الوقت- صدر قبل فترة إعلان نزع السلاح من قبل زعيم حزب العمال الكردستاني السجين في تركيا ، حيث قال اوجلان في إعلانه إنه يسعي إلي "قرار تاريخي" للوصول إلي "حل ديمقراطي"، داعياً إلي عقد مؤتمر خاص في الربيع لاتخاذ قرار استراتيجي وتاريخي، لإنهاء النزاع المسلح بناءً علي الأسس المتفق عليها. وعلي الرغم من أن المسؤولين الحكوميين الأتراك قد رحبوا بهذا الإعلان، ولكن هنالك تحديات عديدة أمام هذا القرار.
وفي البداية نستعرض مواقف الأحزاب ومن ثم قيادات حزب العمال الكردستاني بهذا الخصوص.
مواقف الأحزاب
الحزب الحاكم (حزب العدالة والتنمية)
واجهت رسالة أوجلان لنزع السلاح ترحيب المسؤولين الأتراك، ولكن في الوقت نفسه، بعض المواقف والإجراءات المتخذة من قبل الحزب الحاكم، قد واجهت معارضة الأحزاب الأخري. وفيما يلي نشير إلي أهمها:
النزعة الاستبدادية
استبدادية الحزب الحاكم ومخاوفه من نتائج المفاوضات، أدت بالأكراد إلي السير في هذا الاتجاه بحذر. يطالب الأكراد بعد عقود من النضال بتحقيق مطالبهم وإقامة سلام دائم. والسجل الضعيف للحزب الحاكم في اتخاذ التدابير العملية في التفاوض، قد ضاعف هذه المخاوف. وقد قتل حتي الآن أكثر من 40 ألف شخص خلال الحرب مع قوات الأمن التركية، معظمهم من الأكراد.
والعقبة الرئيسية التي تعترض طريق مفاوضات السلام في الأيام الأخيرة، هي الحزمة الأمنية المطروحة في البرلمان التركي. هذه الحزمة الأمنية التي تشمل 132 بنداً، وعرضته الحكومة التركية على البرلمان، قد أثارت معارضة الحزبين الكبيرين الآخرين في تركيا.
العضو في حزب "الشعوب الديمقراطية" عادل زوزاني اعتبر في تصريحاته في البرلمان التركي، أن الحزمة الأمنية هي انقلاب، والضرر الأكبر منها سيكون من نصيب الأكراد. وادعي زوزاني أنه في حال المصادقة علي هذه الخطة، فإن جميع الأشخاص ممن هم خارج حزب العدالة والتنمية، سيشعرون بانعدام الأمان.
الأحزاب المعارضة
لم يعتبر حزبا الحركة القومية والشعب الجمهوري باعتبارهما الحزبين المعارضين للحزب الحاكم، إعلان عبد الله أوجلان رسالة لنزع سلاح حزب العمال الكردستاني.
حزب الحركة القومية (MHP)
حزب الحركة القومية، هو ثاني حزب معارض للحكومة التركية بعد حزب الشعب الجمهوري العلماني. زعيم الحزب كمال كيلشدار اوغلو رحب بإعلان نزع السلام، واعتبره خطوة هامة لمنح السلام إلي هذا البلد وشعبه. هذا في حين أن نائب رئيس الكتلة النيابية لحزب الحركة القومية في البرلمان التركي "أوقطاي ورال"، لم يعتبر الإعلان نزعاً للسلاح، بل ادعي أنه إعلان استسلام الحكومة لحزب العمال الكردستاني. ولذلك أطلق عليه وثيقة خيانة الوطن.
حزب الشعوب الديمقراطي (HDP)
بعد رسالة عبد الله أوجلان، اعتبر ممثل مدينة موش في البرلمان التركي من حزب الشعب الديمقراطي دمير تشاليك، أن هذه الرسالة ليست إعلاناً لنزع السلاح، بل تأتي لفتح الباب أمام السياسة الديمقراطية. وأضاف: هناك عشرة شروط مسبقة قبل نزع السلاح، وإذا عملت الحكومة التركية وتنظيم اتحاد الجماعات الكردستانية بهذه البنود العشرة، فإن حزب العمال الكردستاني وتنظيم اتحاد الجماعات الكردستانية سيتخذون في مؤتمر الربيع المقبل قراراً متزامناً لنزع السلاح.
كما أنتقد رئيس حزب الشعب الديمقراطي الشعبي صلاح الدين دميرتاز، سياسات الحكومة التركية المزدوجة، مؤكداً علي البنود العشرة المقترحة رابطاً نزع السلاح بإجراءات الحكومة في هذا المجال.
مواقف تنظيم اتحاد الجماعات الكردستانية
إن تصريحات العضو التركي في مجلس قيادة منظومة المجتمع الكردستاني (KCK) "دوران كالكان" حول نزع سلاح حزب العمال الكردستاني، تظهر موقفهم المعارض، ذلك أنه يعتبر نزع سلاح حزب العمال الكردستاني متوقفاً علي نزع سلاح الحكومة التركية تجاه الأكراد.
هذا في حين أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورداً على هذه المطالب، إلي جانب تأكيده علي أهمية إعلان نزع السلاح من قبل عبد الله أوجلان، وصف توقع نزع سلاح قوات الأمن التركية بأنه مجرد وهم.
وقال عضو قيادة منظومة المجتمع الكردستاني مصطفي كاراسو، أن الوضع في الشرق الأوسط لا يسمح بنزع سلاح حزب العمال الكردستاني. مضيفاً: نظراً للصراعات الحالية في المنطقة، فإن نزع السلاح سيعرض وجود الأكراد إلي الخطر.
وقد أعلنت الميليشيات الكردية التركية المعروفة باسم حزب العمال الكردستاني معارضتها لطلب أوجلان، معتبرة أن تنفيذ نزع السلاح مرتبط بجهود الحكومة في تعزيز الديمقراطية.
ومع ذلك فإن البيان الجديد لمنظومة المجتمع الكردستاني بخصوص رسالة عبد الله أوجلان، قد اعتبر الرسالة تاريخية، معلناً دعم المنظومة في حال تنفيذ الالتزامات من قبل الحكومة التركية.
عبد الله أوجلان المسجون في جزيرة إمرالي في بحر مرمرة، هو الوجه الأبرز بين المسلحين الأكراد في تركيا. ومنذ عام 2012، يحاول حل المشكلة الكردية، ولكن ثمة تحديات من قبل الأحزاب التركية وقادة الأكراد تقف في طريق الوصول إلي نزع سلاح حزب العمال الكردستاني، وهي التحديات التي تبعد عن الأذهان احتمال وقوع السلام في وقت مبكر. ولكن يجب ألا ننسى أن المجتمع التركي قد اتجه نحو الحلول الديمقراطية. ولا يمكن القول إن المعركة قد انتهت، بل هناك معركة جديدة في الطريق. معركة من أجل إثبات الهوية. وما يحدث هو مواجهة بين هويتين، للوجود وللبقاء.
