الوقت - قد يظن الكثيرون أن الجوع هو أزمة تؤثر على الدول النامية فقط أو ما يصفه المجتمع الدولي بدول العالم الثالث، لكن الإحصائيات تظهر أن الجوع منتشر على نطاق واسع في الدول المتقدمة، وعلى سبيل المثال بريطانيا، الدولة السادسة في أكبر اقتصاد في العالم، قد واجهت زيادة في الفقر الغذائي في السنوات الأخيرة.
تجاوز الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد البريطاني ثلاث تريليونات دولار العام الماضي، لكن البيانات الرسمية الصادرة عن مكتب الإحصاءات الوطنية تكشف عن معلومات مروعة حول تأثير تضخم أسعار الغذاء والطاقة على سلة غذاء المواطنين من الطبقة المتوسطة والمنخفضة الدخل في بريطانيا.
تقلص محتويات طاولة الغذاء البريطانية بسبب ارتفاع تكلفة الطعام
وفقًا لمسح أجراه المكتب البريطاني للإحصاءات الوطنية (ONS)، فإن أكثر من ربع العائلات ذات العائل الواحد في هذا البلد ليست لديها القدرة على شراء ما يكفي من الغذاء وهم يعانون من فقر الغذاء.
أظهر هذا الاستطلاع، الذي تم إجراؤه بين فبراير ومايو 2023 على 15000 أسرة إنجليزية، أن 1 من كل 20 شخصًا شاركوا في الاستطلاع (ما يقرب من 5 ٪) قالوا إنهم الطعام نفد في اول أسبوعين من الشهر ولم نتمكن من شراء المزيد. زادت هذه النسبة إلى 28٪ للأسر ذات المعيل الوحيد التي لديها طفل واحد على الأقل.
بلغ معدل التضخم الشهري في أكتوبر 2022 أعلى مستوى له في 41 سنة الماضية، أي 11.1٪. ولكن في مارس 2023، وصل تضخم الغذاء إلى أعلى مستوى له منذ 1977، حيث وصل إلى أكثر من 19 في المئة.
في استطلاع آخر أجراه مكتب الإحصاءات الوطنية مرة أخرى بمشاركة أكثر من 4700 شخص في الشهرين الأخيرين من عام 2022، أظهرت النتائج أن 1 من كل 5 بالغين بريطانيين لا يأكلون ما يكفي من الطعام وبالتالي فإن عدداً من السكان لجؤوا إلى تناول الأطعمة منتهية الصلاحية للتخفيف من الجوع، على الرغم من أن مخاطر الإصابة بالأمراض، تتزايد يومًا بعد يوم.
تشير هذه الأرقام أيضًا إلى أن 70٪ من الأشخاص في هذا الاستطلاع، الذين انتهوا من تناول الطعام قبل أسبوعين من عطلة رأس السنة الجديدة، لم يكن لديهم ما يكفي من المال لشراء الطعام، وبالتالي تم تخفيض 45٪ من إنفاقهم على الطعام. وتتجلى المخاوف بشأن الجوع بشكل خاص بين الأقليات من أصل آسيوي وأفريقي.
لجوء البريطانيين إلى الأطعمة منتهية الصلاحية
تأكيدًا لنتائج هذه الاستطلاعات، ذكرت وكالة رويترز في نوفمبر الماضي أن متاجر Tesco، أكبر مجموعة سوبر ماركت في بريطانيا، قد ذكرت أن أزمة تكلفة المعيشة المتفاقمة في بريطانيا أدت إلى زيادة كبيرة في عدد المتسوقين الذين يبحثون عن محلات البقالة الرخيصة.
أعلنت Tesco أن استطلاعًا أجرته YouGov بتكليف من الشركة يظهر أن 69٪ من المتسوقين يبحثون الآن عن منتجات مخفضة السعر مثل المنتجات المنتهية الصلاحية أو مبيعات نهاية الموسم.
لعبت بداية الحرب في أوكرانيا وارتفاع أسعار الطاقة والغذاء دورًا مهمًا في تقلص المائدة البريطانية، وعلى الرغم من اعتقاد الحكومة البريطانية المحافظة بأنها تمكنت من منع الضغط على المستهلكين من خلال دعم الوقود. لكن مسح مكتب الإحصاء الوطني أظهر أن الضغط على الأسر الكبيرة في تزايد، لأنه منذ عام 2017، اقتصرت مدفوعات الدعم على طفلين كحد أقصى لكل أسرة، وذكر 21٪ من المستحقين لتلقي هذه الخدمة أن المال لشراء الطعام قد نفد.
كان خفض معدل التضخم الرئيسي إلى النصف بحلول عام 2023، قبل انتخابات 2024 المحتملة، أحد الوعود الرئيسية لرئيس الوزراء ريشي سوناك لتخفيف الضغط على ميزانيات الأسر.
وفقًا لرويترز، توقع بنك إنجلترا في مايو أن يصل التضخم الرئيسي إلى ما يزيد قليلاً على 5 في المئة بحلول نهاية هذا العام وأقل من هدفه البالغ 2 في المئة بحلول أوائل عام 2025، لكن بعض صانعي السياسة في لجنة السياسة النقدية الحكومية (MPC) يشككون في تحقيق هذه التوقعات ويحذرون من احتمال ارتفاع التضخم.
حتى معهد توزيع الغذاء (IGD)، الذي تعد توقعاته لتضخم الغذاء في المملكة المتحدة دقيقة بشكل عام، حذر من أنه لا يتوقع أن يتحسن حجم مبيعات المواد الغذائية بشكل ملحوظ حتى العام المقبل.
أيضًا، على الرغم من أن المتاجر البريطانية تقول إن الأسعار بدأت الآن في الانخفاض، فإن الأرقام الصادرة عن هيئة تجارة التجزئة في المملكة المتحدة تظهر أن الأسعار في يونيو كانت أعلى بنحو 15٪ عن العام الماضي.
كما وجد مسح مكتب الإحصاء الوطني أن الأشخاص الذين يعيشون في مساكن مستأجرة يُحتمل أن يكونوا تحت ضغوط مالية أكثر من أصحاب المنازل الذين يدفعون قروضًا عقارية.
يشار إلى أن ربع المشاركين في هذه الدراسة لم يتمكنوا من تدفئة منازلهم. من ناحية أخرى، وبسبب تدهور القطاع الصحي، انتظر خُمس المشاركين في المسح أكثر من عام للحصول على موعد في المستشفى أو علاج طبي، وكانت هذه النسبة أعلى بين الأشخاص ذوي الإعاقة ومن يعيشون في المناطق الفقيرة. وقد أثارت هذه النتائج المروعة ردود فعل واسعة النطاق في وسائل التواصل الاجتماعي البريطانية.
