الوقت - أثار إطلاق فيلم رسوم متحركة مدته أقل من دقيقتين بعنوان "الانتقام حتمي"، غضبًا ورد فعل قوي من المسؤولين الأمريكيين.
تم نشر هذه الرسوم المتحركة في الموقع الإلكتروني لمكتب حفظ ونشر أعمال المرشد الأعلی، ونُشر كأحد الأعمال المختارة. وتركز الرسوم المتحركة هذه على الانتقام من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وفريقه بسبب اغتيال اللواء سليماني.
في هذه الرسوم المتحركة، يتم التعرف على دونالد ترامب، إلى جانب العديد من الأشخاص الآخرين، بواسطة روبوت بأربع عجلات أثناء لعب الجولف على أرض ترامب الخاصة، ويتم نقل معلوماتهم إلى المركز.
وأخيرًا، ترسل غرفة التحكم رسالةً إلى هؤلاء الأشخاص عن طريق اختراق هواتفهم: تقول الرسالة إن "قاتل سليماني ومن أمر بقتل سليماني يجب أن يری القصاص والانتقام". ثم يضغط المستخدم الموجود في غرفة التحكم على زر التصوير، عن طريق تحريك الطائرة من دون طيار وإلقاء ظلالها على هؤلاء الأشخاص.
أثارت هذه الرسوم المتحركة موجةً من ردود الفعل من المسؤولين الأمريكيين، بل إن بعض أعضاء الكونغرس دعوا إلى وقف المحادثات النووية مع إيران بسبب هذه الرسوم المتحركة.
وقال المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي في بيان: "هذا جزء من الأنشطة التخريبية التي تقوم بها إيران في المنطقة، وهي من التهديدات التي تقوم بها ضد أمننا القومي. نحن في وزارة الدفاع سنواصل تركيزنا على هذا التهديد لضمان أن لدينا القدرات للدفاع عن أنفسنا في المنطقة. نشهد استمرار دعم إيران للإرهاب في بلاد الشام والشرق الأوسط، ودعمها للجماعات المتشددة في العراق وسوريا التي تواصل مهاجمة قواتنا".
ولكن لماذا تنزعج الولايات المتحدة التي تغتال مواطني دول أخرى دون تردد، برسوم متحركة وتسعى لرد حاسم ضد إيران؟ فيما يلي سنبحث في اغتيال اللواء سليماني والانتقام الحتمي القادم من عدة زوايا.
يمكن دراسة الرسوم المتحركة "الانتقام حتمي" من منظورين:
1. يأتي الجدل الإعلامي الأمريكي حول عملية الاغتيال هذه فيما يتحدث المسؤولون الأمريكيون صراحةً عن اغتيال اللواء سليماني، واصفين إياه بأنه إنجاز. کما أعلن البنتاغون أن اغتيال قاسم سليماني قد تمَّ في عمل حاسم بناءً على أوامر ترامب.
الواقع أن رد فعل الأمريكيين على هذه الرسوم المتحركة، التي هي مجرد عمل إعلامي في الوقت الحالي، يأتي فيما يتحدث الأمريكيون علانيةً عن اغتيال وقتل سكان المنطقة.
۲. النقطة الثانية هي أنه إذا تم تنفيذ ما ورد في هذه الرسوم المتحركة والانتقام من ترامب ومرتكبي اغتيال اللواء سليماني، فهذا لن يكون سوى رد فعل على اغتيال اللواء سليماني. ولذلك، من خلال الانتقام من مرتكبي اغتيال اللواء سليماني، لن تنتهك إيران القانون الدولي، ولن تقدم نفسها كطرف عنيف. فالانتقام من ترامب سيكون رد فعل إيران الطبيعي.
يمكن أيضًا دراسة الانتقام لاغتيال اللواء سليماني من زاويتين سياسية وأخلاقية:
1. من الناحية السياسية، لا بد من التأكيد على أن الأمريكيين هم الذين باغتيال اللواء سليماني أزالوا قبح اغتيال المسؤولين في دول أخرى، وعرّضوا قادتهم للانتقام. ومن الآن فصاعدًا، لن يتمتع المسؤولون الأمريكيون بالأمن في زياراتهم ومهماتهم، وسوف يلقي الخوف الأبدي بظلاله عليهم.
۲. - من وجهة النظر الأخلاقية، إذا انتقمت إيران لاغتيال اللواء سليماني، فلن تلومها الضمائر المستيقظة، بل الانتقام من الأمريكيين ضرورة أخلاقية تخلق أيضًا شرعيةً أخلاقيةً. وإلقاء نظرة على جرائم أمريكا ضد الدول الأخرى يظهر بوضوح هذه الضرورة.
حيث إنه وفقًا لتقرير صدر مؤخرًا عن البنتاغون، ألقى سلاح الجو الأمريكي وحلفاؤه 337 ألف قنبلة وصاروخ على أشخاص في دول أخرى على مدار العشرين عامًا الماضية.
في الواقع، نفذت الولايات المتحدة 46 هجومًا يوميًا في دول أخرى على مدار 20 عامًا. حيث نفذت الولايات المتحدة أكثر من 93 ألف عملية جوية في أفغانستان والعراق وليبيا وباكستان والصومال وسوريا واليمن، على مدار العشرين عامًا الماضية.
ويقدر العدد الإجمالي للمدنيين الذين لقوا حتفهم بسبب العنف المباشر في حروب الولايات المتحدة منذ 11 سبتمبر بما يتراوح بين 364 ألف و 387 ألف شخص، وفقًا لمشروع تكاليف الحرب بجامعة براون.
ووفقًا للبيانات الجديدة، أسقطت الولايات المتحدة 3246 قنبلة وصواريخ أخرى على أفغانستان والعراق وسوريا منذ فبراير 2020(2068 في عهد ترامب و 1178 تحت حكم بايدن).
في الواقع، هذا مجرد جزء صغير جدًا من الإحصائيات التي تظهر كيف تتصرف الولايات المتحدة على الساحة الدولية، وتؤكد لماذا الانتقام من هذا البلد ليس إرهاباً وعنفاً.
ربما لو أتيحت الفرصة لدونالد ترامب للعودة إلى صباح الجمعة 3 يناير/كانون ثاني من عام 2020، لكان قد أعاد النظر في اغتيال اللواء سليماني. لقد صرح ترامب مرارًا وتكرارًا بشكل ضمني أنه تعرض للاستغلال في هذه القضية، واشتكى الکيان الإسرائيلي من أن جميع تكاليف الاغتيال تحملها بنفسه.
في أيام اغتيال اللواء سليماني، كتبت صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية: إن "اغتيال سليماني هو أكبر مقامرة لترامب. باغتيال اللواء سليماني، سلم ترامب انتخابات 2020 الأمريكية إلى بايدن، وحياته مهددة أيضًا، كما ثبت أن نتنياهو والسلطات الصهيونية قد استغلوه في هذه القضية".
في الواقع، ترامب الذي دخل البيت الأبيض دون أي خبرة سياسية وفقط بسبب الموارد المالية، فعل شيئًا لم يجرؤ أي مسؤول أمريكي آخر على فعله. وهذه الجرأة لم تكن بدافع الشجاعة ولكن بسبب قلة الخبرة والجهل بالعواقب. لكنه توصل الآن إلى نتيجة مفادها بأنه قام بمجازفة خطيرة.
أصبح ظل "طائرة بدون طيار الانتقامية" فوق ملعب الجولف الخاص بترامب ثقيلًا، لدرجة أن وزير الخارجية السابق بومبيو، الذي كان أيضًا أحد مرتكبي اغتيال اللواء سليماني، طلب من أجهزة المخابرات توفير المزيد من الحماية والدفاع ضد إيران.
ترامب الآن في وضع معقد ومخيف. ويجب على دونالد ترامب إلقاء نظرة على إختفاء سلمان رشدي الذي أهان الإسلام، لأكثر من 30 عامًا.
لم يشاهد سلمان رشدي في أي مكان عام منذ عام 1988، ولا يجرؤ على السير في أي مكان دون حارس شخصي. وربما كان الموت أسهل بكثير عليه من 30 عامًا من العيش في الخفاء والخوف.
الآن، كل صباح عندما يستيقظ دونالد ترامب، عليه أن ينظر إلى السماء أولاً للتأكد من أنها آمنة. رغم أنه لا يمكن التعرف بسهولة على الطائرة الانتقامية بدون طيار في سماء نادي ترامب الدولي للغولف في ويست بالم بيتش بولاية فلوريدا، ولن تحل نظرة ترامب إلى السماء مشاكله.
يجب أن ينتظر ترامب في أي وقت وقوع حادث أو قنبلة أو رصاصة أو هجوم بطائرة من دون طيار. هكذا ستمضي حياة ترامب.
