الوقت- نفذت ما تسمى بجماعة "أنصار بيت المقدس"، سلسلة هجمات دامية على مقار أمنية وثكنات عسكرية في مدينة العريش في 29 يناير الماضي، ما أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى. الجماعة التي أعلنت مسؤوليتها عن الهجمات كانت قد بايعت في وقت سابق تنظيم داعش الارهابي، لتطلق على نفسها فيما بعد تسمية "ولاية سيناء".
تسارعت ردود الفعل على العملية وكان أبرزها، قيام محكمة مصرية باصدار حكم قضائي يدرج كتائب عزالدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الاسلامية حماس، على لائحة الارهاب، وسط حالة من الذهول من سرعة اتخاذ القرار، وربط المقاومة الفلسطينية بالارهاب، ومحاولة واضحة لايجاد شرخ بين الشعبين المصري والفلسطيني.
من جهته رحب الكيان الصهيوني – المستفيد الأكبر من العملية- بقرار المحكمة المصرية، وأعرب مسؤولون اسرائيليون عن سعادتهم البالغة كونها المرة الأولى في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي الذي تتفق دولة عربية مع "الكيان الاسرائيلي في اعتبار المقاومة الفلسطينية شكلاً من أشكال الإرهاب. الأمر الذي عزز فرضيات وجود دور اسرائيلي خفي يقف خلف هذه العملية الارهابية.
وقد أكدت مصادر مطلعة لموقع الوقت التحليلي عن ضلوع "محمد دحلان" القيادي السابق في حركة فتح والمقرب من الموساد الاسرائيلي بتنفيذ العملية الارهابية، في إطار مخطط اسرائيلي يرمي إلى تشويه سمعة المقاومة الفلسطينية، وفك اللُحمة بين الشعبين المصري والفلسطيني وايجاد الذريعة لمزيد من التضييق على قطاع غزة المحاصر بالأصل.
وكشفت المصادر لموقع الوقت بأن هذه العملية جاءت رداً على الموقف الذي أعلنه قادة حماس تجاه حزب الله بعد العدوان الذي تعرض له عدد من كوادره في القنيطرة السورية ورد الحزب من خلال عملية نوعية في مزارع شبعا، حيث أكد قادة حماس على وحدة ساحة المواجهة، وألمح "محمد ضيف" قائد كتائب القسام من خلال رسالته التي توجه بها إلى السيد حسن نصرالله إلى امكانية المشاركة في أي عملية تقوم بها المقاومة اللبنانية ضد الكيان الاسرائيلي.
فصدر القرار الاسرائيلي بمعاقبة حماس، وذلك عبر محمد دحلان المعروف بعلاقته الوطيدة مع الموساد الاسرائيلي، وقد تم اختيار دحلان لهذه المهمة لسببين:
الأول: خبرته الواسعة في المنطقة حيث تسلم لعدة سنوات رئاسة جهاز الأمن الوقائي في غزة في زمن الرئيس الراحل ياسر عرفات، وهو شخصية أمنية متمرسة على تجنيد العملاء وتنفيذ العمليات الاستخباراتية، وتربطه علاقات واسعة مع الأجهزة الأمنية لدول مجاورة في مصر والأدرن، فضلاً عن علاقاته بالموساد والسي آي ايه الأمريكي.
والثاني: بسبب علاقاته المتشعبة المرتبطة بالحركات الاسلامية والسلفية، فدحلان المقيم في الامارات العربية المتحدة يعمل مستشاراً أمنياً لصالح الدولة الإماراتية، وقد استعانت به دول الخليج الفارسي في إدارة ملف الحركات السلفية التي تشكل هاجساً أمنياً لها، في ظل مخاوف من تيار الأخوان المسلمين المتمثل في جمعية الاصلاح المحظورة في الإمارات. وكان قد صرح في مناسبات عدة بأنه قد لعب دوراً أثر على كافة مجريات الأحداث في المنطقة لصالح الإمارات ومصر والسعودية.
وهذه ليست المرة الأولى التي يتولى فيها دحلان مسؤولية تنفيذ مخططات أمريكية واسرائيلية، حيث اتُهم دحلان بضلوعه في حادثة مشابهة في أغسطس 2012، حيث تسببت هجمات ارهابية على معبر رفح الحدودي بمقتل 16 جنديًّا مصريًّا على الحدود بين مصر والكيان الصهيوني، وتحدثت مصادر آنذاك عن اعتقال أحد مساعدي دحلان ضمن المتهمين بتنفيذ العملية.
كما كشفت مجلة "فاتني فير" الأمريكية منتصف مارس 2008 عن وثائق تثبت تورط محمد دحلان في خطة أمريكية للإطاحة بحكم حركة حماس في قطاع غزة، وأكدت المجلة أنها حصلت على وثائق سرية مؤكدة من مصادر في وزارة الخارجية الأمريكية ومسؤولين فلسطينيين كشفت النقاب عن خطة سرية مصدقة من الرئيس الأمريكي جورج بوش شخصياً سعت لتنفيذها وزيرة الخارجية آنذاك "كوندوليزا رايس" ومستشار الأمن القومي "إليوت أبرامز" بهدف إشعال حرب أهلية فلسطينية من خلال تزويد قوات من حركة فتح بقيادة "دحلان" بالأسلحة بوصاية أمريكية للقضاء على حكم حماس التي صعدت إلى الحكم من خلال الانتخابات.
لاشك أن حركات المقاومة في المنطقة ستبقى تواجه أعداءً من الداخل والخارج على السواء، وذلك في ظل الأحداث المتسارعة التي تعصف بالمنطقة، إلا أن اللافت في الأمر هو القدرة العالية للكيان الصهيوني وعملائه على تسخير الحركات الاسلامية المتطرفة المتمثلة بداعش والنصرة، لدرجة أن يصرح أحد الحاخامات الاسرائيليين بأن "الرب" قد أرسل لهم داعش ليحميهم، فهذه الجماعات الارهابية المتطرفة أصبحت اليوم السد المانع أمام حركات المقاومة في المنطقة، وتشكل خط الدفاع الأول للكيان الصهيوني، بدءاً من الجولان على الحدود مع سوريا، وصولاً إلى سيناء على الحدود مع مصر، لتشكل جيوش لحد جديدة للدفاع عن "اسرائيل".
