الوقت - بعد ان اعلن المسؤولون الامريكيون خلال الاسابيع الاخيرة ان الحرب على تنظيم داعش التكفيري الارهابي ستطول، وفيما بدت الخيبة الامريكية واضحة من خلال تلك التصريحات، هناك تساؤلات تطرح حول خلفية هذه التصريحات الامريكية حيث يعتقد الخبراء والمحللون ان هناك رسائل ودوافع عدة من وراء اطلاق مثل هذه التصريحات ومنها:
اولا: احتمال ان يكون الامريكيون قد فقدوا امساكهم برؤوس الخيوط وزمام الامور في المنطقة حيث بات حلفاء امريكا لايعيرونها اي اهمية، فالكيان الصهيوني بات لايستمع الى كلام والدته الامريكية والسعودية وتركيا ايضا باتتا لاتستمعان الى كلام سيدهما الامريكي.
ان هؤلاء اللاعبون الصغار في الساحة الدولية قد عززوا دورهم في المنطقة واذا قام مسؤول امريكي بفضح بعض الحقائق حول دور هؤلاء في المنطقة فانهم يجبرونه على تقديم الاعتذار، وقد رأينا كيف تغرد تركيا خارج السرب الامريكي فيما يتعلق بالتحالف الدولي ضد داعش ولا تعير لامريكا أية اهمية.
ان هذه الدول التي تعتبر من رعاة الارهاب الاصليين في المنطقة لايمكن الاعتماد عليهم في الحرب ضد داعش لأنها لاتزال تدعم داعش وباقي الجماعات الارهابية، والسؤال المطروح هنا هل هذا كله يدل على افول الشمس الامريكي؟ واذا كان الجواب سلبيا والامر لم يكن كذلك بالكامل فانه يحمل في طياته بعضا من الحقيقة، ويمكن ان نشير على سبيل المثال بـ "ضعف امريكا في ادارة الأزمة" و"عدم انصياع الحلفاء الصغار لواشنطن" والاهم من هذا كله "عجز امريكا عن مواجهة تنظيم ارهابي اقليمي" .
ثانيا: احتمال ان يكون الامريكيون يقومون بالتخطيط لخلق اوضاع جديدة بالمنطقة والهاء الباقين في نفس الوقت، فهناك الكثيرين ممن يواجهون تنظيم داعش الآن في العراق يقولون بان الأزمة الحالية هي من افتعال الامريكيين وان واشنطن تسعى الى تدمير كامل للهيكلية الاجتماعية والثقافية وكذلك البنى التحتية والمنشآت في المنطقة وكأن الامريكيين يسعون الى فرض أزمة ستطول لثلاثين عاما في المنطقة، والحقيقة هي ان تدمير البنى التحتية في المنطقة سيؤمن فرص استثمار وربح وفير للشركات الامريكية والغربية لسنين متمادية من اعادة الاعمار، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو هل ان الامريكيين الذين باتوا يعانون من تهميش لدورهم سيظلون متماسكين بزمام ومجريات الامور في المنطقة حتى يؤمنوا تحقيق اهدافهم فيها ؟
ثالثا: هناك نظرية أخرى تقول بان الامريكيين يعانون من عدم التركيز والضياع في مواجهة الازمة الاخيرة ولذلك يقدمون الحلول السطحية والبلهاء لحلها، فانهم حينما يطرحون موضوع قتال يطول بين عام واحد وثلاثين عاما مع داعش فهذا يدل على عدم وجود تحليل واقعي بين النخب والخبراء الامريكيين لأن الفترة الزمنية المحتملة لقتال داعش يجب ان تكون بين عام واحد وثلاثة اعوام وليس امتدادها لثلاثين عام.
رابعا: ان التوقعات الامريكية التي طرحت حول الفترة الزمنية اللازمة لقتال تنظيم داعش قد تبرهن فشل السياسات الامريكية في الشرق الاوسط وعدم فاعليتها وقد تهدف الى تبرير الأخطاء وتهيئة الرأي العام الامريكي والعالمي لذلك !
خامسا: ان اطالة أمد الحرب مع داعش والتكبير المتعمد لحجم هذا التنظيم الارهابي يمكن ان يكون له سبب آخر وهو الاستهلاك المحلي في امريكا من اجل تبرير التواجد العسكري الامريكي في هذه المنطقة وأخذ الموافقات وتخصيص الأموال للعمليات العسكرية وتبرير سياسة افتعال الحروب بالاضافة الى تهيئة الرأي العام الدولي لتقبل حضور امريكي طويل الامد في المنطقة تحت ذريعة بسط الأمن.
ومهما تكن دوافع التصرفات الامريكية الغريبة فان المهم هو ان التحالف الذي تقوده امريكا لم يحقق اي انجاز يذكر طوال شهر مضى على بدء الغارات الجوية ضد تنظيم داعش، ان هذه الغارات لم تتسبب بضعف داعش بل بات هذا التنظيم في موقع هجومي اكثر من ذي قبل في محافظة الانبار العراقية وفي سوريا، والسؤال المطروح هل ان تحركات داعش مرتبطة بالمواقف الامريكية غير المتوازنة حاليا ؟ وللاجابة نقول "اما أن تكون امريكا و40 دولة حليفة لها هم عاجزون عن الحاق الهزيمة بداعش واما تكون لهذه الدول غايات واهداف اخرى من شن هجومهم على داعش" ، وفي نهاية هناك رأي آخر هو انه بغض النظر عن موضوع الانتصار او الهزيمة فان الامريكيين وحلفائهم يعلمون جيدا ما هي "الجرثومة" التي انتجوها في المنطقة، ومع هذا كله لايمكن انكار التخبط والعجز وعدم الاتزان الواضح في الافعال الامريكية.
