الوقت- صوت البريطانيون لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، غير آبهين بتداعیات هذا الخروج على اقتصاد بلادهم المحلي من جهة وعلى العالم من جهة أخرى. ووضعوا بلادهم في مواجهة حالة من الضبابية الشديدة، قد تضر اقتصادات أخرى في أوروبا وأمريكا وغيرها.
صعود قيمة الدولار أمام اليورو والبوند
وقد يدفع هذا الطلاق الاوروبي البلاد نحو الركود، وسيكون لهبوط قيمة البوند أمام العملات الأخرى، تأثير مباشر على أسعار خام برنت البحر الشمالي، حيث تراجع عن مستوى الـ 50 دولار للبرميل، وهذا التراجع سيهيمن على قيمة نفط برنت في المستقبل. وبهذا يكون قد وجّه البريطانيون ضربة موجعة لأسواق النفط حيث انخفضت الأسعار بشكل كبير.
وعلى أساس معاهدة الإتحاد الاوروبي، التي تشترط على الدولة التي تنوي الخروج من التكتل بأن تحصل على موافقة كل الدول الأعضاء وعددها 28 عضواً. وبعد انفصال أي دولة عن الاتحاد، توضع علاقاتها المشتركة في السوق الاوروبية والعضوية وأي اتفاقية أخرى، قيد الدراسة بالنسبة لجميع الدول الأعضاء.
ولابد لبريطانيا من إجراء مباحثات منفردة مع كل دولة من دول الاتحاد الاوروبي بعد اختيارها الطلاق عنه، وعليها الوصول الى اتفاقات مرضية لجميع الأطراف وكل هذا سيأخذ مدة زمنية طويلة لإنجازه.
ورئيس الوزراء البريطاني "ديفيد كاميرون" كان موافقا على كل مايجري بعد محاولاته الفاشلة بإقناع البريطانيين بالبقاء داخل التكتل.
وسيستقيل "كاميرون" بحلول أكتوبر / تشرين الأول، ويترك لخليفته باعتباره رئيس حزب المحافظين إخطار الاتحاد بأن بريطانيا ستنسحب بموجب المادة 50. ولكن بريطانيا ضائعة بمن سيكون خليفة كاميرون. وسيعني هذا بدء فترة العامين ويعتقد مسؤولون أن الاتحاد لا يستطيع إطلاق العملية بنفسه.
وإحدى الخيارات المطروحة بأن بريطانيا لن تكون عضوا في الاتحاد، ولكنها تستطيع الإستفادة من فوائد السوق المشتركة للإتحاد الاوروبي.
دلائل التنبؤ بحركة الإقتصاد البريطاني نحو الركود
أول دليل على أن الاقتصاد البريطاني يتجه نحو الركود، هو الميزات التي ستفقدها الشركات الخارجية الضخمة في بريطانيا، كعدم دفعها للضرائب والعديد من الخلاقيات والإمتيازات الاخرى، والتي ستجبر الشركات الاوروبية على الحصول على ترخيص جديد للحفاظ على بقائها في سوق بريطانيا.
ويريد كثيرون انفصالا سريعا خلال عامين بينما قد يستغرق التفاوض على شروط العلاقات المستقبلية وقتا أطول. لكن القوى الكبرى بالاتحاد تبدو حريصة على أن يكون الانتقال إلى علاقة جديدة منظما قدر الإمكان.
وستضع هذه الظاهرة حجم الفعاليات الإقتصادية في بريطانيا بخطر، وستؤدي لحدوث ركود حقيقي في أوروبا، والى انتشار التأثير في مناطق كثيرة من العالم ومن ثم زيادة التذبذب في أسواق النفط والمال وبالأخص في إضعاف قيمة البوند أمام العملات الأخرى، مما يتسبب في تباطؤ الاقتصاد العالمي.
الركود سيحكم الإقتصاد البريطاني السنة القادمة
إن قيمة العملة مقابل جميع العملات الاخرى يقاس على أساس العملية والإقتصادية وحجم التوليد الداخلي الغير مكتمل، والركود في بريطانيا سيكون من أحد العوامل التي ستخفض من قيمة الجنيه الاسترليني، وستشهد اقتصاد البلاد جراء ذلك، تراجعا هائلا في الاستثمار.
المحلل الإقتصادي یتوقع ماسيحدث للإتحاد الاوروبي
وكان قد توقع بعض المحللين الاقتصاديين ماسيحصل للإقتصاد الاوروبي، فقد طرح المحلل الاقتصادي العالمي "ميلتون فروباشي"، مشكلة الاتحاد الاوروبي الاقتصادية منذ عدة سنوات، وتنبأ بما سيحدث للإقتصاد في دول التكتل.
وقد أشار هذا المحلل الاقتصادي الى أن خروج النروج من الاتحاد الاوروبي طرق ناقوس الخطر، وفي حال خروج بريطانيا سيكون الوضع شديد الخطورة. وأكد أن خروج بريطانيا سيدفع الاتحاد لاتخاذ خطوات جدية لتنبيه أي بلد يفكر بالخروج منه، على الرغم من أن النرويج حصلت معاملة خاصة من قبل دول الاتحاد.
الدولار سيصعد في مقابل اليورو والجنيه الاسترليني
وستتدهور قيمة الجنيه الاسترليني، بسبب خروج أكبر خامس اقتصاد في العالم وسيشكل ضربة قاضية لمنطقة اليورو التي تعاني أصلاً من التضخم ومشاكل في النمو ومعدلات الوظائف، إذ من المتوقع حدوث تدهور حاد في سعر صرف اليورو إلى مستوى 108.5، ومن الممكن أن يخترق مستوى الـ 105 في ما بعد. مع توقعات بانهيار الجنيه الاسترليني إلى 15ر1 أمام الدولار بعد خروج بريطانيا من الاتحاد.
تبعات الانفصال على خام برنت بحر الشمال
وسيؤثر خروج بريطانيا سلبا في الاستثمار في بحر الشمال، وبالتالي في إنتاجه المستقبلي، وسيسهم هذا في رفع أسعار النفط، وستكون الأمور أسوأ إذا قررت أسكتلندا الانفصال عن بريطانيا، خاصة في البداية. لقد استفاد بحر الشمال كثيرا من وجود بريطانيا في الاتحاد الأوروبي بسبب حرية تنقل رأس المال والعمال، كما استفاد من حرية نقل المعدات وانخفاض الضرائب والرسوم والإعفاء من الرسوم الجمركية. ويرى البعض أن السبب الرئيس لتفكير أسكتلندا بالانفصال عن بريطانيا هو نفط بحر الشمال. ومن المتوقع أن تتوقف الشركات النفطية العاملة في بحر الشمال حاليا عن اتخاذ أي قرار بشأن أي استثمارات كبيرة حتى تتضح الأمور، وهذا قد يستمر حتى نهاية العام الحالي.
الأخطار غير المباشرة للتحولات السياسية والاقتصادية الاوروبية على سوق الصرف الايراني
يؤثر خروج بريطانيا سلباً على توفير مزايا اقتصادية لإيران، ومن أولى المشاكل التي ستصعب الوضع على الاقتصاد الايراني هو هبوط أسعار النفط الخام، وحتى الآن، تمثل العائق الأساسي في عدم جني إيران فوائد اقتصادية من الاتفاق في تردّد المصارف الدولية في العمل مع إيران بسبب الخوف من العقوبات الأميركية.
ترددت معظم المصارف في الاستثمار داخل إيران قبل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ومن المتوقع أن تتردد أكثر بعد خروج بريطانيا منه. وتمثل العائق الثاني أمام توسيع التجارة مع إيران في بريطانيا نفسها. وكانت إحدى حجج المؤيدين للخروج من الاتحاد دائرة حول قدرة بريطانية أكبر على الاستثمار في الأسواق الصاعدة بعيداً عن الاتحاد الأوروبي، مثل أسواق الصين والهند وإيران. في هذا السياق، يلاحظ أنه كان مجدولاً أن يزور وفد تجاري بريطاني إيران العام الماضي لبحث الاستثمار البريطاني هناك، إلا أن الضغوط الخليجية تسببت في إلغاء الزيارة.
وبرغم أن بريطانيا لها مبعوث تجاري في إيران، "اللورد نورمان لامونت"، المؤيد للتقارب الإيراني - البريطاني حتى من قبل توقيع الاتفاق النووي، إلا أن ألمانيا وفرنسا وإيطاليا سبقت بريطانيا في الدخول بصفقات مع إيران. العائق الثالث يكمن في ترتيب الأولويات البريطانية، حيث ستتغير أولويات بريطانيا الاقتصادية بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، بحيث يتم العمل على ضمان النفاذ البريطاني إلى الأسواق الأوروبية مثل إبرام اتفاقية تجارة مع الاتحاد الأوروبي ودوله السبع والعشرين الباقية. ومن المتوقع أن يكون ذلك ضمن عملية تفاوض مضنية وطويلة، وبالتالي لن تصبح إيران أولوية على الأجندة الاقتصادية لبريطانيا في الفترة المقبلة. بعبارة أخرى، يعني خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي خسائر محتملة لإيران على المدى القصير في ما يتعلق بنيل الحوافز الاقتصادية من الاتفاق النووي.
