الوقت- في الوقت الذي تتواصل الصّدمات السياسيّة والقانونيّة على دولة الاحتلال في المحاكم الدولية جاءت وسائل إعلام عبرية لتكشف أن الجيش الصهيوني اختطف ما لا يقل عن 4000 فلسطيني من داخل قطاع غزة واقتادهم إلى عمق الأراضي المحتلة.
السؤال الذي يطرح نفسه لماذا تكشف وسائل الإعلام الصهيونية هذه المعلومات في ظل الموقف الحساس الذي يعيشه الكيان وهل تريد حكومة الاحتلال استغلال الأعداد الضخمة من المختطفين لديها كورقة ضغط بديلة بعد فشلها المدوي في الميدان العسكري وبشكل خاص بعد ما شهده العالم من تخبط إسرائيلي وارتكابها مجازر دموية بحق النازحين في رفح؟
أعداد ضخمة من الأسرى الفلسطينيين
في سياق استخدام الأعداد الضخمة من الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية كورقة ضغط على قيادات حماس للقبول بالمفاوضات وفي ظل الدعم الأمريكي والغربي منقطع النظير نشرت صحيفة هآرتس العبرية مؤخراً تقريراً أظهرت فيه قيام قوات الاحتلال باعتقال نحو 4000 شخص من سكان قطاع غزة ونقلهم إلى مراكز الاعتقال الإسرائيلية منذ بداية الحرب، في حين أن 1500 منهم على الأقل أبرياء تماما ولا يوجد أي ارتباط بينهم وبين فصائل المقاومة حسب ما أكدته المؤسسات الأمنية الإسرائيلية.
وحسب صحيفة "هآرتس" فقد تم الكشف عن هذه المعلومات خلال مراجعة لإلغاء ما يسمى قانون المقاتلين غير الشرعيين، الذي أقرته حكومة الاحتلال للتعامل مع المقاتلين الفلسطينيين، والذي بموجبه يمكن للمؤسسات الأمنية احتجاز المشتبه به لمدة 45 يومًا دون محاكمة.
كما كشفت الصحيفة العبرية أنه حتى الآن صدرت أحكام بالسجن على حوالي 2000 شخص من غزة (تم اعتقالهم من داخل هذه المنطقة)، وجميع هؤلاء الأشخاص متهمون من قبل الأجهزة الأمنية باتخاذ إجراءات ضد الجيش الإسرائيلي أو المستوطنين الصهاينة أو أنهم أعضاء في جماعات فلسطينية، وهذه التهم لم يفسح المجال للأسرى الفلسطينيين بنفيها أو الدفاع عن أنفسهم.
لكن وحسب الصحيفة فإن المحكمة العليا للكيان الصهيوني، ردا على طلب لجنة مكافحة الإرهاب ومنظمات حقوقية أخرى، أمهلت مجلس الوزراء الإسرائيلي أسبوعا لتأمين آلية من قبل الهيئة القضائية لجمع شكاوى الأسرى من غزة وتحويلهم إلى المحكمة للتحقيق معهم.
من ناحية أخرى أعلنت منظمات الدفاع عن حقوق الأسرى الفلسطينيين أنه بالتوازي مع هذه الجريمة يرتكب النظام الصهيوني جرائم مماثلة في الضفة الغربية والقدس.
سجون الاحتلال مكتظة بالأطفال والنساء الفلسطينيين
وكشف هذا التقرير الذي نشرته منظمات تدافع عن حقوق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، عن جريمة اعتقال النساء والأطفال الكبيرة في الضفة الغربية، كما أفاد بأن عدد المعتقلين في الضفة الغربية والقدس وصل إلى 9000 شخص.
وحسب البيان المشترك الصادر عن نادي الأسير وهيئة شؤون الأسرى ومعهد حقوق الإنسان، فإن الاحتلال الصهيوني اعتقل منذ بداية عملية اقتحام الأقصى أكثر من 295 امرأة، فيما تجاوز عدد الأطفال والمراهقين المعتقلين أكثر من 630، واعتقل الصهاينة ما لا يقل عن 76 صحفياً، وضع 49 منهم في الاعتقال الإداري.
كما أعلن أن عدد الأسرى الفلسطينيين في سجون الكيان الصهيوني والذين تم تسجيل أسمائهم رسميا حتى بداية الشهر الجاري، بلغ أكثر من 9300، منهم 3400 في الاعتقال الإداري.
وحسب التقارير التي نشرتها وسائل الإعلام الفلسطينية، فإن المعتقلين الفلسطينيين يتعرضون لأشد أنواع التعذيب، كما تظهر الصور التي نشرتها وسائل الإعلام العبرية أن الأسرى الفلسطينيين في سجون الكيان الصهيوني يعيشون ظروفا صعبة للغاية ويعانون من أشد أنواع التعذيب الوحشي.
تجدر الإشارة إلى أن الصور الأخيرة التي نشرتها وسائل الإعلام العبرية تظهر أن سجون الأسرى تفتقر لأدنى مقومات الحياة البشرية، وأن الأسرى ينامون على أرضيات خشبية أو حديدية.
التصعيد في رفح ورقة ضغط!
يتزامن الحديث عن إطلاق مساعٍ جديدة لإتمام صفقة تبادل مع مذبحة رفح التي ما زالت تبعاتها وسط ردود فعل دولية وعربية لم ترتق بعد للضغط على "إسرائيل" لوقف الحرب فوراً، وعلاوة على مذبحة رفح كانت “هآرتس”، قد كشفت عن جرائم جديدة منها: تحقيق الشرطة العسكرية الذي كشف عن موت أسيرين من غزة، في آذار، قُتلا بالضرب على يد جنود إسرائيليين وهما داخل سيارة في الطريق لمعتقل “غوانتنامو”، أو “أبو غريب”، الإسرائيلي في النقب “ساديه تيمان”.
كل ذلك يمكن أن يكون برهان حقيقي على أن التصعيد الإسرائيلي هذه الأيام هو محاولات ضغط على حماس لقبول شروطها في مفاوضات تبادل الأسرى وكان رد نتنياهو على مجزرة رفح أكبر دليل على ذلك عندما قال إن السنوار هو العقبة الوحيدة أمام الإفراج عن المخطوفين داعياً للضغط عليه لا على حكومة "إسرائيل"، ومضى في مزاعمه، التي باتت أغلبية الإسرائيليين لا تثق بها: “السنوار يجلس الآن داخل النفق فرحاً وهو يرى الآخرين يقومون بما يريده نيابة عنه، ولذا علينا توجيه الضغوط على “حماس”، وهذا ما نقوم به، فنحن نقاتل بقوة في وسط القطاع وشماله وجنوبه، وسنواصل الحرب حتى نرفع راية الانتصار، يأتي ذلك في ظل تجاهل أمريكي واضح مع المذبحة التي طالما كان بايدن بنفسه قد حذّر منها معتبراً رفح خطاً أحمر، وفي المقابل، واصل قادة “حماس”، ومن قبل مذبحة رفح، التأكيد على أن الصفقة لن تتحقق دون إنهاء الحرب على غزة، والانسحاب الكامل من القطاع.
