الوقت - تعيش مدينة القدس ومسجدها الأقصى المبارك أحداثًا ساخنة في الأسابيع القليلة الماضية تراوحت ما بين قيام مستوطنين وجمعيات صهيونية متطرفة باقتحام ساحات المسجد وإقرار حكومة الاحتلال لمشاريع استيطانية وتهويدية جديدة في القدس من جهة، وما بين تصدي المصلين والمرابطين لهذه الاعتداءات ومحاولتهم وقف المخططات الإسرائيلية الساعية لتهويد المدينة وإفقاد المسجد لقداسته لدى المسلمين من جهة أخرى.
الأعتداءات الاسرائيلية ترافقت مع ادانات عربية ودولية على الصعيدين الرسمي والشعبي، فبعد أن بات مألوفا اقتحام اليهود المتطرفين المسجد الأقصى المبارك، تجاوز الاحتلال إلى خطوات أكثر تصعيدا فداس جنوده على أثاث الحرم ودنسوا المحراب والمصاحف، مما يعد إمعانا في إهانة العرب والمسلمين .
إدانات عربية
اعتبرت العديد من الدول العربية أن هذه الاعتداءات الخطيرة تهدد عملية السلام وتقود إلى مزيد من التوتر والتصعيد في المنطقة .
فقد نددت الحكومة الفلسطينية بالاعتداء الإسرائيلي على المسجد، حيث دعت مجلس الأمن الدولي لتحمّل مسؤولياته والضغط على إسرائيل لوقف تصرفاتها الاستفزازية والعدوانية في المسجد الأقصى والقدس الشرقية، والتي تتجلّى في السماح للمستوطنين اليهود باقتحام الحرم القدسي الشريف .
واعتبرت وزارة الشؤون الخارجية الفلسطينية، العدوان الإسرائيلي الشامل ضد القدس ومقدساتها، والعدوان الإسرائيلي الرسمي على المسجد الأقصى المبارك الفلسطينية، السياسة الإسرائيلية الرسمية المتبعة في القدس هي امتداد لعقلية التمسك بالاحتلال والاستيطان، وضم أرض دولة فلسطين وتهويدها، وتجسيد علني لقرار الحكومة الإسرائيلية بتدمير حل الدولتين واغتيال أي فرصة للسلام والمفاوضات .
وأكدت الخارجية الفلسطينية مواصلتها التحرك السياسي والدبلوماسي مع الدول كافة والأمم المتحدة، لفضح الطابع الاحتلال التهويدي العنصري لهذا العدوان الإسرائيلي المفتوح ضد المسجد الأقصى، مشددة على أنها ستواصل تحركها تجاه مجلس الأمن الدولي والمؤسسات الأممية المختصة، لوقف هذا العدوان الغاشم ولجمه .
في السياق نفسه، حذر الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي من تصاعد الانتهاكات والاستفزازات العدوانية الإسرائيلية غير المقبولة في القدس وتهديدها المسجد الأقصى، وأوضح أنه يجري حاليا اتصالات مع الدول العربية ومع القيادة الفلسطينية، لدراسة التحركات العربية المطلوبة لوقف هذا "العدوان الخطير ".
كما استنكر رئيس البرلمان العربي، أحمد الجروان، "بشدة استمرار اقتحام القوات الإسرائيلية للمسجد الأقصى ومنع المصلين من دخوله، وتكرار الاعتداءات عليه وزيارات المستوطنين الاستفزازية إليه ".
وأدان أمين عام منظمة التعاون الإسلامي، إياد بن أمين مدني، ، اقتحام المسجد الأقصى على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي، والاعتداء الغاشم على المصلين في باحة المسجد، مما أدى إلى وقوع عشرات الإصابات بينهم .
كما أدانت الأمانة العامة لرابطة العالم الإسلامي، ومقرها مكة، والهيئات والمراكز والمؤسسات التابعة لها، قيام سلطات الاحتلال الإسرائيلي بإغلاق الحرم المقدسي، بعد تعرض يهودي متطرف، لإطلاق رصاص في مدينة القدس المحتلة .
بدورها طالبت وزارة الخارجية المصرية إسرائيل باحترام حرمة وسلامة الأماكن المقدسة في القدس، مؤكدة أنها تتابع -على مدار الأيام الأخيرة- بقلق بالغ التصعيد الإسرائيلي غير المبرر تجاه المسجد الأقصى، والاقتحامات المتكررة لباحة الحرم القدسي الشريف ومنع المصلين المسلمين من أداء الصلاة بعد إغلاق المسجد .
من جهته طالب الأردن مجلس الأمن بتحمل مسؤولياته لوقف اعتداءات إسرائيل على المسجد الاقصى ومحاسبتها بعد أن قامت قواتها الخاصة باقتحام المسجد الأقصى، وقد سلمت البعثة الأردنية فى نيويورك رسالة شكوى بهذا الصدد إلى رئيس مجلس الأمن الدولي لهذا الشهر السفير الاسترالي جاري كوينلان .
وكانت الحكومة الأردنية قررت استدعاء السفير الاردني في تل ابيب للتشاور، احتجاجا على التصعيد الإسرائيلي المتزايد وغير المسبوق بالحرم القدسي .
في السياق نفسه أعرب مصدر مسؤول في وزارة الخارجية الكويتية عن إدانة واستنكار بلاده للاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى، معتبرة أنه انتهاك صارخ لمشاعر المسلمين، وتأكيد على عزم إسرائيل المضي في تصعيدها الذي سيقود إلى مزيد من التوتر ونسف الجهود المبذولة لإحياء عملية السلام في الشرق الأوسط .
إدانات دولية
دولياً، دانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الايرانية مرضية افخم بشدة انتهاك الكيان الصهيوني لحرمة المسجد الاقصى ومؤامرة غلقه امام المصلين ومن ثم دعم المستوطنين للاعتداء على حماة هذا المكان المقدس .
وحذرت افخم من التداعيات الخطيرة لهذا الاجراء، داعية جميع الدول الاسلامية والمحافل الاقليمية لعدم اتخاذ موقف الصمت تجاه هذا العمل الاجرامي الذي يقوم به الكيان الصهيوني والمبادرة للدفاع عن المسجد الاقصى والقدس الشريف .
بدورها، دعت باكستان مجلس الأمن الدولي إلى القيام بدوره اللازم في حل النزاع العالق في الشرق الأوسط منذ عقود من خلال إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود ما قبل عام 1967م وعاصمتها القدس الشريف .
في السياق نفسه، حذرت أطراف أوروبية رسمية من تصاعد الموقف في منطقة الشرق الأوسط في ظل التطورات الأخيرة في مدينة القدس، وطالبت طرفي النزاع بتهدئة الأوضاع واللجوء لطاولة المفاوضات.
ففي بريطانيا، ناشد وزير الخارجية فيليب هامون كافة الأطراف المعنية تهدئة الأوضاع في القدس، معربا عن قلقه البالغ حيال ارتفاع حدة التوتر في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وفي ألمانيا، قال كريستيان فيرتز نائب الناطق باسم الحكومة إن برلين تتابع بقلق بالغ تطورات الأوضاع في القدس، مؤكدا دعمها وجود دولة فلسطينية مستقلة ديمقراطية تقيم علاقات مبنية على الأمن والسلام مع كل جيرانها بما في ذلك إسرائيل.
من جهتها حذرت منسقة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي الجديدة فيديريكا موغيريني من تصعيد جديد للعنف في الشرق الأوسط في حال عدم استئناف الجهود لحل النزاع بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وفي إيطاليا، اعتبر وزير الخارجية، باولو جينتيلوني أن إغلاق أماكن العبادة في مدينة القدس أمر ينذر بالخطر،موضحاً أن الوضع في الحرم القدسي يتفاقم حالياً بفعل استمرار إغلاق أماكن العبادة.
من جانبه أدان وزير خارجية التشيك، لبومير زورالك، "الممارسات الإسرائيلية في مدينة القدس وإغلاق المسجد الأقصى، والاستمرار في التوسع الاستيطاني ".
احتجاجات شعبية
شعبيا، تواصلت المظاهرات والمسيرات بدول عربية عدة، منددة بالاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى .
وأحدث تلك المظاهرات كانت في موريتانيا، حيث تظاهر الآلاف من سكان العاصمة نواكشوط الجمعة لنصرة الأقصى ودعمه في وجه الاعتداءات التي يتعرض لها من طرف المستوطنين .
وشارك في المسيرة الآلاف، وردد المتظاهرون شعارات تدعوا حكام العرب إلى اتخاذ مواقف "شجاعة وقوية" ضد الاعتداءات التي يتعرض لها الأقصى .
وفي بيروت نظم العشرات من اللاجئين الفلسطينيين في أحد مخيماتهم في العاصمة اللبنانية بيروت وقفة تضامنية مع الأقصى، مؤكدين أنهم يتمنون الدفاع عنه والموت على أعتابه.
وشهد الأردن بعد صلاة الجمعة عدداً من المسيرات والوقفات الاحتجاجية تضامنا مع الأقصى، وللترحيب باستدعاء حكومة عمان سفيرها في تل أبيب، ومطالبتها باتخاذ المزيد من الإجراءات التصعيدية لحماية المقدسات، وطالبتها بطرد السفير الإسرائيلي من عمان. كما طالبت بإنهاء معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية.
وفي غزة، شارك المئات الجمعة في مظاهرة احتجاجية دعت إليها حركة الجهاد الإسلامي نصرة للأقصى. وندد المشاركون بالاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، مطالبين الأمة الإسلامية بالتحرك لوقف سياسة الاعتداءات بحق الأقصى .
كما أعلنت كتائب القسام تأسيس "الجيش الشعبي". وقال متحدث باسم القسام إنه تم تخريج 2500 يشكلون الفوج الأول للجيش الشعبي لتحرير المسجد الأقصى وفلسطين.
الى ذلك، أعلنت منظمة "أنونيموس" العالمية عن تكثيف الجهود بين هكرز الإنترنت في العالم لضرب المواقع الالكترونية والمؤسسات الحكومية والبنوك وكل ما يعمل على الانترنت فى دولة الاحتلال الإسرائيلي ضمن حمله بعنوان "عملية حماية الأقصى".
وتم تحديد الرابع عشر من نوفمبر الذي يصادف الجمعة القادمة موعدا للهجوم. وتوعدت مجموعة "أنونيموس" بدك وتعطيل المنشآت التكنولوجية والعسكرية للكيان ردا على اعتداءات القدس وإغلاق المسجد الأقصى في وجه المصلين.
يذكر أن أحیاء القدس الشرقیة، تشهد خلال الفترة الأخیرة مواجهات شبه یومیة بین شبان فلسطینیین وقوات إسرائیلیة، واقتحامات متکررة للمسجد الأقصى من قبل مستوطنین إسرائیلیین، فیما ینفذ فلسطینیون عملیات دهس بالسیارات تستهدف إسرائیلیین کان أخرها هجوم نفذه الشاب المقدسي إبراهیم العکاري.
