الوقت- في ظل حرب "إسرائيل" على الفلسطينيين ومقدساتهم، تم نقل 8 مواطنين إلى المستشفى بعد أن أصيبوا في اعتداء الشرطة الإسرائيلية على المصلين في المسجد الأقصى المبارك بالقدس المحتلة، ووقع هذا الاعتداء عند باب الأسباط، أحد أبواب المسجد الأقصى، ووفقًا للهلال الأحمر، فإنهم تعاملوا مع إصابة تتضمن كسراً في القدم نتيجة استخدام قنبلة صوتية، وتم نقل المصاب إلى المستشفى لتلقي العلاج.
من جانبها، أعلنت شرطة الاحتلال أن 3 من عناصرها أصيبوا في المواجهات مع المصلين عند باب الأسباط، وهذا الحادث يشير إلى استمرار التوترات والاشتباكات نتيجة العدوان الإسرائيلي في القدس المحتلة، والتي تستمر لعدة أسابيع، ما يجعل الوضع في المنطقة متقلبًا ومتوترًا.
حربٌ دينيّة على الأقصى
بكل وضوح، اعتبر خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري أن اعتداء الشرطة الإسرائيلية على المصلين عند أحد أبواب المسجد يأتي "ضمن حرب دينية"، وقال الشيخ عكرمة صبري، خطيب المسجد الأقصى: "لقد استعرضت شرطة الاحتلال اليوم قوتها على مصلين عزل أتوا للعبادة في المسجد الأقصى المبارك، وما حصل هو ضمن حرب دينية تنهجها لتفريغ المسجد الأقصى المبارك، وهذا يزيد أهل فلسطين ثباتا وقوة وسيبقى الأقصى عامراً بالمصلين"، وأضاف: "الاحتلال الحاقد يفقد صوابه حين يرى جموع المصلين تزحف نحو الأقصى، وبطشه بالمصلين العزل اليوم هو دليل واضح على إفلاسه وضعفه وجبنه، وسيبقى رواد الأقصى على العهد لن يضرهم الاحتلال وعربدته".
"شد الرحال إلى المسجد الأقصى المبارك وإعماره هو من شعائر المسلمين، وتضييق الاحتلال وعنفه ضد المصلين هو مساس بعبادة المسلمين، وخرق واضح لقوانين حرية العبادة"، هذا ما أعلنه الشيخ عكرمة صبري، فيما أدانت دائرة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى "اعتداء الشرطة الإسرائيلية على المصلين الوافدين إلى الأقصى لأداء صلاة الجمعة عند باب الأسباط ظهر اليوم، وما خلفه ذلك الاعتداء من إصابة لعددٍ من المصلين"، وصرح الشيخ عزام الخطيب، مدير عام دائرة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى، في بيان، قائلاً: "على إسرائيل احترام التزاماتها باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال في القدس الشرقية"، وأضاف الشيخ الخطيب: "إسرائيل وحسب القانون الدولي لا تملك فرض أي قيودٍ على دخول المسجد الأقصى المبارك / الحرم القدسي الشريف"، وأوضح الشيخ عزام الخطيب، مدير عام دائرة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى، في تصريحه أن "إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية هي الجهة صاحبة الاختصاص الحصري بإدارة شؤون المسجد كافة وتنظيم الدخول إليه"، وأشار إلى ضرورة احترام الكيان لهذه التزامات والقوانين الدولية المعنية بالمسجد الأقصى المبارك.
وأفاد شهود عيان لمراسل الأناضول بأن الشرطة الإسرائيلية اعتدت على مصلين قبيل صلاة الجمعة عند باب الأسباط، ما أسفر عن إصابة 4 منهم، وتم اعتقال ما لا يقل عن 4 آخرين، وقد وقع هذا الاعتداء خلال محاولة لعناصر الشرطة عرقلة مصلين عند دخولهم المسجد، حيث قامت قوات الشرطة بإطلاق قنابل صوتية ورصاص مطاطي على المصلين عند باب الأسباط، وذكرت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني أن فرقها تعاملت مع إصابة أحد المصلين بكسر في قدمه نتيجة تعرضه لقنبلة صوت مباشرة، وقد تم نقله إلى المستشفى لتلقي العلاج، من جهة أخرى، أعلنت الشرطة الإسرائيلية في بيان أن أفراد الشرطة تعرضوا لهجوم عنيف من قبل عدد ممن أسمتهم "المشتبه بهم" في البلدة القديمة بالقدس عند باب الأسباط، وزعمت شرطة الاحتلال الإسرائيلي في بيانها أنه أثناء تفتيش مشتبه به على يد أفراد الشرطة، بدأ عدد من المشتبهين في أعمال شغب وهاجموا أفراد الشرطة ورشقوهم بالحجارة، ما أدى إلى إصابة ثلاثة من أفراد الشرطة بجروح طفيفة، وأوضحت الشرطة الإسرائيلية أن أحد أفرادها الذي أصيب بالحجارة قام بإطلاق النار في الهواء بشكل تحذيري بعد أن شعر بأن حياته مهددة، وبعد ذلك تم نقله إلى المستشفى لتلقي العلاج الطبي، ورغم ذلك قام آلاف المصلين بأداء صلاة الجمعة في المسجد الأقصى دون الرضوخ للاحتلال.
مسجدنا خطٌ أحمر
عبارة "المسجد الأقصى خط أحمر" تعبّر عن الأهمية الكبيرة والقدسية التي يحملها المسجد الأقصى بالنسبة للفلسطينيين وللعالم الإسلامي عمومًا، وإن استمرار أي عدوان إسرائيلي على القدس المحتلة والمسجد الأقصى يمكن أن يؤدي إلى تصاعد التوترات والصراع في المنطقة، وتاريخيًا، شهدت المناطق المقدسة في القدس مواجهات وصراعات عديدة نتيجة لتصاعد التوترات بين الفلسطينيين والمحتلين الإسرائيليين، والعالم الإسلامي يعتبر المسجد الأقصى ثالث أقدس المواقع الإسلامية بعد مكة والمدينة، ولهذا فإن أي تصاعد للعنف في هذا المكان يمكن أن يشعل العاطفة والغضب في العالم الإسلامي بأسره، ومن هنا تنبع أهمية المقاومة والصمود في وجه الاحتلال الإسرائيلي من قبل الفلسطينيين، ويعتبر الكثيرون أن المقاومة بجميع أشكالها هي وسيلة للتصدي للاحتلال وللدفاع عن الأرض والهوية الفلسطينية، وتشمل هذه المقاومة العديد من الأشكال، بما في ذلك المظاهر السلمية مثل الاحتجاجات والحركات الاحتجاجية، وكذلك المقاومة المسلحة.
وإن من أبرز التحديات التي تواجه الفلسطينيين تتضمن وجود المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والتي تهدف إلى توسيع الاحتلال وتقليل مساحة الأراضي الفلسطينية المتاحة للفلسطينيين، وهذه التحديات تجعل التصدي لهجمات المستوطنين والمحافظة على الأمن والاستقرار في المناطق الفلسطينية أمورًا ضرورية، ناهيك عن الأهمية الكبيرة للقدس ومقدساتها في الصراع الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي، حيث تعتبر القدس المحتلة واحدة من المواقع الدينية والثقافية الأكثر أهمية في العالم، وترتبط بالعديد من الهويات الدينية والثقافية، وتحظى مدينة القدس بمكانة خاصة بالنسبة للفلسطينيين، وهم يسعون جاهدين للحفاظ على هويتهم وحقوقهم في المدينة.
الإسرائيليون لا يتعلمون من التاريخ
ليس من السر أن أبطال فلسطين ملتزمون بشكل دائم بواجبهم في الدفاع عن المسجد الأقصى ودعم شعبهم بالكامل، وإنهم يؤكدون بثبات على أنهم لن يسمحوا للاحتلال الصهيوني بالسيطرة على فلسطين، وقد أكدوا في العديد من المناسبات أنه لن يكون هناك أي اتفاق سلام أو وقف لإطلاق النار في ما يتعلق بالقدس والمسجد الأقصى، وبشجاعة، جددوا التأكيد على حق الفلسطينيين في أداء الصلاة والاعتكاف في المسجد الأقصى، وهم مستعدون لمواجهة المستوطنين الصهاينة وأنصارهم ومنع أي اعتداءات من قبلهم في أي سياق قد يكون ضروريًا، ويظهر الصهاينة في تعاملهم مع الشعب الفلسطيني المنكوب تحت الجريمة غير المسبوقة والعبودية العسكرية القاسية أنهم يعانون من فقدان في الذاكرة، ومن منا يمكن أن ينسى "انتفاضة الأقصى" أو المعروفة أيضًا باسم الانتفاضة الفلسطينية الثانية؟، والتي اندلعت في أعقاب زيارة رئيس وزراء الكيان السابق، أرئيل شارون، للمسجد الأقصى في نهاية عام 2000، واعتبرها الفلسطينيون حينها تدنيسًا لأرض المسجد الطاهر، وهذا الأمر أدى إلى تصاعد الاحتجاجات والتصدي من قبل شبان فلسطين لتلك الزيارة، على الرغم من وجود 3000 جندي صهيوني.
وفي اليوم التالي، قامت قوات العدو الصهيوني بإطلاق النار على المصلين بلا رحمة قبل انتهاء صلاة الجمعة، ونشبت مواجهات عنيفة في ساحات المسجد الأقصى بين المصلين وجنود الاحتلال، نتج عنها استشهاد 7 أشخاص وإصابة 250 آخرين بجروح، وانتقلت هذه الاحتجاجات إلى جميع أنحاء فلسطين، بما في ذلك الضفة الغربية وقطاع غزة، إضافة إلى مناطق الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، وهذه الأحداث شكلت بداية لما أصبح يعرف بالانتفاضة المباركة الثانية، حيث قدم الفلسطينيون آلاف الشهداء والجرحى في دفاعهم عن وطنهم وقضيتهم، واليوم، تظل انتفاضة الأقصى مصدر إلهام للأجيال الفلسطينية، داعية إلى مواصلة النضال والمقاومة ضد محاولات القمع والاستعباد، وبعد مرور أكثر من عقدين على انطلاق انتفاضة الأقصى، لا يبدو أن شعور الفلسطينيين قد تغير بقدر كبير، وعلى الرغم من أن الكيان الصهيوني يُصنف عالمياً ككيان عنصري، وبني على العنف المفرط والجريمة غير المسبوقة، باعتباره منذ تأسيسه في 14 مايو/أيار عام 1948، اعتمد على العنف والإرهاب في سياسته.
الخلاصة، يجب أن نعلم أن إجراءات الاحتلال ضد المسجد الأقصى هي مؤشر خطير بشكل استثنائي، ويبدو أن الاحتلال يسعى من خلال عدوانه المتكرر لجذب الانتباه إلى هذا المكان وإرسال رسالة تشير إلى أنهم على وشك السيطرة على المسجد الأقصى وجميع أنحاء مدينة القدس، إضافة إلى ذلك، قام وزير الأمن القومي للاحتلال، إيتمار بن غفير، بدخول باحات المسجد الأقصى بحماية مشددة من قوات الاحتلال عدة مرات، ما يشكل انتهاكًا آخر في سلسلة انتهاكات تل أبيب المستمرة ضد الأقصى، حيث تتزايد الرغبة الصهيونية في اقتحام المسجد المبارك باستمرار وإثارة مشاعر الفلسطينيين، ويبدو أن الإسرائيليين يتوقون إلى تصعيد جديد في القدس بعد تصاعد الجرائم الصهيونية ضد الفلسطينيين وتحذيرات فصائل المقاومة من أن استمرار هذه الجرائم سيؤدي إلى تفاقم الأوضاع واحتمالية وقوع مرحلة خطيرة للغاية، حتى أن مسؤولين إسرائيليين حذروا من هذا التصعيد الأمني، مدركين خطورة تصرفات حكومتهم والسياسة الصهيونية العدوانية، ومع ذلك، يبدو أنه من الصعب عليه فهم أصحاب هذه الأرض.
