الوقت – في الأسابيع الأخيرة وإثر الهجوم المتكرر للجيش الصهيوني على المسجد الأقصى وتدنيس هذا المكان الديني المقدس، وبعد عدة عمليات جهادية انتقامية في عمق الأراضي المحتلة والضفة الغربية، اصطبغ العالم الإسلامي بصبغة فلسطين بشکل موحد.
لكن لا شك أنه من بين ردود الفعل المختلفة على التطورات في فلسطين، تصدرت خطابات ومواقف قادة المقاومة عبر جغرافية هذا الخطاب، من إيران ولبنان إلى غزة واليمن، الأخبار والاهتمام.
من وجهة نظر المسلمين حول العالم اليوم، فإن خطابات قادة المقاومة الإسلامية خلافاً للمواقف الإنشائية وغير الفعالة للقادة العرب، لها القوة التنفيذية والحاسمة في تحديد المعادلات، وبوادر الأمل في الوفاء بوعود قادة المقاومة بشأن استمرار انتصارات الشعب الفلسطيني على الاحتلال الصهيوني والتحرير الوشيك للقدس المقدسة، هي على أعلى مستوى من العقيدة العامة للمسلمين.
في السنوات الأخيرة، أصبح مشهد التطورات في المنطقة بحيث أنه رغم المساعي المكثفة التي تبذلها الجبهة الغربية العربية لتغيير المعادلة الفلسطينية لمصلحة الكيان الصهيوني، والتصفية الکاملة لهذه القضية الجوهرية في نظام إقليمي جديد يقوم على تطبيع العلاقات بين العرب والکيان الصهيوني كهدف نهائي لخطة صفقة القرن، ولکن إجراءات تيار المقاومة ومن خلال قلب المعادلات، أوجدت سريعاً شكلاً آخر من أشكال التوازن، لدرجة أنه أصبح الآن محور المقاومة هو الذي يسيطر على التطورات في فلسطين.
لقد كانت إنجازات المقاومة بارزةً لدرجة أن حتى أشد المنتقدين والمعارضين حماسةً أدركوا تمامًا أن مفتاح التطورات في فلسطين هو بيد جبهة المقاومة، والحديث الأكثر سخافةً هو الحديث عن التسوية والتفاوض مع الکيان الإسرائيلي.
وفي الواقع، يجب القول إنه إذا كان تيار التسوية، ومن خلال عناوين مثل التطبيع، قد اتخذ خطوةً نحو تعزيز مكانة الكيان الصهيوني في المنطقة، إلا أن عمليات حركات المقاومة ضد الكيان قادته عشرات الخطوات إلى مسلخ الدمار والزوال.
اليوم، يعلن قادة المقاومة بالإجماع انتهاء فترة اليأس الماضية وتراجع الشعب الفلسطيني عن مواجهة الاحتلال الصهيوني، وفي المقابل بداية فترة التراجع والانهيار الواسع النطاق للحصن الأمني للکيان الإسرائيلي من الداخل.
وفي هذا الصدد، يمكن الإشارة إلى كلام السيد حسن نصر الله، زعيم حزب الله في لبنان، الذي قال خلال خطابه في يوم القدس: "مسار التيئيس في فلسطين قد فشل، والآن ازداد أمل الشعب الفلسطيني بالتحرير، وولّى زمن النسيان واليأس".
اليوم، تتجلى بوادر تعزيز روح الأمل والثقة بالنفس لإمكانية الانتصار على الاحتلال، بالاعتماد على قوة الإيمان والمقاومة لدى الفلسطينيين، في تصاعد العمليات المسلحة في الضفة الغربية وفي عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة( أراضي 1948).
إن عملية "أرئيل" في يوم القدس، والتي سبقتها عدة عمليات استشهادية في عمق الأراضي المحتلة، دليل على تنامي خطاب المقاومة في روح الفلسطينيين وإيمانهم.
والنقطة المهمة التي تجب ملاحظتها حول العمليات الفلسطينية التي تبدو فرديةً وغير منظمة في الضفة الغربية وأراضي 1948، هي أن الحماس المتزايد للمقاومة والميل إلى الكفاح المسلح ضد الاحتلال بين الفلسطينيين، هو عامل مهم في تطوير القوة والنطاق العملياتي لتيار المقاومة في قطاع غزة.
بحيث إنه مع توسع الروابط بين حركات المقاومة والمناضلين الفلسطينيين المتطوعين، يمكننا أن نرى انتقالًا سريعًا من العمليات العمياء إلى الأعمال التنظيمية ذات القوة التدميرية والضربات الأمنية الأكثر شدةً في المدن الصهيونية.
وهذه القضية، بعد الوعود الأخيرة لقادة المقاومة في المنطقة بضرورة تصاعد الكفاح المسلح ضد الکيان في كل المناطق الفلسطينية، قد هزَّت حياة الصهاينة وسلبت النوم من عيونهم.