الوقت- أثارت هجمات مقاتلات الكيان الصهيوني على غزة واغتيال قادة الجهاد الإسلامي رد فعل شديد لمجموعات المقاومة وصبوا غضبهم على الصهاينة بإطلاق مئات الصواريخ باتجاه الأراضي المحتلة. وحسب تقارير إعلامية مقربة من المقاومة، تم يوم الأربعاء إطلاق أكثر من 700 صاروخ من غزة على مناطق متفرقة من الأراضي المحتلة في ثلاث فترات زمنية. وفي هذه الهجمات الصاروخية، التي وصفها الفلسطينيون بـ "انتقام المحررين"، تعرضت البلدات القريبة من غزة، بما في ذلك عسقلان وسديروت بئر السبع، لقصف بصواريخ المقاومة. ولم تسلم تل أبيب من ضربات المقاومة حيث أصابت عشرات الصواريخ هذه المدينة. في أعقاب إطلاق الصواريخ من غزة، دقت أجراس الإنذار في مستوطنات أشكلون وسديروت وبئر السبع، ونشرت مشاهد للأضرار الناجمة من صواريخ المقاومة في المستوطنات الصهيونية، ويقال إن 16 صهيونيا أصيبوا في هذه العملية الصاروخية.
في الصور التي تم نشرها بعد إطلاق الصواريخ من غزة، بدت شوارع تل أبيب فارغة تمامًا وتشبه مدينة أشباح، ما يدل على أن الصهاينة كانوا في الملاجئ من الخوف. كما توجد صور من تل أبيب حيث بمجرد إطلاق الصواريخ ودوي صفارات الإنذار، يخرج الصهاينة من سياراتهم ويبدؤون في الهروب.
كما قام آلاف الصهاينة القاطنين حول غزة بتعبئة حقائبهم والفرار إلى المناطق الوسطى والشمالية من فلسطين المحتلة خوفًا من الهجمات الصاروخية. والجنود الصهاينة يمنعون أي صهيوني من الاقتراب في نطاق خمس كيلومترات من حدود قطاع غزة خوفا من التعرض لهجمات بالصواريخ المضادة للدبابات أو عمليات كوماندوز. كما تسبب الهجوم الصاروخي لقوات المقاومة في إغلاق مطار بن غوريون. كما أعلن الجيش الإسرائيلي أن الأوامر الصادرة بشأن حالة الطوارئ ستظل سارية حتى يوم الجمعة.
وصرح وزير الحرب الصهيوني يوآف غالانت ، بإطلاق 400 صاروخ من غزة ، زاعمًا أن نظام القبة الحديدية اعترض بعضها ، وهدد: "المعركة لم تنته ونحن مستعدون لأي سيناريو". كما تحدث جالانت مع نظيره الأمريكي وأكد استمرار هجمات الكيان الصهيوني على غزة.
انها البداية فقط
فصائل المقاومة التي كانت حتى الآن تداري العدو المحتل لتلافي أي توتر، لكن التحركات الجديدة للحكومة الإسرائيلية المتطرفة أجبرت الفلسطينيين على الرد بحدة على العدو وأعدوا أنفسهم لأي سيناريو. القادة الفلسطينيون قالوا إن هذه مجرد بداية وإذا أراد العدو مواصلة تحريضه فسيوسعون نطاق الحرب ويجعلون الصهاينة يندمون عليها. وقالت جماعات المقاومة إن لديها آلاف الصواريخ في ترساناتها ومستعدة لخوض حرب طويلة الأمد. وأكد الفلسطينيون أن القصف الأخير لتل أبيب ومدن أخرى أكد أنه لا وقف لإطلاق النار إلا بشروط المقاومة. وقال طلال أبو ظريفة عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين: "المقاومة الفلسطينية لا يمكن أن تستسلم لما يريده الاحتلال، لقد ارتكب المحتل الإسرائيلي جريمة وعليه أن يدفع ثمنها.
كشف الانجاز الجديد للمقاومة
كانت النقطة المهمة في هذه الجولة من الهجمات الصاروخية هي الكشف عن أسلحة مقاومة جديدة. تحتوي الصواريخ التي استهدفت بها كتائب القدس عسقلان على رؤوس متفجرة تزن نصف طن. وأعلنت بعض المصادر أن الصواريخ التي استهدفت تل أبيب ومحيطها هي تقنيات جديدة تمكنها من تجاوز القبة الحديدية، لذلك كان على الصهاينة استخدام أنظمتهم الجديدة لاعتراضها. وذكرت تقارير إعلامية صهيونية أنه عقب إطلاق "صاروخ ثقيل" من قطاع غزة، تم لأول مرة تفعيل منظومة الدفاع "مقلاع داود" لمواجهة صواريخ المقاومة. ويقدر سعر كل صاروخ من هذا النظام الدفاعي المصمم لاعتراض الصواريخ الباليستية بمليون دولار.
تمكنت حركة الجهاد الإسلامي وحركة حماس في السنوات الأخيرة من تحقيق إنجازات عديدة في مجال الصواريخ والطائرات المسيرة، وهذا الأمر أثار قلق الصهاينة. وجاءت الهجمات الصاروخية على الأراضي المحتلة في ذكرى بدء معركة "سيف القدس" في 10 مايو 2021، عندما أطلقت حماس أكثر من أربعة آلاف صاروخ على الأراضي المحتلة خلال 11 يومًا، وهذه المرة أيضا إذا أراد المتطرفون الصهاينة مواصلة مغامراتهم.. فإن معركة أوسع من سيف القدس تنتظر المستوطنين.
على الرغم من ادعاء السلطات الإسرائيلية أنه إذا بدأت الخلافات، فلن يقف في وجهها سوى الجهاد الإسلامي ولن تتدخل حماس، بل إنها حذرت من أنها ستغتال يحيى السنوار، الزعيم السياسي لحركة حماس في غزة، لكن رغم هذه التهديدات، حماس هي أيضا إلى جانب الجهاد الإسلامي. وأكد المتحدث باسم حماس أن رد غرفة عمليات المقاومة المشتركة على عدوان الكيان الصهيوني كان متكاملاً ومنسقاً مع الخطط الميدانية المشتركة لهذه المجموعات. وقال حازم قاسم إن عملية "ثأر الأحرار" تظهر استعداد فصائل المقاومة للرد على جرائم كيان الاحتلال.
من الواضح أن فصائل المقاومة في غزة والضفة الغربية الآن في جبهة موحدة، وأي سوء تقدير من قبل العدو المحتل سيقابل برد فعل كل هذه المجموعات، وحتى جماعات المقاومة الإقليمية قالت إنها سوف تدعم الفصائل ضد إسرائيل.
الصهاينة يتوسلون لوقف إطلاق النار
وبينما زعمت السلطات الصهيونية أن الهجمات على غزة ستستمر لأيام قليلة، ولكنها وبعد أصابتها بصواريخ المقاومة غيرت موقفها واستسلمت. أكد تساحي هانجبى، رئيس مجلس الأمن القومي للكيان الصهيوني، أن الكيان ليس لديه مصلحة في استمرار القتال مع الفصائل الفلسطينية. وقال هونغبي "ما زلنا في معركة ومن الصعب تحديد المدة التي سيستغرقها الصراع" مضيفا إن الحدث لم ينته بعد. كما أعلنت بعض المصادر العربية أن سلطات تل أبيب تبحث عن وقف لإطلاق النار مع مقاومة غزة عبر وسطاء دوليين من بينهم قطر ومصر والأمم المتحدة.
ونقلت صحيفة جيروزاليم بوست عن مسؤولي حرب من هذا الكيان بينما أكدوا إجراء مفاوضات لوقف إطلاق النار كتبوا أنه لم يتم الانتهاء من أي شيء حتى الآن. وقال موسى أبو مرزوق القيادي البارز في حماس: "لم نتوصل بعد إلى اتفاق وقف إطلاق نار نهائي في غزة".
كرر بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الكيان الصهيوني، الذي التزم الصمت بعد عملية هذا الكيان في غزة، تصريحاته مرة أخرى مساء الأربعاء في لقاء أمني مع مسؤولين في تل أبيب. وزعم نتنياهو أن الحرب لم تنته بعد، وقال: "من يؤذينا ستكون حياته ثمن لفعلته، وهذا الذي تم تطويره على نطاق واسع في عملية الدرع والسهم" ". وزعم نتنياهو، الذي وصف المقاومة الفلسطينية بالإرهابيين وعدم الإشارة إلى إرهابهم الذي يمارسه الكيان الصهيوني: "نقول للإرهابيين ومرسليهم إننا نختار الزمان والمكان لمهاجمتهم". وزعم نتنياهو، الذي بدأ قتل الفلسطينيين هربا من أزمات داخلية، "لقد وجهنا أقوى ضربة في تاريخ الجهاد الإسلامي إلى هذه الجماعة في ثوان قليلة، رغم أن الصراع لم ينته بعد".
نداء الكيان الصهيوني لوقف إطلاق النار جاء في حين أن الجهود المبذولة لوقف الصراع في الأراضي المحتلة ما زالت حتى الآن غير مثمرة. مصر، التي لطالما لعبت دور الوسيط في التوتر بين الفصائل الفلسطينية والكيان الصهيوني، غاضبة للغاية من متطرفي إسرائيل بسبب جريمة تل أبيب في غزة، وقد لا تكون على استعداد للتوسط هذه المرة.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن جوهر محادثات الهدنة هو الاستجابة لمطلب حركة الجهاد الإسلامي بأن تتعهد إسرائيل بوقف الاغتيالات. ورغم تعهد السلطات الإسرائيلية في الماضي بعدم اغتيال قادة المقاومة، إلا أنها خالفت تعهداتها على الدوام، وآخرها كان يوم الثلاثاء عندما استشهد ثلاثة من قادة الجهاد الإسلامي على يد الصهاينة.
على الرغم من الجهود المبذولة لوقف إطلاق النار، فإن الأدلة تظهر أن التوترات ستستمر، ولكن مع وحدة وتنسيق الغرفة المشتركة لمجموعات المقاومة، فإن نهاية مريرة تنتظر الصهاينة.
