الوقت- كان رئيس وزراء الكيان الصهيوني، قد عين الأسبوع الماضي نائبه السابق، يهيل ليتر، وهو مستوطن صهيوني، سفيراً للكيان في واشنطن، ويحل ليتر محل مايك هرتزوغ، الذي تنتهي فترة ولايته رسميا في يناير. وفي الوقت نفسه الذي يعود فيه دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي الجديد، إلى البيت الأبيض، سيتولى ليتر منصبه أيضًا.
ولد ليتر في الولايات المتحدة ويقيم حاليا في مستوطنة عيلي الصهيونية وسط الضفة الغربية المحتلة، وهو معروف بمواقفه اليمينية المتطرفة ودعمه للاستيطان الصهيوني في الضفة الغربية، وهو شخص نشأ في أحضان اليمين المتطرف في الكيان الصهيوني.
بدأ نشاطه في "عصبة الدفاع عن اليهود" الذي كان يديره مئير كاهناه، وعصبة الدفاع عن اليهود (JDL) هي منظمة إرهابية وفق تصنيف في الولايات المتحدة، ورابطة الدفاع اليهودية هي منظمة عسكرية يهودية دينية سياسية متشددة هدفها المعلن هو "حماية اليهود من معاداة السامية بأي وسيلة ممكنة".
وأخيراً، صنف مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي الاتحاد كمجموعة إرهابية يمينية في عام 2001، ووفقا لمكتب التحقيقات الفيدرالي، لعبت هذه المنظمة دورا في تخطيط وتنفيذ أعمال إرهابية في الولايات المتحدة، وإن نشاط يهيل ليتر في مثل هذه المنظمات يكفي لإظهار مدى تطرفه الصهيوني.
إن حقيقة أن مثل هذا الصهيوني المتطرف يصبح سفيرًا للكيان الصهيوني في الولايات المتحدة في نفس الوقت الذي يتولى فيه دونالد ترامب منصبه، تظهر أن نتنياهو يحاول إقناع دونالد ترامب، الرئيس المستقبلي للولايات المتحدة، بالقيام بشيء عظيم من أجل مصالح الكيان الصهيوني، وهو أمر لا يستطيع القيام به إلا مثل هذا الشخص.
الجواب على هذا السؤال يكمن فيما اشتهر به يهيل ليتر في الأراضي المحتلة والذي نشر عنه كتابا في عام 2020، بعنوان "سيادة إسرائيل على يهودا وشمرون وغور الأردن" يناقش فيه أهمية ومعنى وطريقة وأساس قانوني لتطبيق القوانين الإسرائيلية في يهودا والسامرة وغور الأردن (الضفة الغربية).
ويكفي هذا الموضوع لفهم المهمة التي أوكلها بنيامين نتنياهو ليهيل ليتر سفيرا لهذا الكيان في أمريكا، والحقيقة أن يهيل ليتر سيذهب إلى أمريكا لوضع اللمسات الأخيرة على خطة ضم الضفة الغربية للكيان الصهيوني من خلال التشاور وإقناع الحكومة الأمريكية القادمة وترامب نفسه.
وحسب القانون الدولي فإن المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية غير قانونية، وفي عام 2016 وافق مجلس الأمن على القرار رقم 2334، الذي يعتبر بموجبه المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية انتهاكا واضحا للقانون الدولي، لكن كعادته فإن الكيان الصهيوني لا يعير أي اهتمام لأي من القرارات.
أثيرت مسألة ضم الضفة الغربية إلى الأراضي الواقعة تحت احتلال وسيطرة الصهاينة بشكل جدي خلال الولاية الأولى لرئاسة دونالد ترامب الرئيس الحالي المنتخب للولايات المتحدة، وتم اتخاذ الإجراءات بمساعدة الأنظمة التوفيقية العربية، والتي بسبب ولاية ترامب الواحدة وغيرها من التطورات لم تؤت ثمارها، ومع وصول جو بايدن إلى السلطة واللفتة السلمية الكاذبة التي أظهرها هو وحكومته، ظلت الخطة صامتة حتى اليوم، لكن يبدو أن بنيامين نتنياهو وحكومته يحاولان استغلال هذه الفرصة منذ الساعة الأولى لعودة ترامب إلى البيت الأبيض ووضع ضم الضفة الغربية تحت حكم الكيان الصهيوني على جدول الأعمال.
كما ذكرت صحيفة "يسرائيل هوم" هذه القضية في عنوان الصفحة الأولى في الأيام الماضية، كتبت هذه الصحيفة في عنوانها الأول: موضوع السيادة في الضفة الغربية يُطرح على جدول الأعمال من جديد، ومن أجل عدم إزعاج إدارة بايدن، تجنبت إدارة نتنياهو خطة عامة محددة فيما يتعلق بضم الضفة الغربية إلى "إسرائيل"، ولكن فور تولي ترامب منصبه في يناير/كانون الثاني، ستتم مراجعة هذه الخطة مرة أخرى
وهذا الأسبوع أيضًا، أعلنت هيئة الإذاعة والتلفزيون التابعة لكيان الاحتلال أنه بمجرد تولي دونالد ترامب رسميًا منصب الرئيس الأمريكي، سيثير بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الكيان الصهيوني، مسألة "ممارسة سيادة" هذا الكيان على الضفة الغربية.
وذكرت وسائل الإعلام أن نتنياهو قال في لقاءات خاصة إنه يجب تسليط الضوء مرة أخرى على قضية ضم الضفة الغربية عندما يتولى ترامب الرئاسة الأمريكية.
الآن يمكنك أن تفهم تماما لماذا عين نتنياهو يهيل ليتر سفيرا جديدا لهذا الكيان، أو بمعنى آخر، الجسر بينه وبين ترامب في أمريكا، وتتمثل مهمته في إقناع ترامب بالذهاب نحو الخطة التي ينتهجها نتنياهو بشأن ضم الضفة الغربية إلى سيادة الكيان الصهيوني.
والسؤال الآخر الذي يطرح نفسه في هذا الصدد هو لماذا يسعى قادة الكيان الصهيوني في مثل هذا الوضع إلى إعادة إطلاق مثل هذه الخطة؟ الجواب على ذلك هو رغبة غالبية دول العالم في تشكيل دولة فلسطين المستقلة، وهو الأمر الذي لا يرغب الكيان الصهيوني في قبوله بأي شكل من الأشكال.
وحسب الصهاينة فإن تحقيق ذلك يعني إغلاق طوق من النار حول نفسها، وإذا تم تشكيل دولة فلسطين المستقلة بدعم من المجتمع الدولي، فستكون عملية الطرد ونهاية الوجود الصهيوني غير الشرعي، ولذلك فإن الصهاينة يبذلون قصارى جهدهم لمنع حدوث مثل هذه المشكلة.
ويرى نتنياهو أنه مع الانتهاء من ضم الضفة الغربية للكيان الصهيوني، فإن خطة الصهاينة طويلة الأمد لاحتلال الأراضي الفلسطينية المتبقية قد تحققت، وسيضطر المزيد من الفلسطينيين إلى مغادرة أراضيهم، ولن يكون هناك ولن يتبقى شيء يريده المجتمع الدولي والفلسطينيون في تشكيل دولة فلسطينية مستقلة معها، لذلك، بهذه الرؤية وهذه الاستراتيجية يرسل نتنياهو شخصا مثل يهيل ليتر إلى واشنطن بمهمة محددة ومهمة واضحة.
ما لا شك فيه أنه مع الاتجاه الحالي لقادة الكيان الصهيوني، من المتوقع أنه في نفس الوقت مع بداية رئاسة ترامب، لن تتحرك ليس فقط التطورات في غرب آسيا وخاصة الأراضي المحتلة، نحو التهدئة والحد من العنف والتوتر، ولكن علينا أن ننتظر جولة جديدة من التوترات المتزايدة الحدة في المنطقة وفي فلسطين المحتلة.