الوقت- نجم الدين أربكان هو أحد أهم الشخصيات السياسية والأكثر نفوذاً في التاريخ السياسي لتركيا. وبسبب جهوده لدمج السياسة والإسلام، تمكن من أخذ التطورات السياسية في البلاد في اتجاه جديد. حيث يعتبر مهندس السياسة الإسلامية التركية.
لقد كان شخصية مؤثرة ليس فقط في السياسة التركية ولكن أيضا في السياسة العالمية. لأنه اقترح تشكيل منظمة "D-Eight" بهدف التعاون والوحدة بين الدول الإسلامية.
أربكان، الذي لعب دورا قياديا في السياسة التركية كزعيم لحزب الرفاه ورئيساً للوزراء، أُجبر على الاستقالة والتنحي عن الحياة السياسية في عام 1998 بسبب الترويج للإسلاموية ومعارضة مصطفى كمال أتاتورك في أعقاب الانقلاب السلمي المعروف باسم "انقلاب ما بعد الحداثة".
وعلى الرغم من صعود كوادر حزب العدالة والتنمية من طاولة حزب الرفاه، فإن إنشاء حزب الرفاه الجديد من قبل الدكتور فاتح أربكان، نجل الراحل أربكان، يظهر أن حزب العدالة والتنمية بعيد كل البعد عن المثل الإسلامية لأربكان وأن فاتح أربكان يعتزم متابعة المسار السياسي لحزب والده نجم الدين أربكان.
هذا وصادف الأسبوع الماضي الذكرى العاشرة لوفاة نجم الدين أربكان، وفي هذه الذكرى تم ترتيب مقابلة مع نجله الدكتور فاتح أربكان، وذلك على النحو التالي:
يقول الخبراء إن أحد أسباب التغييرات في تركيا في العقود الأخيرة هو تصرفات والدك في خلق تيار سياسي جديد في تركيا. ما هي أهداف سياسته؟
أربكان: كان الراحل أربكان يستهدف تعاون الدول الإسلامية منذ عام 1969 بخلق تيار سياسي جديد في تركيا، ضد النهج الاستعماري الجديد للغرب تجاه تركيا بهدف حماية التنمية الوطنية والمصالح المحلية. لا شك في أن هذه الحركة السياسية الجديدة قوبلت برد فعل (إيجابي) واسع النطاق في تركيا.
يعتبر التركيز على سياسات أربكان في السنوات الأخيرة في تركيا علامة على سياسته الشعبية. ومع ذلك، كان إرساء أسس التعاون الإسلامي بين الدول الإسلامية واقتراح مشروع D-8 من بين أهم أعماله. حيث يمكن ملاحظة أن الخط السياسي الواقعي ومقاربات الراحل أربكان كان لها مكانة مهمة في البلدان الإسلامية وكذلك في السياسة التركية.
ما هي الأفكار الإسلامية للراحل أربكان. هل استطاع تحقيق أهداف سياسته الإسلامية؟
أربكان: السيد أربكان أحدث ثورة كبيرة في تركيا بهذا الصدد. قبل حركة "الرؤية الوطنية"، لم يكن للمتدينين مكان في سياسة البلاد. بين الطبقات الدينية والعلمانية، كان هناك تصور بأننا لا نستطيع تحمل المسؤولية عن المناصب المهمة مثل النائب أو رئيس البلدية.
لكن الشخص المؤمن والمتدين مثل الراحل أربكان عام 1969، ترشح لقونية وفاز بأكبر عدد من الأصوات دون الانتماء لأي حزب ثم أسس حزب السلامة الوطني ودخل البرلمان بنسبة 12٪ من الاصوات. واتخذ الأستاذ أربكان إجراءات ناجحة ومهمة في البلاد، أدت إلى تدمير بعض الآراء الخاطئة ودخول المتدينين إلى عالم السياسة.
وحاول المرحوم أربكان بعنوان "نحن لا نمارس السياسة بل نمارس العبادة" أي انه حاول القول إنه لا ينبغي فصل الطبقة الإسلامية عن سياسة البلاد. الآن، ماذا يعني أن تمارس السياسة مثل العبادة؟ وفقًا لاعتقادنا فإن الواجب الأساسي للمسلم ليس فقط أداء عبادته الفردية، ولكن أيضا محاولة إنقاذ الآخرين في الدنيا والآخرة.
إذن كيف يتحقق للناس الرخاء والرفاهية والخلاص؟ يمكن تحقيق ذلك من خلال إقامة العدل والازدهار والسلام في البلاد وحول العالم، ومن خلال ضمان حقوق الإنسان. كيف سيحدث هذا؟ يحدث هذا فقط عندما يكون للمؤمنين الذين لديهم وعي إسلامي سلطة اتخاذ القرار واتخاذ موقف لإدارة البلاد. على هذا الأساس تأسست "الرؤية الوطنية" للراحل أربكان. واقترح أن الأشخاص ذوي الوعي الإسلامي يجب أن يشاركوا أيضا في سياسة البلاد.
والدك أُجبر على التنحي بسبب انقلاب ما بعد الحداثة. كيف تحلل دور امريكا وإسرائيل في هذا الانقلاب؟
أربكان: ما زالت تفسيرات الأستاذ أربكان متوافرة في هذا الصدد حيث انه قال إن الانقلاب نفذته قوة أجنبية. فقد أظهرت بعض الرسائل المشفرة من الخارجية الأمريكية إلى السفارة الأمريكية في أنقرة ذلك. حتى أنه ذكر دور الرئيس الأمريكي آنذاك ومستشار الأمن القومي الصهيوني في الانقلاب.
نعم؛ كان انقلاب 28 فبراير أجنبياً مثل الانقلابات الأخرى. لكن هناك عدة أسباب لتدخل القوى الأجنبية في الانقلاب:
أدى إنشاء بعض الأنظمة من قبل الراحل أربكان في الاقتصاد التركي إلى منع أنظمة الاستغلال لبعض القوى الأجنبية. كانت الميزانية المكافئة أو نظام التجمع أحدها.
كما ان الفاعلين الأجانب الذين قادوا انقلاب 28 شباط لم يرغبوا في حكومة أربكان لأنهم لم يرغبوا في إحباط خطط احتلال العراق. وكانوا بحاجة إلى دعم تركيا لاحتلال العراق. كما اتضح دعم حزب العدالة والتنمية الاحتلال الأمريكي للعراق في ذلك الوقت.
والسبب الآخر للجهات الفاعلة الأجنبية للتدخل في انقلاب ما بعد الحداثة هو قضية منظمة D8. كانت المنظمة عقبة رئيسة أمام مشروع إسرائيل للشرق الأوسط الكبير.
فمن جهة أخرى، بذل المرحوم أربكان جهودا كثيرة لتطوير العلاقات مع دول الجوار، بما في ذلك إيران والعراق. على سبيل المثال، وقع اتفاقية لاستيراد الغاز الطبيعي مع إيران، بغض النظر عن العقوبات الأمريكية. كل هذا دفع امريكا للقيام بهذا الانقلاب. ومن الإجراءات الأخرى التي اتخذها السيد أربكان طرد القوات الأمريكية، والتي كانت تعد كقوة المطرقة الأمريكية.
كل هذا يعني أن تصرفاته الاقتصادية والسياسية والعسكرية دفعت إسرائيل والولايات المتحدة إلى القيام بانقلاب آخر في تركيا.
ما هي وجهة نظر اربكان عن العالم الإسلامي؟ وكحزب رفاهية جديد، ما هي الخطوات التي تخطط لاتخاذها في هذا الاتجاه؟
أربكان: منذ دخول عالم السياسة، قال المرحوم أربكان إننا لم نأت فقط لإنقاذ تركيا، بل لإنقاذ العالم الإسلامي. عمل من أجل الهدف الأسمى لحركة "الرؤية الوطنية" وهو إحلال السلام والطمأنينة وحقوق الإنسان، وكان يؤمن بضرورة تحقيق العدالة بدلاً من القهر والاستغلال والمعايير المزدوجة. إن ضمان العدالة والسلام والازدهار لا يمكن تحقيقه إلا من خلال معتقداتنا وثقافتنا الإسلامية. لذلك فإن المسلمين والدول الإسلامية هم من ينشئون هذا العالم العادل.
من الأفضل تنحية الخلافات بين الدول الإسلامية والاتحاد الإسلامي لتكون أقوى من ذي قبل والعمل ضد القوى الأجنبية والصهيونية.
أسس الراحل أربكان D-8 وأوضح أهدافها وأطلق عليها اسم D-60 والتي تعني توحيد ثماني دول إسلامية و D-60 تعني تعاون 57 دولة إسلامية. حارب المرحوم أربكان في حياته السياسية من أجل هذا الهدف.
لقد أوضحنا، بصفتنا حزب الرفاه الجديد، نفس النقطة في اليوم الأول لحزبنا. لقد كتبنا في برنامج حزبنا أننا سننهج نهج منظمة D-8 وفقا لأهدافها الأساسية، وهدفنا الرئيس في السياسة الخارجية هو تنفيذ D-60.
كيف كان ينظر السيد أربكان تجاه إيران؟
أربكان: قام الأستاذ أربكان بأول رحلة خارجية له إلى إيران بعد أن أصبح رئيسا لوزراء تركيا. وكانت رحلته الأخيرة قبل وفاته إلى إيران. وهذا مؤشر مهم للغاية من حيث إبداء آرائه بشأن إيران.
كان دائما يقدر موقف الحكومة الإيرانية ضد الصهيونية ومخطط إسرائيل الكبرى وسياساتها الواعية في هذا الشأن. وأكد دائما المساواة والأخوة بين الشعبين الإيراني والتركي، ويقدر دائما التعاون السياسي والإسلامي والاقتصادي بين تركيا وإيران.
ورأى أن بعض الخطاب المعادي لإيران في تركيا يخدم الخطط الصهيونية وكان يواجهها من خلال العمل مع إيران ودول إسلامية أخرى. نحن حزب الرفاه الجديد سنواصل طريقهم بالرؤية الوطنية نفسها.
