الوقت - بعد مرور أسبوعين تقريبًا على وقف إطلاق النار، وبعد عامين من القصف والحرب المتواصلة من قبل الصهاينة على غزة، يستعد هذا القطاع لإعادة الإعمار، في الوقت نفسه، ورغم سريان وقف إطلاق النار حاليًا في غزة، لا يزال الرأي العام العالمي حساسًا تجاه القضية الفلسطينية، وفي الوقت نفسه، نشهد مظاهرات ومسيرات دعمًا لفلسطين في العديد من مدن العالم، لماذا، رغم وقف إطلاق النار في غزة، يواصل المواطنون النزول إلى الشوارع دعمًا لفلسطين في العديد من مدن العالم؟
تاريخ طويل في دعم فلسطين
منذ تأسيس الكيان الصهيوني عام ١٩٤٨، شكلت القضية الفلسطينية مغناطيسًا عاطفيًا عالميًا، مغناطيس يجذب مشاعر كالحماسة الدينية في العالم الإسلامي والغضب المناهض للاستعمار حول العالم وبين غير المسلمين، عادةً ما تُثير الصراعات العالمية الأخرى مشاعر عالمية لفترة من الزمن ثم تهدأ، على سبيل المثال، استطاعت صراعات روسيا في أوكرانيا، أو الحرب في أفغانستان أو أزمة العراق، أو الصراعات العرقية في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، أو الحروب والأزمات الإنسانية في اليمن والسودان والبوسنة، جذب مشاعر عالمية لفترة زمنية محددة ومحدودة، وبعد بضعة أشهر أو سنوات تُهمّش هذه القضايا، لكن قضية فلسطين لا تزال المحور الرئيسي للعديد من الاحتجاجات والمسيرات المطالبة بحقوق الإنسان حول العالم منذ عام ١٩٤٨ وحتى اليوم.
عامان من الدعم العالمي لفلسطين بالأرقام
توجد إحصائيات وتقارير مهمة حول عدد الاحتجاجات والمظاهرات الداعمة لفلسطين خلال عامي الحرب على غزة:
٢٠٩٠ مظاهرة شهريًا: تشير التقارير إلى أنه خلال حرب غزة، نُظمت حوالي ٢٠٩٠ مظاهرة شهريًا ضد الكيان الصهيوني.
95% من الاحتجاجات دعماً لفلسطين: أعلن المركز الصهيوني لدراسات الأمن الداخلي في تقرير له أن عدد مؤيدي فلسطين في العالم قد ازداد بشكل ملحوظ منذ بدء حرب غزة الحالية، وانخفض عدد مؤيدي "إسرائيل" بالنسبة نفسها، وأعلن المركز الصهيوني في تقريره أن نتائج الاستطلاعات والتقييمات تُظهر أن 95% من الأشخاص الذين نظموا مظاهرات حول العالم منذ بدء حرب غزة رداً على هذه الحرب يدعمون فلسطين.
احتجاجات في 120 دولة: منذ بداية حرب غزة، نُظمت مظاهرات في 120 دولة حول العالم، وتجاوز عدد المظاهرات الداعمة لفلسطين عدد المظاهرات الداعمة لـ"إسرائيل" بكثير، وهذا التوجه مستمر.
مظاهرات واسعة النطاق ومستمرة في 88 دولة حول العالم: يضيف المركز الصهيوني لدراسات الأمن الداخلي في تقريره أننا نشهد مظاهرات مستمرة دعماً لفلسطين في 88 دولة على الأقل حول العالم.
احتجاجات تتزامن مع وقف إطلاق النار
على مدار الأسبوعين الماضيين، وبالتزامن مع إعلان وقف إطلاق النار في غزة، استمرت الاحتجاجات الداعمة لفلسطين، وتشير التقارير إلى أنه خلال الأسبوع الماضي الذي تلا وقف إطلاق النار، شهدت أكثر من 65 دولة حول العالم احتجاجات داعمة لغزة.
واللافت للنظر أن احتجاجات دعم فلسطين نُظمت حتى في دول شرق آسيا، مثل اليابان وكوريا الجنوبية، خلال وقف إطلاق النار. هاتان الدولتان لا تُعتبران من الدول الإسلامية، ولم تتابعا القضية الفلسطينية كثيرًا قبل حرب غزة، لكن عامين من جرائم الكيان الصهيوني ضد غزة دفعت حتى هذه الدول، التي لا تربطها أي صلة جغرافية أو ثقافية أو دينية بالقضية الفلسطينية، إلى مواصلة احتجاجاتها الداعمة لفلسطين في الفترة التي تلت إعلان وقف إطلاق النار.
تُعدّ إنجلترا، وألمانيا، وفرنسا، وإيطاليا، وإسبانيا، وبلجيكا، وأستراليا، وكندا، والولايات المتحدة، من أهم الدول الغربية التي لا تزال تشهد احتجاجات واسعة النطاق دعمًا لفلسطين حتى خلال وقف إطلاق النار.
لماذا يواصل المؤيدون الفلسطينيون احتجاجاتهم؟
كان هدف العديد من الاحتجاجات التي نُظمت في مناطق ودول عديدة حول العالم خلال حرب غزة هو وقف الحرب في غزة وحل القضية الفلسطينية، ورغم توقف الحرب إلى حد كبير في غزة، لا يزال المتظاهرون يطالبون بدعم عالمي لفلسطين، في الواقع، يبدو أن اتفاق وقف إطلاق النار الذي اقترحه ترامب، والذي أُعلن عنه في شرم الشيخ بمصر، رغم التوقف النسبي للحرب، قد فشل في معالجة القضية الفلسطينية من جذورها، ما يبدو أنه يحدث هو أن اتفاق وقف إطلاق النار الذي اقترحه ترامب لحرب غزة هو وقف للحرب، وليس حلاً لقضية الحرب، بمعنى آخر، يركز هذا الاتفاق بشكل سطحي على وقف الحرب، لكنه يفتقر إلى الإرادة لحل القضية الفلسطينية، كما أن الرأي العام العالمي يدرك أن وقف إطلاق النار لا يكفي للفلسطينيين، بل يجب أن يحصل الشعب الفلسطيني على كامل حقوقه الإقليمية في مواجهة المحتلين الصهاينة.
من ناحية أخرى، ورغم وقف إطلاق النار في غزة، لم تنتهِ الأزمة الإنسانية في هذا القطاع الذي مزقته الحرب بعد، بل إن الأزمة الإنسانية الناجمة عن المجاعة والدمار والخراب آخذة في الانتشار، في الواقع، يطالب الرأي العام العالمي الآن بمحاسبة مرتكبي جرائم الحرب في غزة ومحاكمتهم، ويعتبرون وقف الحرب مجرد مرحلة أولى بعد حرب غزة، وعليه، ورغم وقف إطلاق النار في حرب غزة، يواصل مئات الآلاف حول العالم النزول إلى الشوارع دعمًا لفلسطين، لأنهم يدركون أن خطة ترامب لوقف إطلاق النار قد فشلت في معالجة القضية الفلسطينية وحقوق الفلسطينيين بشكل جذري.
