الوقت- رغم أن أوضاع الأراضي المحتلة تعيش في ظل التهاب سياسي ناجم عن الاحتجاجات الواسعة التي اندلعت منذ عدة أشهر، إلا أن مراقبين ومحللين سياسيين يرون أن التوترات الخارجية الأخيرة للنظام ناجمة عن جهود نتنياهو وأصدقائه لصدمة المجتمع والتخلص من أعباء الأزمة الداخلية. وفي الأيام الأخيرة، أعلنت وسائل إعلام عبرية أن الجيش الصهيوني يستعد لمواجهة بحرية مع حزب الله اللبناني. وكتب موقع "والا"، "أن الجيش الإسرائيلي يستعد بسبب تدهور الأوضاع في الساحة البحرية، لأن تقديره أن حزب الله لديه عشرات الصواريخ المتطورة التي تهدد السفن والمنصات والمنشآت الحساسة على طول الساحل".
وحسب تقديرات الجيش الصهيوني، فقد حصل حزب الله في السنوات الأخيرة على غواصات تعمل بالتحكم عن بعد وطائرات مسيرة وصواريخ أرض جو وحتى عشرات صواريخ أرض - بحر، ما يشكل تهديدًا لسفن النظام البحرية ومنصات الغاز والمناطق الحساسة والاستراتيجية في امتدادات ساحل فلسطين المحتلة.
وفي هذا الصدد، أعلن الجيش الإسرائيلي أن أربع سفن من طراز "سار 6" قامت بمهمات بحرية كبرى لحماية منصات الغاز التابعة للنظام في مياه البحر الأبيض المتوسط. كما حذر جيش النظام الصهيوني من انتشار التهديدات البحرية المباشرة وغير المباشرة ضد هذا النظام وتشمل العراق واليمن وسوريا ولبنان وغزة. لكن الأهم من ذلك، أن التهديد الإيراني قد تزايد. وأفادت تقارير إعلامية إسرائيلية بأن بحرية هذا النظام ستتسلم أول سفينة هجومية برمائية تسمى "نحشون" هذا الصيف وستضيف سفينة هجومية برمائية ثانية إلى سربها هذا الشتاء.
اتمام حجة "نصر الله"
إن التحركات الجديدة للنظام الصهيوني في حقل غاز كاريش المشترك مع لبنان، جاءت في الوقت الذي أصبح هذا الحقل في السنوات الأخيرة أكبر منطقة توتر بين حزب الله وتل أبيب، وفي العام الماضي حاولت سلطات هذا النظام استخراج الموارد من جانب واحد. ومع ذلك، فإن التحذيرات المتكررة للسيد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، من أنه إذا لم يستخدم اللبنانيون موارد الطاقة هذه، فلن يسمحوا للصهاينة باستخدامها، وفي النهاية تراجع الصهاينة واضطروا إلى التوقيع اتفاقيات الاستغلال المشترك.
وبعد أن توصلت حكومة النظام الصهيوني السابقة إلى اتفاق مع حزب الله بشأن مواردها الغازية، أعلن نتنياهو أنها هزيمة كبيرة للصهاينة وخاطب مواطني هذا النظام، قائلاً إن يائير لابيد، رئيس الوزراء السابق، باع إسرائيل إلى حزب الله. وقال "إنه بمجرد وصوله إلى السلطة سيلغي هذه الاتفاقات". لذلك، يبدو أن نتنياهو وأصدقاءه يحاولون الاستيلاء على جميع موارد الغاز المشتركة مع لبنان، حيث يخطط لتصدير بعض هذه الموارد إلى الحلفاء الأوروبيين الذين يواجهون أزمة طاقة.
لا يملك لبنان حالياً القدرة على استخراج موارده من الغاز الطبيعي، وكان من المفترض أن تقوم شركة غربية باستخراجها وتقسيمها بالتساوي بين طرفي الصراع، لكن لم يتم اتخاذ أي إجراء عملي في هذا الصدد. وقال الصهاينة مرارا إنهم لا يستطيعون تعليق استخراج الغاز إلى الأبد، ويبدو أن نتنياهو يحاول هذه المرة استئناف عملية الاستخراج، حتى لو لم يكن لها نهاية سعيدة للصهاينة.
اختبار القوة البحرية لـ"حزب الله"
كان النظام الصهيوني في اتفاق وقف إطلاق النار مع حزب الله منذ عام 2006، وخلال هذه الفترة، باستثناء عدد قليل من الصراعات المتفرقة والمحدودة، لم يكن هناك توتر خطير بين الجانبين، وبالتالي، لا يملك الصهاينة معلومات دقيقة حول مدى قوة حزب الله العسكرية وخاصة في المجال البحري وتُظهر الإجراءات الأحادية الجانب في مجال عملها أيضًا أن تل أبيب تريد اختبار قوة حزب الله البحرية وما يمتلكه في جيبه. وتعتبر السلطات الصهيونية الآن حزب الله جيشاً قوياً يستطيع تغيير معادلات المنطقة بقدراته العسكرية في كل المجالات.
وكانت مصادر أمنية مطلعة قد أعلنت في ظل التطورات الأخيرة في الجبهة الشمالية أن تحقيقات جيش النظام الصهيوني تظهر أن حزب الله تمكن من الحصول على معدات قتالية بحرية في السنوات الأخيرة. قضية يمكن أن تزيد من نطاق النزاعات المستقبلية مع إسرائيل. وتظهر هذه الاستطلاعات العسكرية أن بحرية حزب الله تشكل تهديدًا خطيرًا للسفن الحربية ومنصات الغاز والمنشآت الحساسة والاستراتيجية للنظام الصهيوني على طول الشريط الساحلي. لذلك، فإن الحصول على مزيد من المعلومات حول قدرة العدو يسمح لهم بالنظر في جميع الجوانب في أي عمل عسكري.
نشرت صحيفة "معاريف" مقالاً للكاتب شاي روبين عن المناورة البحرية الإسرائيلية قبالة ساحل عكا، والتي تحاكي قوة حزب الله البحرية، وفيه إنذار واضح من أن الخطر من حزب الله والقطاع اللبناني أعلى من التهديد من الجنوب. ولقد تطرق أمين عام حزب الله حسن نصر الله، يوم الثلاثاء الماضي، إلى التقرير، وحذر إسرائيل من ان التدهور سيؤدي إلى حرب لم تُشهد منذ زمنٍ طويل. بالفعل، المواجهات المقبلة مع حزب الله يمكن ان تبدو مختلفة، وتنطوي على مساراتٍ لم تتحقق كثيراً في الماضي، كالتهديدات من البحر. من أجل ذلك يستعدون في الجيش الإسرائيلي، وأجروا هذا الأسبوع تمريناً يحاكي سيناريوهات متطرفة وقتال بقوة مرتفعة.
السرية البحرية 914 مسؤولة عن أمن القطاع الشمالي، من رأس الناقورة وجنوباً. إنها مسؤولة عن الأمن الجاري، لكنها ستوفّر أيضاً استجابة لهذه التهديدات من حزب الله، في حال خرجت إلى حيز التنفيذ، سواء في أيام قتال وحرب أو في محاولات شن هجمات. خلال الأسبوع، شارك مقاتلو السرية في مناورة خاصة دامت 24 ساعة، وشاركت فيها وسائل السرية، زوارق "تسرعا" (دبور) و"دفورا" (نحلة)، مع سفن الصواريخ، وبمشاركة سلاح الجو من خلال مروحيات "ينشوف"، وحاكت نقل جرحى من زوارق وسفن.
مناورة إنقاذ جرحى، هي مناورة مهمة لا نظير لها، هذا لأنهم يفهمون أيضاً في الجيش الإسرائيلي، أنهم قد يتلقّون إصابات في قتال مع حزب الله في القطاع البحري أيضاً. "السيناريو المتطرف هذا هو إصابة زورق دفورا، وإصابة مقاتلين"، أوضح النقيب أمري كاتس، قائد دورية في السرية البحرية 914 التي قادت المناورة. وأضاف في حديث مع "معاريف" إنه "أخذنا معنا فرقاً طبية من أجل محاكاة سيناريوهات متطرفة ومن أجل التمرين عليها".
كما قال النقيب كاتس: "نفّذنا في التدريب التعامل مع مجمل السيناريوهات الممكنة، سواء إصابات صواريخ متنوعة، أو إصابة وسيلة إبحار. وأكثر من هذا، التعامل مع وسيلة إبحار. في النهاية، هدفنا هو الوصول إليهم قبل ان يستهدفونا". وأضاف النقيب إن "الفرق الطبية دخلت في العملية من أجل محاكاة حادثة حقيقية فيها إصابات كثيرة، وفي خضم ذلك التعامل مع الأنشطة التخريبية. ففي النهاية نحن نناور هنا على تسلل بحري إلى البر، والتعامل مع وسائل إبحار، فوق وتحت المياه، وكذلك تسللات جوية. كما نفّذنا رماية على أهدافٍ جوية، بنماذج طائرات حاكت قدوم طائرات لأنشطة تخريبية".
سيناريوهات من البحر.. من العمق ومن الجو
كوحدات الكوماندوس لحركة حماس التي تعاظمت على مر السنين، هكذا يستعدون في الجيش الإسرائيلي لاحتمال أن حزب الله أيضاً سيُخرج إلى حيز التنفيذ محاولات هجوم من البحر. ويوضحون في سلاح البحرية أن العدو جدّي والتهديدات جدّية، فـ"العدو يجمع طوال الوقت معلوماتٍ استخبارية، العدو يفحصنا ويفحص ردود فعلنا طوال الوقت. كانت هناك محاولات من البحر أيضاً. نحن ننظر إلى حزب الله كعدو جدّي. إنه عدو مع تهديدات وقدرات مختلفة مقارنةً بقطاعات مختلفة. هكذا نعتبره ونحن نستعد لتكون يدنا هي العليا في كل سيناريو يحصل".
يشدد النقيب كاتس على أن "القوة البحرية لحزب الله، مثل القوة البحرية لحماس التي تتعاظم، حزب الله أيضاً يستعد مع القوة بمخططات بحرية، أيضاً حيال الجدار الذي أُقيم في السنوات الأخيرة. لقد أصبح اهتمام ذي صلة أكثر من ناحيتهم، ذي صلة أكثر لتسلل وسيلة إبحار، غواصين أو استهداف زورق دفورا، أو وسيلة إبحار موجودة هناك بهدف حماية الحدود". إن المناورة أُجريت قبالة ساحل عكا، وشاركت فيها وسائل إبحار وطيران كثيرة. وتم خلالها تفعيل وسائل متنوعة تتعلق بعلم الصواريخ من أجل محاكاة إصابة وسيلة إبحار. لا شك أن الموقع وعدد وسائل الإبحار في المناورة لم يغب عن عيون حزب الله.
