الوقت - موضوع الخلاف الحدودي بين لبنان وفلسطين المحتلة في البحر على وشك الحل ، وفي حال عدم حدوث تطورات جديدة سيتم التوقيع على اتفاق غير مباشر بين بيروت وتل أبيب الأسبوع المقبل وفي الأيام الأخيرة من أكتوبر. حيث من المفترض أن يوقع الجانبان اللبناني والإسرائيلي نسختين من اتفاقية ترسيم الحدود بشكل منفصل وتسليمهما إلى الولايات المتحدة والأمم المتحدة.
لكن بصرف النظر عن حقيقة أن لبنان تمكن من استعادة ثروته النفطية والغازية بفضل جهود مقاومته وقيادته، ويأمل أبناء هذا البلد في الخروج من الأزمة الاقتصادية باستخدام مواردهم الطبيعية، فيبدو أن الحدود الاتفاق مع فلسطين المحتلة على ترسيم الحدود كان له نتائج أخرى على لبنان.
تحديد الحدود البحرية بين لبنان وسوريا
ذكرت صحيفة "الأخبار" ، اليوم ، أن الرئيس اللبناني ميشال عون والرئيس السوري بشار الأسد بحثا قبل يومين ترسيم الحدود البحرية بين البلدين خلال اتصال هاتفي. وحسب المحادثات التي جرت بين رئيسي سوريا ولبنان ، يقوم الجانبان بإعداد وثائق تتعلق بالإحداثيات الجغرافية والخطوط الخاصة لمناطقهما الاقتصادية على الحدود البحرية. كما تم الاتفاق على تشكيل وفود لمتابعة هذه القضية في لبنان وسوريا. طبعا بما أن لبنان وسوريا شقيقان وصديقان وتربطهما علاقات رسمية مع بعضهما البعض ، خلافا لاتفاقية ترسيم الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة ، فإن الاتفاق على تحديد حدودهما سيكون ثنائيا دون وجود أي وسيط.
من جهة أخرى ، بعد أن أعلن الجانبان اللبناني والصهيوني الأسبوع الماضي موافقتهما النهائية على مسودة اتفاقية الترسيم التي أعدها المبعوث الأمريكي عاموس هوكشتين، بعثت وزارة الخارجية القبرصية برسالة رسمية إلى لبنان تطلب فيها بدء الحوار بين البلدين من أجل الترسيم ، على إثر اتفاقية ترسيم الحدود بين لبنان والأراضي المحتلة.
وحسب رسالة وزارة الخارجية القبرصية ، فإن هذا البلد بصدد إرسال فريق فني إلى بيروت للتفاوض مع لبنان بشأن إصلاح الحدود البحرية ، لكن الجانب اللبناني طلب تأجيل هذا الإجراء إلى الأسبوع المقبل بعد انتهاء الفترة. تأكيد اتفاقية ترسيم الحدود مع فلسطين المحتلة. لذلك ، سيبدأ لبنان وقبرص قريباً مفاوضاتهما بشأن "إصلاح النقاط الحدودية" وبعد ذلك ستدخل الأمم المتحدة هذا الخط. بالطبع ، لم يتضح بعد ما إذا كان سيتم توقيع اتفاقية فنية جديدة حول الحدود البحرية للبنان وقبرص أو ما إذا كان سيتم إضافة تعديل على اتفاقية 2007 في هذا الصدد. كما طلبت السلطات القبرصية من الكيان الصهيوني إبلاغها بنتيجة اتفاقية الترسيم مع لبنان ، وبعد ذلك طلبت قبرص تعديل اتفاق ترسيم حدودها البحرية مع فلسطين المحتلة.
طبعا دوافع قبرص وسوريا لترسيم الحدود البحرية مع لبنان تختلف تماما عن بعضها البعض. لأن قبرص تعتبر حليفًا للكيان الصهيوني في منطقة البحر الأبيض المتوسط ، بينما سوريا تعتبر هذا الكيان عدواً لها ولبنان صديقًا لها ، وتسعى إلى تحقيق أهداف ودية وثنائية مع لبنان في مسألة ترسيم الحدود البحرية.
ومع ذلك ، بالنظر إلى أنه فور الاتفاق الحدودي بين لبنان وفلسطين المحتلة ، من المفترض أن يوضح اللبنانيون مهمة حدودهم البحرية مع قبرص وسوريا ، ويمكن التنبؤ بأن لبنان سوف يستفيد بشكل كبير من البحر الأبيض المتوسط لحل الأزمة الاقتصادية والتمويل الخانق.
أهمية البحر المتوسط في سوق الطاقة
في هذا السياق ، من الأفضل إلقاء نظرة على أهمية البحر الأبيض المتوسط في سوق الطاقة. يعد البحر الأبيض المتوسط من أكبر البحار في العالم ، حيث تشترك القارات الثلاث في أوروبا وإفريقيا وآسيا على شواطئه. وبغض النظر عن حقيقة أن هذا البحر العظيم يعتبر طريقًا سريعًا للاتصالات البحرية ، فإنه يتمتع بموارد طاقة غنية ، وخاصة الغاز ، وقد زادت هذه القضية أهميته مئة ضعف. تقع أغنى موارد غاز البحر الأبيض المتوسط في الجزء الشرقي منه ، والذي يشترك في الحدود المائية مع تركيا وسوريا ولبنان وفلسطين المحتلة وغزة ومصر وقبرص.
تشير الأبحاث إلى اكتشاف حوالي 60 تريليون قدم مكعب من الغاز في حوض البحر الأبيض المتوسط. تقول هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية إن طبقة المياه الجوفية تحتوي على حوالي 122 تريليون قدم مكعب من الغاز و 1.7 تريليون برميل من النفط الخام. إن كمية الغاز في أعماق البحر الأبيض المتوسط يمكن أن تلبي استهلاك الغاز في الاتحاد الأوروبي بأكمله لمدة 76 عامًا. في غضون ذلك ، كان الطلب السنوي لأوروبا على الغاز قبل الأزمة الأوكرانية حوالي 400 مليار متر مكعب ، وقدمت روسيا أكثر من 40٪ من هذه الكمية.
وحسب التقارير الإحصائية الصادرة عن هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية ، في عام 2010 ، فإن منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط لديها أكبر كمية من الطاقة المدفونة في هذا البحر ، بحد أدنى 122 و 227 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي. كما يقدر احتياطي النفط في هذه المنطقة بما لا يقل عن 1.7 مليار برميل على الأقل.
بطبيعة الحال ، لا يزال تشغيل واستغلال موارد الطاقة المتوسطية وإنتاجها في مراحله الأولى ، ومن السابق لأوانه إجراء تنبؤ دقيق حول تأثير هذه الموارد على سوق الطاقة العالمي الكلي وتأثيراتها المباشرة وغير المباشرة على السياسة والمعادلات الاقتصادية ، ولكن الدلائل الموجودة تدل على ذلك ، فهي تحتل موقعًا مهمًا في مجال الطاقة هذا في المستقبل غير البعيد.
كما أن موارد الطاقة الهائلة بشرق البحر الأبيض المتوسط تعتبر صغيرة مقارنة بموارد روسيا وإيران وقطر ودول أخرى.
لكن بالنظر إلى حجم هذه الاحتياطيات ، فإن الاحتمالية الكبيرة لزيادتها في المستقبل ووجودها في موقع جيوسياسي حساس يمكن أن تلعب دورًا فعالاً في سوق الطاقة العالمية ، وبالتالي يكون لها تأثيرات مهمة على المعادلات السياسية والاقتصادية والأمنية للمنطقة.
قبل ذلك ، كان الكيان الصهيوني أحد أكبر المستفيدين من موارد الطاقة المدفونة في البحر الأبيض المتوسط ، وبالنظر إلى الوضع المتأزم الذي كان يمر به لبنان وسوريا في العقد الماضي ، كان لديه الكثير من الفرص لاستغلال النفط و الثروة الغازية للبحر الأبيض المتوسط ، وعلى أساس هذا كان من المفترض أن يصبح أحد أقطاب سوق الطاقة العالمي وأن يلعب دورًا في التطورات السياسية والاقتصادية للمنطقة.
بعد أزمة الطاقة الكبيرة في أمريكا وأوروبا نتيجة حرب أوكرانيا ، حاولت إسرائيل تقديم نفسها كأحد البدائل لموارد الغاز الروسية في أوروبا من خلال استخراج الغاز من المنطقة المتنازع عليها بالكامل مع لبنان. كما حاول هذا الكيان في نفس الوقت تصدير الغاز إلى السوق الأوروبية ذات الاستهلاك العالي من خلال إنشاء خطي أنابيب (قبرص وتركيا).
لكن في الوضع الحالي وبعد نجاح لبنان في إبعاد تل أبيب عن الحدود البحرية لهذا البلد واستعادة ثروتها النفطية والغازية ، وكذلك في ظل الاتفاقية الجديدة التي ستتم بين بيروت ودمشق والتي ستراعي المصالح الاقتصادية للجانبين. وفي ظل العلاقات الثنائية لتوقيع الحدود البحرية للبنان وسوريا ، سيكون ميدان المناورة أضيق للصهاينة وحلفائهم في البحر الأبيض المتوسط. يعتقد خبراء الاقتصاد اللبناني أن هذا البلد يمكن أن يستفيد من موارد الطاقة في البحر الأبيض المتوسط ليكون من بين الدول الغنية بالنفط في المنطقة وأن يحل على الأقل أزمة الوقود والكهرباء.
