الوقت - في ظل استمرار وتصاعد وتيرة الهجمات الصاروخية والمسيّرة الفتاكة التي يشنها حزب الله، والتي تستهدف بدقة متناهية المراكز الاستراتيجية للكيان الصهيوني من أقصى شمال فلسطين المحتلة إلى قلبها، أبدت وسائل الإعلام العبرية قلقاً بالغاً إزاء تفاقم هذا الوضع المتأزم.
وقد سلطت الضوء على الارتفاع المهول في عدد الضحايا من الجنود الصهاينة جراء المواجهات مع حزب الله، موجهةً سهام النقد اللاذع نحو "يسرائيل كاتس"، وزير الحرب الجديد في الكيان الصهيوني، متهمةً إياه بإطلاق تصريحات تفتقر إلى المصداقية حول تحقيق نصر مزعوم على حزب الله.
الخسائر البشرية الإسرائيلية في الحرب تصل إلى مستويات مروعة
كشفت لياخ شوفال، المراسلة العسكرية في صحيفة "إسرائيل هيوم" العبرية، عن أرقام مروعة تزلزل الكيان الصهيوني، إذ صرحت: "منذ اندلاع شرارة الحرب، سقط 894 جندياً إسرائيلياً صرعى، يضاف إليهم عدد غير محدد من عناصر الشرطة وجهاز الأمن العام (الشاباك)، ناهيك عن الحصيلة المهولة من المستوطنين، وهذه الإحصائيات المفجعة تتخطى حدود الإدراك وتستعصي على الفهم".
وفي سياق متصل، أدلى ألون بن ديفيد، المحلل العسكري البارز في القناة 13 التلفزيونية الإسرائيلية، بتصريحات مثيرة للقلق حيث قال: "يتكبد الجيش الإسرائيلي خسائر فادحة ومتصاعدة في صفوفه يوماً بعد يوم، ويزعم الجيش أنه يبذل قصارى جهده لتحييد التهديدات المحدقة بالمستوطنات الشمالية، غير أن الواقع يشهد استمرار انهمار الصواريخ، وعلى وجه الخصوص تلك المضادة للدروع، من الأراضي اللبنانية صوب المناطق الشمالية في الكيان المحتل".
وفي تقرير استقصائي مفصل، أوردت القناة 12 التلفزيونية التابعة للكيان الصهيوني معلومات خطيرة، إذ أوردت أن "البيانات الرسمية الصادرة عن الناطق العسكري، تكشف عن عجز حاد في القوى البشرية يقدّر بنحو 10 آلاف فرد، من بينهم 7500 مقاتل في الخطوط الأمامية، وقد باءت المساعي الحثيثة لاستقطاب اليهود الحريديم إلى صفوف الجيش بفشل ذريع، ما يعمق أزمة النقص في القوات المقاتلة".
ادعاء الانتصار على حزب الله کان الخطأ الفادح لوزير الحرب الإسرائيلي
صرّح "روعي كايس"، رئيس القسم العربي في قناة "كان 11" الإسرائيلية، بأن حزب الله لا يزال صامداً، ويطلق الصواريخ بتنسيق عالٍ وفعالية ملحوظة، ومن الجلي تماماً أن حزب الله وحليفه نبيه بري، رئيس البرلمان اللبناني، إضافةً إلى الحكومة اللبنانية، يعملون على اتفاق لوقف إطلاق النار بصورة تفضي إلى إنهاء الحرب بشكل كامل، وتنفيذ القرار الدولي 1701 دون أي تعديلات، رافضين قطعياً أي حرية عمل عسكري للجيش الإسرائيلي في لبنان.
وفي سياق متصل، علّق المراسل العسكري للقناة 13 الإسرائيلية على تصريحات وزير الحرب الإسرائيلي الجديد، بشأن الانتصار المزعوم على حزب الله، قائلاً: “"إن أفدح أخطاء يسرائيل كاتس، بعد أسبوع واحد من توليه منصب وزير الحرب، كان إعلانه النصر على حزب الله".
وأضاف المراسل: "كما أن من أخطاء كاتس الجسيمة الأخرى، تصريحه بأن "نزع سلاح حزب الله هو أحد الأهداف المعلنة للحرب"، ومن الواضح أن مثل هذه التصريحات ستؤثر حتماً على موقف حزب الله في المفاوضات المتعلقة بوقف إطلاق النار".
الادعاءات بالنصر على حزب الله وحماس واقع بعيد المنال
في تحليل للمشهد الراهن، كشف المراسل العسكري لصحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية عن هوة سحيقة تفصل بين الواقع الملموس، وبين التصريحات المتفائلة ليسرائيل كاتس بشأن الانتصار المزعوم على حزب الله، وكذلك ادعاءات الجيش الإسرائيلي حول تفوقه على حماس، والحقيقة الجلية، التي لا مراء فيها، هي أن "إسرائيل" لا تزال تتجرع مرارة الخسائر الفادحة في أتون هذه الحرب المستعرة.
وفي سياق متصل، أدلى باروخ كارا، المراسل القضائي في القناة 13 الإسرائيلية، بدلوه حول المقطع المصور الذي نشرته حركة الجهاد الإسلامي مؤخراً للأسير الإسرائيلي ألكسندر توربانوف، حيث صرح قائلاً: "قد يرى البعض في نشر هذا الفيديو، مجرد حلقة في سلسلة الحرب النفسية التي يشنها الفلسطينيون ضد "إسرائيل"، بيد أنه في حقيقة الأمر يجسّد بصورة صارخة الواقع المرير الذي يرزح تحت وطأته الأسرى الإسرائيليون".
وأردف كارا في تحليله: "إن شحّ الغذاء، وندرة الرعاية الصحية، والظروف القاسية التي يكابدها الأسرى الإسرائيليون، هي حقائق دامغة لا سبيل إلى دحضها، لقد أفضت العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، إلى مصرع ما لا يقل عن 27 أسيراً إسرائيلياً خلال العام المنصرم، ومن الأهمية بمكان أن نولي اهتماماً بالغاً لمطالب أسرانا في غزة".
الجدير بالذكر أن حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية قد أماطت اللثام قبل أيام، عن مقطع مصور للأسير الإسرائيلي ألكسندر توربانوف، الذي وصم فيه الحكومة الإسرائيلية تحت قيادة بنيامين نتنياهو بأنها "نظام متهاوٍ يفتقر إلى أدنى مقومات المسؤولية"، مهيباً بالشعب الإسرائيلي تصعيد وتيرة الضغوط على الحكومة ونتنياهو، لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين القابعين في غزة.
تحوّل الکيان الإسرائيلي إلى كيان مقيت على الساحة الدولية
في تحليل يسبر أغوار المشهد الراهن، كشف ياريو أوبنهايمر، الناشط السياسي والخبير الصهيوني، عن هواجس عميقة تعتريه إزاء انحدار "إسرائيل" إلى مرتبة الكيان المنبوذ على الصعيد الدولي، وأفصح في تصريحات لافتة: "في أعقاب تسرب لقطات مصورة مروعة تفضح الممارسات الهمجية لجنود الاحتلال الإسرائيلي في غزة، تتصاعد وتيرة القلق بشكل غير مسبوق حول مكانة إسرائيل في المنظومة العالمية".
وأردف أوبنهايمر في معرض تحليله: "حينما أتوق لاستجلاء حقيقة ما يجري على أرض غزة، أجد نفسي مدفوعاً نحو الحساب الرسمي للصحفي الصهيوني البارز يانون ميغال على منصة تويتر، ما يتكشف أمام الأنظار هناك، هو مشهد قاتم من الخراب الشامل، وإزهاق الأرواح بلا هوادة، ومعاناة إنسانية تفوق حدود الوصف، ناهيك عن الانتهاكات الصارخة للمواثيق الدولية على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلية".
وأضاف الخبير الصهيوني مستطرداً: "في الوقت الذي تتعمد فيه وسائل الإعلام الإسرائيلية التعتيم على هذه المشاهد المفزعة من غزة، فإن المجتمع الدولي على بينة تامة من حقيقة ما يجري على أرض الواقع، وهذا الأمر، بلا شك، يؤجج نيران السخط والاستنكار العالمي تجاه إسرائيل، ما يزيد من عزلتها وانحسار تأييدها على الساحة الدولية".
واختتم أوبنهايمر تحليله بالقول: "لا مناص من الإقرار بأن الأسرى الإسرائيليين في غزة، جنباً إلى جنب مع جنود جيش الاحتلال، قد غدوا ضحايا للمطامع الجامحة للقيادة السياسية الإسرائيلية، في سعيها المحموم لاحتلال غزة وفرض هيمنتها عليها".
وحدات الجيش الإسرائيلي تتهاوى في المستنقع اللبناني
في تطورٍ دراماتيكي يعكس تعقيدات المشهد العسكري، كشف "روعي يونوفسكي"، المراسل البارز في القناة 13 الإسرائيلية، عن حصيلة مروعة تمثلت في سقوط سبعة جنود إسرائيليين في عملياتٍ نوعية نفذها مقاتلو حزب الله خلال يومٍ واحد، وأبرز يونوفسكي أن الكتيبة 52 المنضوية تحت لواء جولاني - الذي يُعدّ درة تاج القوات البرية الإسرائيلية - قد تكبدت خسائر استراتيجية غير مسبوقة في مواجهاتها مع حزب الله.
وفي تحليلٍ للموقف، أفصح الخبير العسكري الإسرائيلي “يوسي يهوشع" عن معطياتٍ صادمة، مؤكداً أن لواء جولاني قد فقد ما يزيد على مئة من عناصره النخبوية منذ اندلاع المواجهات، في مؤشرٍ خطير على فداحة الخسائر البشرية التي يتكبدها الجيش الإسرائيلي في الساحة اللبنانية الجنوبية.
وفي تصريحٍ لافت للنظر، حذّر "نوعام تيبون"، القائد السابق للفيلق الشمالي في الجيش الإسرائيلي، من أن الساحة اللبنانية قد تحولت إلى مستنقعٍ عميق يبتلع القوات الإسرائيلية في أعماقه، مستدركاً: "لقد أطلقنا صيحات التحذير مراراً وتكراراً من مغبة الانزلاق في المستنقع اللبناني، وإن الخيار الأمثل الآن يتمثل في إبرام اتفاقية لوقف إطلاق النار".