﺘﻌﺪادات اﻟﺤﺰب ﻷي مواجهة ﻗﺎدﻣﺔ .
ومن جانب مقاوم اخر، اصدرت النائبة الجمهورية عن ولاية فلوريدا في مجلس النواب الاميركي"ايليانا رايس" اعلانا مفاده ان حرکة حماس قد حصلت علی صواریخ بالیستیة من صناعة ایرانیة. ما ينفه اي من الاطراف المعنیة، الفلسطیني او الایراني. ما یعزز الخوف الاسرائیلي من الحروب المحتملة علی کافة الاصعدة فالحرب القادمة ستکون في عمق الجبهة اﻟﺪاﺧﻠﯿﺔ "اﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﯿﺔ"، فاﻟﺼﻮارﯾﺦ التي حصلت علیها المقاومة من جهة و تمتلکها الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة من جهة اخری تهدد عمق الکیان الغاصب، ما یجعل کل نقطة من الاراضي الفلسطینیة المحتلة مقبرة للجنود الاسرائیلیین في حال تجرا الصهاینة علی القیام باي "حماقة" کما یعبر الامین العام لحزب الله سماحة السید حسن نصرالله .
ولم یخف الکیان الاسرائیلي خوفه من صواریخ المقاومة یوما، فصنع ما عرف بالقبة الحدیدیة التي من شانها ان تدمر کل الصواریخ التي تطلق الی الاراضي الاسرائیلیة، و لکن حرب تموز 2006 من جهة، و حرب "العصف الماکول" کما تسمیها الفصائل الفلسطینیة علی غزة مؤخرا ابرزت فشل القبة الحدیدیة، فقد استهدفت صواریخ المقاومة اماکن عدة في الکیان الغاصب موقعة اصابات مهمة .
والیوم و مع تهدید جدید قوامه الصواریخ البالیستیة، یقیم الکیان مناورات "رادعة" تحاکي الرد الصهیوني علی المناورات الایرانیة و تهدیدات المقاومة الاسلامیة و الفصائل الفلسطینیة. ومن هنا برزت فکرة منظومة "حیتس" المضادة للصواریخ البالیستیة، و لکن منذ اکثر من ثلاثة اشهر لم تخرج نتائج تجارب وزارة الحرب الاسرائیلية علی صواریخ "حیتس" او "السهم" الا بفشل مدو الواحد تلو الاخر، ولکن المفارقة هذه المرة، ان الفشل اصاب الجیل الثالث منه، بعدما لم یجتز الجیل الثاني التجارب العملیة في ایلول الماضي. ولکن العدو الاسرائیلي حینها اخفی النتائج لتکشف في وقت لاحق من قبل الروس. و قد نقلت وکالة رویترز عن مصادر امنیة صهیونیة ان منظومة "حیتس 3" فشلت في تحقیق هدفها خلال اول تجربة حیة لاعتراض صاروخ بالیستي .
وکان الکیان الاسرائیلي الغاصب قد أجری بمساعدة امیریکیة اختبارا لنظام دفاع صاروخي بالستي اخر اطلق علیه تسمیة "ارو 3"، وصرحت وزارة الحرب الاسرائیلیة في بيان لها انه "تم اطلاق صاروخ بنجاح واعترضه نظام ارو للأسلحة، في اطار برنامج اختبار مشترك"، ولکنها لم تكشف عن مزيد من التفاصيل ما یثیر العدید من الاسئلة حول صدق هذا البیان او کذبه. إلا أن الاعلام المحلي قال إنه تم وقف الاختبار قبل اكتماله .
و هذا ما یؤکده موقع صحيفة "جيروزاليم بوست" الصهیونیة في نقلها عن المسؤول في وزارة الدفاع، "يائر راماتي" الذي اعتبر ان الاختبار "لم يكن ناجحا أو فاشلا". و قد أوضح "راماتي" للصحيفة ان الجزء الأول من الاطلاق كان يشتمل على رصد الصاروخ المستهدف الذي اطلق فوق البحر المتوسط باتجاه إسرائيل، في محاكاة لهجوم على الأجواء الإسرائيلية. ولفت راماتي إلى أنه تقرر في منتصف الاختبار عدم اطلاق صاروخ "ارو 3" الاعتراضي لأن ظروف الاطلاق لم تكن مناسبة، مؤكدا أنها ليست المرة الأولى التي لا تكون فيها جميع الظروف مواتية للتجربة .
اذا، الاختبارات الاسرائیلیة للمواجهة فاشلة، و القدرات الایرانیة في تطور مستمر. هذا واقع حرب التسلح القائمة بین الاطراف، و الخوف الاسرائیلي واضح من قدرات الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة، و التي وصلت مؤخرا لید المقاومة في لبنان و فلسطین المحتلة، فهل انتهت حرب السلاح بتفوق محور المقاومة؟ ام ان جولات اخری بانتظار المعرکة؟
