الوقت- مؤخراً، صرح وزير الاتصالات الإسرائيلي، شلومو كرعي، في بيان له بأن تل أبيب ستستخدم جميع الوسائل الممكنة لمنع الملياردير الأمريكي إيلون ماسك من توفير خدمة الإنترنت للمنظمات الإنسانية الدولية في قطاع غزة.
هذا البيان جاء ردًا على تغريدة من ماسك، الذي يدير منصة "ستارلينك" التابعة لشركته "سبيس إكس"، والتي أعلن فيها دعمه لتحسين خدمة الإنترنت في قطاع غزة بالتعاون مع المنظمات الإغاثية العالمية.
وأضاف كرعي بشكل أكثر تحديدًا: "سنستخدم كل الوسائل الممكنة لمواجهة خطوة إيلون ماسك"، وأشار إلى أن حركة حماس ستسعى للاستفادة من خدمة ستارلينك لتعزيز أنشطتها، في وقت تفرض القوات الإسرائيليّة حرباً همجيّة وعبثية على الأبرياء والتجمعات السكنية المأهولة بالسكان من خلال القصف العنيف والعشوائي واستهداف المشافي على وجه التحديد.
رفض لمحاولة إنهاء عزل غزة عن العالم
في وقت بات العالم فيه قرية صغيرة، أكد الوزير الإسرائيلي أن مكتبه سيقاطع أي علاقات مع شركة ستارلينك، استجابة لإعلان ماسك سابقًا، وكان ماسك أعلن عن قراره تقديم خدمة الإنترنت للمنظمات الإغاثية المعترف بها دوليًا في غزة، بعد أن قامت "إسرائيل" بقطع الإنترنت عن القطاع.
وعلى منصته "إكس"، أعلن إيلون ماسك بوضوح أن "خدمة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية التابعة لشركة ستارلينك ستقدم توسعاً في نطاق اتصالها لتشمل منظمات الإغاثة المعترف بها دولياً في قطاع غزة."
ومن جهة أخرى، لم يستبعد الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري، إمكانية استخدام أي خيارات فيما يتعلق بمستشفى الشفاء في غزة، وعندما سئل هاغاري في مؤتمر صحفي عن احتمالية مهاجمة مستشفى الشفاء، أجاب بقوله: "في هذه الحرب، كل الخيارات مطروحة على الطاولة"، وادعى الجيش الإسرائيلي أن "المئات من مسلحي حماس قد فروا بعد الهجوم الذي وقع في الـ 7 من تشرين الأول، وذلك للاختباء في مستشفى الشفاء بغزة."
وفي الأيام السابقة، زعم الجيش الإسرائيلي أن قادة وأفرادًا من حركة "حماس" يلجؤون إلى مستشفى الشفاء، ما أثار مخاوف من إمكانية شن هجوم دمويّ من قبل الاحتلال العسكري على المستشفى.
وفي الأيام الفائتة، أكد رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، سلامة معروف، في مؤتمر صحفي أقيم في مستشفى الشفاء، أن "تهديد إسرائيل لمستشفى الشفاء يشكل حكما بالإعدام، وذلك ليس فقط بالنسبة لآلاف المرضى والجرحى، وإنما أيضًا بالنسبة لكل مريض أو جريح يمكن أن يسقط في المستقبل أو يكون هدفاً للاحتلال."
وشدد معروف على أن الادعاءات الإسرائيلية تُعتبر "تهديدات فاحشة وأكاذيب تم ترويجها من قبل الاحتلال منذ بداية النكبة المستمرة ضد الشعب الفلسطيني."
وأكد معروف أيضًا أن عدم إعلان الجيش الإسرائيلي عن مقتل أي من قادة "حماس" داخل المستشفى أو في محيطها يُعد "دليلاً واضحًا على أن الأشخاص الذين زُعم أنه تم اغتيالهم من قبل الجيش الإسرائيلي لم يكونوا حتى قرب مستشفى الشفاء."
وفي نهاية المؤتمر الصحفي، قام معروف بجولة تفقدية مع ممثلي وسائل إعلام دولية عديدة، لتفقد جميع مرافق مستشفى الشفاء التي تم استهدافها والتي تمت الإشارة إليها في تصريحات الجيش الإسرائيلي.
وليلة الجمعة/ السبت شهد قطاع غزة هجومًا شديد العنف من عدة جهات، ووصف بأنه "الأعنف" منذ بداية الشهر الجاري (تشرين الأول)، هذا الهجوم أسفر عن تدمير مئات المباني بشكل كامل، وتزامن مع توغل بري محدود دام لليوم الثالث على التوالي، كما أدى إلى انقطاع الاتصالات والإنترنت تمامًا، ما عزل القطاع عن العالم الخارجي.
وعلى مر الـ22 يومًا الماضية، شنت القوات الغازية عملية عسكرية في قطاع غزة تمت تسميتها "السيوف الحديدية"، هذه العملية أسفرت عن تدمير أحياء بأكملها وأسفرت عن خسائر بشرية فادحة، بما في ذلك وفاة 7703 أشخاص، بينهم 3195 طفلًا و1863 امرأة، إضافة إلى إصابة 19743 آخرين بجروح متنوعة.
وخلال الفترة نفسها، أعلنت وزارة الصحة الإسرائيلية أن حركة "حماس" قتلت أكثر من 1400 إسرائيلي وأصابت آخرين، إضافة إلى ذلك، قد أسرت "حماس" أكثر من 220 إسرائيليًا، من بينهم عسكريون برتب عالية، وتم تداول مقترح لمبادلتهم بأكثر من 6000 أسير فلسطيني، بما في ذلك أطفال ونساء.
ما سرّ الإرهاب الإسرائيلي الجديد؟
يبدو أن اللوبيات الصهيونية نجحت في عمليات اختراق على منصات التواصل الاجتماعي الأخرى مثل "فيسبوك"، "إنستغرام"، و"يوتيوب"، هذا جعلها قوة عاملة ضخمة تعمل جاهدة لحذف المحتوى العربي والفلسطيني من هذه المنصات والذي يفضح جرائم الاحتلال الشنيعة، والآن يُعتبر الوقت مناسبًا لممارسة الضغط على إيلون ماسك مبكرًا، والمطالبة باتخاذ الخطوات نفسها، ويجب عليه حذف المحتوى العربي عبر تهديده بفرض عقوبات اقتصادية على شركاته وإفلاسها، وبالخصوص شركة "إكس" التي اشتراها العام الماضي بقيمة تجاوزت 44 مليار دولار.
ومؤخرا، قامت رابطة مكافحة التشهير بالصهيونية، والتي تُعد منظمة غير حكومية تتلقى دعمًا من تل أبيب وتستخدم مسألة مكافحة "معاداة السامية" ذريعة لدعم الاحتلال وجرائمه، بشن حملة عنيفة ضد إيلون ماسك ومنصة "إكس".
وقد دعت هذه المنظمة شركات أمريكية إلى عدم الإعلان على هذه المنصة، ما دفع ماسك إلى رفع دعوى قضائية ضدها أمام المحاكم الأمريكية، هذا التحرك القضائي يأتي كاحتجاج على الاتهامات التي لا أساس لها، مثل "معاداة السامية" والمحاولة لربطه بتشجيع انتشار خطاب الكراهية بسرعة عبر منصته، هذا الوضع أدى إلى تراجع كبير في حجم الإعلانات على المنصة بنسبة 60 بالمئة، وقد يكون من الضروري أن يطالب إيلون ماسك بتعويضات تصل إلى 6 مليارات دولار بسبب هذا الخسارة.
إيلون ماسك رد بقوة واستقامة على حملة اللوبيات الصهيونية، وأكد بشدة مبدأ "حرية التعبير" وأهمية دعم حق الآخرين في التعبير عن آرائهم، وفي مواجهة بنيامين نتنياهو، الذي يُعتبر واحدًا من أبرز العناصر العنصرية، أشار ماسك إلى أن "حرية التعبير غالبًا ما تؤدي إلى وجود خلافات، وإذا قال شخصٌ شيئًا لا تحبه، فإن ذلك ليس انتهاكًا لحرية التعبير إذا تم قبول ذلك الرأي والتعامل معه بشكل مناسب"، وأضاف ماسك: "هذا لا يعني أن يتم فرض السلبية على الناس، لأن منصة "إكس" يجب أن تكون مكانًا جاذبًا وممتعًا ومفتوحًا لتبادل وجهات النظر، وفي حال فقدان ذلك، سيؤدي إلى رحيل المستخدمين عن المنصة"، هذه الكلمات تمثلت في صفعة قوية لبنيامين نتنياهو وأنصاره، الذين يُعلنون أن كيان الاحتلال الإسرائيلي هو الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة.
وإن استخدام تهمة "معاداة السامية" كوسيلة لقمع حرية التعبير واحتكارها له تأثير سلبي على العديد من المنظمات اليهودية التي اعترضت على هذا الاستغلال، وأثر ذلك على تعريفها ومضمونها بشكل غير عادل.
إيلون ماسك ليس الشخص الوحيد الذي تأثر بهذه الحملة، بل كان خاسرًا بشكل كبير، حيث أدت الحملة ضده وضد منصته إلى خسارته تجاوزت 22 مليار دولار من خلال انخفاض قيمة أسهم منصته، وقد شاهدنا محاولة عزل القطاع المحاصر من عقدين عن العالم لارتكاب جرائم دون حد وبلا محاسبة.
ويبدو أن أي تعبير عن معارضة لجرائم "إسرائيل" يمكن أن يتعرض لحملات شديدة من منظمات يهودية صهيونية تهدف إلى إسكاته، حيث تم إغلاق حسابات على منصة "فيسبوك" أربع مرات، وتم حذف جميع الإعلانات عن قنوات على منصة "يوتيوب"، وبعض الأشخاص تعرضوا للمنع من الظهور على العديد من القنوات التلفزيونية في بريطانيا والولايات المتحدة، إضافة إلى بعض القنوات العربية، بما في ذلك "بي بي سي" في جميع نسخها باللغة الإنجليزية والعربية ولغات أخرى، على الرغم من أن بعض هؤلاء الأشخاص ينتمون إلى الفئة التي تتعرض لاتهامات بـ "معاداة السامية"، إلا أن هذه التهمة ليست مستندة إلى أي دليل واقعي. الحملة ما زالت مستمرة، ولكن رغم ذلك، فإن هؤلاء الأشخاص لن يستسلموا في هذا السياق.
الإشارة إلى ضعف وانكسار دولة "الأبارثيد" الصهيونية تمثل ربما بداية النهاية لمحاولتها السيطرة على وسائل الإعلام الجديدة بالطريقة نفسها التي سيطرت بها على وسائل الإعلام التقليدية.
الكثيرون يتمنون أن يبقى إيلون ماسك قويًا في موقفه دعمًا لـ "حرية التعبير" ومقاومة هذه الجماعات الإرهابية التي تسعى للسيطرة على منصته وتحويلها عن مسارها الحالي الذي يحترم تنوع الآراء ويكرّس حرية التعبير.
إيلون ماسك فقد مبالغ ضخمة بسبب هذه الحملة الإرهابية التي تعرض لها وما زال يتعرض لها، ورغم ذلك يمتلك ثروة كبيرة جعلته يحتل مرتبة الرجل الأغنى في العالم بفضل ذكائه وإصراره.
النهاية، كيان الاحتلال الإسرائيلي يواجه تحديات متزايدة بسبب المقاومة المتصاعدة في الأراضي المحتلة ودعم الجماهير العربية من خلال نشر جرائمه الشنيعة، وعلى الرغم من عدم دعم معظم الحكومات له، هذا الدعم وتغيير معادلات القوة في المنطقة يشكلان تحديًا حقيقيًا للكيان، إذا كانت الغالبية العظمى من مواقع التواصل الاجتماعي تعج بصور الضحايا والأبرياء والتجمعات السكنية المبادة لدرجة أن الكيان اتخذ خطوات إعادة غزة إلى العصر الحجري لإنهاء الوجود الفلسطيني قبل أي شيء آخر.
