الوقت- في فضيحة كبيرة لكيان الاحتلال الإسرائيليّ، وجّه حزب الله اللبنانيّ وباعترافٍ من تل أبيب صفعةً مدويّةً للصهاينة عندما نشر فيديو وثّق فيه زيارة قائد جيش الاحتلال الجنرال هرتسي هليفي وقائد المنطقة الشماليّة لفلسطين المحتلة إلى الحدود مع لبنان، وقالت المصادر الأمنيّة في الكيان العسكري إنّ هذه الخطوة تدخل في إطار ما أسماها "الاستفزازات والتحرشات" التي تقوم بها المقاومة اللبنانية مؤخرًا، وزعمه استعداد الحزب وجاهزيته لخوض حرب ضدّ كيان الاحتلال، رغم حديث الإسرائيليين اليوم أن الحزب بات في مرحلة متقدمة للغاية وقد فات الآوان لردعه ولو جزئيّاً، وخاصة في ظل ما يحدث على الحدود اللبنانية بدءا من قضية الخيم ومرورا بتخريب الكاميرات وليس انتهاء بهذه القضية الأخيرة.
انتصار إضافي لحزب الله
"إنّ الفيديو الذي نشرته المقاومة هو بمثابة انتصارٍ إضافيٍّ لحزب الله في المعركة على كيّ الوعي"، هذا أهم ما يمكن الحديث عنه حول تلك القضية التي اعتبرها الإسرائيليون بمثابة فيديو من 27 ثانية تظهر فيه معظم مشاكل جيش الاحتلال الإسرائيليّ، ويعتبر كثيرون أن حزب الله يشكل عائقًا أمنيًا ويسبب قلقًا لإسرائيل، حيث ينظر إلى هذا الحزب على أنه يمثل تهديدًا كبيرا على الحدود الشمالية الفلسطينة المحتلة، وترتبط هذه النظرة بالأحداث الأمنية التي شهدتها المنطقة على مر السنوات، بما في ذلك الصراع العسكري بين العدو وحزب الله عام 2006، والتوترات المستمرة بينهما في الفترة الأخيرة.
وإن الفيديو الذي تبلغ مدته 27 ثانية ظهر فيه إلى جانب هليفي، قائد المنطقة الشمالية أوري غوردين وقائد فرقة الجليل وقائد اللواء الشرقي، خلال جولة حدودية على موقع العباد مقابل بلدة حولا اللبنانية، وقد علق شاي ليفي، مراسل القناة الـ 12 بالتلفزيون العبريّ على تويتر على المقطع: “معظم مشاكل الجيش الإسرائيلي تظهر في فيديو واحد”، وبدوره، كتب نوعم أمير مراسل القناة 14: “كان من الممكن أنْ تكون هذه ضربة افتتاحية قاتلة للغاية”.، إلى ذلك، قال رئيس مجلس الأمن القومي السابق مئير بن شبات إنّ اسرائيل “من المحتمل أنْ تكون قد ردَّت على خيم حزب الله ومظاهرات أنصاره على الحدود بتدابير عسكريّةٍ هجوميّةٍ سريّةٍ ضدّ المنظمة”، حسب تعبيره.
يشن الحزب حرب استنزاف ضد "إسرائيل"، وفي حديث لقناة "i24NEWS AR" الإسرائيلية، صرح مئير بن شبات بأن سياسة الاحتواء عادة ما تشمل نشاطات عسكرية هجومية، ولكنها تبقى سرية وتنفذ تحت المراقبة، وادعى أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تعرف كيفية التعامل مع حزب الله، ويتم اتخاذ بعض الإجراءات بشكل سري على حد وصفه، واستبعد بن شبات أن يكون الطرفان يسيران حاليًا نحو مواجهة عسكرية، بفضل ما أسماه الردع الذي تحقق في حرب لبنان الثانية عام 2006، والذي أثبت نفسه ولا يزال، وشبه ما يدور بين كيان الاحتلال وحزب الله بـ "حرب استنزاف"، مشيرًا إلى أن تل أبيب يجب أن تبقى على أهبة الاستعداد لاحتمال أن ينزلق هذا الاستنزاف إلى مواجهة مسلحة تخرج عن السيطرة، وأضاف إن الكيان لا يتسرع في شن حرب، لكنه يستعد باستمرار لهذا السيناريو، ويأخذ بعين الاعتبار أن خيار الحرب يحمل في طياته معركة متعددة الجبهات.
ووفقًا لصحيفة "جيروزاليم بوست"، يناقش كبار قادة جيش الاحتلال في الوقت الحالي استخدام القوة لإزالة الخيمة الموجودة في مزارع شبعا، والتي لا تشكل مشاكل من حيث الحجم والخطر، وإذا تم اتخاذ القرار باستخدام القوة، فما زال السؤال حول مقدارها والوقت المحدد لها، وأشارت المصادر إلى أن الأغلبية الساحقة من كبار ضباط الجيش الإسرائيلي اتفقوا في البداية على محاولة إزالة الخيمة بالطرق الدبلوماسية، لكن بعد مرور فترة زمنية وعدم إزالة الخيمة الثانية، يريد بعض الضباط إنهاء هذه القضية بسرعة وبالقوة، وفي المقابل، يفضل آخرون إجراء مفاوضات مطولة حتى يتم إقناع حزب الله بالانسحاب، ويناقش بعض الضباط الفكرة الأسبوع الماضي لشن عملية عسكرية واسعة خلال النقاشات الجارية.
وفي سياق النقاش الجاري بين ضباط الجيش الإسرائيلي، أوضحت صحيفة معروفة أن بعض الضباط يرون أن الحرب مع حزب الله أمر لا مفر منه ويفضلون الضربة الاستباقية في مواجهة المقاومة اللبنانية في منطقة شبعا، التي يعتبرونها بؤرة استيطانية -وهم السرطان الأكبر في المنطقة- ويفترض هؤلاء الضباط أن وقوع حرب كبيرة مسألة وقت وحسب، ويفضلون أن تأخذ تل أبيب زمام المبادرة وتكون قادرة على الاستفادة من عامل المفاجأة، ومن جهة أخرى، تشير الصحيفة إلى أن السبب الذي يدفع عددًا كبيرًا من الضباط إلى الدعوة للعمل العسكري السريع لإزالة الخيمة يتعلق بتصريحات قائد منطقة الشمال اللواء أوري جوردن، الذي أكد قدرة المقاومة اللبنانية على إطلاق نحو 4 آلاف صاروخ يوميًا في الأيام الأولى من أي حرب محتملة على شمال فلسطين الذي تحتله قوات "إسرائيل" العسكرية، بما في ذلك مدن رئيسية مثل حيفا وطبريا، ويشير التقرير إلى أنه خلال حرب غزة عام 2014، أطلقت حركة حماس حوالي 4500 صاروخ نحو الأراضي المحتلة خلال 50 يومًا، أي ما يعادل 90 صاروخًا في اليوم.
وحول إزالة الخيمة في منطقة شبعا، يروج بعض قادة الجيش الإسرائيلي لفكرة القيام بعملية عسكرية استباقية لتقليص قدرات حزب الله الصاروخية عن طريق تدمير بعض أجزاء شبكات الاتصالات والأسلحة البعيدة المدى، ويؤكد هؤلاء القادة أن هذه الخطوة ستساعد في تقليل القدرة العسكرية لحزب الله بشكل كبير، فيما يعتبر آخرون أن السيد نصر الله يمثل الزعيم الأكثر ردعًا الذي تواجهه "إسرائيل" اليوم.
انزعاج وقلق اسرائيليّ
يشكل حزب الله عائقًا أمنيًا للصهاينة ويسبب قلقًا لإسرائيل حكومة ومستوطنين، حيث ينظر إلى هذا الحزب على أنه يمثل تهديدًا محتملاً للاحتلال على الحدود الشمالية الفلسطينية، وترتبط هذه النظرة بالأحداث الأمنية التي شهدتها المنطقة على مر السنوات وبالأخص الفقترة الماضية، ويعد حزب الله من أبرز الممثلين للمقاومة في المنطقة، ويتمتع بشعبية واسعة في لبنان وأيضًا في العالم العربي، وينظر نسبة كبيرة من الناس إلى هذا الحزب على أنه يمثل قوةً مقاومةً للاحتلال الإسرائيلي وللقوى الغربية في المنطقة، فيما يرى الإسرائيليون ومن يدعمهم أنه يمثل عائقًا للأمن والاستقرار الاحتلالي في المنطقة.
وبناء على ما تحدثنا عنه، تنظر تل أبيب إلى حزب الله على أنه يمثل تحديًا أمنيًا خطيرًا، حيث يعتبر الحزب اللبناني أنَّ العدو الإسرائيلي يمثل تهديدًا مستمرًا له وللمنطقة بشكل عام، ولذا فإنه يحرص على تطوير قدراته العسكرية والدفاعية بشكل مستمر، وفي السنوات الأخيرة، شهدت المنطقة تصعيدًا في التوتر بين الكيان وحزب الله، حيث كثفت الآلة العسكرية الصهيونية من عملياتها العسكرية ضد هذا الحزب المتواجدة في سوريا، وفي الوقت نفسه، قام حزب الله بتطوير قدراته العسكرية وتعزيز قدراته الصاروخية، الأمر الذي يثير القلق في تل أبيب ويجعل الكثير من المسؤولين الصهاينة يرون في حزب الله "تهديدًا حقيقيًا".
ويمكن القول إنَّ حزب الله يمتلك قدرات عسكرية قوية ومتنوعة، حيث يتميز بتنظيم قوي وبتكتيكات حربية متطورة، كما أنَّ لديه قدرات صاروخية متنوعة تشكل تهديدًا حقيقيًا للكيان الإسرائيلي، وهو يعتبر نفسه جزءًا من الصراع الإقليمي الأوسع بين القوى المقاومة والقوى الغربية والصهيونية، ولذا فإنه يحرص على تعزيز قدراته العسكرية بشكل دائم ويعمل على استكمال تصنيع الصواريخ الدقيقة والتي يمكنها الوصول إلى أي جزء من فلسطين المحتلة.
النهاية، تنظر قوات الاحتلال إلى حزب الله على أنه يمثل تهديدًا خطيرًا لأمنها المهدد من مسؤوليها المتصارعين ومهاجريها المتناحرين، كما تعتبر هذا الحزب عدوًا لها، وتحرص على مواصلة التصعيد العسكري ضده في سوريا ولبنان بشكل متواصل، وتسعى تل أبيب إلى استخدام كل الوسائل المتاحة لإزالة رعب حزب الله، بما في ذلك الضربات الجوية والعمليات العسكرية السرية، لكن كل ذلك باء بالفشل وباتت المقاومة اللبنانية عنوانا عريضا لقلق المسؤولين الأمنين والعسكريين في "إسرائيل".
