الوقت- كتب "هادي محمدي" الكاتب المختص في الشؤون الفلسطينية الاسرائيلية في مقال نشرتها صحيفة جوان الايرانية: "كانت عملية اقتحام الأقصى مفاجئة وقوية للغاية، وتم التخطيط لها منذ صباح السبت الماضي، حيث دمرت خلال مدة 48 ساعة جميع البلدات والقواعد العسكرية والاستخباراتية في تل أبيب الواقعة على الحدود، وكانت غزة تحت سيطرة المقاومة وتكبد الصهاينة خسائر فادحة.
منذ البداية، باستثناء الأهداف المحيطة بغزة، تدفقت صواريخ المقاومة على المدن المهمة مثل أسدود وعسقلان، ثم تل أبيب وجنوب القدس الشرقية ومطار بن جورين، وهيمنت على المجتمع الصهيوني والمؤسسة العسكرية والمؤسسات الاستخباراتية الهزيمة المبكرة، وبلغ الارتباك في "إسرائيل" حداً وصل إلى أن قام نتنياهو بالتواصل مع البيت الأبيض والدول الغربية في اليوم الثالث، ورغم علاقاته الباردة مع بايدن، إلا أنه اتصل بالبيت الأبيض أربع مرات يومياً وطلب مساعدات عسكرية واستخباراتية وأسلحة وسياسية".
ولفت الكاتب إلى أنه من أجل تغطية احتياجات الدعم للوبي الصهيوني، اتخذت أمريكا بادرة دعم نتنياهو وتولت عملياً مسؤولية الحرب في غزة، والسبب هو أن معنويات الجنود والمجتمع الصهيوني انهارت إلى حد أنهم أصبحوا بحاجة إلى وجود أمريكا إلى جانبهم، ولم يكن لديهم الصبر والقوة للقيام بواجبهم، وإضافة إلى تفعيل القصف على غزة، حيث هناك تكهنات جدية حول مشاركة الجيش الأمريكي في القصف الغاشم على غزة، تزايدت حدة القصف تدريجياً حتى سيطرت على جزء من المناطق المحيطة بغزة، في حين تم إجلاء سكان هذه المناطق بشكل كامل، وخلال الأيام التي تلت ذلك، قامت فرق عملياتية متعددة من المقاومة باجتياح هذه المناطق، واستمر الصراع في مدينة سديروت المهمة شمال شرق غزة حتى اليوم الخامس.
وبالتوازي مع اشتداد المجازر بحق الأهالي وتدمير المنازل السكنية في غزة، وضعت على جدول الأعمال خطة خطيرة من قبل أمريكا وإنجلترا من أجل توفير أهم حاجة لنتنياهو في الفوز بغزة لتعويض الفشل غير المسبوق في غزة.
إن عملية اقتحام الأقصى، خطة احتلال صهيونية برغبة مختلف الفصائل المتطرفة في المجتمع الصهيوني، للنقل القسري والتهجير لجميع المواطنين الفلسطينيين من غزة إلى صحراء سيناء، بحجة أمن الناس وسلامتهم وفصلهم عن المقاومة.
كان الغرض من هذه الخطة هو تمهيد الطريق لتدمير غزة بالكامل عن طريق الإخلاء القسري للسكان ومن ثم الهجوم البري، الذي قوبل بمعارضة أثناء التشاور مع دول التسوية العربية، ومنذ صباح الجمعة الماضية تم تنفيذ الأجندة والخطة (ب) بمهلة 24 ساعة، وتبعتها المناطق الشمالية من غزة ومدينة غزة للهروب إلى جنوب غزة وإخلائها، ومن خلال مواصلة القصف الإجرامي والتطهير العرقي، وتوفير العمليات البرية، والمساعدات التكميلية، تم قطع كل المواد الغذائية، والمياه، والكهرباء، والإنترنت، الاحتياجات الحيوية، وذلك من أجل إجبار الناس على الاستسلام.
إن مشاورات بلينكن مع دول المنطقة والسعودية لم تصل إلى أي مكان، وهناك دلائل تشير إلى أن الولايات المتحدة قد أزالت الهجوم البري من جدول أعمالها، وتأمل أنه مع استمرار القصف الوحشي والضخم بمعلومات الأقمار الصناعية الأمريكية ومن قبل "إسرائيل" وجميع القيود المفروضة على سكان غزة، سيتم إعداد ظروف الاستسلام والإخلاء القسري، وسيتم طرح إمكانية انتصار نتنياهو على المقاومة، أو استغلال ظروف اليأس الشعبي لتسجيل نقاط في مفاوضات وقف الحرب.
إن الضغوط الدولية والشعبية والمؤسسات الدولية، إلى جانب استعداد المقاومة الإقليمية للقيام بواجبها الإنساني ومشروعية المقاومة ضد الصهاينة والتدخل الوقائي، أسقطت المخطط الشرير لأمريكا والصهيونية الذي ينتهك كل قواعد القانون الدولي.
لقد وقف شعب غزة إلى جانب مقاومته المشرفة المنتصرة بإصرار محمود ومظلوم، بشكل أهان كل المؤسسات الدولية الصامتة والسلبية.
جيش الاحتلال الإسرائيلي يمارس حملة إبادة جماعية
وعلى صعيد متصل، قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، عن إن جيش الاحتلال الإسرائيلي يمارس حملة إبادة واسعة بحق المدنيين في غزة بدافع وحشي من الانتقام عبر غاراتها الجوية الكثيفة على الأحياء السكنية وحرمانهم من الماء والاحتياجات الأساسية.
وقال المرصد الدولي إنه ينظر بخطورة بالغة إلى إنذار جيش الاحتلال مدينة غزة ومناطق شمال القطاع بإخلاء منازلهم والتوجه إلى وسط وجنوب القطاع ما يشكل ممارسة علنية لعمليات نقل قسري (ترانسفير) خارج القانون الدولي.
وقال الأورومتوسطي في بيان إنه رصد نقصا حادا في إمدادات الماء والمواد الغذائية الرئيسية في ظل فرض إغلاق كامل لليوم السابع على قطاع غزة وقطع الإمدادات الإنسانية عن سكانه البالغ عددهم مليونين و300 ألف.
وذكر أن قطاع غزة أمام حالة عطش كبيرة بعد أن أوقفت سلطات الاحتلال منذ اليوم الأول لعدوانه الوحشي ضخ المياه من خط ميكروت المغذي للقطاع وتوقف محطات التحلية بسبب انقطاع الكهرباء ونفاد الوقود.
وأشار إلى أن استهداف القصف الإسرائيلي لغالبية آبار المياه زاد من صعوبة الأزمة، وهو انعكس على كمية المياه التي تصل إلى غالبية المناطق السكنية ما تسبب في نقصها بشدة، كما رصد الأورومتوسطي نقصا حادا في إمدادات المواد الغذائية بما في ذلك الخبز والبيض والخضروات، في وقت تواجه المنظمات الدولية الإنسانية مصاعب شديدة في توزيع المساعدات الغذائية على سكان القطاع
"إسرائيل" تسعى إلى إخلاء غزة والاجتياح البري
قال الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري إن هناك صعوبات تعيق "إسرائيل" في تنفيذ الهجوم البري على قطاع غزة منها عدم جاهزية قواتها، وإدراكها للتكلفة العالية لهكذا هجوم، واصفا ما يجري في القطاع من قصف وحشي بأنه خارج كل المنطق العسكري.
ورأى الدويري في تصريحات له أن القصف الإسرائيلي الوحشي والمتواصل على لقطاع غزة يهدف إلى القضاء على قدرات فصائل المقاومة، أو بالحد الأدنى إلحاق ضرر كبير بها، بحيث لا تقوى على المهاجمة أو التصدي لأي عدوان إسرائيلي، إضافة إلى سعيها لتحطيم الحاضنة الاجتماعية لفصائل المقاومة في غزة، من خلال مهاجمة المدنيين وتدمير البنية التحتية والخدماتية في القطاع، ولا تقف أهداف الهجمة الوحشية الإسرائيلية عند هذا الحد، بل إن "إسرائيل" تريد إخلاء قطاع غزة باتجاه صحراء سيناء المصرية ولاحقا إخلاء الضفة الغربية من الفلسطينيين، وفق الدويري.
وفيما يتعلق باحتمال شن "إسرائيل" هجوما بريا على قطاع غزة، رأى الدويري أن كل المعطيات تشير إلى أن هذا التوغل قادم ربما خلال ساعات وربما أيام، متحدثا عن 3 سيناريوهات أشارت إليها مراكز البحث الإسرائيلية، يتعلق الأول بإعادة احتلال غزة، ويرى الدويري أن "إسرائيل" تستطيع ذلك نظريا، لكنها فعليا لا يمكنها ذلك بسبب التعقيدات الاجتماعية والجغرافية.
أما السيناريو الثاني فيتعلق بتقسيم غزة إلى 5 كانتونات، وهذا صعب جدا، حسب الخبير العسكري، والسيناريو المحتمل -في حال حصل الهجوم البري- هو أن تسيطر "إسرائيل" على المناطق الزراعية وعمقها لخلق ورقة تفاوضية جديدة تتعلق بالأسرى.
ومن وجهة نظر الخبير العسكري، فإن "حزب الله اللبناني يمكن أن يتدخل إذا حصلت الحرب البرية، أما إذا استمر القتال بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال على النحو الدائر حاليا، فاستبعد الدويري تدخل حزب الله، مرجحا أن تتدخل الفصائل الفلسطينية الموجودة على الأرض اللبنانية وبالقرب من الجولان المحتل.
ووصف الدويري الحرب التي تشنها "إسرائيل" في قطاع غزة بأنها خارجة عن كل المنطق العسكري، مشيرا إلى أن مواثيق جنيف محورها الأساسي حماية المدنيين واحترام آدمية الإنسان، ومنتقدا في السياق ذاته تسابق الدول الغربية على تقديم الدعم السياسي والمادي والمعنوي لـ"إسرائيل"، ما يعطيها الضوء الأخضر لارتكاب المجازر بحق الفلسطينيين.
ويتعرض قطاع غزة لقصف إسرائيلي وحشي منذ أن أطلقت كتائب عز الدين القسام صباح السبت السابع من تشرين الأول الجاري عملية عسكرية واسعة ضد "إسرائيل" حملت اسم "طوفان الأقصى"، ردا على الاعتداءات المستمرة التي تشنها قوات الاحتلال على الفلسطينيين.
