الوقت - نفّذ حزب الله اللبناني في 12 تموز (يوليو) 2006، عمليةً انتقاميةً على طول الحدود اللبنانية والأراضي المحتلة ضد جنود الاحتلال الإسرائيلي.
وجاءت هذه العملية رداً على أسر بعض عناصر حزب الله في سجون تل أبيب. وفي هذه العملية، أسر حزب الله جنديين صهيونيين، وقتل وجرح عددًا آخرين.
بعد هذه العملية، أمر إيهود أولمرت، رئيس وزراء الكيان الصهيوني في ذلك الوقت، الذي رأى موقعه في تل أبيب هشًا ، بشن حرب على لبنان. لكن بعد 33 يومًا من القتال، انتهت الاشتباكات دون أي تقدم أو إنجازات للصهاينة، وبوقف إطلاق النار بوساطة الأمم المتحدة.
استشهد في هذه الصراعات أكثر من ألف لبناني، معظمهم من المدنيين. كما قتل حوالي 160 صهيونيًا، معظمهم من الجنود، في رد حزب الله على العدوان الصهيوني.
الآن، بعد 17 عامًا من حرب الـ 33 يومًا، تتصاعد التوترات مرةً أخرى في جنوب لبنان، ويقوم الصهاينة بأعمال استفزازية على الحدود مع لبنان، من بينها، أنهم أجروا عدة تدريبات عسكرية في الأشهر القليلة الماضية.
وفي هذا الصدد، قال نيكولاس بلانفورد، الخبير غير المقيم في المجلس الأطلسي، لمجلة "نيو عرب"، إنه إذا لم تتم إدارة كل شيء بعناية، فهناك خطر تصعيد التوترات ونشوب صراع عسكري جديد.
بعد انتهاء الاحتلال الصهيوني لجنوب لبنان في أيار (مايو) 2000 وحتى اندلاع الحرب الثانية في تموز (يوليو) 2006، نشأ توازن في تلك المنطقة حيث يمكن لحزب الله تنفيذ مستوى معين من العمليات التي تستهدف الاحتلال.
منذ حرب عام 2006، لم ينفذ حزب الله أي عمليات كبيرة على طول الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة، لإظهار التزامه بالتزامات لبنان تجاه الأمم المتحدة.
في الواقع، منذ عام 2006، كان حزب الله اللبناني حريصًا جدًا على عدم إعطاء الصهاينة عذرًا، ولهذا لم نشهد أي عمليات عسكرية كبيرة. في الوقت نفسه، يراقب حزب الله اللبناني عن كثب التطورات في المناطق المحتلة، وفي الشهر الماضي أقامت المقاومة اللبنانية خيامًا عسكريةً بالقرب من المناطق الحدودية، لرصد أي تحركات تخريبية للکيان الصهيوني.
أيادي تل أبيب مقيدة في مواجهة حزب الله اللبناني
إلا أن الصهاينة غاضبون جدًا من الإجراءات الاستطلاعية التي يقوم بها حزب الله اللبناني في المناطق الحدودية، وطالبوا في الأيام الماضية بتجميع الخيام العسكرية لحزب الله في المناطق القريبة من الحدود.
وفي حين أن طلب الصهاينة تجميع خيام حزب الله في لبنان وهو طلب غير قانوني وعدواني وله أساس تنمري، ولكن إذا عبر الاحتلال الخط الحدودي، فسيكون لدى حزب الله المبررات والسبب الكافي والضروري لمهاجمة الصهاينة.
في غضون ذلك، يحاول الکيان الصهيوني، بالتعاون مع دول مثل فرنسا والولايات المتحدة، الضغط على لبنان لإخلاء الخيام العسكرية التي أقامها حزب الله في المنطقة الحدودية بين لبنان والأراضي المحتلة.
وفي رسالة تهديد للبنان، حدّد الکيان مهلةً لتفكيك هذه الخيام، وأعلن أنه سيتعامل معها بطريقة أخرى. کما أن جيش هذا الکيان يضغط على الجيش اللبناني عبر القنوات الدبلوماسية لتفكيك الخيام.
وفي هذا الصدد، يعتقد نيكولاس بلانفورد أن هناك العديد من الخيارات أمام الإسرائيليين لتجميع خيام حزب الله، ولكن كلها غير مريحة ومكلفة للغاية بالنسبة لتل أبيب، وبالتالي فإن سلطات تل أبيب غير معنية بالدخول في صراع عسكري مع حزب الله بسبب تكلفته الباهظة، كما يعرف حزب الله ذلك، ولهذا حافظ على موقعه على الحدود بإقامة خيام مراقبة.
بدوره قال جو مكارون زميل مركز ويلسون الأمريكي لـ "العربي": "الذهاب إلى حالة عدم الاستقرار ليس في مصلحة إسرائيل، رغم أن حزب الله لا يتطلع إلى بدء حرب أخرى".
حتى في تل أبيب، لا تسمح الحكومة الأكثر يمينيةً وتطرفًا برئاسة بنيامين نتنياهو ببدء الحرب مع لبنان. وكدليل على إحجام تل أبيب ونتنياهو عن خوض حرب أخرى مع حزب الله، أشار بلانفورد إلى رد الکيان الإسرائيلي الصامت على إطلاق الصواريخ في 6 أبريل، حيث إنه رغم إطلاق الصاروخ من جنوب لبنان، إلا أن الصهاينة لم يردوا عليه.
ومع ذلك، فإن الوضع على حدود لبنان وفلسطين المحتلة متوتر، وقد يتحول سوء التقدير إلى حرب شاملة ومكلفة. كما تستعد الأمم المتحدة لإرسال ممثل لها إلى لبنان، على أمل إيجاد طريقة لتخفيف التوترات.
تحركات الصهاينة
كشفت القيادة المسؤولة عن أنشطة الكيان الصهيوني على حدود لبنان وسوريا مؤخرًا، أن حزب الله بدأ نشاطه في المنطقة الحدودية على مرحلتين.
في المرحلة الأولى، يحاول حزب الله نقل قوات الرضوان(قوة النخبة التابعة لحزب الله) من عمق جنوب لبنان إلى قواعد جديدة في المنطقة الحدودية، لتشكيل قوة قادرة على اختراق الأراضي الإسرائيلية في عدة قواعد في آن واحد.
وفي المرحلة الثانية، أقام حزب الله نقاط مراقبة على طول الحدود، على بعد عشرات الأمتار من خط الحدود مع الکيان الإسرائيلي، وعلى مسافة قريبة جدًا من الخط الأزرق (خط وقف إطلاق النار).
ونقل موقع "والا" مؤخراً عن مصادر في الجهاز الأمني للکيان الصهيوني، أن حزب الله سيقيم قواعد مؤقتة على الحدود، وبعد ذلك سيبدأ عملية التمركز من خلال نشر القوات وإنشاء البنى التحتية.
ورداً على تحركات حزب الله هذه، بدأ الجيش الإسرائيلي بإقامة حواجز وعراقيل في عدة قواعد على طول الحدود مع لبنان، بالتنسيق مع قوات الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان(اليونيفيل)، وزاد عملياته التجسسية على الحدود لمراقبة أي نشاط لحزب الله اللبناني.
وقد خصصت حكومة الكيان الصهيوني مئات الملايين من الشواقل لهذا المشروع، الذي يقوده أوري غوردين قائد المنطقة الشمالية لجيش الکيان. وتتضمن الخطة حفر القنوات وبناء الجدران ووضع تقنيات متقدمة في الأماكن، لجمع البيانات الاستخباراتية.
وأعلن موقع "والا": "قبل شهر ودون أي تحذير استخباري، شهدت قوات الجيش الإسرائيلي في منطقة مزارع شبعا نشاطاً غير عادي لحزب الله قرب الخط الأزرق. حيث نصب حزب الله خيمتين ونشر قواته المسلحة فيهما. أقيمت هذه القاعدة الجديدة في الأراضي المحتلة وعلى بعد مئات الأمتار من قاعدة حزب الله العسكرية في لبنان".
