الوقت- المغني الشاب إم سي عبدول، من مدينة غزة ويبلغ من العمر 15 عامًا فقط، يتعرض لرقابة على محتواه على الإنترنت، حيث يسعى هذا الطفل الفلسطيني الصغير إلى تسليط الضوء على معاناة أطفال فلسطين الناجمة عن القصف المتواصل الذي يتعرض له قطاع غزة من خلال توثيق حياتهم اليومية بأسلوب الراب باللغة الإنجليزية، ولكن تم حجب محتواه وإزالة أعماله من جميع منصات التواصل الاجتماعي المتخصصة في الموسيقا على مستوى العالم، وتم حذف جميع أعمال المغني الشهير إم سي عبدل، الذي أتقن هذا الفن ببراعة، والذي استخدمه ليعكس آلام وأمال أبناء الشعب الفلسطيني بشكل عام، وأحلام الأطفال بشكل خاص، هذا يأتي خصوصًا في قطاع غزة، الذي لا يزال يعاني تحت حصار إسرائيلي مستمر منذ أكثر من أربعة عشر عامًا.
الطفل المعجزة
على الرغم من أن مغني الراب الفلسطيني ما زال في سن الخامسة عشرة، إلا أن شهرته تجاوزت حدود بلاده، حيث تمت مشاهدة مقاطع فيديو راب لإم سي عبدول وهو على أنقاض قطاع غزة ملايين المرات، حيث فاجأ العالم بأدائه، لقد تم نشر أعماله على جميع منصات الموسيقا العالمية، وتجدر الإشارة إلى أنه كان صوتًا لغزة وفلسطين بأكملها، وقد أتى من قلب الصراع والقصف الوحشي لينقل صوت شعبه إلى العالم، ويُظهر أداء إم سي عبدول في سن الثانية عشرة، حيث يقول فيه: "بسبب المكان الذي جئنا منه، يريدون احتلال أرضنا.. لكنني لن أسمح لهم باحتلال عقلي..." ولاحظ أن المقطع الفيديو حصل على الكثير من المشاهدات خلال فترة قصيرة، وقد نالت صوره والمقاطع المرئية التي ينشرها اهتمامًا وإعجابًا واسعين في مختلف أنحاء العالم.
أم سي عبدول سلط الضوء على معاناة أهالي قطاع غزة من خلال أدائه في مهرجان دريشة للفنون الأدائية التابع لمؤسسة قطر. وانتقل مغني الراب الفلسطيني عبد الرحمن الشنطي، المعروف باسم "أم سي عبدول"، والبالغ من العمر 14 عامًا، إلى قطر مغادرًا قطاع غزة للمرة الأولى في حياته، وقام بأداء أغانيه أمام جمهور مهرجان دريشة للفنون الأدائية الذي نظمته مؤسسة قطر، وحمل معه رسالة سلام ومحبة للشعوب العالمية من خلال أغانيه التي تهدف إلى نشر الوعي حول معاناة الشعب الفلسطيني.
كذلك، أم سي عبدول قدم أداءه الأول في حديقة الأكسجين بالمدينة التعليمية، في أمسية مميزة مليئة بالحماسة، وحظيت هذه الأمسية بتفاعل إيجابي من الجمهور الذي استمتع بأغانيه الهادفة، وقام أم سي عبدول بكتابة ولحن هذه الأغاني بإمكانيات وموارد محدودة جدًا، ما جعلها تعكس واقع الحياة في قطاع غزة والتحديات اليومية التي تواجه أهالي القطاع، وبدأ أم سي عبدول مسيرته في عالم "الراب" عندما كان عمره تسع سنوات، كان يستمع إلى فناني الراب مثل إمينيم وتوباك وغيرهم، وشعر بأن هذا النوع من الموسيقا يمكن أن يكون وسيلة للتعبير عن القضايا الإنسانية والاجتماعية وأن له القدرة على تحقيق تأثير إيجابي، بدأ بكتابة كلمات الأغاني وتلحينها بدعم من والده، على الرغم من التحديات العديدة التي واجهها، ومنها ضعف الموارد المادية.
ولم يكن يملك أم سي عبدول استوديو للتسجيل أو ميكروفون أو حتى جهاز حاسوب، كل ما كان يمتلكه هو هاتف والده، ولكنه استخدم القليل من الموارد لكتابة وتلحين وتسجيل ونشر أغانيه على منصات التواصل الاجتماعي، ويشير إم سي عبدول إلى أنه على الرغم من عدم امتلاكه استوديو للتسجيل، ميكروفون، أو حاسوب، إلا أنه استخدم هاتف والده الذي كان الوسيلة الوحيدة لكتابة وتلحين وتسجيل ونشر أغانيه على منصات التواصل الاجتماعي، ومن خلال هذه المنصات، ينجح في نقل رسالته إلى العالم، وأغاني إم سي عبدول تجذب آلاف المشاهدات على منصات التواصل الاجتماعي، وخاصة على منصة انستغرام، وقد نجح في لفت انتباه بعض مشاهير هوليوود، الذين قاموا بمشاركة مقاطع من أغانيه، ما زاد من شهرته.
ويواجه إم سي عبدول تحديات الحياة اليومية في غزة من خلال موسيقا الراب، حيث يخرج من منزله في كل مرة يتعرض فيها أهالي غزة لاعتداء إسرائيلي، من أجل أن يغني من موقع القصف والمعاناة، لقد فقد عددًا من أصدقائه في الصف الدراسي، وبعد أن كان يغني لهم في المدرسة، أصبح يغني من أجلهم بعد رحيلهم، وإم سي عبدول يعبر عن هذه التحديات بقوله: "في غزة، لا نمتلك حتى الاحتياجات الأساسية للحياة، الأطفال هنا يمكن أن يتعرضوا للقصف في أي لحظة ويعانوا من صدمات نفسية وفقدان لأهاليهم، ومع ذلك، هناك دائمًا الأمل، وأحاول بذل قصارى جهدي لزرع هذا الأمل بشكل أعمق في قلوب الفلسطينيين من خلال ما أقوم به".
ويغني الطفل أيضًا من أجل شقيقه عمر، الذي تعرض لصدمة في سن مبكرة خلال العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2014، ما أثر على قدرته على الكلام، إم سي عبدول يسلط الضوء على معاناة شقيقه في إحدى أغانيه، مشيرًا إلى أن معاناة شقيقه تشبه معاناة العديد من الأطفال في غزة، ونجح إم سي عبدول في حضور عدة مباريات في كأس العالم FIFA قطر 2022، وذلك لتزامن هذه الفعالية مع فترة تنظيم مهرجان دريشة للفنون الأدائية، حيث لفت انتشار الأعلام الفلسطينية في كل مكان انتباهه، وقد أعرب عن فرحته برؤية الأعلام الفلسطينية ترفرف على الأكتاف وفوق الرؤوس وفي الملعب، قال: "لقد سعدت لرؤية الأعلام الفلسطينية ترفرف بكل فخر على أكتافنا وفوق رؤوسنا وفي الملعب، إنه فخر كبير لنا كفلسطينيين وكعرب أن نحظى بهذا الدعم والتضامن".
ما الهدف من إسكات أصوات الحق؟
الهدف الرئيسي لهذا التعاون بين حكومة تل أبيب وشركات التواصل الاجتماعي يبدو واضحًا، وهو محاولة ممارسة التعتيم والسيطرة على النقاش حول القضية الفلسطينية، يهدف هذا التعاون إلى تكميم الأفواه وتشويه النضال الفلسطيني ودعم حملات التحريض الصهيونية، في الوقت نفسه، يتضمن هذا التعاون محاولة لتغيير إطار التعامل مع قضية فلسطين من قضية تحرير ونضال ضد الاحتلال والاستعمار والاضطهاد والفصل العنصري إلى إطار أمني يروّج لرواية العدو، يتم تصوير نضال ومقاومة الشعب الفلسطيني الشرعية بأنها "أعمال شغب وعنف وإرهاب"، بينما يُعتبر الاستيلاء على الأراضي وممارسة العنف الصهيوني العسكري حقاً للكيان ومؤسساته.
وإن الكيان الإسرائيلي يسعى بجدية إلى استخدام هذه الممارسات المعادية لأبسط حقوق الإنسان بهدف منع التضامن العربي والعالمي، وخصوصًا على المستوى الشعبي، والذي قد يتجلى عبر وسائل التواصل الاجتماعي مع الفلسطينيين في شهور العبادة والأعياد المقدسة، يهدف هذا التعاون مع الشركات المتحيزة إلى كبح الغضب الشعبي الرامي إلى الكشف عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي وممارساته العنصرية، هذه الممارسات تأتي في سياق فشل الإسرائيليين في محاولات التستر على الجرائم التي ارتكبوها ضد الفلسطينيين، وهي تسعى لتشويه صورة "إسرائيل" أمام الرأي العام العالمي ككيان ينشر الموت والدمار. وتظهر هذه الممارسات كجزء من محاولات العدو لاستخدام علاقته مع شركات مثل فيسبوك في تحقيق أهدافه.
أيضا، واجهت مواقع التواصل الاجتماعي انتقادات كبيرة بسبب تاريخها السيء في قمع النشطاء الفلسطينيين وداعمي فلسطين. وتم توجيه انتقادات للموقع بشكل خاص عندما تعاون مع الحكومة الإسرائيلية في إلغاء حسابات العديد من الفلسطينيين بحجة منع التحريض، وكانت هناك حالات حيث أثر هذا التعاون سلبًا على العديد من الأشخاص، واعتقل العديد منهم، ويمكن القول إن هذه التجارب تُظهر فشل الحكومات العربية والمجتمع الدولي في محاسبة "إسرائيل" على جرائمها المتزايدة ضد الشعب الفلسطيني، وتُظهر أيضًا التحديات التي تواجهها بعض الشركات والمؤسسات العالمية في مواجهة انتهاكات الكيان للقانون الدولي وحقوق الإنسان.
في الخلاصة، يُظهر التعاون بين "إسرائيل" وشركات التواصل الاجتماعي تحديات كبيرة فيما يتعلق بالحرية والحقوق الرقمية. هذه الشركات يجب أن تتخذ إجراءات ملموسة لضمان حماية حقوق الأفراد في الفضاء الرقمي وعدم التورط في قمع النشاط السلمي وحرية التعبير، وينبغي أن تكون القوانين والأنظمة التي تنظم الإنترنت عادلة وتحترم الحقوق الأساسية للأفراد. وتحديات مثل هذه تؤكد أهمية تنظيم الأنشطة على الإنترنت بشكل أكبر وتوضيح الضوابط والقوانين التي تنظم التعامل مع المحتوى المتعلق بالنزاعات السياسية والحقوق الإنسانية، ويجب أن تتحمل الشركات المسؤولية عن ممارساتها في هذا الصدد والعمل على تعزيز الشفافية وحقوق المستخدمين.
ونستشهد بما ختم به إم سي عبدول: "النضال لا يقتصر على السلاح فقط"، فإيصال صوت الأبرياء هو نضال بحد ذاته، والغناء من أجل الأمل والسلام هو مقاومة أيضًا، وهو ما لمسناه في نشاطه الهادف، وأضاف: "على الرغم من الحصار والاحتلال، سأستمر في النضال، سأغني من قلب غزة لنشر رسالتي عن الحب والسلام إلى العالم بأسره، ولزرع الأمل في قلوب كل طفل من أجل مستقبل أفضل وأكثر بهجة".
