الوقت - بينما يعتبر الكيان الصهيوني نفسه القوة العسكرية الأولى في المنطقة وأحد أفضل منتجي الأسلحة العسكرية المتطورة في العالم، إلا أنه مع مرور الوقت تُكتب تشققات أكبر على جدار جيش تل أبيب.
وفي هذا الصدد، وبعد إثبات عدم فعالية نظام "القبة الحديدية" المتطور مع إنفاق مليارات الدولارات ضد الأسلحة الخفيفة لفصائل المقاومة الفلسطينية، والتي تحولت إلى كابوس قاتل لسكان تل أبيب، ها هي حوادث أخرى تحدث خارج الأراضي المحتلة، الأمر الذي خلق الخوف والرعب بين قيادات الصهاينة.
وفي آخر التطورات، تحطمت يوم السبت الطائرة دون طيار المتقدمة من طراز "هيرون" التي صنعها الكيان الصهيوني والتابعة لوكالة شؤون الحدود التابعة للاتحاد الأوروبي (فرونتكس)، والتي كانت تعمل بالقرب من بحر إيجه بين اليونان وتركيا، وأثارت الحادثة سلسلة من التساؤلات حول كيفية انتشارها في الأوساط الإعلامية الأوروبية، فيما دقت أجراس الإنذار بشأن ثقة الصهاينة في قدرات طائراتهم دون طيار.
وحسب تقارير إعلامية أوروبية، فإن الطائرة دون طيار "هيرون"، المصممة للاستخدام البحري، قدمتها وكالة فرونتكس لخفر السواحل اليوناني من تيمباكي في جزيرة كريت، حيث تقع قاعدتها، منذ يوليو الماضي.
وتقوم هذه الطائرة الضخمة دون طيار، والتي تعتبر من أكثر الطائرات دون طيار تطورا وأغلاها في العالم، برحلات جوية في إطار العملية الأوروبية المشتركة "بوسيدون" التي يتم تنفيذها بشكل مستمر منذ مايو 2008.
ورغم أن السبب الرئيسي لتحطم هذه الطائرة دون طيار لم يتم الإعلان عنه بشكل واضح بعد، لكن حسب المعلومات التي ذكرها موقع enikos.gr اليوناني، فقدت شركة إيرباص الاتصال عبر الأقمار الصناعية مع الطائرة دون طيار لسبب غير مفهوم، ما أدى إلى اصطدامها في المنطقة البحرية، جنوب شرق منطقة الكاربات في بحر إيجه.
وأظهر حساب متخصص في المراقبة البحرية أن حاملة الطائرات الأمريكية "يو إس إس جيرالد فورد" تواجدت في نفس المنطقة خلال الأيام القليلة الماضية وتحركت باتجاه شرق البحر الأبيض المتوسط، كما تواجدت بوارج حربية روسية أيضا في شرق البحر المتوسط في قاعدة طرطوس بسوريا، وكذلك الطائرات دون طيار، كما كانت سفن البحرية التركية حاضرة.
وفي حين لم يصدر أي تفسير أو معلومات إضافية حتى الآن من قبل فرونتكس أو خفر السواحل اليوناني، فإن المحللين لا يعرفون ما إذا كانت الطائرة دون طيار المستهدفة قد تم التشويش عليها أو تعرضت لتدخل إلكتروني أدى إلى فقدان السيطرة وتحطمها في نهاية المطاف.
ونظراً لوجود سفن أميركية وروسية حول تحطم طائرة هيرون، فمن المحتمل أن يكون أحد الأطراف قد حاول إسقاطها بمعلومات غير دقيقة بأن الطائرة دون طيار كانت تقوم بأعمال تجسسية، وتجدر الإشارة إلى أن مستوى المواجهة الجوية بين الولايات المتحدة وروسيا في البحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط ارتفع خلال العام الماضي بسبب الحرب الأوكرانية، وأدى في بعض الحالات إلى إسقاط طائرات مسيرة.
هيرون، من الادعاء إلى الواقع
ما لا شك فيه أن بناء طائرة Heron UAV هو أحد أغلى مشاريع الأسلحة في العالم، وبطريقة ما، فهي أغلى طائرة دون طيار صنعتها إسرائيل.
وتبلغ التكلفة المستخدمة لبناء هذه الطائرة العملاقة دون طيار حوالي 40 مليون يورو، أي ما يقرب من نصف تكلفة المقاتلة الأمريكية المتطورة F-35.
وحسب الإحصائيات، بعد عدة طائرات دون طيار عسكرية ومدنية أمريكية، تعتبر طائرة هيرون دون طيار التابعة للكيان الصهيوني من أغلى المشاريع في العالم، وهي مدرجة في قائمة العشرة الأوائل في العالم من حيث السعر والجودة والقدرة.
وفيما يتعلق بالمواصفات الفنية وهوية هذه الطائرة، تجدر الإشارة إلى أنها من نوع Heron N-R2A، برقم تسلسلي 572، طولها ثمانية أمتار و47 سنتيمترا، والبعد بين جناحيها 16 مترا و60 سنتيمترا، وارتفاعها يصل طوله إلى مترين و303 سنتيمترات، كما يبلغ وزنه 1270 كجم.
تحتوي هذه الطائرة دون طيار على رادار سطحي وأجهزة استشعار كهروضوئية متقدمة ونظام AIS ونظام اتصالات عبر الأقمار الصناعية (Satcom)، وبناء على طلب وكالة فرونتكس، قامت شركة إيرباص الألمانية بتطوير جزء من نظام الملاحة عبر الأقمار الصناعية ومسؤولية الطيران في الطائرة بدون طيار.
إذا كان هناك مجال واحد فقط تتميز فيه طائرة Heron UAV عن منافسيها، فهو أنظمة الاتصالات عبر الأقمار الصناعية المتقدمة مع بروتوكولات الأمان التي لا يمكن اختراقها والتي تجعل من المستحيل تقريبًا على الطيار الأرضي التحكم في الطائرة دون طيار، ولهذا يُدفع بحقها هذا المبلغ، ولكن مع هذا سقطت في البحر".
وأعلن موقع المراقبة اليوناني ستاماتيس بيتاس على حسابه على تويتر أن طائرة هيرون دون طيار أصدرت عدة تحذيرات خلال مهام المراقبة التي قامت بها في جنوب شرق بحر إيجه.
وربما تنشر في وسائل الإعلام في الأيام المقبلة أخبار وتفاصيل تفصيلية عن أبعاد سقوط هذه الطائرة الباهظة الثمن، أو لأسباب أمنية سيبقى هذا الموضوع سرا إلى الأبد عند السلطات الأوروبية والصهيونية.
عائدات إسرائيل من بيع الطائرات دون طيار
وبالتالي فإن الكيان الصهيوني، الذي دفع في العقود الماضية الكثير من الأموال لبناء طائرات تجسس وطائرات عسكرية دون طيار للحفاظ على تفوقه الجوي في المنطقة، تمكن من كسب مبالغ كبيرة من المال عن طريق بيع هذه الأسلحة إلى الحلفاء الأوروبيين.
ورغم أن العديد من الدول كانت رائدة في مجال قوة الطائرات دون طيار في السنوات الأخيرة وطورت قوتها في هذا المجال، إلا أن الأوروبيين فضلوا استخدام طائرات من تصنيع الكيان الصهيوني لأسباب سياسية وأمنية.
وحسب وسائل الإعلام الأوروبية، فإن "الطائرات دون طيار التركية، التي تم الإعلان عنها على نطاق واسع مؤخرًا واكتسبت الكثير من الشهرة واستخدمت في حرب أوكرانيا، تمتلك تقنيات مماثلة، ومقارنة بطائرات دون طيار من طراز هيرون الإسرائيلية، فإن تكلفة الطائرة دون طيار التركية 5 ملايين يورو فقط".
ولذلك، فإن شراء الطائرات التركية مفيد للأوروبيين، ويمكنهم حتى شراء طائرات دون طيار من الجيل الجديد من أمريكا، لكنهم بدلاً من ذلك فضلوا شراء مثل هذه الأسلحة من الكيان الصهيوني. في الواقع، من خلال شراء الأسلحة من الكيان الصهيوني، يرسل الأوروبيون الكثير من الدخل إلى تل أبيب حتى يتمكن المحتلون من الحصول على مساعدات مالية من أوروبا دون ضغوط منظمات حقوق الإنسان.
وعلى الرغم من أن الكيان الصهيوني قد حصل على الكثير من الأموال من خلال بيع هذه الطائرات دون طيار لعملاء أجانب، إلا أن سقوط هذه الطائرة دون سبب معين أثار قلق الصهاينة ومشتريها على حد سواء.
ويقال إن عدة دول في العالم وقعت عقداً مع الجيش الإسرائيلي لشرائها، وهم قلقون من أن يحدث مثل هذا السيناريو لطائراتهم دون طيار من طراز هيرون، وربما يعيد بعض العملاء النظر في مشترياتهم.
ويحاول الكيان الصهيوني تقديم جزء من أنظمة الطائرات دون طيار الخاصة به للعرب كحافز للتسوية في حالة تطبيع العلاقات مع الدول العربية، وكما في يناير 2022، أعلن المغرب أنه سيسلم 3 طائرات دون طيار من طراز هيرون، بصفقة قيمتها 48 مليون دولار.
ومع ذلك، فإن الضعف الالكتروني في طائرة Heron دون طيار يمكن أن يثني العرب المطبعين عن شراء الأسلحة الصهيونية ويقودهم إلى أسواق أخرى مثل تركيا وحتى إيران.
