الوقت- ناقش الشيخ نعيم قاسم، مساء الأحد، بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لتوليه منصب الأمين العام لحزب الله، في مقابلة مفصلة مع قناة المنار، آخر التطورات في المنطقة، بالإضافة إلى بعض تفاصيل مواجهة العدو الصهيوني خلال مشاركة حزب الله في معركة اقتحام الأقصى.
المقاومة أسلوب حياة شامل، وليست مجرد خيار عسكري وتكتيك
أكد الشيخ نعيم قاسم أن حزب الله يمثل مشروعًا استراتيجيًا قائمًا على رؤية واضحة لمعالجة قضايا المواطنين والتعامل مع التحديات التي يواجهونها، سواء أكانت اجتماعية أم اقتصادية أم تربوية أم تحديات تتعلق باعتداءات الاحتلال، يتخذ حزب الله مواقف واضحة في مواجهة أي تحدٍّ يمس الحقوق والقضايا الأساسية.
وأضاف: المقاومة، بالنسبة لحزب الله، ليست مجرد خيار عسكري أو إنجاز تكتيكي مؤقت يمكن تجاوزه، بل هي أسلوب حياة شامل، وهي جزء لا يتجزأ من طبيعة هذه الحركة، نحن لا نكل، ونهج حزب الله قوي ومتين، لا يمكننا الاستسلام لمجرد أننا نشعر بالتعب أحيانًا؛ بل سنواصل الدفاع عن وطننا ومقاومتنا.
بقيتُ في لبنان ومع الشعب والمقاتلين خلال الحرب
كما أشار إلى رفضه مغادرة لبنان أو التوجه إلى إيران خلال الحرب مع العدو الصهيوني، مؤكدًا أن بقاءه في لبنان كان لأسباب أخلاقية وعملياتية؛ لأن قيادة المعركة تطلبت منه البقاء في الميدان بين رفاقه، والقائد يكون ذا مصداقية عندما يكون موجودًا في ساحة المعركة مع المقاتلين والشعب.
قدّم الإمام الخامنئي جميع أنواع الدعم للمقاومة
تحدث الأمين العام لحزب الله عن إدارة معركة "أولي الباص" بقيادة شاملة لهذه الحركة، تضم الأمين العام والقادة والقيادات ومجلس حزب الله، بالإضافة إلى المقاتلين وجميع من كانوا في الميدان، وقال: قدّم الإمام السيد علي الخامنئي، قائد الثورة الإسلامية في إيران، جميع أنواع الدعم للمقاومة، وتابع تفاصيل المعركة ومتطلباتها؛ دون أي تدخل مباشر في قيادة هذه الحرب، حيث كانت جميع القرارات والإجراءات في هذه المعركة لبنانية بالكامل، واتُخذت داخل بلدنا.
صمد مئات المقاومين في وجه عشرات الآلاف من جنود العدو الصهيوني
وتابع الأمين العام لحزب الله حديثه متطرقًا إلى دور وتضحيات المقاومين في مواجهة العدو الصهيوني، قائلاً: لقد واصل مجاهدونا، الذين كانوا على الخطوط الأمامية، نضالهم حتى آخر رمق، تاركين نموذجًا فريدًا في التضحية والصمود، بعد استشهاد السيد حسن نصر الله، تمكّن مئات المقاومين الأبطال من منع زحف أكثر من 75 ألف جندي صهيوني إلى داخل لبنان، ما يدل على أن استشهاد السيد حسن نصر الله أعطى المجاهدين المزيد من الدافعية، وعزز صمودهم الأسطوري، وزاد من روح التضحية والشجاعة في صفوفهم.
قوة وحدة الرضوان لا تزال قائمة
وتابع الشيخ نعيم قاسم: لقد سجّل المقاومون معركة البص الأولى، التي ستكون نموذجًا جديدًا في الصمود والتضحية إلى يوم القيامة، كان لوجودهم وصمودهم دورٌ حاسمٌ في منع الاحتلال الإسرائيلي من الوصول إلى نهر الليطاني أو اختراق بيروت وتحقيق أهداف العدو العسكرية، كانت وحدة الرضوان جزءًا لا يتجزأ من قوة المقاومة، وقدمت تضحياتٍ كثيرةً وشهداءَ كثيرين، ولا تزال تؤدي دورًا حيويًا في منظومة الاستقرار والمقاومة الشاملة.
صرح الأمين العام لحزب الله قائلاً: "إن الملايين الذين شاركوا في تشييع الشهيدين السيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفي الدين، وحضور عشرات الآلاف من الكشافة في حفل كشافة حزب الله الأخير الذين يرعون أجيالًا جديدة من المقاومة، لهما صورة حية لإرادة الشعب ورسم مستقبل المقاومة في لبنان، إن وجود المقاومة في لبنان موحد ومستمر، وأساس بقائها هو الإيمان والإرادة.
المقاومة لم تبادر بالحرب يومًا، بل هي دائمًا على أهبة الاستعداد للدفاع
وأوضح: حزب الله لم يبادر بالحرب يومًا، بل يتخذ موقفًا دفاعيًا مشروعًا ضد عدو يسعى لتدمير الأمم واحتلال أراضيها، إذا لم يُواجه هذا العدو، فسيستمر في العدوان واحتلال الأراضي، وقد يُدمر الأجيال القادمة، لن نقود شعبنا أبدًا نحو خيارات سيئة، بل سنرشده نحو خيارات عظيمة تحفظ كرامته وتصنع مستقبلًا أفضل.
علاقة حزب الله مع نبيه بري متينة للغاية
وقال هذا القيادي المقاوم عن علاقته وعلاقة حزب الله مع نبيه بري، رئيس مجلس النواب اللبناني، إن علاقتنا متينة للغاية، والتنسيق بيننا كان دائمًا على أعلى المستويات، وخاصة خلال فترة عدوان الاحتلال الصهيوني على لبنان، خلال تلك الفترة، كنا نتشاور باستمرار حول التطورات الميدانية وموقف المقاومة.
وصرح الشيخ نعيم قاسم: يُطلع حزب الله السيد نبيه بري باستمرار على جميع التطورات المتعلقة بجهود المقاومة، ويتابع القضايا والتنسيق باستمرار، ما عزز التقارب والتفاهم في أصعب الظروف، بعد حوالي عام من وقف إطلاق النار، بلغ التنسيق بين حزب الله ونبيه بري ذروته، لدرجة أن البعض يحسد هذه العلاقة.
إذا فُرضت علينا حرب جديدة، فسنصمد في وجه العدو
وأضاف الشيخ نعيم قاسم: حزب الله مستعد دائمًا للدفاع، لكنه لم يبادر أبدًا بأي حرب أو هجوم، ليس لدينا قرار ببدء حرب، ولكن إذا فُرضت علينا معركة، فسنصمد في وجه العدو ونقاتله حتى آخر نفس، هذا قرار حاسم، بغض النظر عن الظروف، حزب الله في موقف دفاعي ولن يتخلى أبدًا عن هذا الدور وسيواصل المقاومة، مهما كانت القدرات الموجودة.
وأشار إلى أن من انتهك لبنان وقاده نحو خيارات صعبة هم أمريكا والكيان الصهيوني، وليس المقاومة، لم نخلق أي أزمة للبلد ولم نقده نحو خيارات خطيرة، لكن أمريكا و"إسرائيل" هما من يواصلان الانتهاكات والتحريض في لبنان، نحن في حزب الله متمسكون بأشرف وأفضل موقف.
لن نسمح للعدو بتحقيق أهدافه في أي معركة جديدة محتملة
وقال الشيخ نعيم قاسم: لقد التزمنا بالاتفاق الذي توصلنا إليه مع الحكومة اللبنانية ولم نخرق هذا الاتفاق ولو مرة واحدة خلال الأشهر العشرة التي تلت وقف إطلاق النار، حتى لا نعطي العدو ذريعة، لكن الصهاينة يواصلون عدوانهم واحتلالهم للأراضي اللبنانية.
وأوضح حزب الله: إن المقاومة في لبنان هي مقاومة وطنية لكل اللبنانيين، وندعو الجميع إلى التوحد وترك حالة الانقسام، يواصل حزب الله حاليًا تحقيقاته في مختلف القضايا وسيعلن النتائج للرأي العام بعد استكمال التفاصيل، سيستمر عملنا مهما كانت التحديات لتمهيد الطريق للمقاومة الوطنية.
على الحكومة اللبنانية القيام بواجباتها في حماية البلاد وشعبها
وأكد الأمين العام لحزب الله: "ندعو الحكومة اللبنانية إلى القيام بواجباتها الوطنية"، عشرة أشهر مرّت على اتفاق وقف إطلاق النار، ولم تتخذ الحكومة اللبنانية أي إجراء لمواجهة اعتداءات العدو الصهيوني واحتلاله، على الحكومة الضغط والصراخ وتحمل مسؤوليتها، إن التزام حزب الله بالاتفاقات يعكس مصداقيته في أي اتفاق، وعلى الجميع أن يتخذوا من نهج المقاومة نموذجًا، من الممكن أن يتغير الوضع مستقبلًا، وأن تفكر الحكومة اللبنانية يومًا ما في تفاهم جديد مع المقاومة لإيجاد آليات لمواجهة العدو الصهيوني.
المقاومة تتجاوز الحدود الجغرافية، وسلاحها حق مشروع لمواجهة الاحتلال
وتابع الشيخ نعيم قاسم حديثه عن سلاح المقاومة، قائلاً: سلاح المقاومة حق مشروع لمواجهة اعتداءات العدو الصهيوني واحتلاله، والمقاومة لا ترتبط بالجغرافيا، بل تنبع من الإرادة والواجب الوطني، سلاح حزب الله هو حصراً لمقاومة العدو الصهيوني الذي احتل أراضي وطننا، ويُعتبر تهديداً استراتيجياً لوجود لبنان والمنطقة بأسرها.
وقال الأمين العام لحزب الله: "هذا التهديد الكبير مستمر حاضرًا ومستقبلًا، ولا يمكن قبول أي مبرر لاستهداف سلاح المقاومة، والجميع يعلم أن العدو الصهيوني لا يحتاج إلى أي ذريعة لغزو دول المنطقة؛ كما يحدث اليوم في سوريا، ومن دون وجود الكيان المعارض للكيان الصهيوني أو المقاومين في هذا البلد؛ فإن الصهاينة يستهدفون سوريا باستمرار باعتداءاتهم واحتلالاتهم.
التنسيق بين الجيش والمقاومة ضروري للدفاع عن البلد
وتابع: يسعى العدو إلى فرض كيان سياسي واجتماعي من اختياره على لبنان، وتدمير مقومات وطننا عبر العقوبات، ومحو مناطق جغرافية بالكامل بهدف السيطرة الكاملة على لبنان، في هذه الظروف، ما يجب فعله هو الرد على عدوان العدو واحتلاله، لا مناقشة ذرائعه، وفي ظل عجز الجيش اللبناني عن مواجهة أي عدوان وتهديد خارجي، تتضح أهمية المقاومة الشعبية إلى جانب الجيش أكثر فأكثر.
وأكد قائد المقاومة على ضرورة التنسيق بين الجيش والمقاومة لمواجهة عدوان العدو وتهديداته، محذرًا من مساعي نزع سلاح المقاومة، وقال: حزب الله مستعد لمناقشة استراتيجية أمنية وطنية شاملة؛ وذلك في حال تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار بشكل كامل، ووقف عدوان واحتلال العدو الصهيوني، وإزالة عوامل وإشارات أي حرب جديدة.
لجأ المحتلون إلى الضغط السياسي بعد هزيمتهم ميدانيًا
وقال: إن تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار هو مقدمة لتنفيذ القرار 1701 واستكمال البنود المتبقية ذات الصلة، كما أن العلاقة بين الكيان الصهيوني والحكومة اللبنانية تُحدد فقط على أساس اتفاق وقف إطلاق النار، وأي إجراء يتعلق بالسيادة اللبنانية أو التنسيق مع المقاومة أو إدارة ملف السلاح والمقاومة هي قضايا لبنانية بحتة يجب دراستها داخليًا بين الأطراف اللبنانية ودون تدخل إسرائيلي.
وقال الأمين العام لحزب الله: عندما يتم تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بالكامل ويلتزم به الجميع، ستتم دراسة القرار بشأن الخطوات التالية في مجال توسيع السيادة أو التنسيق مع المقاومة أو التعامل مع ملف السلاح داخل لبنان نفسه ودون تدخل خارجي، إن الكيان الصهيوني الذي فشل في تحقيق أي من أهدافه ضد المقاومة في المعركة الميدانية، يتدخل اليوم عمدًا في الشؤون الداخلية للبنان، إذا أراد الاستمرار في هذه العملية أو الشروع في عدوان جديد، فسندافع ونقاوم حتى آخر نفس، وقد اعتمدنا على الله دوام النصر واستمرار هذا المسار.
حزب الله يبذل جهودًا كبيرة في ملف إعادة الإعمار
كما صرّح الشيخ نعيم قاسم بشأن ملف إعادة إعمار لبنان: يبذل حزب الله جهودًا كبيرة في ملف إعادة الإعمار ضمن إمكانياته، مؤكدًا أن عملية إعادة الإعمار تقع بالدرجة الأولى على عاتق الحكومة اللبنانية، وعليها واجب حماية ودعم المواطنين، فمن دون إعادة إعمار حقيقية، لن يكون هناك استقرار للحكومة، وندعو الحكومة اللبنانية إلى البدء بمشروع إعادة الإعمار بما لديها من إمكانيات، فإعادة الإعمار رافعة اقتصادية واجتماعية أساسية لبقاء لبنان وصمود مجتمعه.
