الوقت- أُجهِضَت الهدنة الثانية في حلب و ريفها بعد ساعات فقط من قبل الارهابيين و ذلك بهجومهم الكبير على بلدة خان طومان و التي شهدت معارك عنيفة أدت الى استشهاد عدد من المدافعين عنها بحسب وسائل الاعلام. بدأ الهجوم على خان طومان بريف حلب الجنوبي، حوالي الساعة الرابعة من نهار يوم الخميس، وشاركت فيه مجموعة من الفصائل الارهابیة، على رأسها "جبهة النصرة" و "جند الأقصى" و "جيش الفتح" و "جند الشام"، منطلقين من محاور برنة والزيتان والراشدين والخالدية، وتضمن تنفيذ بعض العمليات الانتحارية بواسطة سيارات مفخخة. وهذه المرة الثالثة التي تتعرض فيها مدينة خان طومان لهجوم مماثل منذ عدة أسابيع فقط.
و كان من بين المهاجمين على البلدة جيش الفتح " المسمى الجديد للنصرة" المشمول بالهدنة، والذي تصر الولايات المتحدة على أنه أحد أعمدة المعارضة السورية، وبالتحالف مع فصائل أخرى، قام بخرق الهدنة عن سابق إصرار وترصد، وعلى الهواء مباشرة، من خلال شنّه لهجوم واسع استهدف بلدة خان طومان الإستراتيجية في ريف حلب الجنوبي من عدة محاور. وكأنّ قدر خان طومان أن تكون مقبرة الهدن، وكأن قدر مدينة حلب أن تدفع فاتورة ذلك من أمنها وسلامها ودماء أبنائها.
سقوط خان طومان جاء محملاً برسائل مهمة وخطيرة موجهة إلى عدة أطراف قد تكون روسيا و الولايات المتحدة أهمها. ومن هذه الرسائل:
1- ان منطقة خان طومان الواقعة في جنوب غرب حلب، هي كانت من ضمن الهدنة الروسية الأمريكية، و من هذا المنطلق التزمت الدولة السورية بها رغم رفضها لها و التحفظ عليها. أما في الطرف المقابل لم تتحمل كل من السعودية و قطر و تركية المسؤولية رغم حضورهم الكبير و المؤثر على الجماعات المسلحة، فلم تمنع المسلحين من الحملة العسكرية على خان طومان فيما التزم الجيش السوري بالدفاع، و لم تقدم روسيا على فعل شئ لأنها هي من ابتكر فكرة الهدنة، و ان نقضتها ستكون محرجة، و من هذا المنطلق أصبحت روسيا حل من أي اتفاق هدنة جديد و ذلك بسسب الخروق المتواصلة للجماعات الرهابية.
2- الحملة الارهابية على بلدة خان طومان أثبتت أن حسن النية الروسية في انجاح هدنة قد تؤدي الى الحل السياسي لم يكن ذكياً. و أن المصالحات مع الجماعات الصغيرة الغير مأثرة لم يمنع الجماعات الكبيرة من التحرك. وبالتالي وحده صوت الرصاص سيكون مسموعاً من الآن فصاعداً، حيث يحق للجيش السوري و المقاومة مباشرة الحملة العسكرية لإسترداد خان طومان و القرى المجاورة لها.
3- أظهرت معارك خان طومان استعمال الارهابيين للسلاح الأمريكي المتطور، و كان لسلاح "تاو" الأمريكي تأثير كبير في سقوط المدينة. هذا السلاح الأمريكي وصل الى أيادي الارهابيين عن طريق تركيا و ذلك ضمن البرنامج الأمريكي لتسليح و تدريب المعارضة "المعتدلة" و "المتعاونة" و غيرها من تسميات، أطلقها الأمريكيون على الارهابيين من جيش الفتح و أحرار الشام كي تكسب الشرعية الدولية. و أثبتت معارك خان طومان تعاون جيش الفتح و أحرار الشام و غيرها من الجماعات الارهابية مع جبهة النصرة المصنفة ارهابية على اللوائح الأمريكية، و بذلك يسقط ما تدعيه أمريكا بأن الفصائل المسلحة التي أشارت إليها الولايات المتحدة على أنها "منتقاة" أو "معتدلة" أو "متعاونة" و بهذا سقطت الخطوط الحمر عنها، و لا يجب أن تستثنى عن داعش و النصرة.
بناء على ما تقدم، صحيح أن لسقوط خان طومان خسارة، لكن له ايجابيتان مهمتان، الايجابية الأولى من سقوط خان طومان، هي سقوط مفهوم الهدنة الذي أثبت عدم جدواه في سوريا، خصوصاً أنه يطبق من طرف واحد الجيش السوري، و هذا المنطق أدى الى اعطاء الفرصة لتقوية الارهابيين. الايجابية الثانية من سقوط خان طومان، أنه ما كانت تسعى اليه السعودية و تركيا و قطر الى ابعاد و فصل الجماعات المسلحة عن جبهة النصرة أصبح من الماضي بسبب تعاونهم مع النصرة في حلب و خصوصاً في معارك خان طومان، و بذلك تصنف کل هذه الجماعات في خانة الجماعات الارهابیة و يحق للجيش السوري و حلفائه استهداف الجميع.
