الوقت- تعدّ اللحظات الأولية لمواجهة أي تهديد عسكري أحد أهم العوامل للبقاء في ساحة المعركة، وتعدّ عملية اكتشاف العدو ووقت إطلاق النار عليه والوقت اللازم لإعادة تسليح نظام الأسلحة من بين النقاط الرئيسة في المعارك العسكرية وهنا تجدر الإشارة إلى أن أحد أهم أجزاء هذه العمليات العسكرية هي الدفاعات الجوية، ففي معظم دول العالم، تمثّل الدفاعات الجوية خط الاستجابة الأول لأي تهديد عسكري ولهذا فإن هذه الدفاعات يجب أن تكون قادرة على الرد في أسرع وقت ممكن على تهديدات العدو وفي حالة حدوث مشكلات في هذا المجال المهم، فإنه من المحتمل أن تحدث فجوة في الجدار الدفاعي وفي نهاية المطاف أضرار جسيمة لهذا البلد ولهذا فإن القادة العسكريين يركزون بشكل خاص على الدفاعات الجوية والخط الأمامي لمواجهة أي تهديد عدواني.
وحول هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الإخبارية بأن جمهورية إيران الاسلامية تمكنت خلال السنوات الماضية من المضي قدماً في مسير صناعة وتطوير العديد من المنظومات الصاروخية والطائرات الحربية والطائرات من دون طيار والكثير من المركبات العسكرية والمعدات الثقيلة.
ولفتت تلك المصادر إلى أنه قبل عدة أيام أعلنت طهران أنها اختبرت بنجاح منظومة صواريخ "إس 200" بعيدة المدى المطورة محلياً خلال اليوم الأخير من المناورات التي تحمل اسم "المدافعون عن سماء الولاية"، وفي هذا الصدد قال قائد سلاح الدفاع الجوي الإيراني العميد "أحمد ميقاني": "إن منظومة أس 200 الصاروخية خلال عملية الاختبار، أصابت أهدافها على مسافة 100 كيلومتر"، وأوضح أن المناورات حققت أهدافها، بما في ذلك نجاح تجربة إسقاط صواريخ كروز وهي على ارتفاعات عالية.
يذكر أن منظومة الدفاع الجوي الروسية "اس200" التي من المرجح أن تكون هي التي استخدمتها سوريا من أجل إسقاط الطائرة المقاتلة الإسرائيلية "إف-16" فجر يوم الـ 2/10/2018 في شمال إسرائيل،هي منظومة دفاع جوي بعيدة المدى روسية الصنع ولقد صُممت هذه المنظومة لكي تعترض الأهداف المتوسطة إلى عالية الارتفاع وأساساً من أجل الدفاع عن مساحات واسعة من الأراضي ضد القاذفات المهاجمة والطائرات الأخرى الاستراتيجية، وتتكون كل بطارية في هذه المنظومات من 6 قواذف صواريخ و رادار التحكم بالنيران يمكن أن تتصل بمحطة رادارية بعيدة المدى، ومواصفات اس-200 الفنية هي كالتالي يبلغ طولها نحو 10 أمتار وقطرها حوالي 100سنتيمتر مع معززات الدفع بدونها 80 سنتيمتر وأقصى عـرض لفتحة الجنيحات بالذيل تصل إلى 165 سم. ووزنها عند الإطلاق حوالي 10000 كيلو غرام تقريبا. ورأسها الحربي شديد الانفجار وطريقة التوجيه هي طريقة توجيه لاسلكي في المرحلة الأولى، ثم توجيه راداري إيجابي ووسيلة الدفع هي محرك ذي ثلاث مراحل دفع، والسرعة القصوى لهذه المنظومات تصل إلى 3.5 ماك والمدى الأقصى لها يصل 300 كيلو متر والمدى الأدنى يصل إلى 80 كيلو متر والارتفاع الأقصى يصل إلى 30 كيلو متراً.
منظومة "أس 200" الصاروخية على ظهر ناقلة إلى جانب قاذفة لهذا النوع من الصواريخ
وقبل الوصول إلى قصة وصول منظومات "إس 200" الصاروخية إلى إيران هناك نقطتان يجب تقديمهما: أولاً، لقد قامت العديد من دول العالم خلال السنوات الماضية بإدخال تحسينات والتعديلات على منظومة "إس 200" الصاروخية وتم اعتماده كسلاح بعيد المدى لضرب أهداف العدو التي لها قدرة أقل على المناورة مثل طائرات "آواكس" وطائرات التزود بالوقود، وثانياً موضوع نجاح هذه المنظومة الصاروخية في سوريا ضد مقاتلات الجيش الصهيوني، ففي فبراير من عام 2017، قامت مقاتلات الجو الإسرائيلية بشن غارات جوية على الحدود السورية والأراضي المحتلة، ورداً على تلك الهجمات، أطلق السوريون عدداً كبيراً من الصواريخ المضادة للطائرات، وخلال تلك العملية تمكّنت صواريخ "إس 200" التابعة للحكومة السورية من إسقاط طائرة إسرائيلية متطورة من طراز "إف 16".
ما تبقى من أجزاء طائرة "أف 16" الإسرائيلية التي سقطت بواسطة صواريخ "أس 200"
إيران تطور منظومات "إس 200" الصاروخية
كشفت العديد من المصادر الإخبارية بأن طهران اشترت من الاتحاد السوفيتي بين عامي 1960 و197 العديد من منظومات "إس 200" الصاروخية ولفتت تلك المصادر إلى أن طهران قامت خلال السنوات الماضية بإجراء الكثير من التعديلات على هذه المنظومات الصاروخية وحول هذا السياق قال قائد مقر خاتم الأنبياء، العميد "فرزاد إسماعيلي": "إن منظومة إس 200 الصاروخية هي المنظومة الأبعد مدى التي يملكها المقر"، مشدداً على أن إيران عملت خلال السنوات الماضية على تطوير هذه المنظومة لتمكنها من مواجهة التهديدات الجوية في الارتفاعات المتوسطة فضلاً عن الارتفاعات العالية وذلك بشكل متزامن.
وأضاف "إسماعيلي": "إن منظومة إس 200 الصاروخية تم تطويرها في بادئ الأمر على يد الخبراء الإيرانيين"، معربا أن هذه التغييرات أدت إلى تطوير وظائف هذه المنظومة، ونظرًا للتغييرات الأساسية التي حصلت في هيكلية وأداء المنظومة في عملية التطوير سنستبدل اسم منظومة "إس 200" باسم آخر.
وأضاف "إسماعيلي": إنه بإمكان هذه المنظومة إطلاق صاروخين بتوقيت متزامن فتطويرها لضرب الأهداف في الارتفاعات المتوسطة فضلاً عن الارتفاعات العالية تغني قواتنا عن استقرار منظومة صاروخية أخرى إلى جانب هذه المنظومة لمواجهة التهديدات الجوية في الارتفاعات المتوسطة.
الأنظمة الرقمية المثبتة على منظومات "إس 200" في إيران
نظراً للخصائص بعيدة المدى لأنظمة "إس 200"، التي تعمل محركاتها الأربعة بالوقود الصلب، فإن هذا السلاح ملائم بشكل أفضل لتدمير الأهداف بعيدة المدى بدلاً من تدمير الأهداف متوسطة المدى، ونظراً لقدرة هذه الأنظمة الصاروخية التي تم تطويرها داخل إيران على تدمير الطائرات من دون طيار، فلقد تم تجربتها في مناورات "المدافعون عن الولاية"، حيث أثبتت هذه المنظومات الصاروخية قدرتها على إسقاط طائرات من دون طيار تحلق على ارتفاع 1828 متراً.
وقت تحميل صواريخ "إس 200" يصل إلى النصف
في أعقاب التطورات المتعلقة بتطوير منظومة "إس 200" الصاروخية في إيران، قام اللواء "أمير موسوي"، القائد الأعلى للجيش الإيراني، في أواخر شهر نوفمبر من هذا العام بزيارة تفقدية إلى المواقع الدفاعية لمحطة "بوشهر" للطاقة النووية وخلال هذه الزيارة تم الاعلان عن الفترة الزمنية التي تستغرقها عملية تحميل منظومة "إس 200" الصاروخية وقيل إن هذه الفترة يستغرق حوالي دقيقتين و8 ثواني بينما كان الوقت القياسي لهذه العملية هو 5 دقائق وهذا يعني أنه في هذا الجزء من الدفاعات الجوية، كما تمكن المتخصصون في الدفاعات العسكرية الايرانية من تحقيق انجازات نوعية وتقليل الوقت الذي يحتاجه الجنود لتحميل وإطلاق هذه النوع من الصواريخ، وهذا عامل حاسم سوف يساعد الدفاعات الجوية للبلاد للتصدي لكافة التهديدات التي تحلق على ارتفاعات عالية.
